أكد الأستاذ موسى بلعرج، أنّ مظاهرات 11 ديسبمر 1960جاءت عقب مظاهرات قام بها معمرون فرنسيون متعاطفون مع شعار ''الجزائر فرنسية''، ضدّ سياسة ديغول. مضيفا أنّ شرارتها الأولى اندلعت في بلوزداد في 10ديسمبر 1960 وبالضبط في الرابعة والنصف بعد الزوال. حينما اعترض فرنسيون طريق شباب جزائريين مباشرة بعد خروجهم من قاعات السينما التي كانت تملأ الناحية... وأضاف السيد بلعرج أثناء مداخلته التي قدمها أول أمس بمركز التسلية العلمية حول مظاهرات 11ديسمبر رفقة المجاهد حسين الطاهر، أن الخلية المدنية لجبهة التحرير الوطني بالعاصمة استغلت الوضع وقامت ليلة قبل الحادث بالتحضير للمظاهرات، حيث نظمت الصفوف وخاطت الأعلام وكتبت الشعارات لتنطلق المظاهرات في 11ديسبمر .1960 وأشار بلعرج إلى أنه عقب الاشتباكات التي حدثت بين الجزائريين والفرنسيين يوما قبل المظاهرات، حدثت اضطرابات في أكثر من منطقة في العاصمة لتنتقل العدوى إلى باقي نواحي البلد يوم 11ديسمبر 1960 وتستمر إلى غاية 16من نفس الشهر، حينما طالب فرحات عباس، المتظاهرين، في خطاب له، بالتحلي بالهدوء. وأكد المتحدث أن مظاهرات 11 ديسبمر كانت عبارة عن انتفاضة شعبية استغلتها الجبهة، علاوة على كونها مظاهرة مضادة لمظاهرة الفرنسيين ضد ديغول، والذين ندموا لاستدعائهم لتدعيم سياسة ''الجزائر فرنسية''. بالمقابل، أشار المحاضر إلى كل الوسائل التي استعملها ديغول ضد الجزائر كالوسائل العسكرية والنفسانية وطلبه التفاوض بدون شروط من الحكومة الجزائرية المؤقتة إلى غاية اقتناعه باستحالة إطالة الاستعمار الفرنسي في الجزائر. أما عن اهتمام الجبهة بضم الشباب إلى صفوفها، فقال موسى أن ديغول قام بإطلاق سراح ثوريين مسجونين إلا أنهم لم يستطيعوا العودة إلى الثورة نظرا للمراقبة اللصيقة التي كانوا يتعرضون لها من سلطات الاحتلال، ففكر مسؤولو الجبهة في حل آخر تمثل في ضم الشباب إلى صفوف الجبهة، مثلما كان عليه الأمر مع المتحدث الذي انخرط في القسم العسكري للتنظيم بالعاصمة وعمره لا يتجاوز 41سنة، ليقوم بالعديد من العمليات ويكون أيضا شاهدا على هذه المظاهرات. من جهته، تحدث المجاهد حسين طاهر عن كل الوسائل الوحشية التي استعملها ديغول لتثبيط عزيمة الثوار والحفاظ على الاستعمار الفرنسي، مثل اعتماده على 700 مظلي في الجزائر العاصمة بقيادة ماسو من ''الأقدام السوداء''، علاوة على تنظيمه عمليات مثل عملية ''جومال''، التي كانت بحق ''جهنما'' على المجاهدين واستشهد إثرها كل أعضاء كتيبة تقريبا ( 110عضو إلا 5 او6 فقط)، كما كادت الولاية الثالثة أن تندثر إثر هذه العمليات العسكرية الشديدة. وأضاف سي الطاهر أن مظاهرات 11 ديسمبر استشهد فيها شباب في عمر الزهور مثل فريد مغلاوي ابن المدنية الذي استشهد وعمره لا يتجاوز 11سنة، أما صليحة وتيقي ابنة بلوزداد فاستشهدت في عمر 12 سنة. مؤكدا في السياق، أن ما حدث في مظاهرات 11ديسمبر 1960 كان بمثابة ''ديان بيان فو'' نفسي للفرنسيين، الذين أدركوا حينها أن وجود فرنسا في الجزائر لن يطول. ونوّه سي الطاهر بالحس الوطني للجزائريين في تلك الفترة، وهم الذين كانوا يرددون مثلا عبارة ''عربي عربي ولو كان الكولونيل بن داود''، إذ التقى نابليون بونابرت حينما زار الجزائر سنة 1855 بطفل اسمه بن داود فقرر أن يدخله المدرسة ليتحول في كبره إلى كولونيل وبعد 40 سنة من الخدمة في الجيش العسكري، تقاعد بن داود وارتدى اللباس التقليدي أمام دهشة الفرنسيين، حيث لم ينس هذا الجزائري أصوله وتقاليد أهله ولو خدم في الجيش الفرنسي أبد الدهر. كما رفض سي طاهر تسمية ما كان يحدث في الجزائر العاصمة ب ''معركة الجزائر''، حيث قال إن المعركة هي التي تحدث بين طرفين يمتلكان تقريبا نفس المعدات، وهو ما لم يكن متوفرا في العاصمة، حيث لم يكن للثوريين بهذه المنطقة معدات توازي ما كان يملكه العدو الفرنسي. واستطرد أن تسمية ''معركة الجزائر'' أطلقها صحفي فرنسي في كتاب نشره.