تتابع القنصليات الغربية في الجزائر وخصوصا ممثليات القوى العظمي ودول الضفة الشمالية للمتوسط، باهتمام خاص، الرئاسيات المقبلة. وأطلقت في الأسابيع الأخيرة سلسلة لقاءات مراطونية مع مرشحين وقادة أحزاب معارضة وموالاة، في تقليد يسبق كل المواعيد الانتخابية الهامة. استقبل رئيس حركة مجتمع السلم ومرشحها للانتخابات الرئاسية، عبد الرزاق مقري، أمس، السفير الإسباني بالجزائر، فرناندو موروكالفو سوتيلو، بطلب من هذا الأخير. وقال مقري على صفحته في تعليق مرفق بصورة لضيفه إن الطرفين استعرضا جملة من القضايا السياسية والاقتصادية والدولية وعلاقات البلدين في شتى المجالات وسبل تطويرها وتعميقها، مضيفا أن اللقاء كان فرصة للحديث عن برنامج الحركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. والتقى السفير الإسباني بوفد عن الهيئة الرئاسية لجبهة القوى الاشتراكية والأمانة الوطنية للحزب غداة قرار الحزب مقاطعة الانتخابات الرئاسية، كما استقبل، أيضا، سفير الاتحاد الأوروبي بالجزائر، جون أورورك، لمناقشة ملف الرئاسيات. كما أجرى المرشح علي بن فليس، رئيس طلائع الحريات، بدوره، أمس، لقاءات مع سفير الاتحاد الأوروبي بالجزائر، وذلك بطلب منه، بالمقر الوطني لحزب طلائع الحريات، وتناول اللقاء، بالأساس، العلاقات الثنائية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي والمشروع السياسي لطلائع الحريات والوضع في المنطقة، حسبما ذكره الحزب .واستقبل بن فليس في وقت سابق سفير بريطانيابالجزائر، باري روبرت لوين، وتناولا أساسا موضوع الرئاسيات. والتقى معاذ بوشارب الذي يحمل قبعة مزدوجة: منسق قيادة الأفالان ورئيس المجلس الشعبي الوطني، بدوره، ممثلي سلك دبلوماسي غربي بالأساس في الأسابيع الماضية، أحدثهم السفير الفرنسي بالجزائر. وقاد السفير الأمريكي، في وقت مبكر، عملية استطلاع للوضع مع قادة أحزاب سياسية، مع التركيز على رموز المعارضة، حيث التقى العام الماضي رئيس الأرسيدي، محسن بلعباس، ثم رئيس "حمس" وعلي بن فليس، رئيس طلائع الحريات، وأمين عام حزب جبهة التحرير الوطني السابق، جمال ولد عباس، ورئيس تجمع أمل الجزائر، عمار غول، والوزير الأول أحمد أويحيى، أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي. وتجنبت السفارات الأجنبية حتى الآن مقابلة المرشح الغامض، علي غديري، الضابط السابق بالجيش الوطني الشعبي، غير أنه من غير المستبعد أن يصبح مطلوبا بعد الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين لهذه الانتخابات في مارس المقبل، في حال نجاحه في امتحان المجلس الدستوري. وراجت، في وقت سابق، تقارير عن اتصالات بين غديري ومسؤولين غربيين بباريس، لكن اللواء غديري نفى حدوث ذلك. وفيما تلتزم المصالح الدبلوماسية الغربية بالجزائر الصمت بخصوص هذه اللقاءات، باستثناء رسائل مختصرة تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، تغتنم القيادات الحزبية والشخصيات السياسية المطلوبة من قبل القنصليات الغربية الفرصة للترويج لهذه المقابلات وما دار فيها. وتعد هذه اللقاءات الاستطلاعية، التي تتم بموافقة واطلاع الخارجية الجزائرية، فرصة للسفارات الأجنبية لجمع المعلومات والمعطيات التي توجه لحكومات بلدانها. وتتابع الدوائر الغربية بقلق وضع الجزائر، ويترجم ذلك في التقارير التي تصدر عنها سنويا، غير أنها لم توقف دعمها للسلطات القائمة في الجزائر إدراكا منها بأن السلطة تتحكم في الوضع في مواجهة معارضة هشة، مفككة ومتواطئة مع السلطة. ويفتح قادة الأحزاب السياسية أبوابهم لممثلي السلك الدبلوماسي، خصوصا دول القوى العظمي، رغم حالة الغضب العلني المعبر عنه تجاه الموقف الغربي الداعم، حسبهم، لاستمرار الوضع القائم في البلد. ولا تخلو البيانات والتصريحات التي تصدر عن أقطاب المعارضة من هجمات على السلطة المتهمة بشراء صمت القوى العظمى، عبر سلسلة من التنازلات والمزايا للشركات والمستثمرين المنتمين لهذه الدول.