السفير الجديد لإستونيا يبرز فرص التعاون القائمة بين الجزائر وبلاده    رفع العلم الجزائري في مقر مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الإفريقي    بشار: وضع أربعة قطارات لنقل المسافرين حيز الخدمة على خط بشار- العبادلة - بشار    كرة القدم/ الرابطة الاولى موبيليس (تسوية الرزنامة): تأجيل المباراتين المقبلتين لشباب قسنطينة    إن صالح: رخروخ يعطي إشارة انطلاق أشغال صيانة 25 كلم من الطريق الوطني رقم 1 ببلدية فقارة الزوى    برج بوعريريج: يوم تحسيسي حول السلامة و الصحة المهنية في بيئة العمل    شهر التراث: 15 مشاركا في الملتقى الوطني للخط المغاربي بورقلة    الجوية الجزائرية: إطلاق خطوط مباشرة جديدة إلى وجهات إفريقية وآسيوية خلال الشتاء المقبل    قوجيل يهنئ البطلة الأولمبية كيليا نمور لتألقها في كأس العالم للجمباز بالقاهرة    صناعة صيدلانية: وضع حجر الأساس لمشروع وحدة للعلاج بالخلايا قريبا    حج 2025: تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية ينوه بدور الجزائر في دعم العمل العربي المشترك    الجمباز الفني/كأس العالم: الجزائرية كايليا نمور تحرز فضية الحركات الارضية    البنك الوطني الجزائري يرفع رأسماله الاجتماعي ب100 بالمائة    منظمة حقوقية تدين جريمة هدم الاحتلال المغربي لمساكن المدنيين الصحراويين وتطالب بتحقيق دولي    اللقاء الجهوي الرابع للصحفيين والإعلاميين: ضرورة كسب رهان التحول الرقمي في مجال الإعلام    تكريم أفضل المنصات الرقمية في الجزائر    ورشة تشاورية حول إعداد مدونة المهن البيئية في الجزائر    يوم دراسي للتعريف بمعهد الأدلة الجنائية وعلم الإجرام    ترحيل 182 عائلة متضررة من انزلاق التربة بوهران إلى سكنات جديدة بمسرغين    الجزائر قطعت أشواطا هامّة    درك الوادي يحجز 72 ألف قرص مهلوس    ربيقة: على جيل اليوم التحلي بإرادة رجال نوفمبر    تطبيع الجريمة الإسرائيلية في غزة    مزيان يدعو الإعلام العربي إلى ترقية المضامين    ندوة علمية بالعاصمة حول مخطوط "كتاب القانون في الطب" لابن سينا    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    بوغالي: تاريخ الجزائر مصدر فخر    سونلغاز تؤكّد تقديم كل التسهيلات    محكمة العدل الدولية: انطلاق جلسات لمساءلة الكيان الصهيوني بشأن التزاماته تجاه المنظمات الأممية في فلسطين    وزارة الصحة: لقاء تنسيقي لتقييم أداء القطاع    "الأونروا" تعلن عن نفاد إمداداتها من الطحين في قطاع غزة    متحدث باسم حماس: لا بديل لغزة إلا المسجد الأقصى والتحرير الكامل لفلسطين    عن مسيرة الفنان محمد زينات : العرض الشرفي للوثائقي زينات.. الجزائر والسعادة    لضمان التموين المنتظم للسوق الوطنية.. تسليم وثائق التوطين البنكي لعدد من المستوردين    بداية العد التنازلي لامتحاني "البيام" و"لباك"    رئيس الجمهورية يعزّي عائلات ضحايا حادثة وهران    إلقاء محاضرة حول الأمير عبد القادر    بحث التعاون بين الجزائر والهند في الصناعة الصيدلانية    وفد من اليتيمات المتفوّقات بمقر المجلس الشعبي الوطني    ملف مفصل يُرفع إلى الجهات الوصية    الذكاء الاصطناعي والتراث موضوع أيام تكوينية    وصول باخرتين من الأضاحي المستوردة إلى ميناءي سكيكدة وجن جن    مولودية وهران تتنفس    رئيس تونس يُقدّر الجزائر    انطلاق أشغال الاجتماعات الدورية للمنسقين الإذاعيين والتلفزيونيين ومهندسي الاتصال العرب بالجزائر العاصمة    تطرقنا إلى السيناريوهات العملية لإنتاج النظائر المشعة محليا    ابنة الأسير عبد الله البرغوتي تكشف تفاصيل مروعة    لا حديث للاعبي "السياسي" إلا الفوز    دينو توبمولر يدافع عن شايبي    منتخب المصارعة بخطى التتويج في البطولة الإفريقية    انطلاق الحجز الإلكتروني لغرف فنادق مكة المكرمة    جاهزية تامة لتنظيم موسم حج 2025    الجزائر حاضرة في موعد القاهرة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألف ليلة وليلة
استحضار الهوية العربية
نشر في المساء يوم 03 - 01 - 2012

صدرت مؤخرا عن اتحاد الكتاب العرب دراسة هامة بعنوان ''صورة الشرق الأقصى والعالم في حكايات ألف ليلة وليلة البحرية''، للمؤلف شمس الدين الكيلاني. ويرى المؤلف في المقدمة، أن قصص ألف ليلة وليلة التي سحرت مخيلة القراء تنتمي في نهاية المطاف إلى الأدب العربي الشعبي، على الرغم من أن بعض مؤرخي العرب القدماء والمحدثين أشاروا إلى أصولها الهندية، بينما ذهب آخرون إلى أنها عربية إسلامية ونظروا إليها باستخفاف. وتزخر هذه الليالي بحكايا عن الشرق البعيد اختلط فيها الواقع بالخيال بحكايا التجار والبّحارة، وإذا كانت المواعظ والحكم تغلب على بعض هذه القصص، فذلك لأن هذا مقتبس من الصورة الشائعة عن الهند في ذهن العرب والمسلمين في العصر الوسيط.
في المحور الأول الذي يحمل عنوان ''حكايا في البحر'' في ''ألف ليلة وليلة''، يرى المؤلف أن ''الأدب القصصي'' ظل من اختصاص كاتب الأدب الشعبي ولم يرتفع إلى مصاف ''الأدب الرسمي'' ولم يتم الاعتراف به من قبل النخب المثقفة أو الحاكمة على أنه جنس من الأدب، ورغم ذلك حظي دائماً باهتمام العامة العلني، وباهتمام الخاصة بطرق سرية، فتناقلته العامة على مر القرون عن طريق القصاص أو الحكواتي أو الراوي الشعبي، مثلما جرى مع الليالي وسيرة الزير سالم والتغريبة الهلالية وسيرة سيف بن ذي يزن وسيرة عنترة بن شداد، وقد ظهر له رواة شعبيون وأساليب مبتكرة لنقل هذا الأدب للناس، وامتزج به الشعر بالنثر متخذاً صورة الأدب المسرحي القائم على راو واحد، امتلك مقدرات هائلة على الأداء الصوتي والحركي لخلق الإيحاء المؤثر.
نعثر في الليالي على العديد من الحكايات التي يدخل البحر كعنصر من عناصرها، أو تجري بعض حوادثها في جزر البحر أو شطآنه أو في داخله إلا أنها لا ترتقي إلى مستوى قصص البحر النموذجية.
يضرب المؤلف أمثلة عديدة من حكايات البحر مثل قصة بنت الملك السمندل وحكاية بلوقيا، وكذلك يذكر المؤلف حكايتين طويلتين، هما حكاية قمر الزمان بن الملك شهرماني وتبدأ من الليلة 173 وتنتهي بالليلة ,249 وحكاية سيف الملوك وبديعة الزمان والتي تستغرق روايتها ثماني وستين ليلة من شهرزاد. إلى جانب تلك القصص التي لا يلعب البحر دوراً مركزياً في حوادثها وفي مصير أشخاصها، هناك في ''ألف ليلة وليلة'' العديد الآخر من الحكايات يصنفها المؤلف بين ''قصص البحر''، إذ يحتل البحر موقعاً مؤثراً في حوادثها وفي مصير الشخصيات، وفي مقدمتها قصة الصعلوك الثالث ''الملك العجيب'' وحكاية عبد الله البري، وأيضاً حكاية حسن البصري وحكاية جانشاه، وأخيراً، حكاية السندباد البحري الشهيرة حيث يمتطي الراوي صهوة العجائبي والخارق القائم على مرجعيات عقائدية عديدة.
يبين المؤلف أن حكاية عبد الله البري وعبد الله البحري لا ترتفع إلى المستوى الفني العالمي فحسب؛ بل إلى ما يجعل منها قصة من أقدم القصص الرمزية في آداب العالم، وذلك حين تكشف لنا في ثناياها عن فلسفة دينية عميقة تنمّ عن إيمان عميق بالتوافق بين نشاط الإنسان وعمله والمقادير التي يسوقها الخالق لمصيره.
أما أكبر الحكايات البحرية في الأدب العربي، فهي حكاية السندباد البحري؛ لا بل يمكن اعتبارها من أهم قصص البحر في آداب العالم بأسره وتشترك مع قصتي عبد الله البري وحسن البصري في كونها قصة بحرية مكتملة، أو أنموذجاً متكاملاً للحكاية البحرية، بيد أن البحر في حكاية عبد الله البري والبصري كان وسيلة إلى بسط اعتقاد فلسفي أو ديني، أما البحر في حكاية السندباد فهو الغاية التي تنتهي إليها القصة، ويأخذ البحر مكان بطل قبالة بطل آخر هو السندباد، أو يدخل في حوار معه؛ حوار يتسم بالقسوة والعنف والتحدي أحياناً أو بالاطمئنان والرضى ونداء الكلمات أحياناً أخرى. وقد استثارت هذه الحكاية ومعها حكاية علاء الدين وعلي بابا مخيلة الرجال والنساء الأوروبيين في القرن الثامن عشر والتاسع عشر وتجاوبت مع ميولهم الدنيوية في الإنجاز والمغامرة.
يعرض الراوي هذه الحكاية بكياسة في الأسلوب وبتنويعات الأحاسيس والخيال ودمج الواقعي بالعجيب والمنطقي باللامتوقع، وتنبسط الحكايا سردياً بطريقة تناسب أسلوب الإلقاء التي يعتمدها الراوي و''الحاكي'' الشعبي باتباعه طريقة الاسترسال والتشويق والانتقال من حال إلى حال.
في المحور الثاني، يتحدث المؤلف عن صورة الشرق الأقصى في ألف ليلة وليلة، فقد تعرف العرب إلى الشرق الأقصى مباشرة بواسطة التجارة والترحال إلى أصقاعه وعن طريق معارفهم الجغرافية وتأليفهم التاريخي والأدبي.
أما المفكرون العرب والمسلمون، فقد استندوا في معرفتهم للعالم على رحلاتهم وعلى الأخبار التي استقوها من الجغرافيين الرحالة والأسرى والجواسيس والتجار، كما استفادوا من خبرات الشعوب الأخرى وعلومها المترجمة للعربية، غير أن سعة تلك المعلومات وشمولها اصطدمت بالإطار النظري الذي تصوروا به العالم أو الكرة الأرضية وهو إطار تشكل لديهم تحت تأثير ما اقتبسوه من علوم الهند وفارس أولاً ثم اليونان ثانياً، وأهم تلك النظريات التي تحولت إلى إطار معرفي ضبطوا فيه وأعاقوا انفتاح معرفتهم، هو تقسيم الأرض المعمورة إلى سبعة أقاليم متسلسلة من الشمال إلى الجنوب، فرسموا على هذا الأساس التخيلي خطوط طول وهمية تتقاطع مع خطوط عرض وهمية هي الأخرى، حددوا به الأقاليم السبعة وأجزاءها المفترضة. ويستطرد المؤلف في عرض المفاهيم الجغرافية والنظريات التي تداولها العرب في تلك الفترة من تاريخهم. وقد أضاف الرحالة وأصحاب العجائب معطيات معرفية وتخيلية أبعاداً جديدة وتجارب جديدة تعتمد على المشاهدة والتجربة المباشرتين لوقائع رحلاتهم في المحيط الهندي وجزره وسواحله ومزجوا فيما تركوه من مذكرات بين الوقائع والمتخيل.
في القسم الأخير من كتابه يعالج المؤلف صورة الشرق الأقصى في الليالي، وقد تميزت هذه الصورة بالنظرة الإيجابية عن الصين والهند سواء في المتخيل القصصي أو على صعيد العلاقات الواقعية. كما يتحدث عن ظواهر كونية جغرافية كبرى ورد ذكرها في كتاب ألف ليلة وليلة وتردد من بعيد صدى ما تداولته المدونات الثقافية العربية مثل جبل قاف، جبل المغناطيس، كما يتحدث عن غرائب البحر التي وردت في القصص، وكذلك عن عوالم تخوم العالم المغمور الغامضة مثل النحاس والتخوم القصوى وجزائر واق الواق والتجارة الصامتة على تخوم العالم المغمور، ويختم بالقول: ''إن هذه الصورة الشاملة التي كونتها سردية الليالي عن الشرق الأقصى: براً وبحراً، إنما كانت تنضح من بحر الثقافة العربية المتلاطم والعميق ومن تصور هذه الثقافة للعالم في العصر الوسيط''.
مؤلف هذا الكتاب هو شمس الدين الكيلاني الذي قدم للمكتبة العربية عدداً من المؤلفات الهامة تعكس موسوعيته العلمية والفكرية، مثل ''مصير الجماعة العربية''، ''من العود الأبدي إلى الوعي التاريخي''، ''مصير الماركسية''، ''الحزب الشيوعي السوري: البدايات والنهايات''، المثقف العربي والديمقراطية''، بالإضافة إلى مشاركته في تأليف موسوعة الأحزاب والحركات السياسية في الوطن العربي وغيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.