❊ موريتانيا طلبت مساعدة الجزائر لوضع إطار محكم لإنتاج الغاز ❊ الدول المنتجة بحاجة إلى تكتل قوي لتوحيد مواقفها وتحقيق المردودية ❊ الظروف الدولية لا تمكّن الأعضاء من التفاوض فرادى أكد البروفيسور في الاقتصاد، عبد القادر مشدال، أن الجزائر ستلعب دورا بارزا على مستوى السوق الدولية للغاز، مثلما سبق لها وأن قامت به في سوق النّفط انطلاقا من منظمة "أوبك"، مبرزا بأن الجزائر لديها طموح لتحسين مستوى إنتاجها ما يجعلها تؤدي دورا ديناميكيا كبيرا في إقناع الدول المنتجة للوصول إلى توافق يحمي مصالح الدول المصدّرة ويضمن استقرار السوق خلال القمّة المزمع عقدها بالجزائر وبعدها. ذكر مشدال، في تصريح ل"المساء" أمس، أن قدرة الجزائر على التفاوض وحنكة دبلوماسيتها الطاقوية وكذا علاقتها الجيدة بمختلف الدول الأعضاء في المنتدى، تمكنها من إقناع باقي الدول بالقرارات المهمة التي تناضل من أجلها كدولة منتجة ومصدّرة للغاز للحفاظ على مصالح المصدرين. وأضاف أن الجزائر راكمت تجربة مهمة في مجال الغاز ولديها تحكم كبير في الإنتاج، التوزيع، النّقل، التمييع، والتصدير باعتبارها أولى البلدان التي باعت الغاز في صورته المميعة، كما تجمعها علاقات جيدة مع مختلف الدول المنتجة للنّفط والغاز، حيث قامت بمنح مساعدات تقنية لعدة بلدان منتجة باتت اليوم من البلدان المزدهرة في مجال النّفط مثل قطر، الإمارات، ليبيا، فنزويلا، وحاليا موريتانيا التي طلبت مساعدة الجزائر لوضع إطار لإنتاج الغاز، الأمر الذي يرشحها لإقناع المصدّرين وإحداث توافق بينهم من منطلق احترامهم لها كبلد وقف إلى جانب العديد من البلدان عندما كانت في حاجة إلى ذلك. وأشار محدثنا، إلى أن الجزائر كانت لها علاقات ممتازة في التشاور داخل وخارج منظمة الدول المصدّرة للنّفط " أوبك"، وظلت قادرة على إقناع دول المنظمة، حيث كانت القرارات التي تصدر في الجزائر تحرك الأسواق على المستوى العالمي، الأمر الذي أهلها لأن تترأس "أوبك" عدة مرات وكانت عنصرا فاعلا على مستوى السوق الدولية. وفي سياق الحديث عن الدفاع عن مصالح الدول المصدّرة للغاز، أكد أن منتدى الدول المصدّرة للغاز مرشح للتحول إلى "منظمة" على غرار "أوبك"، لمواجهة التحديات التي تعرفها الأسواق والتي تجعل الدول المنتجة عاجزة عن الدفاع عن نفسها بشكل فردي، موضحا أن هذه الدول بحاجة إلى تكتل قوي لتوحيد مواقفها حتى يتم تحقيق المردودية من الاستثمارات التي ستقام على مستواها، والتي تحتاج إلى ضمان ظروف تسويق متشاور حولها تراعي تبادل المنافع بين البلدان المنتجة، كما أضاف مشدال، أن الظروف الدولية والمشاكل الجيوسياسية غير مواتية للبلدان المنتجة لكي تفاوض المستهلكين فرادى، مما يجعل المبادرة بهذا التكتل أكثر من ضرورة للدفاع عن مصالح الدول المنتجة، خاصة في ظل الهيمنة الأمريكية على الأسواق باستغلال هذه الظروف والخلافات بين الدول، وفرض منتوجاتها الطاقوية على المستهلكين باستغلال علاقاتها الخاصة مع المستهلكين الأوروبيين، حيث أصبحت السيطرة على هذه الأسواق واضحة حاليا بفرض غازها الصخري بأسعار جد مرتفعة، مما قطع الطريق أمام باقي المصدّرين لدخول السوق المفتوحة خاصة بعد انقطاع الإمدادات من طرف روسيا، مؤكدا أن هذه السيطرة باتت تفرض تحديا جديدا غير أن الاتفاق بين المنتجين في إطار "منظمة" سيساعد الدول المصدّرة للغاز على التموقع على مستوى الأسواق، خاصة بالنسبة للأسواق المهمة كأوروبا. وفي ظل هذه الظروف يرى مشدال، أن قمّة الجزائر مطالبة بوضع إطار للتشاور شبيه بما هو معمول به على مستوى "أوبك"، غير أنه أوضح أن هذا التشاور هذه المرة يجب أن يتعلق بالإنتاج ووضع إطار للمفاوضات مع الدول المستهلكة، كما يتم بالنسبة للبترول في وقت يتم التأكيد فيه على خصوصية توريد الغاز للأسواق المختلفة والاعتماد على الغاز الطبيعي في البدائل بالنسبة للبترول على أساس أن البترول طاقة أكثر تلويثا للبيئة. وقال إن هذا المسار سينظم في إطار جديد يتم الاتفاق عليه من طرف مختلف البلدان المنتجة للدفاع عن مصالحها، لأنه إلى حد الأن الصفقات المتعلقة بالغاز الطبيعي ترتبط بتطورات سوق النّفط والعقود طويلة الأجل، وفي بعض الأحيان هذه العقود تكون غير مجدية بالنسبة لبعض البلدان، علما أنه كان فيه نداء على أساس نقل بيع وشراء الغاز إلى "السوق اليومية" ولكن بعض البلدان متخوفة من طرح الغاز الطبيعي على مستوى هذه السوق ويفضّلون العقود الطويلة الأجل. وأشار إلى وجود حلول وسطى يمكن الوصول إليها خاصة مع دخول بعض المنتجين الجدد إلى السوق وزيادة حدة المنافسة، وبالتالي الدفاع عن مصالح مختلف الدول المنتجة القديمة ذات التجربة مثل الجزائر والجديدة التي تقتحم المجال لأول مرة مثل موريتانيا وبعض البلدان الإفريقية بات ضروريا، وهو ما يتطلب تفاوضا بين هذه التشكيلة غير المتجانسة للبلدان من أجل الدفاع عن مصالح الجميع خاصة في ظل الاختلال الكبير على مستوى الأسواق. وأوضح مشدال، أنه من المنتظر أيضا أن تناقش قمّة الجزائر مواضيع ذات العلاقة بالتحكم في تكنولوجيات الإنتاج، النّقل، التخزين وتحويل الغاز الطبيعي، وكل الحلقة اللوجيستيكية التي تحتاج إلى مستوى من الخبرة للتحكم في هذه العمليات قصد بلوغ مستوى من الإمداد من الغاز الطبيعي بصورة متواصلة إلى الأسواق، وهي العمليات التي تتطلب إطارا تكوينيا يوفره معهد الجزائر الذي سيفتح للاستفادة أمام مختلف البلدان لتحسين الخبرة والتدريب وتوفير المهارات.