لا يزال العديد من المؤلفين والباحثين والمنتجين لمحتويات علمية وفكرية بالجزائر يتخوفون من نشر محتوياتهم على شبكة الانترنيت، بسبب غياب رخص الإبداع الجماعي التي تحمي حقوق المؤلف في الفضاء الرقمي من السرقة العلمية والقرصنة بالرغم من مرور الانتشار الواسع للأنترنيت في السنوات الأخيرة، حيث يضيع الكثير من جهد المنتجين والمؤلفين لهذه المحتويات التي تبقى إما غير مستغلة بسبب محدودية الاطلاع عليها في النسخ الورقية وإما تتعرض للسرقة والاستغلال الفوضوي لأشخاص آخرين ينسبونها إليهم. دعا الدكتور دحمان مجيد، أستاذ بكلية الإعلام والاتصال، السلطات العمومية إلى المصادقة على رخص الإبداع الجماعي العالمية التي تبقى الضامن الوحيد لحماية حقوق المؤلف عبر شبكة الانترنيت. وأضاف الأستاذ دحمان في ندوة نظمها منتدى الأمن الوطني أمس بمدرسة الشرطة على تونسي بالجزائر حول موضوع "حقوق الملكية الفكرية والفنية على أضواء العصر الرقمي: دراسة حالة الإبداع الجماعي" أن تعميم استعمال الأنترنيت بات يفرض تقنين هذا المجال حماية لحقوق وجهود الناشرين والفنانين والمفكرين وغيرهم من المبدعين الذين ينشرون محتوياتهم وأعمالهم عبر هذه الشبكة الواسعة. وذلك بالمصادقة على القوانين التي تحمي هؤلاء مهما كان بعد الجهة التي تستغل محتوياتهم. ويبقى الفراغ القانوني وغياب هذه القوانين مانعا أمام المبدعين الجزائريين الذين يرفضون نشر أعمالهم عبر شبكة الأنترنيت خشية تعرضها للسرقة والقرصنة. لتبقى المؤلفات الفكرية وخاصة الكتب العلمية والدوريات الجزائرية محدودة الاستعمال من حيث المكان ولا تصل إلى كل أرجاء العالم كونها تقتصر على النسخ الورقية المطبوعة. وفي هذا السياق، دعا المتحدث إلى التفكير في المصادقة على الآليات التي تضمن حماية هذه الأعمال لتوسيع دائرة الاستفادة منها في زمن الرقمنة والمنافسة، في الوقت الذي يفضل فيه القراء النسخ الرقمية عند البحث على معلومات معينة بفضل الامتيازات التي توفرها الأنترنيت من حيث السرعة في الحصول على هذه المعلومات والتي يمكن للمتصفح عبر الشبكة العنكبوتية الحصول عليها بمجرد كتابة عنوان المؤلف أو الموضوع محل البحث. كما تأسف أستاذ الإعلام والاتصال لغياب هذه القوانين التي تحرم الطلبة والباحثين من الاطلاع على بعض الأعمال، مشيرا في هذا السياق إلى وجود 325 دورية علمية بالجزائر ودراسات ناتجة عن 400 ملتقى علمي جامعي وأكثر من 32 ألف عمل فكري ومقال نشر من قبل الجزائريين في الخارج غير أن هذه الأعمال لا تزال غير مستغلة من طرف الباحثين والطلبة الجزائريين بسبب غياب هذه الحماية القانونية التي تضمن لأصحابها حقوقهم. وذكر الأستاذ دحمان بأنه مقارنة بطرق الحماية الكلاسيكية لهذه الحقوق التي يوفرها الديوان الوطني للملكية الفكرية على الأعمال المطبوعة والأفلام المصورة والأشرطة المسجلة خارج الأنترنيت، تمنح رخص الإبداع الجماعي لصاحبها الحرية في تحديد كيفية استغلال أعماله من طرف مستغلي الأنترنيت، بحيث يكون حرا في السماح لهم باستغلالها تجاريا أو إضفاء بعض التغيرات عليها أو استعمالها في أعمال أخرى حسبما حدده عند التوقيع على الرخصة. كما يستطيع المؤلف بموجب رخص الإبداع الجماعي اللجوء إلى العدالة للمطالبة بحقوقه في حال الاعتداء على أعماله المنشورة في الأنترنيت أو سرقتها أو استغلالها في عمل معين دون الإشارة إلى مصدرها. وتجدر الإشارة إلى أن 80 دولة حاليا صادقت على رخص الإبداع الجماعي لحماية مصنفاتها وأعمالها عبر الأنترنيت، منها دولتين عربيتين فقط وهما مصر والإمارات العربية. بحيث يمكن لجمهور الأنترنيت في العالم تصفح واستغلال كل الأعمال التي تنشر بهذه البلدان والتي تبقى محمية بحيث يتعرض كل من يقوم بقرصنتها أو باستغلالها خارج الإطار الذي تسمح به هذه الرخص إلى متبعات قضائية. علما أن هذه الدول تسجل حاليا أكثر من 2 مليار محتوى وعمل فكري محمي.