تعتبر فرقة ديوان قناوة التي يرأسها محمد بحاز، المدير الفني للفرقة من الفرق القناوية الرائدة التي اختارت تقديم القناوي في حلته التقليدية وبموسيقاه القادمة من أعماق إفريقيا، إلى جانب الحضور الخاص الذي تسجله الفرقة على المسارح من خلال اللوك الخاص لعمي محمد الذي يقف عاري الصدر، مكبل القدمين، في صورة واضحة للعبودية، ومعاناة الرجل الأسود قبل مجيء الإسلام، وحول أعمال الفرقة وطموحاتها وآمالها وأمور أخرى، تحدث إلينا عمي محمد. المساء: ماذا يمثل بالنسبة لك القناوي؟ محمد بحاز: القناوة تقليد جاء في تراثنا وهو إفريقي الأصول، لقد اخترت القناوي وعمري7 سنوات، كَوْني من أب أسود وأم بيضاء، كنت أقطن في الدويرة وكانت توجد أمام بيتنا زاوية تقام فيها طقوس قناوية، كنت أتعلم منها فنون القرقابو لدرجة أنني صنعت أول آلة خاصة بي من علب ماكلة الهلال، وكانت والدتي وقتها تضربني وتمنعني من تعلم الموسيقى القناوية، وكنت أرد دائما، لماذا تزوجت إذا من رجل أسود؟ علما أن جدتي تعزف على القمبري، وعمتي على الطبل، أولادي أيضا علمتهم ذلك، وهم أعضاء فرقة الديوان؛ فابنتي تضرب على الطبل وولدي على القرقابو. - في نظرك كيف يمكن النهوض بالقناوي؟ * تنقصنا المهرجانات والأبحاث إذ يجب أن نقوم بالأبحاث اللازمة فيما يخص النصوص، ويجب أيضا معرفة ماذا نقول، فحتى الوقت الراهن، مازال الكثيرون يغنون ما سمعوا وهناك من يغني ما لا يفهم، للأسف، ليس لدينا محافظات بحث لترجمة النصوص القناوية التي يمكن من خلالها إعطاء الشباب فرصة لمعرفة القناوي على قواعد صحيحة. - ما هي الرسالة التي توصلها للشباب عشاق القناوي؟ * رجاء، أستسمحكم بالقول أنني مستاء من هؤلاء الشباب كونهم لا يفهمون معنى القناوى، فهذا الفن ليس معناه حمل آلة القمبري والعزف عليها فقط، وأود إيضاح أمر هام؛ فالشباب يخلطون بين بوب مارلي والقناوة، فلكل خاصيته، فبوب مارلي معروف بعشقه للمخدرات، وهناك من يظن أن محاكاة القمبري لا تتم إلا بعد تناول المسكرات أو المخدرات، فأنا لا أتناول أي نوع من السموم وأهيم مع القمبري على المنصة، هناك شبان يقصدونني لأبيع لهم القمبري والطبل، وأول سؤال أطرحه عليهم: هل تدخن؟ فإذا قال لي نعم لا أبيعه شيئا، كوني لا أحب المشاركة في إفساد الأخلاق والفهم الخاطئ للأشياء، فالقمبري فن ودراسة قبل كل شيء، وأنصح الشباب بالسير في الطريق المستقيم. - وماذا عن مشاركتكم داخل وخارج الوطن؟ * بالفعل، لقد سجلنا عدة مشاركات داخل وخارج الوطن في كل من بلغاريا، المغرب، تونس، النمسا، وفي سنة ,2003 اتجهنا إلى باريس في إطار فعاليات السنة الجزائرية بفرنسا، وكذا مهرجان فيلم أرميننا وفيلم مارسيليا وكنت في مهرجان العيساوة بقسنطينة، وهو مهرجان عربي شاركت فيه كل من تونس والمغرب إلى جانب المشاركة في مهرجان تيزي وزو، وكذا في إطار فعاليات تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، ديوان بشار، كما نظمت -مؤخرا- مهرجان قناوة في البليدة لمدة 3 أيام واتصلت ببعض الفرق من بشار، قسنطينة، بلعباس، وهران، المحمدية، وأنا بصدد متابعة التراث القناوي. - خلال رحلاتك داخل وخارج الوطن، ما هو الأمر الذي شد انتباهك؟ * لاحظت أن في منطقة القبائل الجزائرية، أحسنُ نساءِ الدنيا يتواجدن في الدشور، ولا أقصد الجمال الفزيولوجي المعروف، بل العمل والقدرة على التحمل، فالمرأة القبائلية تتنقل لإفراغ المزبلة على بعد 3 كلم من مقر إقامتها، أو تذهب للاحتطاب في غياب الغاز، فهن يعملن بجهد وكد، كما تهتم المرأة بكل شؤون البيت عند ذهاب الزوج للعمل. - هل أنت مع فكرة تحديث موسيقى القناوة أم الإبقاء عليها بصبغتها التقليدية؟ * أنا مع فكرة البحث والتجديد لأننا نفتقد جوهر هذا الفن، كما أن من أصعب الأشياء أن نغني ما لا نفهم، حيث لا نذهب بعيدا، ويجب الحصول على الجوهر، لقد طرحت الكثير من الأسئلة وشاركت في مهرجان بشار وطلبت لجنة بحوث تعمل من أجل إظهار أصل النصوص. - هل يختلف القناوي الجزائري على القناوي في باقي الدول الإفريقية، وإذا كان هناك اختلاف فمن حيث المواضيع أم التوزيع الموسيقي؟ * بالنسبة للقناوي في البلدان الإفريقية، يمكن القول أنه في موطنه وأنهم يقولون ما يفهمون، لكن نحن نغني ونخلط وليست لدينا مادة خام، فالنصوص الموجودة مند 1800 نجهلها، إلا أني ضد فكرة الاعتماد على الآلات الموسيقية الحديثة، رغم وجود القرقابو والطبل، يجب المحافظة على روح التراث القناوي، فهذا سر نجاح الفرق القناوية المغربية. - هل مازلت تعمل بالآلات التقليدية؟ * تحدثت لصديق فرنسي مهتم بالتراث الجزائري، قلت له: أخي أريد أن أجهز فرقة عصرية بالقناوي، فقال لي: إذا خرجت من التقاليد، فستُسحق وتُمحى ولن يبقى لك أي حضور، قمت بحفل بآلات عصرية ولم يكن في المستوى، فعدت إلى الآلات التقليدية. - كيف تقيم المجهود الذي قدمتها الفرقة مند نشأتها سنة 1997؟ * في الواقع، أحيانا نتقدم وأخرى نتراجع بسبب انعدام المتابعة، وأظن أن الفرقة بحاجة لماناجير لتسهيل عملية البرمجة، خاصة أن لدي أسلوبا خاصا في العمل، بحيث نقدم أعمالنا الفنية داخل نهر، وهو أسلوبي الخاص في العمل. - وماذا عن الآلات الموسيقية التي تصنعها؟ * بالنسبة للقمبري أصنعه من جلد الجمل، أما الطبل فأصنعه من جلد الماعز وأمعاء التيس، أحيانا تكون المادة الأولية جاهزة وأحيانا أخرى أحضرها من الصحراء الجزائرية، إنها آلات تقليدية.