في تطور مفاجئ للموقف الرسمي الجزائري حيال قضية الدبلوماسي حساني الذي تضعه باريس تحت الرقابة القضائية منذ 14 أوت الماضي، صعد وزير الخارجية مراد مدلسي من لهجة الخطاب الرسمي وقال إن باريس تحتجز حساني ''كرهينة'' دون أية مبررات قانونية، مؤكدا أن الجزائر تعمل حاليا على توضيح ''الجور'' الذي لحق قضية حساني للرأي العام الدولي من قبل السلطات الفرنسية التي تمارس الإزدواجية في مسألة حقوق الإنسان والحريات. ويأتي هذا التصعيد في لهجة الجزائر إزاء باريس بعد مضي أكثر من أربعة أشهر على هذه القضية التي كان ضحيتها مسؤول التشريفات بوزارة الخارجية محمد زيان حساني، حيث فضلت الجزائر معالجة القضية في إطار الحوار الهادئ وبعيد عن الضجيج وحرب التصريحات النارية رغم أن باريس أخلت بعرف ديبلوماسي يندرج في حكم الفرض حين أقدمت على توقيف حساني، إلا أن الفرنسيين أصروا على وضعه قيد الإقامة الجبرية في انتظار استكمال التحقيق القضائي وجاهروا على إصرارهم من خلال تأكيد محكمة الاستئناف بباريس بداية هذا الشهر لملاحقة حساني بذات التهمة. خرجة مدلسي القوية والمدوية جاءت لتعبر صراحة عن التذمر الجزائري من المنحى الذي سلكته القضية التي حيكت على ما يبدو بتوابل سياسية، واستعمل وزير الخارجية مصطلح ''رهينة '' كدلالة على عدم موضوعية الإجراءات والمبررات التي أعطيت لهذا الخرق السافر للأعراف الديبلوماسبة، وكذا لوجود ربما غايات وأهداف خفية قد تكون قريبة من وسيلة الابتزاز، وهي الأساليب التي تستعمل عادة في حالات ''الرهائن''، ناهيك على عدم توفر الأدلة القانونية المطلوبة في مثل هذه الحالات وهو ما عبر مدلسي بقوله ''المتهم بريء حتى يثبت العكس''. وتكون الجزائر التي فضلت التعامل دائما مع الملف في هدوء قد بدأ ينفذ صبرها جراء المماطلة الفرنسية في معالجة القضية نهائيا وإخلاء سبيل الديبلوماسي الجزائري الذي يشغل مدير التشريفات بوزارة الخارجية، رغم زيارة مدلسي لفرنسا التي جاءت بأمر من رئيس الجمهورية ولقائه بنظيره كوشنر وإبلاغه بطلب الجزائر الملح على ضرورة التعجيل بمعالجة الملف، ويصبح في هذه الحالة من حق الجزائر ممارسة حقوقها المعترف بها في جميع المواثيق الدولية ومبادئ الأممالمتحدة. كماجاء هذا التصريح بمثابة التذكير لبلد شريك ينشد معاني الصداقة بأن حقوق الإنسان والمواطنة التي ما انفكت باريس على التغني بها أصبحت كما قال مدلسي''...على ما يبدو في طي النسيان...''. والقراءة المتأنية في هذا التطور الحاصل في الموقف الرسمي الذي جاء على لسان وزير الخارجية أيام بعد بيان رسمي للوزارة تطرقت فيه لأول مرة لمحاولات تسييس القضية، تؤكد ان الجزائر تعاملت مع القضية عبر الشق القانوني والديبلوماسي بنوع من الحكمة، وهي الآن تعمل على فضح الجور والمغالطات التي لحقت بها للرأي العام الدولي ووضع باريس أمام صورتها الحقيقية التي رسمتها بأيديها وتحت شعار العدالة هذا من جهة، وهو ماتم خلال لقاء مدلسي بوزير خارجية هولندا، ومن جهة ردا للاعتبار لهذا المسؤول وإسكاتا لبعض الأصوات التي حاولت الترويج لتقاعس في الدفاع عنه، حيث جدد مدلسي تجند كل مصالح الدولة للدفاع عن مواطنيها، وأكد أن خلية الأزمة التي نصبت منذ 14 أوت الماضي تعمل في كل الاتجاهات من أجل إثبات براءة حساني المتهم ظلما يضيف مدلسي.