ينتظر أن يوجه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون اليوم، خطابا للأمة أمام نواب البرلمان بغرفتيه بقصر الأمم، وذلك في لقاء يعد الثالث من نوعه، في إطار تقليد دستوري يترجم التزام الرئيس بالتواصل مع ممثلي الشعب بالبرلمان وتقديم حوصلة شاملة حول الوضع العام في البلاد، موازاة مع تجديد العهد مع الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة، باعتبار أن المواطن فوق كل اعتبار. يلتقي الرئيس تبون بممثلي الشعب على بعد ساعات من حلول العام الجديد لتقييم المشاريع الكبرى والإنجازات المحققة طيلة سنة كاملة على جميع المستويات، خاصة ما تعلق باستكمال الورشات السياسية، الاقتصادية والاجتماعية والآفاق المنتظرة، على ضوء قانون المالية الموقع مؤخرا والذي يتوخى منه استكمال الخيارات الاستراتيجية التي أرساها رئيس الجمهورية في برنامجه الرئاسي. ويتزامن هذا الخطاب الهام الذي يعتبره رئيس الجمهورية منهجا جديدا لإدارة الشأن العام وتكريسا للحكم الراشد، مع جملة القرارات التي أقرها أول أمس خلال اجتماع مجلس الوزراء والتي تتعلق بالمصادقة على مشروع القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية ومراجعة تعديلات قانون الانتخابات، في حين قرر تأجيل التعديل التقني للدستور من أجل تعميق الدراسة فيه. ومن المنتظر أن يتطرق الرئيس تبون المناسبة إلى الحوار الوطني الذي يعد مطلبا أساسيا لكافة التشكيلات السياسية، حيث سبق أن أكد انعقاده إما مع نهاية السنة الجارية أو بداية العام المقبل 2026، قصد فسح المجال أمام الأحزاب لإجراء نقاش وطني عام حول الوضع العام للبلاد والرهانات الإقليمية وإفرازاتها على الأمن القومي. واستكمالا للورشات السياسية والعمل على تكييفها مع معطيات الشأن الداخلي للبلاد، ينتظر أن يتناول الرئيس تبون في خطابه قانون الأحزاب بهدف مراجعته، عبر إشراك التشكيلات الوطنية في إعداده، لجعله أكثر انسجاما مع الواقع السياسي للبلاد خاصة مع قرب الاستحقاقات الانتخابية. كما يرتقب في الشأن الاقتصادي استعراض سلسلة المشاريع الكبرى التي أطلقت في سياق تجسيد السيادة الاقتصادية للبلاد وأحقية استغلال الثروات الوطنية، على غرار ميناء وهران الذي من المرتقب أن يستقبل أولى شحنات حديد غارا جبيلات بداية من العام الداخل، فضلا عن مشاريع السكك الحديدية الضخمة التي تربطُ الجنوب بالشمال أبرزها خط غارا جبيلات - بشار لاستغلال الحديد، في انتظار إطلاق الخط الربط بين مناجم الفوسفات في الحدبة(تبسة) بميناء عنابة. ومن المنتظر أن يتطرق رئيس الجمهورية أيضا للتأكيد على مواصلة البرامج الكبرى التي لها علاقة بالواقع المعيشي للمواطنين، على غرار حل أزمة المياه، فبعد إشرافه على تشغيل 5 محطات لتحلية مياه البحر خلال 2025، وافق اجتماع مجلس الوزراء المنعقد شهر أكتوبر الماضي على توطين 3 محطات جديدة في ولايات الشلف، مستغانم وتلمسان، بقدرة إنتاجية ب300 ألف م3 من الماء الشروب يوميا لكل محطة. وبفضل هذا البرنامج، ستكون الجزائر الأولى إفريقيا والثانية عربيا بعد المملكة العربية السعودية، في مجال قدرات إنتاج محطات تحلية مياه البحر، بطاقة إجمالية تقدر ب 3.7 مليون متر مكعب يوميا. وإلى جانب قطاعات السكن، الصحة والتعليم التي تأخذ حيزا هاما من برنامج رئيس الجمهورية، يرتقب أن يتضمن الخطاب تقييما شاملا للإنجازات المحققة في الشق الاجتماعي، فضلا عن الإجراءات الهامة التي ستدخل مع بداية العام الجديد والتي من شأنها الحفاظ على كرامة المواطنين، على غرار ملف رفع الأجور الذي يكاد أن يكون تقليدا سنويا منذ مجيء الرئيس تبون إلى سدة الحكم. ولن تكون السياسة الخارجية للبلاد غائبة في خطاب رئيس الجمهورية، خاصة تلك التي تتصدر أولويات العمل الدبلوماسي للجزائر، مثل القضية الفلسطينية وقضية الصحراء الغربية وكذا تقييم العهدة المنتهية لبلادنا كعضو غير دائم بمجلس الأمن الأممي.