نسرين حشانة، مذيعة تونسية، اختارت فئة جمهورها من براعم تونس ورجال ونساء غدها ومستقبلها، فئة الأطفال التي يستصعب أغلب المنشطين والمذيعين استيعابها لما تتطلبه من مهارات خاصة في الإقناع،وفي هذا اللقاء الذي جمعها ب"الحوار" اعتبرت مذيعتنا بأن الثورة هي سبب ابتعاد مختلف إلاعلاميين عن فئات اجتماعية مهمة، على غرار الأطفال واحترافهم السياسة. *لكل مذيع بداية.. من أين كانت بدايتك؟ العمل في مجال الإعلام هو حلم راودني منذ طفولتي، خاصة إثر حضوري في برامج الأطفال بالتلفزة التونسية آنذاك، حينها انبهرت بأجواء التصوير والتقديم، ومنذ ذلك الوقت وأنا أحلم بأن أصبح إعلامية، وصممت على تحقيق حلمي من خلال دراستي في معهد الصحافة وعلوم الأخبار، أين تحصلت على الإجازة الأساسية في علوم الإعلام والاتصال، ومن ثم ماجستير البحث في نفس المجال. تزامنا مع دراستي في السنة الأولى بمعهد الصحافة انطلقت في تجربتي الإعلامية مع الصحيفة الأسبوعية "أخبار الجمهورية". وبالرغم من كوني مذيعة راديو، إلا أن الانطلاقة كانت مع"صاحبة الجلالة" الصحافة المكتوبة التي تعتبر الحجر الأساس في مجال الإعلام من ناحية، وبوابة نجاح وعبور نحو الإذاعة والتلفزة من ناحية أخرى، نظرا لما تقدمه من تكوين وصقل للموهبة. وبعد تجربتي في الصحافة المكتوبة خضت مغامرة الإعلام الإلكتروني مع موقع "الجمهورية" التابع لجريدة "أخبار الجمهورية"، وأنا شخصيا أعتبر هذه الجريدة بمثابة المدرسة الأولى التي طبقت فيها ما درسته من تقنيات الكتابة الصحفية وأشكالها. *متى وكيف التحقت بإذاعة "الشباب" التونسية؟ تجربتي مع الإذاعة التونسية انطلقت مع نهاية سنة2011 بتربص قصير مع الإذاعة الوطنية (القسم الرياضي)، لتتواصل التجربة إلى حدود الألعاب الأولمبية بلندن سنة 2012، حاورت خلال تلك الفترة البطلين الأولمبيين أسامة الملولي وحبيبة الغريبي، لأتوقف عقبها عن العمل الإعلامي لفترة بسبب التركيز على الدراسة والدورات التدريبية. في سنة 2013 عدت للإذاعة التونسية مجددا ولكن من بوابة إذاعة "الشباب"، هذه الأخيرة أعتبر التحاقي بها أجمل صدفة في مشواري، حيث شاركت في دورة تكوينية في الصحافة الإذاعية من تنظيم كل من المركز الإفريقي لتدريب الصحفيين والاتصاليين والمؤسسة الإعلامية الألمانية "دوتشيه فيلا"، وهنا أعجب بأدائي مساعد مدير البرمجة آنذاك واقترح اسمي على الإدارة، ليتم الاتصال بي مباشرة. *ماذا عن طبيعة عملك في إذاعة "الشباب"؟ أشتغل في قسم التنشيط ومهمتي هي تقديم البرامج وإعدادها، فضلا عن العمل الميداني الذي لا يستطيع أي صحفي أن يتخلى عنه. *هل أنت راضية عن برنامج "صغارنا"؟ برنامج "صغارنا" قريبا سيحتفل بشمعته الرابعة، وهو برنامج أسبوعي موجه للأطفال، توجهه ترفيهي تعليمي لأنني أؤمن أن الأدوار التي يضطلع بها الإعلام هي الترفيه، التعليم والتبليغ، لذلك حاولت أن أجمع بين هذه الوظائف الثلاث في البرنامج. الأمر مقترن برضا الأطفال على المنتوج الإعلامي المقدم لهم، والحمد لله محبتهم لي التي يظهرونها من خلال بعث الهدايا البسيطة والرسائل تجعلني أمضي قدما في هذا المجال الصعب، وأسعى في كل مرة لإدراج فقرات جديدة لكي لا يمل الطفل. وبرنامج "صغارنا" موجه للطفل العربي بصفة عامة، حيث نواكب التظاهرات في الجزائر، الكويتوتونس، ونحاول قدر الإمكان وبالإمكانيات المتوفرة أن نكون صوت الطفولة العربية. *لماذا اتجهتِ لبرامج الأطفال؟، وما هي البرامج التي قمت بإنتاجها أو تقديمها في هذا المجال؟ ميولي لبرامج الأطفال سببه غياب هذه النوعية من البرامج المهمة في الساحة الإعلامية في تونس، فالكل توجه للبرامج السياسية والاجتماعية خاصة بعد ثورة 14 جانفي2011، وتجاهلوا فئة الأطفال التي هي مستقبل البلاد، لذلك ارتأيت التخصص في هذا المجال رغم صعوبته كونه يتطلب الكثير من البحث والجهد والذكاء، فالتعامل مع براءة الأطفال فن لا يتقنه الكثيرون، وكما يقال: "علموا الأطفال وهم يلعبون"، وهذا توجهي معهم. *هل استطاعت إذاعة "الشباب" العمومية التونسية أن تواكب الأحداث في البلد؟ إذاعة "الشباب" تحتفل بعيد ميلادها ال22 في السابع من نوفمبر القادم (كل عام وطاقمها الإعلامي والتقني والإداري بخير)، وهدف الإذاعة هو التقرب من الشباب وطرح انشغالاتهم وتبليغ صوتهم من خلال مختلف البرامج المقدمة، ولكن هذا لا يعني تخلفها عن مواكبة الأحداث الوطنية، بل بالعكس موجودة في قلب الحدث دائما رغم الإمكانيات المحدودة المرصودة لها. نحن كإذاعة ننتمي للإعلام العمومي، ونحاول أن نكون صوت المواطن لا صوت أحزاب وبوق دعاية لأحد. في إذاعة الشباب تحكمنا المهنية وأخلاقيات المهنة بعيدا عن ثقافة الbuzz والتشهير. نحن نؤمن أن الإعلام العمومي هو صوت من لا صوت لهم، وليس صوت الحكومة أو صوت أية جهة سياسية أو اقتصادية. *الإعلام التونسي من وجهة نظرك، ماذا ينقصه وبماذا يتميز عن غيره في دول المغرب العربي والخليج؟ يتميز المشهد الإعلامي التونسي حاليا بالتعدد وبمساحة أكبر من حرية التعبير، فما حصل في جانفي 2011 حرّر الأقلام وأماط اللثام عن عدة مواضيع مسكوت عنها، مما ساهم في تطوير المشهد الإعلامي، ولكن حرية الإعلام شكّلت سلاحا ذو حدين، من جهة الحرية للدفاع عن مظلومين وتبليغ صوتهم، ومن جهة أخرى استغلال هذه الحرية لمآرب شخصية للتشهير والشتم باسم الحرية، أو تجاوز أخلاقيات المهنة وتقديم مادة دون المستوى باسم الحرية، وهنا لا يسعنا القول إلا: "تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية غيرك". نقطة مهمة وجب التطرق إليها في تونس، وضعية الصحفي الشاب تطرح أكثر من سؤال، فبرغم تعدد وسائل الإعلام إلا أن الأبواب تظل موصدة أمام الشباب والأعذار واهية، وإلا يتم انتدابهم ليطردوا تحت مبرر إغلاق المؤسسة الإعلامية، وهنا للأسف وكما يقال في لهجتنا التونسية "الكثرة وقلة البركة"، وفي الأخير أكثر ما يميز مشهدنا الإعلامي التونسي هي الكفاءات التي يزخر بها. *من خلال تجربتك في الإذاعة، ماهي مقومات المذيع الناجح من وجهة نظرك؟ المذيع الناجح بالنسبة لي هو من يملك الرغبة في النجاح ولا يخشى الفشل، ويشتغل على جودة ما يقدمه لا كمية ما يقدمه. أن أُقدم برنامجا واحدا بطريقة جيدة تظل راسخة في ذهن المستمع أفضل من أن أنشط كل يوم وأمر مرور الكرام. كذلك فإن المذيع الجيد والناجح هو من يعرف كيف يتميز عن غيره ويتفرد دون الوقوع في تكرار نفسه أو تقليد الآخرين، فلا يكفي أن تنجح بل أن تستمر في النجاح، كن أنت، اجتهد ثابر، طور من قدراتك تظل في القمة. *وهل يمكن أن نشاهدك كمقدمة برامج تلفزيونية أيضاً؟ نعم، لم لا إن توفرت فرصة تقديم برنامج جيد. *ماذا عن طموحاتك في مجال الإعلام؟ لا يمكن للإعلامي الشاب أن يتطور دون تحديد أهدافه في الحياة، وأنا طموحي أن أواصل رحلتي في الدراسة والحصول على الدكتوراه في مجال الإعلام والاتصال بالتوازي مع تقديمي لبرنامج يفيد المتلقي. *كلمة أخيرة.. أود أن أشكرك على هذا اللقاء، وعلى إتاحة الفرصة لي للحديث عن تجربتي المتواضعة، وفي هذا السياق أود أن أشكر عائلتي سندي الأول في الحياة، وأسرة إذاعة "الشباب"، ومستمعينا على وفائهم الدائم لنا، وأختم بمقولة ل"توماس إديسون" أوجهها للصحفيين والإعلاميين الشباب "الأهم من أن تتقدم بسرعة هو أن تتقدم في الاتجاه الصحيح". مع أجمل تحياتي للشعب الجزائري الكريم، وتحية خالصة لأصدقائي هناك. حاورها: سمير تملولت