* “المستنقع” الليبي .. إلى المجهول * هذه هي أوراق الجزائر في ملف ليبيا * لا تخندق للجزائر إلا مع الحل السياسي شكل إسراع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لعقد اجتماع للمجلس الأعلى للأمن على خلفية التطورات التي تعرفها الجارة ليبيا، محل تثمين من مختصين ومتابعين للملف من حيث استشعار الخطر الداهم وتكثيف العمل الدبلوماسي على جميع الأصعدة، وأجمعوا على ضرورة تخندق الجزائر مع تفعيل الحل السياسي لا غير، خصوصا وأن الأزمة لها انعكاسات مباشرة على الجزائر وأمنها. رضا ملاح التطورات السريعة التي حصلت على الحدود الشرقية للجزائر، وبالتحديد الجارة ليبيا، حتمت على الوافد الجديد لقصر المرادية الرئيس عبد المجيد تبون التحرك بسرعة والاجتماع بالمجلس الأعلى للأمن، بغية بلورة مقاربة دبلوماسية أمنية للتحرك وفق ما تمليه مواقف الجزائر الثابتة حيال القضايا الإقليمية والدولية، مع اتخاذ جملة من القرارات المتعلقة بتعزيز تأمين وحماية حدود البلاد من أي مفاجآت غير سارة.
التسويق وفرض مقاربة الحل السياسي وعلى ضوء المعطيات الميدانية والتصريحات الدولية المتناقضة، يرى خبراء تحدثوا ل”الحوار”، أن ما حدث من تطورات لا يستبعد أن يتحول إلى حرب إقليمية-دولية على أراضي ليبيا التي تحدنا معها مسافة ما يقارب نحو ألف كم، وهو ما سينعكس على الجزائر بصورة أو بأخرى بشكل سلبي وتبعات جد مكلفة، لذلك يتحتم على الدبلوماسية الجزائرية التحرك على جميع المستويات من أجل التسويق وفرض مقاربة الحل السياسي التي تخدم مصالح كافة شعوب المنطقة. ووفق مواقف الجزائر الثابتة والقائمة على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لا يمكن أن تنساق وراء نفق الدخول في أحد التكتلات الدولية المتناحرة على أرض ليبيا، بل العمل على التمسك بالوقوف على مسافة واحدة مع جميع الأطراف المتنازعة برلمان طبرق، حكومة الوفاق الوطني وجناح المؤتمر، مع العمل أن تكون نتائج أي قرار يطبق في ليبيا لا تخرج عن اتفاق الأجنحة الثلاثة المذكورة من أجل تمكين طرابلس من تشكيل حكومة معترف بشرعيتها دوليا.
البقاء على نفس المسافة مع جميع الأطراف بالمقابل، جزم مراقبو الشأن الأمني، أن اجتماع المجلس الأعلى للأمن الذي ترأسه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، سيفضي بدون شك إلى تفعيل دور الجزائر كطرف يفرض كلمته في مسار الأزمة الليبية ولن تبقى مكتوفة الأيدي، على اعتبار أنها أكبر متضرر من تأزم الوضع، خصوصا بعد انكشاف نوايا بعض الدول (أوروبية وعربية) تسعى لإطالة عمر الأزمة والعمل على توسعها للدول المجاورة كتونس والجزائر على وجه الخصوص. ويرى متحدثو الحوار أنه بالرغم من غياب دور الجزائر خلال الأشهر القليلة، إلا أنها لازالت تملك عدة أوراق يمكن أن توظفها لتمسك بزمام الأمور، كالعلاقة التي تربطها مع مختلف الأطراف الليبية المتنازعة للعب دور الوساطة وإقناعهم بالجلوس على طاولة الحوار، فضلا عن الإسراع في التوجه نحو تحريك وتفعيل دور هيئات إقليمية وقارية كالجامعة العربية والاتحاد الإفريقي. وفي السياق، يشدد متابعو هذا الملف على ضرورة بلورة المقاربة الدبلوماسية الأمنية للتحرك وفق قواعد صحيحة وتجنب أي خلفيات قد تنسف دور الجزائر في مسايرة تطور الوضع، وهو ما يسمح كذلك بتعزيز مواقفها إقليميا ودوليا لتوجيه خطة طريق تتوافق والحلول التي تعبر بليبيا إلى بر الأمان.