انتهت أول أمس الطبعة الرابعة للدوري المحترف الجزائري بعد مد وجزر، جعلت الرأي العام الرياضي يتمنى توقيف المنافسة ولو مؤقتا، حتى نفهم ماذا نريد من هذه البطولة العرجاء، التي يباع فيها كل شيء ولا تنجب لاعبا دوليا واحدا. عندما قال قبل سنوات، أحد المدربين ،الذين اختاروا التقاعد الإجباري، بأنه يجب أن يطرح وزير الرياضة سؤالا وجيها مع مسؤولي الفاف لمعرفة الجدوى من إنشاء دوري كروي في الجزائر، ضحك عليه الكثير … واليوم، طوينا الطبعة الرابعة من شبه الاحتراف ونستعد لمعايشة مباريات الخضر في المونديال، دون أن نشاهد لاعبا واحدا من الدوري ضمن قائمة حاليلوزيتش، وهو ما يعني أن ال420 مليار سنتيم التي صرفت كأجور معلنة للاعبي الفرق ال16 راحت أدراج الرياح، كون البطولة لم تنجب لاعبا واحدا مؤهلا لحمل ألوان الخضر . ولم يخطئ البوسني في إبعاده للاعبي هذا الدوري لأنها الحقيقة المرة التي لا يمكن حجبها ، والديماغوجية التي يتغنى بها كثير من التقنيين ومحللي البلاتوهات ما هي سوى كلام للاستهلاك الإعلامي فحسب. ولعل الهدف من إنشاء دوري محترف في الجزائر ليس الغرض منه تقوية المنتخب الوطني، كون الذين خططوا لهذه المنافسة فضلوا أصلا سياسة استيراد المنتوج الجاهز، فبطل اليوم ومتوج الأمس والذي سيفوز باللقب القادم وجوه لنفس العملة غير القابلة للتحويل… بمعنى أنها ليست «دوفيزا»… لنطرح السؤال بكل موضوعية: « ماذا نريد من هذا الدوري مادام لا يخدم مصالح المنتخب الوطني؟ ومن المستفيد من الوضع الحالي؟». دون شك أكبر مستفيد من الوضع السائر منذ 24 سنة هي مافيا كرة القدم التي تأكل وتشرب من عالم «التبزنيس» في أجور اللاعبين ورشاوى الحكام وغيرها، سيما وأن كلام كثير قيل ويقال عن الألقاب والسقوط والصعود وكيفية تحقيق ذلك. وعوض أن تتحرك الدولة للحد من هذا النهب المنظم للمال العام، راحت الفاف تبحث عن وسيلة لتسقيف الأجور ، تماما مثلما حدث لباعة المفرقعات ليلة عيد المولد النبوي الشريف، و الذين تلاحقهم الشرطة في الأزقة والشوارع بدل محاربة بارونات الاستيراد في الميناء عند دخول الحاويات !. مسؤولية الدولة إذن كبيرة في تسيير شؤون كرة القدم والحل سهل وممتنع في ذات الوقت، وهو غلق الحنفيات عن النوادي التي تعبث بالمال العام، وفرض طريقة جديدة في تمويل كرة القدم وإنهاء فوضى البلديات وصناديق الولاية وملايير سونطراك، إذ لا يعقل أن يتحول الولاة إلى مدراء لشركات رياضية فاشلة وعاجزة ويتحركون فقط لشراء هدوء الشارع والسلم المدني ، فصرف 400 مليار سنتيم في أجور لاعبين لا يقدمون شيئا، يعد ذروة الجنون كما أنه جريمة اقتصادية يعاقب عليها القانون.