تحيي المعمورة بتاريخ 20 نوفمبر من سنة اليوم العالمي للطفولة الذي يعود هذه المرة محملا بكثير من المشاهد التي خلّفتها الحرب على الفلسطينيين من قبل العدو الصهيوني، لتقف وقفة لمراجعة بعض الحسابات تجاه هذه الفئة الهشة التي تدفع فاتورة لا صلة لها بها، في حين تعمل عدة حكومات على إعطاء طفولتها بعض المكاسب التي يُعد توفرها حتمية في بلدان أخرى. وقد خطت الجزائر في هذا المسعى خطوات كبيرة، تجسدت في ترسانة القوانين والتشريعات التي تحمي الأطفال من مختلف أشكال التعدي على حقوقهم المشروعة والراسخة في دستور البلاد. وبالمناسبة، حاولت "المساء" في هذا الملف أن تبرز جانبا من الجهود المبذولة، ودور الإعلام في ترقية وحماية جيل الغد. البروفيسور مصطفى خياطي رئيس مؤسسة "فورام": قانون شامل للطفولة كفيل بتعزيز منظومة الحماية يعود الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الطفل المصادف ل20 نوفمبر من كل سنة، والجزائر تعيش مكاسب قانونية هامة أصبح يتمتع بها الطفل وينعم بها؛ ما عزّز سبل حمايته. وحسب البروفيسور مصطفى خياطي رئيس المؤسسة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث "فورام"، فإن المؤسسة بعدما كانت تقوم ببرمجة العديد من الأنشطة الخاصة بالطفولة بصورة منفردة، أصبحت، اليوم، بفضل الهيئة الوطنية لحماية وترقية حقوق الطفل. وهي الهيئة الرسمية التي تمثل الطفولة، تعمل معها، وتنسق لتعزيز منظومة حماية حقوق الطفل. أكد خياطي أن حقوق الطفل في الجزائر، تعيش، اليوم، نوعاً من الانتعاش؛ إذ نجد قانون 2015 لحماية الطفولة، إضافة إلى تعديلات هامة في مجال القانون الجزائي، تخص كل ما يتعلق باختطاف الأطفال، والجرائم الإلكترونية. حيث تم تشديد العقوبات بما في ذلك إعادة النظر في القانون الخاص بمحاربة المخدرات في ما يخص الأحداث، وطريقة التعامل معهم. غير أن ما يعاب على هذه الرزنامة المتنوعة من القوانين، أنها كثيرة، ومتفرقة؛ ما يدعونا ونحن نحيي اليوم العالمي لحقوق الطفل، إلى تجديد مطلب إصدار قانون شامل للطفولة، يجمع كل هذه القوانين، ويرتبها في نص واحد.وأشار خياطي إلى أن قانون الطفولة لسنة 2015، يشمل، فقط، 102 بند تتعلق بالأطفال الجانحين، وكيفية التعامل معهم، وكل ما يخص الجوانب الإجرائية، في حين نجد غياباً لكل ما يتعلق بمشاكل الطفولة الأخرى؛ مثل الانتحار، وتربية الأطفال. كما لفت إلى أن بعض الحقوق التي كرسها الدستور تبدو عامة، وبحاجة إلى توضيح أكثر، وهو ما لا يتحقق، حسبه، إلا باستحداث قانون مستقل، يتناول كل ما يتعلق بالطفولة بشكل مفصل، وواضح. وفي السياق ذاته، أكد البروفيسور خياطي أن أطفال الجزائر ينعمون بالعيش في مجتمع يكفل لهم التمتع بكل حقوقهم، خاصة بعد تعزيز منظومة الحماية بهيئة خاصة، غير أن ما يعاب على هذه الهيئة هو افتقارها إلى الإمكانيات، التي تجعلها قادرة على تعميم أدائها تجاه جميع أطفال الجزائر، داعيا إلى إنشاء فروع للهيئة على مستوى بعض الولايات لتقريب خدماتها من الأطفال، ولافتاً إلى أنه على الرغم من امتلاك الهيئة شركاء ميدانيين وإطلاقها العديد من الخدمات التي تسمح للأطفال وذويهم بالتواصل معها، مثل الخط الأخضر 11/11، إلا أن هذا الأخير يبقى فعالاً بالولايات الكبرى والعاصمة، بينما يجد الأطفال خارج المدن الكبرى، صعوبة في استخدامه للتبليغ، وبالتالي يضيف البروفيسور خياطي: « نأمل تأسيس فروع للهيئة عبر عدد من الولايات؛ لضمان تغطية وطنية كاملة في مجال حماية حقوق الطفل". وفي حديثه عن أهم الحقوق التي لايزال الطفل الجزائري رغم إقرارها، لا يستفيد منها بشكل كامل، أوضح البروفيسور خياطي أن القوانين موجودة، لكنها غير واضحة. وأكد أن أفضل مثال هو صحة الطفل؛ حيث لا يتم استقبال الطفل البالغ من العمر 16 سنة على مستوى مصالح طب الأطفال رغم أن القانون الجزائري يعرّف الطفل بأنه كل من هو دون 18 سنة. واعتبر أن هذه نقطة تستوجب التوضيح. أما النقطة الثانية التي شدد عليها فترتبط بمجال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث سبق لمؤسسة "فوروم" أن أصدرت كتاباً حولها سنة 2007. وأوضح خياطي أنه رغم وجود وحدات للشرطة والدرك متخصصة في الجرائم الإلكترونية، إلا أن الأمر يتطلب اتخاذ قرارات صارمة، تتعلق بحظر بعض المواقع، على غرار "تيك توك" الذي يُعد، حسبه، أكبر مجال للانحراف بالنظر إلى طبيعة المحتوى المعروض فيه، على غرار ما هو معمول به في عدة دول. وأضاف أن الكم الهائل من الصور والمحتوى المتداول يجعل من الصعب تصفيته، وبالتالي فإن "حظره نهائياً يبقى الخيار الأمثل"، على حد تعبيره؛ لتوسيع منظومة حماية الطفولة في الجزائر. ميترو الجزائر فضاء للتوعية بجهود الدولة.. مريم شرفي: مخطط عمل وطني للطفولة وخلية يقظة لتعزيز الحماية اختارت الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة هذه السنة، للاحتفال باليوم العالمي لحقوق الطفل، المصادف ل 20 نوفمبر من كل سنة، ميترو الجزائر ليكون فضاء استثنائيا للاحتفالية بالنظر إلى العدد الكبير من المسافرين الذي يستقطب يوميا، أكثر من 150 ألف مسافر؛ بهدف التعريف بحقوق الطفل، والمجهودات الوطنية للدولة الجزائرية المبذولة لترقية وتعزيز منظومة حماية الطفولة. كما خصصت الهيئة قطارا للأطفال، يضم فضاءات للتوعية، والتذكير بحقوق الطفل، وآليات حمايته، والتي يُنتظر أن تتعزز قبل نهاية السنة أيضا، بالإفراج عن مخطط العمل الوطني للطفولة، وخلية اليقظة. أكدت المفوضة الوطنية لحماية الطفولة مريم شرفي رئيسة الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، في تصريح ل«المساء"، أن الجزائر على غرار باقي دول العالم، تحيي هذا اليوم الذي يوافق تاريخ اعتماد الأممالمتحدة للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة في 20 نوفمبر 1989. وهي الاتفاقية التي كانت الجزائر من أوائل الدول التي صادقت عليها في 19 ديسمبر 1992. وأضافت شرفي أن ما يتعلق بالحماية القانونية للطفل في الجزائر، يستوجب التذكير في كل مناسبة بثراء الترسانة القانونية التي وضعتها الدولة، والتي تُعد حماية الطفولة ضمن أولويات رئيس الجمهورية، خاصة أن عدد الأطفال في الجزائر كبير، والاهتمام بهم يعني الاهتمام بمستقبل الوطن. وأشارت إلى أن أعلى منظومة قانونية في البلاد، وهي الدستور، قد كرست حقوق الطفل في عدة مجالات، على غرار التعليم، والصحة، والشغل، بالإضافة إلى دسترة مبدأ المصلحة العليا للطفل في المادة 71 من الدستور الجزائري. كما عزز قانون حماية الطفل منظومة الحماية من خلال تناوله جميع الحقوق المتعلقة بالأطفال في خطر، والأطفال الجانحين. وأبرزت المفوضة الوطنية أن من أكبر المكاسب المحققة في مجال حماية الطفولة، إنشاء الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، التي تعمل باستمرار على مواكبة المستجدات، وتعزيز الآليات الوطنية. وفي هذا الإطار، أشارت المفوضة شرفي إلى نقطتين هامتين تعمل عليهما الهيئة حاليا: مخطط العمل الوطني للطفولة 2025 – 2030؛ حيث عملت لجنة وطنية تضم مختصين من مختلف القطاعات الوزارية، والأسلاك الأمنية، وفعاليات المجتمع المدني، والأساتذة، وحتى الأطفال أنفسهم في إطار سياسة إشراك الطفل على إعداد مخطط العمل الوطني للطفولة 2025 – 2030. وانتهت اللجنة من إعداد الوثيقة في انتظار استكمال المراحل الأخيرة قبل عرضها على الحكومة؛ لاعتمادها كمخطط عمل وطني يحدد السياسة الشاملة المتعلقة بالطفولة من حيث الرعاية والحماية والمرافقة، وذلك للفترة الممتدة من نهاية 2025 إلى غاية 2030. وخلية اليقظة السيبرانية لحماية الأطفال من مخاطر العالم الرقمي، والذي يتعلق بخلية اليقظة السيبرانية، حيث تم الانتهاء من إعداد الأساس القانوني الخاص بها، في انتظار تعديل المرسوم التنفيذي 16/334 الذي ينص على إنشائها. وستكون هذه الخلية إضافة نوعية في مجال حماية الأطفال من مختلف الأخطار التي تهددهم عبر وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة. وتتكون الخلية، حسب المفوضة شرفي، من مختصين في سلك الأمن، وأخصائيين نفسانيين واجتماعيين، وخبراء في التكنولوجيا يعملون على مدار 24 ساعة. وتتمثل مهامها في اليقظة، ورصد جميع المحتويات الموجهة للأطفال، والتدخل عند وجود أي محتوى يمس سلامتهم أو يؤثر في نموهم، بما يشمل كل ما يتعلق بالعالم الرقمي، كل هذا تختم يدخل في إطار السياسة الرامية إلى تعزيز منظومة حماية الطفولة.