ساعدت دعوات الجزائر لوضع حدّ لمصادر تمويل الإرهاب وحرمان الجماعات الإرهابية من الحصول على ملاذ آمن، بعد تجربة العشرية السوداء في استصدار الولاياتالمتحدةالامريكية قرار رقم 1373 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، في مجال مكافحة تمويل الإرهاب. قال أمس معهد واشنطن في ورقة بحثية، أن الجزائر بتجربتها، مدة عقد من الزمن خبرت الجماعات الإرهابية وأساليب عملها، وتمكنت من محاصرتها والحد من قوة نشاطها، وأصبحت خبرتها مطلوبة لدى العواصم الغربية للتمكن من مكافحة الظاهرة، على رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية وهو ما دفعها إلى الشروع في إبرام تعاون أمني في مكافحة الإرهاب. وحسب المعهد الأمريكي فقد ووجه العالم أنظاره إلى الجزائر للاستفادة من خبرتها في محاربة الإرهاب. ولم يقتصر التعاون الأمني على مكافحة الإرهاب فقط، بل أيضا، شمل دعم الحلول السلمية والسياسية للنزاعات في المنطقة، خاصة في مالي وليبيا، خاصة في دعم واشنطن والمجتمع الدولي للوساطة الجزائرية لحل الأزمة السياسية في شمال مالي، وإقامة حوار شامل بين الأطراف الليبية لإنهاء حالة الفوضى والانقسام. وتمكنت الجزائر في احتواء التهديد الإرهابي باستهداف قيادات الجماعات الإرهابية، وضرب أيديولوجيتها وتدمير قدراتها القتالية، كما تمكنت من احتواء مختلف الشبكات المحلية التي تم تشكيلها للنشاط في تونس ودول الساحل الإفريقي. ومن ثم، بدأت الولاياتالمتحدة في الاعتماد بشكل متزايد على التعاون الأمني مع الجزائر، والاستفادة من فرص تبادل المعلومات الاستخباراتية وفق تعبير المركز الأمريكي. وتابع معد التقرير حكيم غريب الخبير في الشؤون الاستراتيجية والأمنية أن الجزائر امتلكت خبرة سابقة في التعامل مع التهديدات التي شكلتها الجماعات الإرهابية التي أعلنت ولاءها لتنظيم ”داعش” وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. ونظرا لأن الجزائر لديها دراية جيدة عن هذا العدو، يمكن أن يوفر للولايات المتحدةالأمريكية بعض التفاصيل حول كيفية مواجهته. كما يجب الإشارة إلى أن العلاقات الجزائرية-الأمريكية مبنية على أسس الحوار السياسي والعسكري، وذلك من خلال تبادل الزيارات الهامة خلال السنتين الماضيتين على غرار الحوار الاستراتيجي بين البلدين الذي عقد في واشنطن في 2015 وزيارات مسؤولين سامين سياسيين وعسكرين من الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى الجزائر في 2016. كما يبقى الحوار المتوسطي مع الناتو في مجال مكافحة الإرهاب تجسيدا آخر لمكافحة هذه الظاهرة العابرة للقارات على المستوى الدولي، وذلك من خلال تعزيز التعاون الأمني وتبادل المعلومات والخبرات العسكرية والتقنية. وفي إطار التعاون بين الطرفين، كشف معهد واشنطن تقديم السلطات الجزائريةلواشنطن قائمتين بأكثر من ألف مشتبه فيه ذي علاقة بالتنظيمات الإرهابية، المتواجدين على الأراضي الأمريكية والأوروبية، وعرضت تعاونها في المجال الأمني وتبادل المعلومات، وبالمقابل أملت الجزائر في أن تتعامل الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا بالمثل وتسلماها الإرهابيين الجزائريين المطلوبين. لكن تقدم التعاون الجزائري الأمريكي ليس كافيا، لأن كلا الدولتين تحتاج إلى العمل باتجاه تدعيم نوعي لعلاقتهما، فأمريكا يجب أن تكون أكثر التزاما في دعمها للإصلاحات السياسية والاقتصادية في الجزائر. وفق الورقة البحثية الأمريكية الاعتمادات المالية المخصصة للجزائر في إطار مبادرة شراكة الشرق الأوسط غير كافية، ولا يعقل أن تستمر الولاياتالمتحدةالأمريكية في بناء تعاون أمنى مع الجزائر في ظل تهميش هذه الأخيرة مقارنة بجيرانها المغاربة، ورغم أنها تحتل المرتبة السادسة من حيث تزويد بالغاز الطبيعي والنفط. ولتقوية التعاون مع الجزائر يتعين على الولاياتالمتحدة تطوير علاقات أكثر توازنا في منطقة دول شمال أفريقيا، وعلى وجه التحديد دفع المغرب إلى حل نزاع الصحراء الغربية، من خلال الاعتراف بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.