نشط الدكاترة عبد الحميد بورايو، عمر عاشور وحمزة قريرة، ندوة بعنوان "تجليات الثورة التحريرية في الإبداع الأدبي العربي"، أول أمس، بقصر الثقافة، في إطار الصالون العربي للكتاب. تحدث الدكتور بواريو في مداخلته، عن تأثير الثورة التحريرية الجزائرية في الشعر العربي، وتفاعلها مع الأجواء السياسية والثقافية في المشرق العربي، وقدم مثالا؛ قصيدة "الأوراس" للشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي، كتبها ابتداء من سبتمبر 1956، وأنهاها في سبتمبر 1959، حيث قدم أبياتها الأولى بنادي الصحفيين في مصر، احتفاء بالذكرى الثانية لاندلاع الثورة التحريرية الجزائرية. أضاف بورايو أن حجازي كتب في مقدمة أعماله الكاملة عن ظروف كتابته لهذه القصيدة، حيث تأثر بالثورة التحريرية، وبالمناقشات والحوارات التي أدارها مع مثقفين جزائريين في مقهى مصري، ومن بينهم منور مروش وعبد القادر قاسي من الحركة الوطنية، مؤكدا في السياق نفسه، قوة الفكر القومي الذي بلغ أشده في تلك الفترة الزمنية، وعن تأثير هذه الثورة المجيدة حتى في حياته الخاصة، التي شهدت بعض الاضطرابات. كما تناول حجازي في قصيدته هذه أيضا، أهمية التنشئة الاجتماعية الريفية في بلورة الوعي القومي، علاوة على قدرته في تجديد هذه القصيدة التي لم يكتبها في زمان ومكان محددان، بل كتبها طيلة ثلاث سنوات كاملة. أما الدكتور عمر عاشور، فقد تطرق في مداخلته، إلى كتابة الشعراء العراقيين أشعارا عن المجاهدة جميلة بوحيرد، وقد وصل عددها إلى 37 قصيدة ل31 شاعرا، في حين كتب الجزائريون عن هذه الشخصية الفذة في فترة الثورة التحريرية قصيدتين فقط لا غير. أضاف عاشور أن العراقيين، بما فيهم أدباء ورجال دين وحقوقيون وأكاديميون وصحفيون وشعراء، كتبوا عن جميلة بوحيرد وشبهوها ببطلات عالميات، ليكتبوا بعدها قصائد شبهوا فيها مناضلات أخريات بالبطلة جميلة، أي أن جميلة تحولت من المشبه إلى المشبه به، مشيرا إلى قدرة جميلة على جمع كل هؤلاء، رغم اختلاف مذاهبهم ودياناتهم. كما اعتبر الدكتور أن الشاعر هو لسان قومه، وقد يكون أيضا صانعا للتاريخ، ليأتي المؤرخون بعدها لكتابة التاريخ. من جهته، قدم الدكتور حمزة قريرة مشروعه المسمى ب"فكرة كوم"، وهو عبارة عن منصة تضم كل ما يتعلق بالثورة التحريرية، من كتابات أدبية وفنون مختلفة، كما يمكن فيها للباحثين الجزائريين والعرب إضفاء معلومات عن الثورة في شاكلة منصة "ويكيبيديا". وأضاف أن هذه المنصة تضم بابا بعنوان "الثورة الملهمة" يلتقي فيه كل من كتب عن الثورة التحريرية، وكذا باب آخر هو عبارة عن أرشيف حول نفس الموضوع، مؤكدا أن هذه المنصة تشمل كل ما له علاقة بالثورة، سواء الكتابات الأدبية والعلمية والأكاديمية، وكذا الفنون مثل؛ الأفلام والأغاني واللوحات التشكيلية. ودعا قريرة وزارة الثقافة إلى تبني مشروع "فكرة كوم"، والذي يمكنها من إضفاء الشرعية لها، مشيرا إلى إمكانية ترجمة كل المعلومات الموجودة في هذه المنصة إلى العديد من اللغات، كما اعتبر هذه المنصة بابا لتعريف الجيل الجديد بحيثيات الثورة التحريرية، وكل ما يتعلق بها من كتابات وصور وغيرها. في المقابل، تطرق الدكتور في مداخلته هذه، إلى حضور الثورة التحريرية في الأدب العربي، معتبرا أن الثورة التحريرية أهم محطة تاريخية للشعب الجزائري، وقد عبر عن عظمتها الكثير من الشعراء في العديد من الدول العربية، باعتبار أن الشعر في تلك الفترة كان أكثر انتشارا من السرد.