بلغني خبر وفاة الفنان التشكيلي لزهر حكار عن طريق الإيميل وسيلة الاتصال الأكثر حداثة والأبلغ برودة بقساوتها وخلوّها من المشاعر، وتأثرت كثيرا بهذا الخبر خاصة أنني أعرف الفنان منذ بداياتي في عالم الصحافة؛ أي منذ تسع سنوات، حينما غطيت معرضا برواق “فنون حرية” (لم يعد من الوجود) بالقبة، وكان ذلك بالصدفة حينما مررت من ذلك المكان ........... وما أحلاها من صدفة! التقيت بالفنان وانبهرت بحبه للفن، بل برغبته في الغرق وسط البحر العميق للفن التشكيلي. وتحدّث لزهر كثيرا عن رؤيته للفن قائلا: “لقد دفعتِني للحديث كثيرا عن فني؛ لأنني الآن على عتبة معرض جديد بأفكار جديدة، ولهذا ترينني بهذا الحماس الكبير”. وكانت هذه بدايتي في تتبّع المسيرة الفنية للزهر حكار؛ حيث غطيت جل معارضه ومن بينها معرضه بمتحف الفنون الجميلة، ومعرضه الأخير بالمتحف الوطني للفن الحديث والفن المعاصر، علاوة على تغطيتي للورشة التي نظّمها الفنان على هامش معرضه الأخير، والمخصَّصة للأطفال، فكانت آخر مرة التقيت فيها بالفنان. اهتمامي بعمل الفنان لم يقتصر فقط على تغطية معارضه، بل شمل أيضا استطلاع رأيه في العديد من المواضيع المتعلقة بالفن التشكيلي في الجزائر، ومن بينها موضوع “سوق الفن التشكيلي في الجزائر”؛ حيث تحدّث حكار عن تخصصه في الفن التشكيلي والعيش منه، قال ذلك وكله فخر بتحقيقه لهذا الحلم الذي يدغدغ الكثير من الفنانين من دون أن يتحول إلى واقع. وقمت أيضا بزيارة الفنان في بيته لإجراء مقابلة حول مسيرته الفنية وكذا للوقوف عند فضاء عمله الذي كان في بيته. بالمقابل، كان الفنان قريبا من جمهوره، فكان يحتكّ بهم بدون تردد، وأبعد من ذلك، كان هو من يذهب إليهم بكل تواضع. لقد اتسم الفنان بالإنسانية إلى درجة كبيرة حتى إنه كان لا ينكفئ في سؤالي عن حالي وعن نفسيتي، وكنت أسأله بإلحاح عن موضوع صلب أعماله “الذاكرة”، وكيف يمكنني أن أكتب عنها (بحكم حلمي أن أصبح كاتبة)، مثلما استطاع هو أن يرسمها بحس رهيف وعمق مميّز. رأيته آخر مرة يتحدث مع الأطفال المشاركين في الورشة التي نظّمها على هامش معرضه “رحلة عبر الذاكرة”، ويهتم برسوماتهم بشكل واضح، ويتحدث أيضا مع أوليائهم، فكان الفنان التشكيلي المرموق، الذي يشجع الأطفال في المضيّ في هذا الطريق.