شهدت بلدية عين عبيد، بولاية قسنطينة، مؤخرا، إطلاق أول مشروع لتربية سمك البلطي الأحمر داخل أحواض مائية، في إطار برنامج تطوير تربية المائيات المدمجة مع النشاط الفلاحي. أكد مدير الصيد البحري وتربية المائيات بسكيكدة، نعيم بلعكري، أن هذا المشروع، يأتي في وقت تتجه السياسة العمومية نحو ترقية هذا النشاط الحيوي، بالنظر إلى قدرته على توفير البروتين الحيواني بأسعار مناسبة، وتقليص الضغط على الصيد البحري، الذي يشهد تراجعًا في الإنتاج، بسبب التغيرات المناخية والصيد العشوائي. واعتبر مسؤول المديرية الولائية ذات الطابع الجهوي، والتي تظم كل من ولايتي سكيكدةوقسنطينة، أن هذه الخطوة، تمثل بداية فعلية لمخطط وطني، يهدف إلى تنويع مصادر الإنتاج الغذائي المحلي، وتحقيق توازن بيئي واقتصادي، عبر استغلال الموارد الطبيعية والمائية المتاحة بطريقة عقلانية. إنتاج 20 قنطارا من الأسماك بعد 5 شهر أشار محدث "المساء"، إلى أن هذه المشاريع، تعد من بين الأنشطة الاستراتيجية التي وضعتها الدولة ضمن أولوياتها، حيث خصصت منحة دعم مباشرة بقيمة 50 دينارا عن كل كيلوغرام من سمك البلطي الأحمر المنتج محليًا، في مقابل فرض غرامة مالية ب30 دينار على الكيلوغرام الواحد عند الاستيراد، كما تم تخفيض الضريبة على بذور الأسماك المستوردة من 19 إلى 9 بالمائة، مع إلغاء الرسوم الجمركية عنها، في مسعى لحماية المنتوج المحلي وتشجيع الاستثمار الداخلي. وأوضح المسؤول، أن التجربة الأولى على مستوى قسنطينة، والتي كانت ببلدية عين عبيد، مؤخرا، عرفت زراعة 9 آلاف وحدة من صغار أسماك البلطي الأحمر، من قبل فلاح بالبلدية، ما سيسمح له بإنتاج 20 قنطارا من هذه الأسماك بعد 4 أو 5 أشهر، حيث يعتبر إنتاجا تجاريا، سيتم تسويقه، وهو ما فتح المجال واسعا للفلاحين بهذه البلدية، الذين طالبوا بالتكوين واقتناء صغار الأسماك لتربيتها. وأفاد المتحدث، بأن مديريته خصصت، بالتنسيق مع مديرية المصالح الفلاحية، وحتى الوكالة الولائية لتسيير القرض المصغر، في بداية السنة الجارية، برنامجا تكوينيا متخصصا، استفاد منه 20 شابًا، تلقوا تأهيلاً نظريًا وتطبيقيًا في مجال تربية المائيات، مع التركيز على طرق تربية البلطي الأحمر، واستغلال فضلات الدواجن كغذاء طبيعي، ومياه الأحواض كأسمدة فلاحية، ما يحقق نموذجًا إنتاجيًا بيئيًا مدمجًا، ويجسد مبادئ الاقتصاد الدائري. دعم ب100 مليون لأصحاب المشاريع كما حظي هؤلاء الشباب، بمرافقة مستمرة، من خلال لقاءات نظمتها الوكالة الولائية لتسيير القرض المصغر، وكذا المصالح المعنية، حيث تم توضيح كيفية الاستفادة من آليات التمويل الموجه لحاملي المشاريع، والذي يسمح بالحصول على قرض يصل إلى 100 مليون سنتيم لاقتناء العتاد، و10 ملايين سنتيم للمواد الأولية، إضافة إلى خدمات غير مالية، مثل التكوين، التوجيه، والتسويق، في إطار مقاربة متكاملة لتحويل الأفكار إلى مشاريع مصغرة فاعلة على أرض الواقع. من جهة أخرى، أكدت مصادر من مديرية الفلاحة بالولاية، أنه يتوقع أن تساهم هذه المشاريع في تغطية جزء هام من الطلب المحلي على الأسماك، وتخفيض الأسعار التي ارتفعت خلال السنوات الأخيرة، نتيجة تراجع الكميات المتوفرة في السوق، خاصة ما تعلق بأسماك السردين، في ظل انتشار ظاهرة الصيد الجائر وتلوث المياه. وأضافت نفس المصادر، أنه من شأن نشاط تربية سمك البلطي الأحمر، أن يفتح آفاقًا استثمارية واعدة أمام الشباب، ويوفر مناصب شغل دائمة في مجالات الإنتاج والتوزيع والتسويق، خاصة في ظل وجود دعم إداري وتقني متواصل من مختلف الهيئات، كغرف الفلاحة، ومديريات الصيد البحري، ووكالات الدعم العمومي. استثمار في المشاريع الخضراء كما كشفت نفس المصالح المذكورة، أنه تم دعم هذا التوجه، في سعي واضح لتحويل ولاية قسنطينة إلى قطب وطني في هذا المجال، خاصة وأن هذه الأسماك، تُعرف بقدرتها على مقاومة الأمراض، والتكاثر السريع، وتحمل البرودة، ما يجعلها الأنسب لخصوصيات المناخ في المنطقة، مشيرة إلى أن الولاية تراهن اليوم، من خلال هذه الديناميكية الجديدة، على تحويل قطاع تربية المائيات إلى رافعة للتنمية المحلية، ونموذج للاستثمار في المشاريع الخضراء ذات الطابع المستدام، بالاعتماد على تقنيات حديثة، كاستغلال الطاقة الشمسية في وحدات الإنتاج السمكي، وتدوير المخلفات الحيوانية، ما يجعل من هذا النشاط، خيارا اقتصاديا بيئيا ينسجم مع متطلبات المرحلة، ويستجيب لحاجيات السوق الوطنية.