عطاف يشارك بإسطنبول في الجلسة الافتتاحية للدورة ال51 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي    بداري يشرف على اجتماع تنسيقي مع مديري المؤسسات الجامعية والمدارس الوطنية للأساتذة    نقل : الخطوط الجوية الجزائرية للشحن تتوقع ارتفاعا محسوسا في نشاطها خلال 2025    إيران : ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني إلى 430 شهيدا    اليوم العالمي للاجئين: منظمة التعاون الإسلامي تدعو إلى تعزيز آليات تقاسم الأعباء واحترام حقوق اللاجئين    غزة: ارتفاع عدد الشهداء في غزة اليوم إلى 48 شهيدا    ألعاب القوى/الدوري الماسي-2025 : محمد ياسر تريكي يحقق المركز الخامس في الوثب الثلاثي    وزير الداخلية يعطي إشارة انطلاق موسم الاصطياف 2025 من عنابة    افتتاح تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" لعام 2025 بالعاصمة    الرابطة الأولى موبيليس: وفاق سطيف ينهي الموسم بانتصار واتحاد الجزائر يغرق في وهران    نقل ملكية الطاسيلي إلى آر آلجيري    بوالزرد: الإصلاحات بلغت مراحل متقدمة    هذا عدد المشتركين في شبكة الألياف البصرية    الدحيل يعلن تعاقده مع بولبينة    ميسي يتوهّج    الجزائر الأولى مغاربياً    لنِحْمِ غاباتنا    المخيّمات الصيفية ستكون استثنائية    ناصري يشيد بسياسات تبّون    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    مصداقية منظومة عدم الانتشار النّووي على المحك    بلحاج يطلب الإعفاء من رئاسة المحكمة الدستورية    تحقيق الإقلاع الفعلي للوحدات الصناعية المسترجعة أولوية    بكالوريا 2025 كانت في المستوى    بتكليف من رئيس الجمهورية، عطاف يشارك في الدورة ال51 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول    كرة اليد/بطولة القسم الممتاز للسيدات: تتويج نادي الأبيار باللقب للمرة الرابعة تواليا    جعل الجامعة قاطرة للاقتصاد الوطني    إنتاج فلاحي استثنائي هذا الموسم    "حماس" تطالب المجتمع الدولي ومؤسساته بتحمّل المسؤولية    10 هكتارات من المساحات العازلة المضادة للحرائق    كل الظروف مهيأة لافتتاح موسم الاصطياف بالعاصمة    نشر نتائج الإحصاء العام الفلاحي الثالث قريبا    المغرب: انتهاكات حقوق الاطفال بتواطؤ الصمت الرسمي وغياب الحزم    الجزائر العاصمة: انطلاق الطبعة ال6 لحملة التنظيف الكبرى    المغرب لا يريد التعاون من أجل التوصل إلى حل    مواءمة التكوين العالي المتخصص مع حاجيات سوق الشغل    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    انطلاق الحملة الوطنية لتدعيم تلقيح الأطفال    تكريم الممثلة الجزائرية رانيا سروتي    الرئيس تبون يولي عناية خاصة لمسألة الذّاكرة الوطنية    الأمن الهوياتي في مواجهة التحولات العالمية    "الفاف" تعلن الحرب على المنشطات والمخدرات في البطولة الوطنية    بنفيكا البرتغالي يريد حاج موسى لتعويض دي ماريا    نادي بارادو يودع عادل بولبينة برسالة مؤثرة    حملة وطنية لتدعيم عملية تلقيح الأطفال الأقل من 6 سنوات ابتداء من الأحد المقبل    مجلس الأمة: المصادقة بالإجماع على نص قانون تسوية الميزانية ل2022    قسنطينة: فريق من الباحثين يعاين ضريح ماسينيسا لاقتراح تصنيفه ضمن قائمة التراث العالمي    المتحف الوطني للمجاهد : ندوة تاريخية بمناسبة الذكرى ال69 لاستشهاد البطل أحمد زبانة    قرار أممي يطالب المغرب بوقف انتهاكاته الجسيمة    الجزائر عاصمة للثقافة الحسانية    الحرب تشتد بين إيران وبني صهيون    نحو وضع خريطة صحية جديدة لإعادة تنظيم شبكات العلاج    "تارزيفت"... تعبير عن حفاوة الاستقبال    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات    تعارف الحضارات محور ملتقى دولي بالجزائر    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لوكليزيو.. الأدب من جزر موريس
نشر في الخبر يوم 30 - 05 - 2013

لا يشكّل الغرب منظومة تفكير متجانسة، رغم تفوقه وطيب العيش في مدنه. يوجد به كتاب يمجدونه، كما يوجد آخرون ينفرون منه ويرفضون العيش بين ثناياه. وهؤلاء الكتاب يستحون من ذكر تاريخ الرجل الأبيض المليء بالفظائع والأفعال المشينة. ويعد جان ماري غوستاف لوكليزيو، أحد هؤلاء. لقد فرّ بجلده من مدن أوروبا وفضّل الاستقرار في جزر موريس، ومن هناك كتب لكي “يعرف من يكون الرجل الأبيض”.
ارتبط لوكليزيو بلغتين هما الفرنسية والإنجليزية. والده إنجليزي وأمه فرنسية. لما كان يعيش في بريطانيا، فكّر في الكتابة بالإنجليزية، لكنه سرعان ما تخلى عن هذه الفكرة، وعاد إلى الفرنسية. يقول إنه كتب بالفرنسية لفضح روح الإنجليز الاستعمارية، فسار على خطى جورج أورويل وجوزيف كونراد.
ويعترف لوكليزيو، في حواراته، بأنه ابن الجزر. أجداده الأولون من جزر موريس. ونجده يقول: “أعتبر نفسي ابن جزيرة، أنا من طراز الذين ينتمون للساحل ويفضلون مشاهدة السفن وهي ترسو في الموانئ. أنا مثل ذاك الرجل الذي يسير على طول الشارع لكنه ليس ابن حي من الأحياء ولا مدينة معينة، بل هو ابن كل الأحياء وكل المدن، فاللغة الفرنسية هي وطني الوحيد، وهي مقر سكناي”.
وكان لوكليزيو يحس دائما أن الأدب هو سكنه. وشكّلت الرواية بالنسبة له وسيلة للدفاع عن الذات. وفضاء للفرار من هموم المجتمع الغربي العنيف والاصطناعي. وفي نفس الوقت، شرع في البحث عن ذاته والتفكير حول الكائن، عبر التقرب من الآخرين، فلم يجد سوى المغامرة لتحقيق هذا الهدف. ونجده هنا يقترب من هنري ميشو الذي يتقاسم معه الإحساس برفض الغرب في صيغته الحالية، ومثله كذلك تمسك بفكرة البحث عن الارتباط بالعالم في صيغة مغايرة دون نكرانه وإلغائه.
كما تأثر لوكليزيو، خلال مساره الأدبي ومن خلال أسفاره العديدة، بتجارب الشعوب البدائية في المكسيك وباناما وغيرها من البلدان التي حل بها، إضافة إلى تأثره بالميثولوجيا الإغريقية الرومانية، وببعض الأفكار التاوية، لكنه لم يتعصب لأي من هذه المذاهب، فهو يعتقد بأن “المادية قادرة بدورها على حملنا إلى عوالم الشعر”.
يعترف لوكليزيو بأن الأيام التي قضاها في باناما، جعلت منه شاعرا. لقد أصبح واحدا من مجتمع الهنود، فاكتسب هوية جديدة. واكتست الكتابة لديه صبغة مغايرة تمحورت حول إيجاد قاعدة الحياة في المجتمع الغربي، بعد أن فقد أساطيره. ولم يكف لوكليزيو عن السفر طيلة هذه الفترة من حياته، فقصد رودريغ، وكتب روايات السيرة الذاتية منها “أونيشا” (هذه الروائية المليئة بالأحاسيس) و«الأربعينية” (حول أزمة بلوغ أربعين عاما لدى الرجل، والبحث عن آفاق الطمأنينة).
وقد انخرط لوكليزيو في الفكرة التي طرحت خلال الستينيات من القرن العشرين في الغرب، بخصوص العلاقة بين اللغة، الحقيقة والواقع. واكتسب اعتقادا بأن الكاتب لا يلج الواقع إلا بواسطة اللغة التي تحتوي كل شيء، والتي تعتبر بمثابة الواقع الوحيد. لكنه يصر، في المقابل، على اعتبار الأحاسيس بمثابة المنبع الوحيد لمعرفة الحقائق الإنسانية، وقال، في أحد حواراته، إن الكاتب يسحر القارئ ويمنحه إمكانية العبور إلى الواقع الحقيقي عبر الإشارات الدقيقة التي تمكنه من الانتقال إلى واقع آخر أكثر سموا، تختفي فيها الكلمات المنافقة.
إن أسلوب لوكليزيو يقوم على تفجير الخطية، فيدمج أثناء الكتابة القصيدة ومقالات الصحف، وبواسطة هذه الأخيرة يسعى لتقليص الفارق بين الخيال والواقع. والسارد في أعماله عالم بكل شيء وله القدرة على إعادة النظر في كل شيء كذلك، ويتأرجح بين الملموس والمجرد، وبين الواقعي والوهمي، وهو ما يعزز إيمانه بأن القارئ يعتبر كطرف مساهم في الكتابة. وقد أخذ لوكليزيو هذه الفكرة المنافية للفردانية من تأثره بحياة الهنود الحمر، حيث يتحول النص إلى نتاج جماعي وليس فرديا، ويعبّر عن الحياة داخل المجتمع.
ورغم هذا، بقي لوكليزيو كاتبا غربيا، فالعزلة تعد من بين المواضيع المحببة إليه، وقد كتب في نص حول هنري ميشو أن العزلة “هي الموضوع الرئيسي لعصرنا”. وبالفعل، نجد أن كل أبطال قصصه القصيرة ورواياته يعانون من قطيعة تبعدهم عن المجتمع، وتلقي بهم بين أحضان العزلة، فيندفعون في حركية مستمرة، وفي محاولة للانخراط في العالم، وهذه الحركية التي ليست سوى تيه، كثيرا ما نجدها في أعمال جيمس جويس وصموييل بيكيت، تضفي على أعمال لوكليزيو صبغة رواية “المغامرة“ أو “البيكاريسك”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.