قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس، إن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الجارية حاليا بمدينة القدسالمحتلة، بلغت مرحلة بحث القضايا الجوهرية المتعلقة بالأراضي والأمن واللاجئين والقدس.وأضاف الرئيس الأمريكي لدى حضوره جانبا من أشغال مؤتمر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية الذي ينظمه سنويا معهد ”بروكينجز”، أن بلاده بإمكانها أن تلعب دورا فعالا لتسهيل المفاوضات بين الجانبين وتقريب وجهات النظر بينهما. وأكد في هذا الشأن أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بلغت مرحلة يمكن أن تكون بداية للتوصل إلى تسوية نهائية، وفق مبدأ ”حل الدولتين”، يعيش بمقتضاه الفلسطينيون والإسرائيليون جنبا إلى جنب في سلام وأمن. ولكن الرئيس أوباما اعترف بأن ذلك يستدعي اتخاذ قرارات صعبة من الجانبين المتفاوضين؛ في تلميح إلى تنازلات يتعين على الطرفين تقديمها من أجل التوصل إلى اتفاق سلام نهائي. وكشف أوباما بأنه اختار الجنرال جون آلن الذي ترأّس التحالف العسكري الدولي في أفغانستان، لتقديم مقترحات وأفكار تساعد على تجسيد مبدأ حل الدولتين عمليا، والتي سيتم طرحها على الفلسطينيين والإسرائيليين وانتظار موافقتهم عليها. والمفارقة أنه في نفس الوقت الذي كان الرئيس الأمريكي يعبّر عن مقاربته المتفائلة لتسوية الصراع في منطقة الشرق الأوسط، راح وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينيت، يشكك في مدى قدرة الإدارة الأمريكية على رعاية المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. وقال الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف إنه اقترح فكرة لضم أجزاء من أراضي الضفة الغربية التي مازالت تحت سلطة الاحتلال، إلى إسرائيل؛ بدعوى أنها تضم حوالي نصف مليون يهودي، الذين استوطنوها عنوة وفرضوا الأمر الواقع عبرها على الفلسطينيين. ولم يتوان الوزير المنتمي إلى حزب البيت اليهودي المتطرف، في تسريع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربيةوالقدس الشريف في نفس الوقت الذي خصص مبلغ 26 مليون دولار إضافية، لبناء مشاريع استيطانية جديدة في أراضي الضفة الغربية. وفي الوقت الذي يؤكد الرئيس الأمريكي أن المفاوضات بلغت مرحلة الجدية، راح الوزير الإسرائيلي يؤكد أنها مجرد مزحة لا طائل منها؛ في موقف يؤكد أن حكومة الاحتلال تستعمل هذه المفاوضات لاستغباء العالم؛ بدعوى سعيها للبحث عن اتفاق سلام، وهي في واقع الحال تسعى لابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية ضمن سياسة استيطان غير مسبوقة. ولم يعد خافيا على أحد تعمّد المسؤولين الإسرائيليين ضرب الإدارة الأمريكية في الظهر كلما حاولت التدخل في مفاوضات السلام؛ سواء بالإعلان عن مشاريع استيطانية ضخمة، أو بتصريحات تذهب في كل مرة إلى نقيض ما يؤكده المسؤولون الأمريكيون، ضمن خطة تهدف إلى التشكيك في مصداقية الولاياتالمتحدة كراع لعملية السلام ولكنها تفتقد لأدنى مقومات القيام بمثل هذا الدور؛ في أعقد وأطول مسار سلام يعرفه العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وكانت آخر حلقة في مسلسل هذا التشكيك تعمّد رد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، على تفاؤل نظيره الأمريكي جون كيري بشتاؤم قاتل، أكد من خلاله أن مفاوضات السلام الحالية مع الفلسطينيين، لا طائل منها، وأنه لا ينتظر أية نتيجة ملموسة يمكن التوصل إليها في الآجال المحددة لها بتسعة أشهر. وتعمّد ليبرمان حتى وهو في زيارة إلى الولاياتالمتحدة، إحراج كيري، الذي أكد أن مفاوضات السلام لم تبلغ درجة من النضج، كما هي عليه الآن، وأن اتفاق السلام أصبح وشيكا.