وعد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في خطابه الافتتاحي للعهدة الرئاسية الجديدة بمكانة أكبر لحرية الصحافة في الجزائر، مؤكدا بأن هذه الأخيرة ستحظى بالاحترام التام من قبل الدولة التي ستبقى حريصة على تسهيل ممارسة وتطور المهنة أكثر فأكثر وعلى كافة الأصعدة. وأكثر من ذلك فقد دعا الرئيس بوتفليقة وسائل الإعلام الوطنية إلى لعب دور أكبر في مسار التقويم الوطني وتحصين المجتمع من الآفات الخطيرة التي تفشت بشكل مريب في السنوات الأخيرة، ولا سيما الظواهر المتصلة بالفساد والرشوة والمحاباة، قائلا في الخطاب الذي ألقاه بعد تأديته اليمين الدستورية أن "لأجهزة الإعلام دورا هاما تضطلع به في هذه المحاربة"، كما اعتبر في سياق متصل بان حرية الصحافة تمثل جزءا هاما من المشروع الديمقراطي الذي يحمله برنامجه الرئاسي. وبالفعل فقد حددت الحكومة في مخطط عملها الخاص باستكمال تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية بعض العمليات الأساسية التي تتوخى تجسيدها في مجال ترقية دور الإعلام في المجتمع وتنمية قدراته للوصول إلى تنمية الخدمة العمومية وتكريس مبدأ حق المواطن الجزائري في الإعلام، ومن أبرز هذه العمليات استكمال مشروع توسيع شبكة المطابع الوطنية لتسهيل وصول النشريات إلى المواطنين عبر مختلف جهات الوطن، حيث يندرج ضمن هذا المسعى مشروع فتح المطبعة الجديدة بولاية بشار التي ستتكفل بتغطية مناطق الجنوب الغربي للبلاد والمقرر أن يشرع في تشغيلها خلال السنة الجارية، كما تشمل هذه العمليات مواصلة تحديث وكالة الأنباء الجزائرية والإذاعة والتلفزيون، لا سيما من خلال رفع عدد المحطات الإذاعية إلى 48 محطة قبل شهر جوان المقبل، وإقامة 30 جهازا للبث و380 جهازا من نوع "أف أم". وتجدر الإشارة إلى أن فتح التلفزيون الجزائري مؤخرا لقناة الأمازيغية وقناة القرآن الكريم جاء تتويجا لنفس البرنامج الذي حددته الحكومة استكمالا لتنفيذ برنامج الرئيس بوتفليقة. ولا يمكن فصل هذه الانجازات المحققة وغيرها من المشاريع التي لازلت في طور التجسيد عن الحصيلة العامة للمكاسب التي تحققت في قطاع الإعلام الوطني خلال السنوات العشر الأخيرة، بفضل السياسة الحكيمة التي تتبناها الدولة في سبيل ترقية مكانة القطاع وجعله يواكب مسار التطور الحاصل في المجتمع على مختلف الأصعدة، وهي السياسة التي ترتكز على الدعم العمومي للقطاع من خلال تنظيمه ومنحه الوسائل الضرورية ليتطور في إطار احترام المبادئ العامة لمهنة الصحافة وللقيم الوطنية. ويعتبر الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير، الذي يتزامن هذا العام بالجزائر مع تأكيد رئيس الجمهورية على ترقية مكانة الصحافة في المجتمع، فرصة لتقييم ما تم انجازه في ظل التعددية والانفتاح الإعلامي الحاصل ببلادنا منذ 20 سنة، والذي صاحبته جملة من التضحيات المقدمة من قبل رجالات المهنة حفاظا على مبادئ الجمهورية وحماية للأسس السامية لحرية التعبير والصحافة والممارسة الديمقراطية بشكل عام، كما لم تتخلف الصحافة الجزائرية عن مواكبة مختلف التطورات التي مرت بها البلاد، والإسهام الفعال في الحفاظ على تطور الدولة، مكرسة بذلك مبدأ الاستمرارية في مواكبة مسيرة الدولة الجزائرية قبل أيام الثورة التحريرية، وأثناءها ثم في مرحلة الاستقلال وخلال سنوات الأزمة التي عصفت بالبلاد في التسعينيات. كما تتجلى المسيرة الهامة لتطور الصحافة الجزائرية في العدد الهائل من الصحف التي تصنع تعدد وتنوع المشهد الإعلامي الجزائري اليوم، حيث يصل عدد النسخ المطبوعة يوميا إلى نحو 2,5 مليون نسخة بمعدل نشرية لكل 15 مواطنا، وتشمل حوالي 300 نشريه، منها 75 جريدة يومية، وكل هذا بفضل جهود الدولة في تطوير وعصرنة وسائل الطبع، في انتظار استكمال مشاريع أخرى تخص تنظيم وتطوير إمكانيات التوزيع. ولا تخرج كل هذه الجهود والمساعي التي تبذلها الدولة في إطار تكريس مبدأ التكامل بين الدولة والإعلام، عن إطار الخطط والإستراتيجيات التي تمت مباشرتها في السنوات الأخيرة، ولا سيما منها إستراتيجية تطوير وتأهيل المنظومة الوطنية للإعلام والاتصال التي تبنتها الحكومة في شهر فيفري 2007، والقائمة على أساس تشخيص وضعية القطاع وإعادة تأسيس المنظومة الوطنية للإعلام، بشكل يسمح بتكييفها مع التحولات الداخلية والخارجية، ويضمن مساهمتها الفعلية والإيجابية في إعادة الجزائر إلى مكانتها المرموقة سياسيا واقتصاديا وثقافيا على الساحة الدولية. وقد تم إشراك رجال الإعلام والصحافة ومسؤولي المؤسسات الإعلامية في بلورة هذه الإستراتيجية الوطنية التي حدد من بين أهدافها تكييف القطاع مع الأوضاع السائدة في البلاد ومقتضيات التنمية والمصالحة الوطنية والتماسك الداخلي وإعادة بناء الهوية الوطنية في ظل احترام القيم المؤسسة لها. وكان رئيس الجمهورية قد أكد في الذكرى الماضية لإحياء اليوم العالمي لحرية التعبير أن قضية تحديث قطاع الإعلام والاتصال يعد واجبا من واجبات السلطات العمومية ومسؤولية كل القائمين عليه، انطلاقا من أن الحق في الإعلام، يرتبط بوجوب أداء الخدمة العمومية ويتساوق مع ثقافة المواطنة، داعيا الأسرة الإعلامية إلى السعي إلى كسب الحرية بعيدا عن الانسياق وراء خدمة أغراض مشبوهة، وتطهير القطاع من المتطفلين ممن يستخدمونه لتحقيق مآرب لا تمت للمهنة بأية صلة. كما حث الرئيس بوتفليقة الإعلاميين الجزائريين إلى التوجه نحو اكتساب المزيد من الاحترافية ومراعاة المعايير التي تحكم الخدمة الإعلامية المكرسة للحق في الإعلام، في ظل المصداقية والموضوعية، مقدرا بأن أهم الشروط لتحقيق ذلك تكمن في إبلاء التكوين المزيد من العناية والأخذ بالمناهج الحديثة في الاتصال وتجديد المعارف والخبرات المرتبطة بقطاع الإعلام الذي يمثل حجر الأساس في إرساء الديمقراطية وتوسيع مجالات ممارستها.