يفتح بابا من التشاحن والتباغض والعداوة التفريق بين الأبناء في الهبات والنفقات بلا مبرر من عمل الجاهلية العدل بين الأبناء مطلب حياتي قال تعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا ) الكهف، فعليهم تعقد الآمال وهم زاد المستقبل إذا صلحت تربيتهم. والإسلام عنى بالأولاد وأوجب لهم حقوقا كثيرة منها التربية بتعليمهم العلم النافع، وتأديبهم على الأخلاق الإسلامية الحميدة، وتوجيههم بالنصح والإرشاد إلى ما فيه خيرهم وصلاحهم، والعدل بينهم طريق لصلاحهم، ولقد جاءت الآيات والأحاديث متضافرة مشهورة معلومة، دالة على وجوب العدل، محذرة من الحيف والظلم والجور، أو التفريق بين الأبناء في الهبات والعطايا، فمن الكتاب العزيز قوله تعالى: (وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كلٌ على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم" النحل .. روبورتاج: ي. مغراوي التوسط والاستقامة وعدم الميل إلى أحد الطرفين هو المعنى الصحيح للعدل، أما الميل عن الحق، ووضع الشيء في غير موضعه وتحويله عن موقعه، يسمى ظلما، فالعدل أساس الملك وأصل الأمر، وبه قامت السماوات والأرض، وعليه تعتمد التربية الصحيحة، ومن الآفات الخطيرة التي ضربت المجتمع والتي وقعت فيها بعض الأسر عدم العدل بين الأولاد فيعمد بعض الآباء أو الأمهات إلى تخصيص بعض أولادهم بهبات وأعطيات دون الآخرين وهذا على الراجح عمل محرم إذا لم يكن له مسوغ شرعي كأن يهب الأب لبعض أبنائه أموالا أو ممتلكات أو أن ينفق ببذخ في تزويج أحدهم دون الآخر مما يؤدي إلي وجود الضغائن والأحقاد والكراهية بين الأبناء، كما أنه يسبب العقوق.. والدليل العام قوله تعالى ( اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله ) والدليل الخاص ما جاء عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " إني نحلت إبني هذا غلاما ( أي وهبته عبدا كان عندي ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل ولدك نحلته مثله ؟ فقال لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرجعه " رواه البخاري . وفي هذا الروبورتاج سنتعرف علي الضوابط التي وضعها الإسلام للعدل بين الأبناء.. وكيف تسهم التفرقة بين الأبناء في الفرقة وقطع صلة الرحم؟. زوّج الأصغر وتجاهل من هم أكبر في البداية قال محمد ثلاثيني بعض الآباء يميل قلبه لبعض أبنائه فيأخذه هذا الميل إلى التفرقة بينهم في العطايا.. فيمنح من يحب بعض الأموال ويساعده في تكاليف الزواج وهذا ما حدث مع أبناء عمي حيث اشترى عمي لابنه الأصغر شقة وساعده في تأسيس بيت الزوجية، ولكنه تجاهل وجود من هم أكبر بحجة أنهم لا يبرونه، وأنهم يسببون له مشاكل، مما جعل الأبناء يكرهون بعضهم البعض.. ويؤدي ذلك إلي زيادة الأبناء العاقين عقوقا وتمردا والدي يصلي ويصوم ولا يطبق شرع الله فيما قالت نجية أربعينية عزباء: والدي يصلي ويصوم ويقرأ القرآني وهو من ذوي الأموال والعقارات، وله أولادٌ ذكور ومن الإناث أنا وأختي، ولكنه لا يعدل بيننا في الهبات، فهو يعطي الأولاد أموالا نقدا وعقارات بدون مقابل، ولكي يتخلص من مطالبتنا يسجل عقود بيع بينهم صورية، وإذا طالبناه يهددنا بإعطائهم ما تبقى وحرماننا من كل شيء، وإذا قلنا له هذا حرام عليك، يستهزئ بنا ويسخر منا، وحتى أختي الثانية تسبب في طلاقها من زوجها منذ ثلاثين سنة، ورفض تزويجها مرة أخرى حتى بلغ عمرها الآن خمسين سنة، ومع ذلك لا ينفق عليها، بل إخوتي مرة يعطفون عليها ويعطونها، ومرة أخرى يطردونها بسبب تأثير والدي عليهم، فقد زرع الكراهية في نفوسهم نحونا. " أكره والدي لأنه سبب تعاستي" أما رانية 30 سنة، فقالت: لدي والد لا يستحق حتى كلمة أب فأنا أكره بشدة ولا أطيق أن أسمع حتى أخباره , لأنه أجرم في حقي وحق والدتي وإخوتي، تركني وأنا صغيرة وتزوج من أخرى ونسي أنه لديه ابنتين صغيرتين لم يعدل بيننا، فقد قسم ميراثه على عائلته الثانية ونسي جودنا، وبالتالي تولد كره كبير فيما بيننا كأخوة وبت لا أطيقهم حتى أنني لم أحضر جنازة والدي". التفرقة تزكي التشاحن والبغضاء بين الإخوة ويقول الدكتور تومي محمد الأمين أستاذ الشريعة الاسلامية أن المساواة أساس العدل والإنصاف، وإعطاء الحقوق لأهلها، وتعد المساواة أحد المطالب الأساسية للأفراد والجماعات والشعوب، والإسلام هو دين العدل، لأنه يأمر بالعدل، ويساوي في المعاملة بين الجميع بغض النظر عن أصولهم أو جنسهم أو ألوانهم أو اعتقادهم أو منزلتهم الاجتماعية، لقوله تعالى : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) النحل، وقول عز وجل: (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون) الأنعام، لذلك التفرقة بين الأبناء في الهبة يفتح بابا من التشاحن والتباغض والعداوة.. وهذا التصرف من الآباء مكروه لما يسببه من آفات اجتماعية كثيرة.. فهو يؤدي إلي عقوق الوالدين ويزرع العداوة بين الأبناء.. ويزكي التشاحن والبغضاء بينهم وغالبا ما ينتهي بالأبناء والأسر إلي القطيعة بل وقطع الرحم وكل هذه رذائل خلقية وآفات اجتماعية نهي عنها شرعنا الحنيف حرصا علي صيانة الأسر وسلامة المجتمع المسلم.. ويضيف ذات المتحدث أن الإسلام تصدى لهذه الآفة الخطيرة فقد جاء أمر رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة بالعدل بين الأبناء في الهبة والنهي عن تفضيل بعضهم علي بعض.. لا تجوز إلا لمبرر كما أكد العلماء على وجوب التسوية بين الأبناء في الهبة وتحريم التفضيل بينهم وبطلانه ووجوب الرجوع عنه إلا إذا كان لمبرر كأن يحتاج الابن لمرضه أو نحو ذلك دون الباقين.. أما جمهور العلماء فقد ذهبوا إلي استحباب التسوية بين الأبناء في الهبة بأن يهب الأب لكل واحد من أبنائه مثل الآخر ولا يفضل بعضهم علي بعض فإن فضل بعضهم علي بعض نفذ تصرفه لكنه يكره ويأثم صاحبه وتستحب المبادرة إلي التسوية أو الرجوع عن الهبة ما لم يكن لضرورة..