تواصل حكومة المخزن وخاصة في سلكي الصحة والتعليم انتهاج سياسة الالتفاف حول "المكتسبات" والمضي دون حلحلة الملفات العالقة التي أخرجت طبقة العمال إلى الشارع عدة مرات، في وضع أدى إلى تنامي غضب التنسيقيات والنقابات التي دقت ناقوس الخطر ودعت إلى وقفات إنذارية. ولم تفلح تطمينات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في حكومة المخزن بشأن "استمرار صرف أجور مهنيي القطاع من الميزانية العامة للدولة" في تهدئة مخاوف عمال الصحة الذين أعلنوا، أمس، عن تنظيم وقفات بمختلف مواقع العمل احتجاجا على ما وصفته ب"الغموض المقلق" الذي يكتنف مستقبل مركزية الأجور ووضعية الموظف العمومي في ظل القوانين الجديدة للمنظومة الصحية. وجاء هذا التصعيد الذي دعت إليه الجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل بالتزامن مع مناقشة مشروع الميزانية الفرعية للوزارة الوصية لسنة 2026 داخل البرلمان، حيث اعتبرت النقابة أن التوضيحات الحكومية الأخيرة "زادت الغموض بدل أن ترفعه" عقب إدراج أجور مهنيي الصحة في فصل "المعدات والنفقات المختلفة" ضمن وثيقة الميزانية في خطوة تراها الجامعة "غير بريئة وقد تمهد لتفكيك مبدأ مركزية الأجور". ورفض عمال الصحة "أي مساس بمكتسباتهم القانونية والمادية" وعلى رأسها صرف الأجور مباشرة من الميزانية العامة للدولة مشددين على أن الحفاظ على صفة الموظف العمومي ومركزية الأجور يشكلان "ضمانة أساسية للاستقرار المهني والاجتماعي داخل القطاع". وفي نفس القطاع، أثارت عضو بفريق التقدّم والاشتراكية بمجلس النواب قضية تأخر تعيين طلبة كليات الطب الذين أنهوا سنتهم السادسة بنجاح وينتظرون الالتحاق بمراكز التدريب الداخلي للسنة السابعة، معتبرة أن استمرار هذا الوضع "غير مبرر" وأنه يعكس حالة "انسداد" داخل مصالح وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في حكومة المخزن. وفي سؤال كتابي موجّه إلى وزير القطاع، لفتت النظر إلى أن عددا كبيرا من الطلبة يعيشون وضعية صعبة بعدما اضطروا للتنقل إلى العاصمة الرباط من مختلف المدن قصد القيام بالإجراءات الإدارية المتعلقة بتعيينهم، ليتفاجؤوا بعدم تجاوب المصالح المعنية معهم، متلقين تبريرات غامضة بوجود معارضة دون تحديد أسبابه أو المدة المتوقعة لحله. وهو ما تسبب، وفق النائب، في حالة من القلق والارتباك في صفوف الطلبة وأسرهم وزاد من معاناتهم المادية والمعنوية أمام هذا الوضع الذي يسيء إلى مصداقية تدبير القطاع الصحي الذي يعرف نقصا كبيرا في الموارد البشرية ويحتاج إلى تعزيز فوري بطلبة الطب المتدربين. أما في قطاع التربية، وبعد مرور أربع سنوات على تنظيم مسابقة توظيف أساتذة التعليم العالي المساعدين، لا يزال ملف النتائج النهائية يراوح مكانه داخل دهاليز الوزارة، الأمر الذي دفع التنسيقية الوطنية للدكاترة المتضررين إلى تجديد دق ناقوس الخطر والمطالبة بالإفراج الفوري عن النتائج المتبقية وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح المعنيين. وأكدت التنسيقية التي خاضت سلسلة من الوقفات وأصدرت عديد البيانات خلال السنوات الأخيرة أن استمرار "احتجاز النتائج" يمثل "خرقا واضحا لمبدأ سيادة القانون والمساواة أمامه". يذكر أن الملف الذي تعود جذوره إلى دورة جوان 2021، شهد خلال السنوات الماضية سجالا واسعا بين الوزارة الوصية والدكاترة بعد صدور أحكام قضائية متتالية لصالح المعنيين تقضي بوجوب إعلان النتائج "كما هي مدونة في محاضر اللجان العلمية" دون أي تدخل لاحق، إلا أن التنفيذ ظل حبيس المراسلات المتبادلة والتأويلات الإدارية في وقت تعتبر فيه التنسيقية أن "السكوت الرسمي" إشارة إلى غياب الإرادة السياسية لإنهاء هذا النزاع المستمر.