❊ زخم متجدّد وتوافد لافت للشركات العالمية على الاستثمار في الجزائر ❊ الجزائر تتبع مسارين متوازيين لجذب الاستثمارات الكبرى ❊ المناقصات والمفاوضات المباشرة لاستقطاب الاستثمارات في النّفط والغاز أكد مؤسس ورئيس شركة "استشارات المخاطر بشمال إفريقيا" جيف بورتر، أن قطاع الطاقة في الجزائر يشهد "ازدهارا ملحوظا" مقارنة بما كان عليه قبل عقد من الزمن، وهو ما يعكسه اهتمام العديد من الشركات الطاقوية العالمية بالاستثمار في الجزائر، بفضل موقعها الجغرافي الذي يلعب "دورا هاما" من حيث أنها قريبة جدا من أسواق الطاقة الأوروبية، فضلا عن موقعها الدبلوماسي الذي يجعلها بمنأى عن الأحداث العالمية التي قد تؤثر على أسواق الطاقة، إضافة إلى التحسّن الملحوظ في الوضع الداخلي والاصلاحات التشريعية. تطرق جيف بورتر، في مقال نشره بموقع " أرابيان غولف بيزنس إنسايت" بعنوان "شركات الطاقة العملاقة تتوافد على الجزائر مع زخم مكتسبات الإصلاحات في الاستثمار بالمنبع"، إلى استقطاب الجزائر لشركات عالمية في مجالي النّفط والغاز خلال العقد الأخير، بفضل الإصلاحات التي عرفها المجال التشريعي والذي توّج بقانون محروقات جديد. وأوضح كاتب المقال، أن عوامل متعددة أدّت إلى هذا الاستقطاب من بينها موقع الجزائر، إضافة إلى تحسّن الوضع الداخلي بصفة ملحوظة، قائلا إن "المخاوف الأمنية ضئيلة والبيئة السياسية مستقرّة والبيئة التنظيمية أصبحت أكثر قابلية للتنبّؤ". وأكد الخبير الأمريكي، أن قطاع الطاقة الجزائري يشهد "ازدهارا ملحوظا" مقارنة بما كان عليه قبل عقد من الزمن، وأن "النّجاح يغذّي المزيد من النّجاح"، فكلما زاد عدد شركات الطاقة العالمية التي تستثمر في الجزائر، زادت رغبة شركات الطاقة العالمية الأخرى في فعل ذلك، مذكّرا في هذا السياق، بعودة وفد من شركة "إكسون موبيل" الأمريكية إلى الجزائر لإجراء محادثات مع وزير الطاقة محمد عرقاب، بعد أسبوعين فقط من لقاء كبار مسؤوليها التنفيذيين بالرئيس عبد المجيد تبون مباشرة.وأضاف بأن هذا الاجتماع الأول مع "إكسون موبيل" تم بعد يوم واحد فقط من استضافة رئيس الجمهورية، لممثلين من شركة "شيفرون" الأمريكية، معربا عن اقتناعه بأن هذه اللقاءات المتتالية تعد مؤشرا على "زخم متجدّد في قطاع الطاقة الجزائري"، لتعود الجزائر مجددا كما قال إلى "دائرة الضوء العالمية". وفي تحليله لأسباب هذه العودة القوية للشركات العالمية بعد عقدين من الزمن، أوضح جيف بورتر، أن الجزائر تتبع مسارين متوازيين لجذب الاستثمارات في قطاع المنبع بالخصوص، "فمن جهة تواصل إطلاق جولات مناقصات رسمية لتراخيص النّفط والغاز، ومن جهة أخرى، تجري مفاوضات ثنائية مباشرة مع شركات الطاقة لمنح عقود النّفط والغاز". وعاد للتذكير بأول جولة مناقصات لتراخيص النّفط والغاز منذ أكثر من عقد التي تم الإعلان عنها في جوان الماضي، والتي كلّلت بمنح خمس مواقع من بين ستة كانت معروضة لصالح شركات عالمية عملاقة مثل "سينوبيك" الصينية و«توتال إينيرجيز" الفرنسية و«إيني" الإيطالية و«قطر للطاقة"، حيث أبرز بأنها كسرت حاجز الفشل الذي ميّز آخر مناقصة دولية في 2014.وشدد على أن إصلاح قانون المحروقات في 2019، الذي مكّن من منح شركات الطاقة الدولية مزايا أكثر جاذبية وحوافز مالية في قطاع المنبع، ساهم في تحقيق هذه النّتيجة التي وصفها ب«الواقعية" وب«القوية" بما يكفي لإعلان نجاحها من طرف مسؤولي الوكالة الوطنية لتثمين المحروقات "ألنفط". بالموازاة لاحظ كاتب المقال، أن الجزائر تتجه أكثر فأكثر نحو الانفتاح على المفاوضات المباشرة لإبرام عقود النّفط والغاز، مشيرا إلى أن هذا النّهج يسمح لشركات الطاقة العالمية بتجاوز قيود المناقصات، والسعي للحصول على مساحات أكبر، كما تتيح للشركات مرونة أكبر للسعي إلى شروط أكثر ملاءمة والعمل وفق جداول زمنية تناسب أولوياتها الاستراتيجية.وحسب الخبير، حقّقت شركات الطاقة العالمية سلسلة من المكاسب مع الجزائر خلال الأشهر الستة والثلاثين الماضية، وذلك من خلال مفاوضات ثنائية، ضاربا المثل بشركة "أوكسيدونتال" الأمريكية التي كانت تنوي الانسحاب من الجزائر في 2019، لكنها عزّزت استثماراتها عام 2022، ومنذ ذلك الحين أعلنت أنها تخطط لجعل الجزائر أصلا أساسيا طويل الأجل في محفظتها. وذكر كذلك بأن "إيني" الإيطالية اشترت في العام ذاته أصول شركة "بي بي" في الجزائر، وفي عام 2024، أعقبت ذلك بشراء أصول شركة "نبتون إنرجي" المحلية وبحلول عام 2025، عزّزت مكانتها في البلاد من خلال تأمين نقل عقد بقيمة 1.35 مليار دولار أمريكي مع سوناطراك بموجب اتفاقية تقاسم الإنتاج. في غضون ذلك أشار إلى أن شركة "شيفرون" تجري محادثات مع السلطات الجزائرية، بشأن تطوير المحروقات، كما تتفاوض شركة "إكسون موبيل" مباشرة مع سوناطراك، وهو نفس المسار الذي تنتهجه شركة "شل" وكذا شركة الطاقة النرويجية "إكوينور"، وهو ما جعل الكاتب يقول بأن "هناك وفرة في شركات الطاقة العالمية التي تتواصل مع سوناطراك"، وهو ما يمكّن من تحقيق الهدف المتوخى أي "المزيد من الاستثمارات الدولية والخبرات التكنولوجية في قطاع المنبع الجزائري، وزيادة إنتاج المحروقات".