إرهابي يسلم نفسه للسلطات العسكرية    التكفل براحة المواطن و رضاه من أولى أولويات القطاع    مهمتنا حماية القدرة الشرائية وتوفير بيئة تجارية شفافة    إبادة صحيّة ممنهجة تقتضي تدخل دولي عاجل ج/1    الاحتلال يستميت في قتل وجرح وترويع الشعب الفلسطيني    فلسطين : شهداء وجرحى بقطاع غزة    البيض : هلاك 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين    إيداع شخص الحبس المؤقت بتهمة ترويج المخدرات    اختتام فعاليات الطبعة 27 للأسبوع الوطني للقرآن الكريم ببومرداس    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    التكفّل التام بضحايا حادثة عضّات الكلب بأم البواقي    4112 منصب لتوظيف الأساتذة في التعليم العالي    "لوجيترانس" لتسيير المعبر الحدودي "مصطفى بن بولعيد"    مهرجان عنابة يكرّم لخضر حمينة ويخاطب المستقبل    فرنسا على موعد جديد مع "رياح خريف" الغضب    أشغال عمومية: جلاوي يعقد عدة لقاءات لبحث وضعية المشاريع الإستراتيجية الكبرى للقطاع    دعوة لترسيخ ثقافة السلام والتسامح في العلاقات الدولية    الصالون الدولي للصناعات الغذائية بموسكو: حركية مكثفة ولقاءات ثنائية بالجناح الجزائري    التناقض يضرب مشوار حسام عوار مع اتحاد جدة    بن سبعيني يتألق أوروبيا ويثير أزمة بسبب ضربة جزاء    براهيمي ينتظر تأشيرة العمل لبدء مشواره مع سانتوس    كرة القدم/رابطة ابطال افريقيا/الدور الأول التمهيدي (ذهاب): م.الجزائر و ش.القبائل في حملة السعي نحو استعادة المجد الافريقي    جيدو- مونديال 2025 (أواسط): الجزائر حاضرة بستة مصارعين في موعد ليما (بيرو)    الإعلام الافتراضي أحد الأدوات الرئيسة في الصراع العالمي    استعدادات نفسية وتربوية بعنابة    دعوة لإعادة تكوين السواق وصيانة الطرقات للحد من حوادث المرور    سفير زيمبابوي في زيارة لجامعة باجي مختار    قانون الإجراءات الجزائية محور يوم دراسي    رعاية الأمومة والطفولة: التكوين المتواصل عاملا محوريا في تحقيق الجودة واليقظة المستمرة    السيد رابحي يتفقد عدة مشاريع تندرج في إطار المخطط الأزرق للعاصمة    110 ألف قنطار من البذور تم تحضيرها للموسم الجديد    جرائم الاحتلال المغربي بحق الشعب الصحراوي تندرج ضمن تعريف الإبادة الجماعية    "الألسكو" في الجزائر لبحث سُبل حماية تراث العرب    إحياء التراث بالحركة واللوحةُ رسالة قبل أن تكون تقنيات    بجاية: العثور على 120 قطعة نقدية من العصور القديمة    شاهد آخر على بشاعة وهمجية الاستعمار    العدوان البري على غزة: آلة الحرب الصهيونية تواصل نشر الموت والدمار في تحد صارخ للقانون الدولي    زرّوقي يتفقّد المدرسة العليا للتكنولوجيات    خدمات جديدة لاقتناء التذاكر إلكترونياً    إطلاق بوابة رقمية جديدة    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    الرابطة الثانية هواة لكرة القدم/الجولة الثانية : فرصة لبعض الأندية للتأكيد ولأخرى للتدارك    المهرجان الثقافي الدولي للسينما إمدغاسن: فيلم "نية" من الجزائر ينال جائزة أحسن فيلم روائي قصير    المعرض العالمي بأوساكا: الجزائر تنظم ندوة علمية حول الاستراتيجية الوطنية لتطوير الطاقة المتجددة والهيدروجين    تعليم عالي : 4112 منصب مالي لتوظيف الاساتذة بعنوان السنة المالية 2025    ينبغي "التحلي باليقظة والجدية والحرص على التواجد الميداني"    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    انطلاق الحفريات العاشرة بموقع "رجل تيغنيف القديم"    حضور جزائري في سفينة النيل    منصب جديد لصادي    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تقديم كتاب سفينة المالوف    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسرح الجزائري بعد خمسين عاما
بين التألّق والتعثّر والأمل في الأفضل
نشر في المساء يوم 28 - 08 - 2012

عرف المسرح الجزائري الذي يحتفي بمرور أكثر من 50 عاما على نشأته، أشواطا مختلفة تراوحت بين التألّق والتعثّر وإن اتّفق المسرحيون اليوم على وجود تطوّر في إنتاج المسرحيات فإنّهم لا يختلفون على أنّه لا يمكن الحديث عن “حراك مسرحي” طالما أنّ العروض لا تزال ترتبط بالمناسبات.
يأمل المسرحيون الجزائريون اليوم في غد أفضل للفن الرابع، الذي يعيش حاليا مرحلة انتقالية مهمة في تاريخه بعد عشرية سوداء، واضعين ثقتهم خصوصا في الطاقات الشبانية الصاعدة، وفي هذا يقول الكاتب والممثل المسرحي سليمان بن عيسى، أنّ المسرح الجزائري الذي يعيش في الوقت الراهن “انتعاشا ملحوظا”، يحاول إيجاد طريقه بصفة واضحة، خصوصا في ظلّ الكفاءات والطاقات الشبانية التي تميّزه رغم نقص تكوينها وتأطيرها.
ويذهب في هذا الإطار أيضا، المخرج المسرحي عمر فطموش، الذي يعتبر أنّ “هناك نوعا من التفاؤل، وبالخصوص مع مجموعة من الشباب، سواء المتخرّجين من المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري بالعاصمة أو شباب المسرح الهاوي والتعاونيات المسرحية”، وأهمّ ما يميّز هؤلاء الشباب - على رأي مدير المسرح الجهوي لبجاية - هو جرأتهم في التعامل مع “الريبرتوار” العالمي، وبالخصوص مع المسرح السيكولوجي (التراجيدي) ومسرح العبث، معتبرا أنّ السبب في هذا يرجع “إلى تراكم المشاكل خلال العشرية السوداء، حيث انعكس هذا الأمر في كتاباتهم المسرحية”.
إنّ التفتح الملاحظ على المسرح والمشاريع المرتبطة به كما يؤكّده الناقد المسرحي إبراهيم نوّال، يرجع أساسا إلى “دور الدولة الداعم” الذي يتوافق وبروز طاقات شبانية جديدة “لها رؤى جمالية وثقافية أوضح وأوسع وأكثر حرية وإبداعا”.
المسرحيون الجزائريون ومشاكل الخشبة
إنّ المسرح الجزائري وإن استطاع خلال خمسينية الاستقلال أن يصنع تميّزه، خصوصا في السبعينيات والثمانينيات، بفضل قامات فنية كبيرة على غرار مصطفى كاتب، عبد الرحمان كاكي، كاتب ياسين، عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي - دون أن ننسى رواد المسرح “الأهلي” المؤسّس كمحي الدين باشطارزي ومحمد توري وعلالو - إلاّ أنّه لا يزال يعيش في مشاكل أعاقت مسيرته ولا يزال أهل هذا الفن يختلفون في تحديدها.
ويرى المسرحي بن عيسى الذي يعتبر من أعمدة المسرح الجزائري، أنّه “ليست هناك حاليا أزمة نص أو جمهور” في المسرح الجزائري، و إنّما هناك “أزمة سياسة المسرح”، حيث “لا يعتنى به مباشرة وليس هناك دفع معنوي للشباب والمسرحيين”، لافتا إلى بعض المبادرات التي من شأنها دفع الحركة المسرحية، منها مثلا ضرورة التنسيق بين التلفزيون الجزائري ومسيري قاعات المسرح والمبدعين لأجل جلب الجمهور، ويلحّ في هذا السياق صاحب “بابور غرق” و«بوعلام زيد القدام”، على ضرورة “الاعتناء الثقافي” بالتلاميذ في المدارس الجزائرية منذ الطور الإبتدائي وحتى الثانوي.
ويذهب المسرحي فطموش في هذا الاتّجاه، حيث يؤكّد أنّه “لا توجد هناك أزمة نصوص في ظلّ توفّر الأعمال الروائية والشعرية والقصصية التي يمكن الاقتباس منها”، ولكنه يرى أنّ أزمة المسرح الجزائري تكمن أساسا في “غياب المؤلّفين المسرحيين الحقيقيين الذين يجيدون تقنيات الكتابة الدرامية”.
وغياب النقد المسرحي الفعّال والموضوعي، هو من أكبر ما يعيب عليه السيد فطموش، حيث يرى أنّ ما هو موجود “هو مجرد محاولات لصحفيين غير متخصّصين أو لشباب المعهد العالي للمسرح، حيث تقدّم بطاقات فنية للأعمال المسرحية لا أكثر، وهو ما أثّر في نوعية الكتابة الدرامية”، غير أنّ هذا الأمر يبقى من الجدليات، فكثير من المسرحيين يعتبرون أنّه طالما هناك إبداع فإنّ هناك نقدا بالضرورة، وإن كان هذا الأخير لا يزال يبحث عن مكانه الصحيح وسط النشاط المسرحي.
ويشّكل عزوف الجزائريين عن ارتياد المسارح عقبة أخرى في نجاح مسيرة الفن الرابع، حيث يعاني من غياب الجمهور واختفاء تقاليد الذهاب إلى المسرح، وعلّل المسرحي محمد بدوي هذا الأمر بوجود “أزمة مواضيع”، ويرى صاحب “جعفر بوزهرون” و«إلياس جات لاشانس”، أنّ الكتّاب المسرحيين الحاليين “لا يتماشون مع واقع مجتمعهم الحالي، حيث بقوا في المسرح الرسمي الذي لا تتماشى نصوصه مع الواقع (...)، خصوصا وأنّ المسرح متعة قبل كلّ شيء”.
وقد لا يختلف كثير من المسرحيين على أنّ المسرح في الجزائر تطغى عليه الاقتباسات، وهذا الأمر على رأي السيد بدوي، يمثّل الدليل على “نقص الإبداع”، حيث يشير في هذا السياق إلى “عدم وجود تشجيع لمبادرات جديدة يكون في مقدورها إيجاد كتّاب مسرحيين قادرين على تصوير الواقع المعيش للمواطن الجزائري”.
غير أنّ الناقد المسرحي نوّال، يعتقد أنّ المسرح الجزائري يعاني من “أزمة ثقافة” متمركزة، خصوصا على مستوى المبدعين، حيث يشدّد، خصوصا، على “ضرورة التحلي بثقافة فكرية تحبّب العمل والتحاور بين أهل المسرح وبقية المبدعين من كتّاب وقاصين وشعراء، بدل الاختلاف، باعتبار أنّ المسرح إبداع جماعي”.
اللغة المسرحية والجمهور
يعتبر كثير من مختصي الفن الرابع ممن حاورتهم وكالة الأنباء الجزائرية، أنّ لغة المسرح تعدّ ربما من مشاكل فن الخشبة في الجزائر، وهذا المشكل “جاد” على رأي بعضهم، لأنّه قد يؤدي إلى قطيعة بين الركح والمتلقي، خصوصا وأنّ للغة دورا هاما في تبليغ الأفكار، غير أنّ آخرين لا يرون أهمية كبرى للغة في ظلّ المسرح المعاصر.
ويرى الناقد نوّال، أنّ “هناك إشكالية متعلّقة بهذا الأمر ولكنّها ليست مشكلة، فهي أمر عادي تميّز كلّ مسارح العالم”، لافتا في هذا الإطار إلى “ضرورة الارتقاء باللغة العامية لتصل إلى مستوى تكون فيه الجماليات هي الأساس”.
قضية اللغة في المسرح على رأي فطموش، “لا تطرح”، حيث يؤكّد في هذا الشأن على أنّ المسرح “لغة عالمية ولغة الحركة والجسد والسينوغرافيا والديكور والإضاءة، فهو لوحة لها دلالات وقراءات (...)، فالحوار لا يجدي شيئا في المسرح المعاصر”.
ولا يعطي من جهته بن عيسى كثيرا من الأهمية لما يسمى “قضية اللغة المسرحية”، حيث يرى أنّ المسرحيين الجزائريين الأوائل استعملوا الدارجة لكون الجمهور آنذاك لم يكن يفهم الفصحى، ولكنّها دارجة “نظيفة ومفهومة وتصل للجمهور”، غير أنّ شباب اليوم يعرفون الفصحى، ولهذا “يجب فسح المجال أيضا للمسرح الناطق بها”، مشدّدا في نفس الوقت، على ضرورة “عدم الخلط بينها وبين الدارجة في الأعمال المسرحية”.
إنّ “اللغة الثالثة المفبركة” كما سماها السيد بدوي والتي وصفها بأنّها تخلط بين العامية والفصحى، هي بالذات ما يعترض عليه هذا الأخير، حيث يشدّد على ضرورة معالجة القضايا التي تخصّ الإنسان الجزائري ب “الدارجة في لهجاتها المختلفة وبكلمات معبّرة تحمل أحاسيس تصل للمشاهد”، لأنّ المسرح - على رأيه - “خطاب وحوار يمرّ عبر اللغة”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.