أبدت سفيرة الولاياتالمتحدةبالجزائر، إليزابيث أوبين رغبة بلادها الملحة للعمل عن كثب مع الجزائر لتعزيز تعاونهما العسكري بعد أن وصفت الجزائر ب"الشريك الاستراتيجي المهم لبلادها في مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي". وقالت السفيرة الأمريكية في تصريح خلال حضورها أول أمس، مراسم تنصيب القيادة الجديدة للقوة الأمريكية في إفريقيا "افريكوم" الموجود مقرها بمدينة شتوتغارت الألمانية بحضور قادة عسكريين وسفراء أمريكيين آخرين. ووصف منشور سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكيةبالجزائر هذا الحدث ب"التغيير التاريخي"، أرفقته بتهنئة السفيرة أوبين لقائد "أفريكوم" الجديد بقولها "تهانينا للجنرال لانغلي على توليه قيادة كل القوات المسلحة الأمريكية في جميع أنحاء إفريقيا". وجاء تصريح الدبلوماسية الأمريكية ليعزز مضمون تقرير معهد "أمريكان إنتربرايز" الذي نشر قبل يومين والذي أشاد فيه بجهود الجزائر في مكافحة الإرهاب، منصفا بذلك المقاربة الأمنية التي اعتمدتها والتي توجت بنتائج عملية تمكنت من خلال الجزائر من دحر مختلف التنظيمات الإرهابية وحيدت كل عناصرها طيلة عقود من المواجهة المفتوحة. وهو ما أقره المعهد الأمريكي المتخصص، عندما أشار إلى تمكن الجزائر من منع التهديد الإرهابي وإحباطها مخططات مختلف التنظيمات الإرهابية التي حاولت أن تجد موطئ قدم لها في البلاد، بفضل العمل الأمني الاستباقي والرفض الشعبي الواسع للفكر المتطرف. وارفق المعهد تقريره الذي جاء في 22 صفحة بجداول وبيانات توضيحية حول مناطق انتشار الجماعات الإرهابية في إفريقيا، مسلطا الضوء على نشاط "السلفية الجهادية " حيث أكد أنه رغم الخطر الداهم لتوسع حركة الإرهابيين في هذه القارة، إلا أن بعض دولها وعلى رأسها الجزائر نجحت في تحييد واحتواء تهديد هذه الجماعات التي مازالت تشكل مصدر خطر حقيقي على جيرانها. وعرف التعاون الجزائري الأمريكي في مجال مكافحة الإرهاب تطوّرا كبيرا خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، انطلاقا من كون الجزائر خبرت طيلة العشرية السوداء، الجماعات الإرهابية وأساليب عملها، وتمكنت من محاصرة عناصرها وإفشال كل مخططاتها الإرهابية. وأصبحت تجربة الجزائر مطلوبة لدى العواصم الغربية للتمكن من مكافحة الظاهرة، على رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية وهو ما دفعها إلى الشروع في إبرام تعاون أمني في مكافحة الإرهاب، كما شمل التعاون الأمني دعم الحلول السلمية والسياسية للنزاعات في المنطقة، خاصة في مالي وليبيا، حيث دعمت واشنطن والمجتمع الدولي الوساطة الجزائرية لحل الأزمة السياسية في شمال مالي، وإقامة حوار شامل بين الأطراف الليبية لإنهاء حالة الفوضى والانقسام. وتتطلع الولاياتالمتحدة في إطار تبادل المعلومات مع الجزائر لوضع إطار تعاوني، يسمح لها بالحصول على المعلومات الصحيحة، حيث أوضحت إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي، ضرورة تقوية الروابط مع الحلفاء في إطار الاستخبارات، وكذا تقوية الشراكة مع مكاتب الاستخبارات الدولية. وتنتهج الجزائر سياسة انفتاحية على الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الغربية، كما كانت من أولى الدول التي حذرت من الظاهرة العابرة للحدود عبر المنابر الدولية، على غرار المنتدى العالمي ضد الإرهاب، فضلا عن كونها عضو فاعل في المنتدى العالمي ضد الإرهاب، حيث ترأس مناصفة مع كندا مجموعة العمل حول تعزيز القدرات على مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، إلى جانب تقديمها دعما لوجستيا لعمليات حفظ السلام التي تقوم بها الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي. ويرى مراقبون أن العلاقات الجزائريةالأمريكية مبنية علي أسس الحوار السياسي والعسكري، والتي يعززها تبادل الزيارات الهامة بين الجانبين لمسؤولين سامين سياسيين وعسكريين، فضلا عن عقد جولات الحوار الاستراتيجي بين البلدين. كما يبقى الحوار المتوسطي مع منظمة الحلف الاطلسي "الناتو" في مجال مكافحة الإرهاب آلية أخرى لمكافحة هذه الظاهرة، وذلك من خلال تعزيز التعاون الأمني وتبادل المعلومات والخبرات العسكرية والتقنية.