"إنه الرحيل الكبير والخسارة الأكبر للصحافة الجزائرية" بهذه الكلمات نعى إعلاميون جزائريون المؤرخ والإعلامي الكبير زهير إحدادن الذي أمضى عمره متشبثا بقلم لم يجف يوما في سبيل حرية الكلمة، وناضل لإعلائها في أحلك الأوقات، وأكثرها خطورة واعتبروا أن الإعلام الجزائري فقد برحيل زهير احدادن أبا تخرجت على يديه أجيال اختارت حمل راية الإعلام الجزائري. فقدت الساحة الإعلامية الجزائرية الكاتب الإعلامي والمؤرخ الجزائري زهير احدادن عن عمر ال89 عاما بعد صراع مع المرض، ويعتبر الفقيد من أعمدة الإعلام الجزائري ومرجع في الكتابة الإعلامية لأجيال من خريجي معهد الإعلام في الجزائر، كما أثرى الراحل المكتبة الجزائرية بعديد المؤلفات التاريخية المهمة في التاريخ المعاصر. ____________________________ الإعلامي علي ذراع: المدرسة الإعلامية الجزائرية فقدت "بناءها" الأول قال الإعلامي، علي ذراع إن رحيل الأستاذ زهير إحدادن خسارة كبيرة للصحافة والإعلام في الجزائر معتبرا الراحل "أبا للمدرسة الإعلامية الجزائرية "ورمزا من رموز حرية التعبير في الجزائر، وواحد ممن أرّخوا لهذه المهنة حيث تخرجت على يديه أجيال، وأطر الكثير من الأطروحات، وساهم في تكوين العديد من الشباب، وأضاف الأستاذ علي ذراع أن احدادن أسس للمدرسة الإعلامية الجزائرية في ستينيات القرن الماضي، حيث كانت الكلمة صعبة جدا، والنضال من أجلها رسالة، وأضاف علي ذراع أن زهير احدادن إعلامي ومؤرخ، وبناء الإعلام الجزائري فنضاله الطويل من أجل الجزائر كلها سمح له بتصدر المشهد الإعلامي والثقافي الجزائري، ودعا جيل اليوم إلى العودة لمسيرة الراحل والاستلهام منها وكذا الاقتداء به في تكوين شخصيتهم الإعلامية، والمساهمة في ترقية الصحافة الجزائرية. ______________________________ وداد الحاج رئيس تحرير جريدة الوسط: مصيبتنا أننا لا نعرف كبارنا إلا وقت رحيلهم اختار وداد الحاج رئيس تحرير جريدة الوسط الجزائرية عبارة "الرحيل الكبير" تعبيرا عن مدى خسارة الأسرة الإعلامية الجزائرية بوفاة المؤرخ والإعلامي زهير احدادن قائلا "لم يكن يوم أمس مختلفا عن سابقيه لولا ذلك الحزن العميق الذي أعقب إعلان المؤرخ والكاتب والإعلامي زهير إحدادن وهو من هو في تخصصه، كاتب قدير وصحفي ملتزم ومؤرخ تمكن من تقديم إضافة نوعية للمشهد الثقافي والمنجز الأكاديمي في مجال الاعلام وهو التخصص الذي كاد إخواننا المصريون احتكاره طيلة عقدي السبعينات والثمانينيات لولا جهود الراحل إحدادن وثلة من أترابه تركة الرجل لا ينكرها إلا جاحد، والدليل أنه وإلى اللحظات التي سبقت وفاته كان ينتظر صدور أحد كتبه الذي حمل شهادته عن عصره وتخصصه وفيه مزج بين سيرته الذاتية ورحلته العلمية. مصيبتنا أننا لا نعرف قيمة كبارنا إلا برحيلهم ونحن مدينون لكثيرين من أمثاله لأننا تنكرنا لهم ولم نعطهم ما يستحقون من اعتراف واحتفاء ..فعلناها مع بختي بن عودة وهو الفيلسوف البارع الذي اغتالته الجماعات الإرهابية إبان العشرية السوداء وأيضا مع عبد القادر علولة عملاق المسرح الجزائري وعزالدين مجوبي ورشيد ميموني وعبد الله شاكري وغيرهم المئات. متى ندرك أن المثقفين الفاعلين هم المادة الرمادية في عقل هذه الأمة التي تحسن اغتيال مستقبلها وتلويث حاضرها ..هو واقع أكبر من كل كلمات الرثاء حيث لن تسعفنا فيها اللغة ولا البلاغة ولو استنفدنا كل ما تحمله المعاجم والقواميس. __________________________ * الصحفي عمر بودي: صحفيو الجزائر مدينون لزهير إحدادن ومن الجيل الجديد يقول عمر بودي صحفي محقق بقناة الشروق: "صراحة تغيب الكلمات للحديث عن فقيد الاعلام الأستاذ والمؤرخ زهير احدادن رحمة الله عليه، بالنسبة لي هو الرجل الذي له الفضل من قريب أو بعيد على كل قلم خطّ سطورا وسطع نجمه في سماء الإعلام الجزائري، هو رجل أعطى الكثير في حياته، وترك من ورائه كنوزا معرفية على سبيل المثال كتابه "مدخل لعلوم الإعلام والاتصال" الذي يعتبر المرجع الأساسي لكل دارس للصحافة أو مهتم بها وأنا شخصيا كنت أعتمد كثيرا على كتبه في مختلف البحوث التي قمت بها خلال دراساتي الجامعية وكدليل وللأسف شاءت الأقدار أن يلتحق الفقيد بالرفيق الأعلى قبل أيام فقط من صدور كتابه الأخير باللغة الفرنسية تحت عنوان "مسار مناضل"، رحم الله الفقيد وإن شاء الله سنكون نحن خير خلف لخير سلف. ______________________________ * زهير إحدادن في سطور ولد زهير إحدادن في 17 جويلية 1929 بسيدي عيش، ولاية بجاية، تحصل على شهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها من جامعة الجزائر، ثمّ شهادة دكتوراه الدولة في العلوم السياسية من جامعة باريس. انخرط احدادن في العمل النضالي في حزب الشعب الجزائري إلى غاية 1949 في قسنطينة، لينتقل بعدها إلى الجزائر العاصمة لمواصلة دراساته العليا، ثم اشتغل أستاذا بثانوية مليانة سنة 1955 ولم يمكث كثيرا حتى أوقفته سلطات الاحتلال الفرنسي وأودعته السجن ثم نفته إلى وهران، حيث أُلقي القبض عليه مرة أخرى وأدخل السجن الذي فرّ منه، ثم توجه إلى فرنسا ليلتحق بشقيقه الحفيظ الذي كان من أبرز علماء الذرة بفرنسا، ومن فرنسا انتقل الى تونس لمواصلة عمله النضالي وبعدها إلى المغرب. ليعود العام 1962 إلى الجزائر كمدرس بثانوية الإدريسي، ثم ساهم في تأسيس المدرسة العليا للأساتذة بالقبة وعمل في مديرية النشر والتوزيع بوزارة الثقافة لمدة خمس سنوات، ومن ثم تحول إلى وزارة التعليم العالي والمدرسة العليا للصحافة. وفي سنة 1976 قرر متابعة دراسته العليا بفرنسا فدرس ب"السوربون"، ثم عاد إلى الجامعة الجزائرية فدرّس بها، ثم تفرغ في فترة تقاعده إلى تأليف عدد مهم من الكتب التاريخية، من ضمن مؤلفاته: "مدخل إلى علوم الإعلام والاتصال" و "التاريخ المستقل للمغرب"، "شخصيات ومواقف تاريخية". سهام حواس