تجديد الثقة في الأمين العام للاتحادية الوطنية لعمال الصناعات الكهربائية والغازية    الوزير الأول يترأس الدورة ال195 لمجلس مساهمات الدولة    الجزائر العاصمة: محطة قطارات كبرى بباب الزوار لتحسين الربط بين وسائل النقل    منتدى الاقتصاد المستدام : وزير المالية يؤكد التزام الجزائر بتحقيق أهداف التنمية المستدامة    الطبعة ال24 لكأس الجزائر للأصاغر و الأشبال للفوفينام فيات فو داو: تألق رياضيي الجزائر العاصمة (إناث) و بومرداس (ذكور) بالبيض    رياضة: انتخاب فريد بوقايس رئيسا جديدا للاتحادية الجزائرية لألعاب القوى    مدارس أشبال الأمة تسجل نتائج "ممتازة" في امتحانات شهادة التعليم المتوسط    كرة القدم / بطولة المكفوفين: البطولة لنجم بجاية والكأس لرجاء عين ولمان    الركض : إقبال كبير من المشاركين في الطبعة الثانية من "تريال" العاصمة    هكذا يوظّف المغرب المصالح الاقتصادية..    حرب اللا منتصر واللا مهزوم والمستقبل الغامض للشرق الأوسط    ناصري يجتمع بالوفد المشارك في أشغال الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا    580 مشروعا سياحيا قيد الإنجاز    منتجات تعكس المستوى العالي للصناعة العسكرية    برج باجي مختار: ''البزان" زي تقليدي يعكس الهوية الثقافية الأصيلة    دربال يؤكد التزام القطاع بتحقيق الأمن المائي    هكذا نقتل الجَوْعى في غزّة!    الجزائر حريصة على صيانة التراث الثقافي    متحف أحمد زبانة بوهران: أزيد من 12 ألف زائر استمتعوا بمجموعات تنبض بالتطور التكنولوجي    التاريخ الهجري.. هوية المسلمين    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الصهيوني على قطاع غزة إلى 79 شهيدًا    بطلب من الجزائر, مجلس الأمن يتطرق إلى الوضع الإنساني في غزة    الجزائر ترحب بتوقيع اتفاق السلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية و رواندا    وزير الداخلية يشرف على الحفل الموحد لتخرج الدفعة ال61 لأعوان الشرطة    بحث سبل توطين مشاريع صناعية مع "أفيك" الصيني    دور هام للإعلام الوطني في الحفاظ على أمانة الشهداء    الجزائر ترحّب باتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    رسميا قندوسي في لوغانو السويسري لثلاث سنوات    جماهير مانشستر سيتي: آيت نوري مذهل...    تنصيب اللجنة الفرعية الولائية لتأمين ومتابعة الألعاب المدرسية الإفريقية    آيت نوري يتوهّج    شياخة ضمن أفضل المواهب    منصوري في مابوتو    منصوري تنقل تحيات الرئيس تبون إلى الرئيس تشابو    إجراء قرعة اختيار طوابق "399 مسكن"    دعوة إلى دعم السياحة المستدامة    100 مليار لصيف دون انقطاع في الكهرباء    حملة ضد المناورات الخطيرة    وقايةٌ.. علاجٌ.. وردعٌ    إطلاق أول مشروع لإنتاج البلطي الأحمر بأحواض عين عبيد    2025 سنة إنتاج الحبوب بامتياز    مجلس الأمن يناقش الوضع الإنساني بغزة    وزير الاتصال يشيد بالإعلام الوطني    تكييف القوانين مع أهداف الاستراتيجية الوطنية    تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الإفريقي للصناعة الصيدلانية    الجزائر تستعد لاحتضان أول مؤتمر وزاري إفريقي حول الصناعة الصيدلانية    افتتاح الطبعة ال25 لمهرجان الموسيقى الأوروبية بالجزائر العاصمة    تفكيك شبكة إجرامية دولية وحجز أكثر من واحد وخمسين كيلوغراما من الكيف المعالج بتلمسان    صناعة صيدلانية: تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الوزاري الافريقي المرتقب نوفمبر المقبل بالجزائر    إشادة بمناقب مجاهد الثورة الجزائرية ومناضل القضية الفلسطينية    يوم عاشوراء يوم السادس جويلية القادم    اليونسكو تنشر القائمة الإرشادية للتراث العالمي للجزائر    غرة شهر محرم 1447هجري ستكون يوم الجمعة 27 جوان 2025    حلّ المركز الوطني للصناعة السينماتوغرافية    تسليم أولى تراخيص تنظيم نشاط العمرة للموسم الجديد    الجزائر-موريتانيا: فرق طبية من البلدين تجري عمليات لزرع الكلى بالجزائر العاصمة    احذروا الغفلة عن محاسبة النفس والتسويف في التوبة    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب اللا منتصر واللا مهزوم والمستقبل الغامض للشرق الأوسط
نشر في أخبار اليوم يوم 28 - 06 - 2025


بقلم: إبراهيم نوار
تعمل الولايات المتحدة وقطر على إدارة مفاوضات ذكية خلف أبواب مغلقة بهدف وقف الحرب الإسرائيلية – الإيرانية التي تهدد المنطقة كلها بحرب طويلة الأمد ذات آثار انتشارية سلبية على العالم كله.
ونجحت الدولتان في إدارة مفاوضات ذكية خلف أبواب مغلقة انتهت إلى وقف الحرب الإسرائيلية – الايرانية التي كانت تهدد المنطقة كلها بحرب طويلة الأمد ذات آثار انتشارية سلبية على العالم كله.
قطر التي لا تزال تحتضن قيادة حماس وتتمتع بعلاقات دافئة مع إيران وخطوط اتصال مفتوحة مع إسرائيل أثبتت أنها تتمتع بمهارات دبلوماسية رفيعة المستوى وحكمة في إدارة دفة الأمور بعيدا عن إصدار البيانات أو شن الحملات الإعلامية الصاخبة أو السكوت المهين. إيران لم تخرج من الحرب منتصرة ولا مهزومة لكنها أثبت بقدرات عسكرية محلية أنها تستطيع إلحاق الأذى بإسرائيل وان تخترق منظومات دفاعها الجوي التي كانت تتباهى بها أمام العالم كله. إسرائيل التي بدأت الحرب ضد إيران عجزت عن إنهائها وفشلت في تدمير البرنامج النووي الإيراني وبرامج الصواريخ والطائرات المسيرة. كما فشلت في إثارة فوضى داخلية في إيران تنتهي بإسقاط نظامها السياسي واضطرت الى طلب التدخل الأمريكي. النتيجة الكبرى التي أسفر عنها اتفاق وقف الحرب والعودة للمفاوضات هي السماح للقوة الأمريكية بأن تستمر في لعب دور استراتيجي حاسم في إعادة هيكلة التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط وضمان بقاء اسرائيل في المنطقة وتوسيع نطاق التطبيع بما في ذلك مع سورية والسعودية وباكستان وإندونيسيا إضافة الى زيادة قدرتها على بناء تحالفات وتحييد أدوار أطراف أخرى من داخل المنطقة وخارجها. ومع ذلك فإن تقييم نتائج وقف الحرب يعتمد أساسا على رسم خريطة للسلام الإقليمي تحقق للفلسطينيين إقامة دولتهم وتزيل احتلال إسرائيل لأرضهم وتنهي الى غير رجعة أيضا احتلال إسرائيل لأراض في لبنان وسورية. وفي كل الأحوال فإن الوضع في غزة يشكل عامل ضغط سياسي محلي على حكومة نتنياهو لا يمكن تجاهله للتوصل الى اتفاق ينهي الحرب ويسمح بتبادل الأسرى والمحتجزين
نتائج الحروب لا تقاس بحجم ونوعية الدمار العسكري والمدني البشري والمادي الذي ألحقه طرف بالطرف الآخر وإنما تقاس بالوضع النهائي الذي أسفرت عنه الحرب من حيث تحقيق الأهداف السياسية لها وتغيير التوازن بين الطرفين المتحاربين عما كان عليه قبلها.
*نتائج الحروب لا تقاس بحجم ونوعية الدمار
ونظرا لأن الحرب الإسرائيلية- الإيرانية ليست صراعا قائما بذاته بين الطرفين المتحاربين فإن تقييم نتائجها حتى الآن يتطلب تفكيك قضايا الصراع المتداخلة وإعادة تشبيكها والإطلال على التغيرات التي حدثت خلال الفترة منذ بدأت عملية الأسد الصاعد الإسرائيلية والرد الإيراني عليها بعملية الوعد الصادق-3 . وإذا كان من الصعب تقدير قيمة الأضرار المادية والبشرية والعسكرية والمدنية فإنها يصعب أكثر من ذلك قياس التغيرات التي تركتها الحرب على القوة النسبية بين الطرفين ونطاق اتساع أو ضيق هامش القدرة على العودة للحرب وإعادة بناء القوة وبناء التحالفات الإقليمية والدولية والأهم من ذلك في المدى القصير هو مدى قدرة كل منهما على الإسراع بإزالة آثار الحرب وإعادة الأمان إلى قلوب المواطنين. القيادة الإسرائيلية تواجه أزمة أمام سكانها الذين شردتهم الهجمات الإيرانية تماما كما شردت حرب إسرائيل سكان غزة.
*خليط من النجاح والإخفاق
وقف الحرب على أساس عودة إيران إلى طاولة المفاوضات يعيدنا إلى ما كان عليه الوضع قبل 13 جوان المتحدة وإيران في 15 من الشهر نفسه. صحيح أنه كانت هناك خلافات بين الطرفين لكن هذه هي طبيعة المفاوضات.
ومن المعروف أن ترامب كان قد وجه تحذيرا مبطنا إلى نتنياهو من محاولة إفساد المفاوضات التي تهدف للتوصل الى اتفاق نووي جديد مع إيران لا يمكنها بمقتضاه صناعة سلاح نووي. لكن ذلك لم يمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي من بدء عملية عسكرية بكل ما يملك من قوة ضد إيران على أمل توريط الولايات المتحدة في الحرب. الآن وبعد إعلان الاتفاق على وقف الحرب تعود عناصر المشهد الى ما كانت عليه من الناحية الاستراتيجية قبل 13 جوان.
وسوف ترسم المفاوضات وليس الحرب ملامح الوضع الجديد في الشرق الأوسط بما في ذلك دور كل من اسرائيل وإيران على النطاق الإقليمي.
وليس هناك شك في أن الولايات المتحدة وليس إسرائيل أو إيران هي الطرف الرابح من الحرب. ذلك أنها أوقف حربا لم تبدأها علما منها بأن أيا من الطرفين لن يستطيع إنهاءها بمفرده. وسوف تعود الولايات المتحدة الى مائدة المفاوضات التي حاول نتنياهو نسفها وذلك على الرغم من أنها في 22 من الشهر الحالي أصبحت هي نفسها طرفا في الحرب الى جانب تل أبيب ضد طهران. ولا يستطيع نتنياهو الادعاء بأنه انتصر في الحرب لأن ترامب سينظر إليه ساخرا.
كما أن القيادة السياسية للنظام في طهران لا تستطيع ايضا ادعاء النصر لأنها لم تتمكن من حماية أجوائها وقواتها ومواطنيها بل وفشلت في المحافظة على أرواح كوكبة من رموزها من العسكريين وعلماء الذرة في اليوم الأول للمواجهة. الآن تعود طاحونة المفاوضات الى الدوران وتعود كل صراعات الشرق الاوسط التي فجرت الحرب الى المربع الأول مع بعض التغيرات الكمية وليس الكيفية في التوازنات النسبية بين الأطراف. ويجب القول بأن فشل الحسم العسكري مع حدوث بعض التغيرات الكمية في التوازنات قد يغري كل من الطرفين بالعودة الى الحرب مرة أخرى. هذا من شأنه أن يفتح الباب لاستمرار دور نشط للولايات المتحدة في الشرق الأوسط لكنه هذه المرة يحدث بقبول جميع الأطراف بما فيها إيران وإسرائيل والدول العربية وتركيا.
وإذا كان توقف الحرب يلبي حاجة مهمة لإيران في إعادة بناء قوتها عسكريا وعلميا واقتصاديا وإعادة الشعور بالأمان إلى مواطنيها إلا أنه حرمها من تحويل الصراع إلى حرب استنزاف طويلة المدى لا تقدر عليها اسرائيل التي اعتمدت تاريخيا على تحقيق انتصارات عسكرية على الدول المجاورة في حروب خاطفة قصيرة الأجل. ولدى إيران كل مقومات الصمود في حرب استنزاف طويلة الأجل ضد إسرائيل بدءا من عقيدة المحافظة على النفس التي تمثل المقصد الأول من مقاصد الشريعة الإسلامية الى خبرتها التاريخية في مواجهة خصومها مثلما حدث خلال حرب الثماني سنوات مع عراق صدام حسين. ومع أن قوة إيران بعد توقف الحرب أصبحت أقل بكثير عما كانت عليه قبلها فإنها لا تزال تحتفظ ببرنامجها النووي وبرامجها العسكرية في إنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة كما أن النظام السياسي لا يزال قائما وإن أصبح في حاجة الى موجة من التجديد الشامل بحكم أن إيران فقدت عددا من قياداتها خلال الحرب إضافة الى أن مسألة خلافة المرشد الأعلى ستصبح أكثر إلحاحا نظرا لكبر سنه. ولا أظن أن السلوك السياسي الإيراني الإقليمي سيعود إلى ما كان عليه قبل 13 جوان سواء تجاه اسرائيل أو مع حلفائه الإقليميين لأن ذلك سيكون مثار سخرية في الشارع الإيراني. كما أن السلوك السياسي للنظام تجاه مواطنيه من المرجح أن يصبح أكثر مرونة عن ذي قبل ما يفتح الباب لتغييرات ديمقراطية هادئة بمحركات سياسية محلية منضبطة بعيدا عن أي تدخل أجنبي.
لقد كشفت الحرب الضعف المهين لسلاح الدفاع الجوي الإيراني. وإذا كان هناك درس عسكري يجب أن تتعلمه إيران من الحرب فهو أن سلاح الدفاع الجوي كان كعب أخيل الذي ساعد إسرائيل على فرض سيادتها على السماء الإيرانية. كما كشفت الحرب ضعف أجهزة المخابرات في مكافحة التغلغل الإسرائيلي الذي وصل الى حد النجاح في بناء قواعد لوجستية تستطيع التحرك وتوجيه ضربات من داخل إيران تشمل اغتيالات لقيادات علمية وعمليات تخريبية لمنشآت ومرافق اقتصادية. كما أن الحرب وإن لم تكن قد أدت الى تدمير برنامج إيران النووي فإنها تركته ضعيفا ويحتاج الى سنوات طويلة للعودة إلى ما كان عليه.
*إسرائيل مجرد محمية أمريكية
في الحسابات النهائية اعترف نتنياهو بأن إسرائيل لا تستطيع وحدها إنهاء الحرب وأنها تحتاج للولايات المتحدة في ذلك. وأثبتت الحرب عدم قدرة اسرائيل على الدفاع عن نفسها من دون مظلة حماية أمريكية تلعب دورا مزدوجا دفاعيا وهجوميا. كما أثبتت عدم قدرتها على تحمل حرب استنزاف طويلة الأجل باعتراف نتنياهو نفسه حيث قال في كلمة مسجلة يوم 22 من الشهر الحالي أنه سيتجنب أن تتحول المواجهة مع إيران إلى حرب استنزاف. ومع ذلك فإن الحرب تتوقف وقد احتفظت إسرائيل بقدرتها على الردع العسكري المطلق على المستوى الإقليمي من خلال استمرار التفوق العسكري النوعي على الدول المجاورة واحتفاظها بالردع النووي الذي تمتلكه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.