العدوان الصهيوني على إيران: موجة غضب وتوعد بالرد "القوي" و "الصارم"    إطلاق مشاريع بحثية جزائرية معتمدة من مبادرة التحالفات العربية للبحث العلمي والابتكار الاثنين المقبل    إيران تدعو إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن بعد العدوان الصهيوني على أراضيها    تحيين أزيد من نصف مليون بطاقة "الشفاء" على مستوى الصيدليات المتعاقدة مع هيئات الضمان الاجتماعي    الكيان الصهيوني يشن هجوما على إيران ودوي انفجارات يهز العاصمة طهران    الرابطة الأول "موبيليس": مولودية الجزائر على بعد خطوة من اللقب، وشبيبة القبائل تحتفظ بمركز الوصافة    الرابطة الأولى موبيليس (الجولة ال 28): النتائج الكاملة والترتيب    رئيس مجلس الأمة يستقبل سفير المملكة العربية السعودية لدى الجزائر    حبوب: انطلاق حملة الحصاد و الدرس عبر الولايات الشمالية و مؤشرات تبشر بمحصول وفير    كتاب "الكسكسي, جذور وألوان الجزائر" في نهائي نسخة 2025 لجوائز مسابقة "غورموند وورلد كوكبوك"    مؤسسة "اتصالات الجزائر" تنظم حملة وطنية للتبرع بالدم    الجزائر تواصل التزامها بحماية حقوق الطفل    المعرض العالمي بأوساكا: عروض فرقة "أروقاس" من جانت تستقطب اهتمام الجمهور الياباني    مداحي: الرقمنة والعصرنة خيار استراتيجي لتسيير المرافق السياحية    مراد: تنمية المناطق الحدودية على رأس أولويات الدولة    موسم الاصطياف 2025 والاحتفالات بالذكرى 63 لعيد الاستقلال محور اجتماع للمجلس التنفيذي لولاية الجزائر    مؤسسة صناعات الكوابل ببسكرة: إنتاج 2000 طن سنويا من الكوابل الخاصة بالسكة الحديدية    جامعة "جيلالي اليابس" لسيدي بلعباس: مخبر التصنيع, فضاء جامعي واعد لدعم الابتكار    الرابطة الأولى موبيليس: مولودية وهران تضمن بقاءها وأولمبي أقبو وإتحاد خنشلة يقتربان من النجاة    قافلة الصمود تتحدّى بني صهيون    الجيش يواصل تجفيف منابع الإرهاب    منصوري تشارك في أشغال الاجتماع الوزاري    الاختبارات الشفوية ابتداء من 6 جويلية    اختبار مفيد رغم الخسارة    رانييري يرفض تدريب إيطاليا    قافلة الصمود تعكس موقف الجزائر    الأسطول الوطني جاهز للإسهام في دعم التجارة الخارجية    قضية الصحراء الغربية تبقى حصريا "مسألة تصفية استعمار"    رفعنا تحدي ضمان التوزيع المنتظم للماء خلال عيد الأضحى    الفواكه الموسمية.. لمن استطاع إليها سبيلاً    ولاية الجزائر : مخطط خاص لتأمين امتحان شهادة البكالوريا    الجزائر نموذج للاستدامة الخارجية قاريا    بنك بريدي قريبا والبرامج التكميلية للولايات في الميزان    الاحتلال الصهيوني يتعمّد خلق فوضى شاملة في غزّة    تطوير شعبة التمور يسمح ببلوغ 500 مليون دولار صادرات    إنجاز مقبرة بحي "رابح سناجقي" نهاية جوان الجاري    تأجيل النهائي بين ناصرية بجاية واتحاد بن عكنون إلى السبت    استقبال مميز لمنتخب كرة السلة 3*×3 لأقل من 21 سنة    "الطيارة الصفراء" في مهرجان سينلا للسينما الإفريقية    تأكيد على دور الفنانين في بناء الذاكرة    برنامج نوعي وواعد في الدورة الثالثة    ميسي أراح نفسه وبرشلونة    تحسين ظروف استقبال أبناء الجالية في موسم الاصطياف    رحيل الكاتب الفلسطيني علي بدوان    "كازنوص" يفتح أبوابه للمشتركين من السبت إلى الخميس    عنابة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار رابح بيطاط الدولي    اللهم نسألك الثبات على الطاعات    القرآن الكريم…حياة القلوب من الظلمات الى النور    فتاوى : أحكام البيع إلى أجل وشروط صحته    قِطاف من بساتين الشعر العربي    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    الشروع في إلغاء مقررات الاستفادة من العقار    جريمة فرنسية ضد الفكر والإنسانية    معرض أوساكا العالمي : تسليط الضوء على قصر "تافيلالت" بغرداية كنموذج عمراني بيئي متميز    الاستفادة من تجربة هيئة الدواء المصرية في مجال التنظيم    الجزائر تودع ملف رفع حصة حجاجها وتنتظر الرد    تحديد وزن الأمتعة المسموح به للحجاج خلال العودة    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمة العربية الاقتصادية بالكويت
نشر في المواطن يوم 06 - 10 - 2008

قدم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مساهمة أثناء الجلسة المخصصة لغزة خلال القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المنعقدة بالكويت فيما يلي نصها الكامل :
القمة العربية الاقتصادية بالكويت النص الكامل لمساهمة الرئيس بوتفليقة في الجلسة المخصصة لغزة قدم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مساهمة أثناء الجلسة المخصصة لغزة خلال القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المنعقدة بالكويت فيما يلي نصها الكامل : "باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة ها نحن مرة أخرى نجتمع على جناح السرعة التي اقتضاها الوضع المزري البائس المفروض على إخواننا الفلسطينيين في غزة بفعل العدوان الإسرائيلي. هذا العدوان الهمجي ما زال إلى حد الآن مسلطا على الشعب الفلسطيني. وعدد الضحايا ما انفك يتزايد بإزهاق أرواح المئات من الأطفال والنساء والشيوخ طلبا لغايات خبيثة على مرأى ومسمع من العالم المشدوه والهيئات الدولية المشلولة. إن هذا طعن صريح في مصداقية الشرعية الدولية وصحة المبادئ الديمقراطية التي عبث بها الظلم بما ساقه من انتهاكات للحقوق و نكران للقيم الانسانية وهد لمصداقية المجتمع الدولي هو الآخر. إن الشعب الفلسطيني إذ تصدى لأشرس وأعنف عدوان شهده عصرنا إنما ضرب موعدا جديدا مع التاريخ. و قد جلبت له استماتته في المقاومة والصمود التقدير والإكبار عبر العالم و ازداد اعتبارا في نظر الرأي العام الدولي وفي نظر جميع أنصار قيم العدالة ومثل السلم. إننا نحيي هذا الشعب الشقيق الذي نراه يكتب بالدماء صفحة مشرقة تنضاف إلى تاريخه المجيد . ونترحم بخشوع وإجلال على أرواح الذين جادوا بأرواحهم ونالوا الشهادة. إن الشعب الجزائري الذي كابد ويلات حربه التحريرية وضحى بالنفس والنفيس من أجل استرجاع حريته واستقلاله يدرك معنى ما يقاسيه أهالي غزة من عذاب و من ثمة فإنه يؤيد كفاحهم و يشاطرهم آلامهم. بباعث من تشبعه بعبر تاريخه الحافل خرج الشعب الجزائري من تلقاء نفسه إلى الشارع وعبر عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني وعن سخطه واستنكاره للعدوان وهو على قناعة بأن التضحيات والآلام لا تذهب سدى وبأن النصر سيحالف لا محالة قضية الشعب الفلسطيني مهما كانت الصعوبات والمحن. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة تلكم هي القناعة الراسخة في الوجدان الجماعي العربي التي يجب أن تحدو أعمالنا وتحركنا المشترك خاصة ونحن في عهد يتهدد فيه العالم العربي غياب الثقة في النفس والشعور بالعجز والإحباط . إن التضحيات الجسام التي يتكبدها سكان غزة يوما بعد يوم لا تستوجب منا التضامن فحسب بل تستوجب تجديد الالتزام والمساندة المطلقة حتى يتم التوصل إلى توفير ما يلزم لضمان حماية الشعب الفلسطيني بالحصول على إيقاف العدوان وانسحاب جيش الاحتلال ورفع الحصار الظالم الذي يخنق أنفاس أهالي غزة. علينا أن نعمل على إيجاد حل عاجل للخلافات التي تنخر وحدة الصف الفلسطيني علما أن ضمان استعادة وحدة الصف وتحقيق النصر يتوقفان على الحوار والمصالحة الوطنية. إن إخواننا قادة الثورة الفلسطينية هم الذين تؤول إليهم مسؤولية إعادة بناء الوحدة الوطنية حول استراتيجية مشتركة كفيلة بضمان حقوقهم المشروعة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للبقاء عاصمتها القدس. علينا أن نرافق هذا المسار الحاسم و من واجبنا نحن فيما يخصنا أن نجدد إلتزامنا الصريح تجاه القضية الفلسطينية التي يتعين أن تعود إلى المكانة المركزية بصفتها القضية الأساس التي يتمحور حولها الإجماع العربي وهو الإجماع القائم . لقد كان و ما يزال احتلال الأراضي العربية وضمها منذ عام 1967 بالقوة وخرق الشرعية الدولية السبب الأول للعنف في المنطقة. و العنف هذا لن يزول إلا بزوال الاحتلال و إحقاق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني . و الحقيقة هذه التي تشكل هي الأخرى عنصرا من عناصر الإجماع لا بد من التذكير بها بوضوح و بقوة. بالفعل رأينا إسرائيل تذرعت بدعوى الدفاع عن النفس المشروع ومارست تحت أنظار العالم أبشع تقتيل . فأين هو الدفاع عن النفس ونحن أمام تباين فادح بين القوى وأمام طرف يحتكر استعمال القوة احتكار كليا و يمارس حربا ضروسا لا تبقي و لا تذر على مجتمع أعزل محروم من كل قدرة عسكرية دفاعية يواجه بها العدوان الإسرائيلي. و مهما يكن فإن حقيقة الصور التي لا تكذب جعلت العالم يدرك أن الدفاع عن النفس المزعوم والضرورة الأمنية ليسا في الواقع إلا مجرد تعلات يقصد بها تغطية نظام يضاهي نظام الأبارتيد (التفرقة العنصرية) وتبرير إبادة شعب بأكمله. إن الصور الرهيبة التي جاءتنا من غزة قد اهتز الضمير العالمي لما حملته من بشاعة و همجية. لا بد من التغيير و ليس هناك ما يسوغ للمجتمع الدولي أن يظل ساكتا عن هذا الإجرام و لا مناص من فرض سلطان القانون. من حق الأمة العربية أن تطالب بترجمة الرفض الدولي للهمجية بقرارات من مجلس الأمن و فرض تطبيقها على إسرائيل . يتعين على منظمة الأمم المتحدة أن تعمل بالمعيار الساري معيار وجوب حماية المدنيين حين تعرضهم لعدوان يعد بكل المقاييس إجراما في حق الإنسانية. إن ما جرى في غزة ليس سوى جريمة حرب لا بد من معاقبة مقترفها. فذلك يفرض على المجموعة الدولية التعهد من جديد بالإلتزام بمراعاة الشرعية الدولية كما يفرض إعادة طرح موضوع الشرعية على بساط النقاش . ذلك أن الأمر لا يتعلق بمصير الشعب الفلسطيني فحسب بل إنه يتعلق بمصير نظام الأمن الجماعي الذي اعتمدته المجموعة الدولية من أجل إتقاء مخاطر طغيان القوة على الحق في العالم. يبدو أن هذه الشرعية الدولية التي يعتد بها البعض عند حدوث الأزمات في العالم يتوقف نفوذها وسريانها عند حدود إسرائيل. إن إسرائيل هذه إذ تحظى بمباركة سياستها العدوانية وسياسة الأمر الواقع ونكران حق الغير تعرض حلفاءها والعالم إلى ما لا تحمد عقباه. فبقدر ما تمعن إسرائيل في إذلال الفلسطينيين وقهرهم و بقدر ما تريد استنزاف قوتهم وتشتيت صفهم قصد انتزاع التنازلات منهم تلو التنازلات وبقدر ما تسلط عليهم التقتيل والترهيب وبقدر ما تحشرهم في غيتوهات فإنها ستؤول لا محالة إلى إقحام المنطقة في وضع وخيم لا سبيل إلى التحكم فيه. إن هذه السياسة بما ينجر عنها من تجاوزات خطيرة ستغذي نقمة العالم و لا سيما نقمة الشعوب العربية والإسلامية هذه الشعوب التي سينتابها التذمر والسخط اللذان يتولد عنهما الحقد ثم العنف . والنزعة هذه تقوض تلك الجهود المبذولة في سبيل استتباب السلم و المصالحة والتقليص من رقعة التطرف و العنف هذا و قد أدى التسفيه المنهجي للمجموعة الدولية وتثبيط جهودها من أجل إيجاد حل دائم للنزاع إلى زرع الإحباط في نفوس الشعوب العربية التي لا ترى تقدما في الميدان سوى للسطو على الأراضي وقطع أشجار الزيتون وتدمير البيوت لتمكين المستوطنات من التوسع. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة لقد اتضح لنا جميعا و لكل أولئك الذين بذلوا عبر العالم عن حسن نية جهودا جساما و راهنوا على البحث عن صيغة تؤدي إلى حل شامل عادل و دائم للنزاع بالشرق الأوسط أن هذه العمليات لم يكن لها من غاية و يا للأسف إلا إلهاء الرأي العام ريثما يخلو السبيل لإسرائيل لبناء مستوطنات جديدة وتغيير التركيبة الديمغرافية للقدس ولتحدث بوجه أعم بالقوة و بالدم واقعا جديدا في الميدان. هناك جانب آخر من الإشكالية الناجمة عن هذه السياسة العدوانية المتهورة له صلة بدور مجلس الأمن الذي يتحمل بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة المسؤولية الأولى في مجال حفظ السلام والأمن في العالم والذي يفترض أن يتخذ التدابير الضرورية في العمل على إعادة السلم الدولي كلما طرأ عليه طارئ. و الحال أن مجلس الأمن أظهر عجزه مرة أخرى وإلا كيف يمكن أن نتقبل أن يظل بلا حراك أمام ما يقع في غزة فلئن ظلت كل الخروق الخطيرة التي اقترفت في حق الشرعية الدولية وكل ما اجترح من جرائم من قبل إسرائيل بلا عقاب فلن يبقى لنا سوى أن نقرأ السلام على نظام حماية الحقوق الإنسانية. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة لا بد من السهر عاجلا على إيصال المساعدات الإنسانية المكدسة التي لا يصل منها على وفرتها النظرية إلا قدر قليل غير كاف إلى سكان غزة بحكم القيود الصارمة التي تفرضها القوات الإسرائيلية في نقاط العبور التي يكتسي فتحها على وجه السرعة أهمية حيوية. و لضمان نجاعة و نجاح هذه العمليات الاستعجالية يتعين على السلطات الفلسطينية أن تتخذ الإجراءات التنظيمية التي تضمن النجاعة في استقبال المساعدات. فضلا عن المساعدة الاستعجالية هذه لابد أن نوطن أنفسنا منذ الآن على بذل مساعدة على إعادة الإعمار و التنمية. من ثمة يتعين علينا مساعدة الفلسطينيين على إعداد مخطط لإعادة إعمار هذا القطاع الذبيح و الإسهام في تمويله . لكن الحصول الفعلي على هذه المساعدة الدولية يقتضي من الشعب الفلسطيني استعادة وحدة صفه من خلال مصالحة وطنية حقة يكتب لها الدوام . ذلكم هو بالذات الشرط الذي يتأتى به للشعب الفلسطيني مواجهة كافة التحديات التي تعترض سبيله لمقارعة العدو و لفرض سلام عادل ومشرف يتيح له حشد طاقاته في خدمة رقي قاطبة الشعب الفلسطيني وتنميته. إن مأساة غزة ما تزال ترمي بثقلها على الأطراف الفاعلة في القضية الفلسطينية. ليس هناك من شك في أن توفير شروط تسوية هذا النزاع و معالجة تبعاته على أهالي غزة يقتضي تجندنا التام وتجند المجتمع الدولي واهتمامه اهتماما موصولا بموضوع تسوية القضية الفلسطينية تسوية عادلة ونهائية. وقد تشهد سنة 2009 إن شاء الله تقدما نوعيا في التكفل بالنزاع الإسرائيلي العربي. إن المجموعة العربية تنفطر ألما من انقسام صفوفها. وقد استفاد أعداؤنا وخصومنا من هذا الضعف. و إنه لمن واجبنا السياسي والأخلاقي أن نضطلع بمسؤولياتنا حتى نضع حدا في أقرب الآجال لهذه الوضعية التي لا ينبغي أن تلهي إخواننا الفلسطينيين عن مهمتهم التاريخية ألا وهي تحرير فلسطين. أشكركم على كرم الإصغاء. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته". النص الكامل لمساهمة الرئيس بوتفليقة في الجلسة المخصصة لغزة قدم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مساهمة أثناء الجلسة المخصصة لغزة خلال القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المنعقدة بالكويت فيما يلي نصها الكامل : "باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة ها نحن مرة أخرى نجتمع على جناح السرعة التي اقتضاها الوضع المزري البائس المفروض على إخواننا الفلسطينيين في غزة بفعل العدوان الإسرائيلي. هذا العدوان الهمجي ما زال إلى حد الآن مسلطا على الشعب الفلسطيني. وعدد الضحايا ما انفك يتزايد بإزهاق أرواح المئات من الأطفال والنساء والشيوخ طلبا لغايات خبيثة على مرأى ومسمع من العالم المشدوه والهيئات الدولية المشلولة. إن هذا طعن صريح في مصداقية الشرعية الدولية وصحة المبادئ الديمقراطية التي عبث بها الظلم بما ساقه من انتهاكات للحقوق و نكران للقيم الانسانية وهد لمصداقية المجتمع الدولي هو الآخر. إن الشعب الفلسطيني إذ تصدى لأشرس وأعنف عدوان شهده عصرنا إنما ضرب موعدا جديدا مع التاريخ. و قد جلبت له استماتته في المقاومة والصمود التقدير والإكبار عبر العالم و ازداد اعتبارا في نظر الرأي العام الدولي وفي نظر جميع أنصار قيم العدالة ومثل السلم. إننا نحيي هذا الشعب الشقيق الذي نراه يكتب بالدماء صفحة مشرقة تنضاف إلى تاريخه المجيد . ونترحم بخشوع وإجلال على أرواح الذين جادوا بأرواحهم ونالوا الشهادة. إن الشعب الجزائري الذي كابد ويلات حربه التحريرية وضحى بالنفس والنفيس من أجل استرجاع حريته واستقلاله يدرك معنى ما يقاسيه أهالي غزة من عذاب و من ثمة فإنه يؤيد كفاحهم و يشاطرهم آلامهم. بباعث من تشبعه بعبر تاريخه الحافل خرج الشعب الجزائري من تلقاء نفسه إلى الشارع وعبر عن تضامنه مع الشعب
الفلسطيني وعن سخطه واستنكاره للعدوان وهو على قناعة بأن التضحيات والآلام لا تذهب سدى وبأن النصر سيحالف لا محالة قضية الشعب الفلسطيني مهما كانت الصعوبات والمحن. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة تلكم هي القناعة الراسخة في الوجدان الجماعي العربي التي يجب أن تحدو أعمالنا وتحركنا المشترك خاصة ونحن في عهد يتهدد فيه العالم العربي غياب الثقة في النفس والشعور بالعجز والإحباط . إن التضحيات الجسام التي يتكبدها سكان غزة يوما بعد يوم لا تستوجب منا التضامن فحسب بل تستوجب تجديد الالتزام والمساندة المطلقة حتى يتم التوصل إلى توفير ما يلزم لضمان حماية الشعب الفلسطيني بالحصول على إيقاف العدوان وانسحاب جيش الاحتلال ورفع الحصار الظالم الذي يخنق أنفاس أهالي غزة. علينا أن نعمل على إيجاد حل عاجل للخلافات التي تنخر وحدة الصف الفلسطيني علما أن ضمان استعادة وحدة الصف وتحقيق النصر يتوقفان على الحوار والمصالحة الوطنية. إن إخواننا قادة الثورة الفلسطينية هم الذين تؤول إليهم مسؤولية إعادة بناء الوحدة الوطنية حول استراتيجية مشتركة كفيلة بضمان حقوقهم المشروعة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للبقاء عاصمتها القدس. علينا أن نرافق هذا المسار الحاسم و من واجبنا نحن فيما يخصنا أن نجدد إلتزامنا الصريح تجاه القضية الفلسطينية التي يتعين أن تعود إلى المكانة المركزية بصفتها القضية الأساس التي يتمحور حولها الإجماع العربي وهو الإجماع القائم . لقد كان و ما يزال احتلال الأراضي العربية وضمها منذ عام 1967 بالقوة وخرق الشرعية الدولية السبب الأول للعنف في المنطقة. و العنف هذا لن يزول إلا بزوال الاحتلال و إحقاق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني . و الحقيقة هذه التي تشكل هي الأخرى عنصرا من عناصر الإجماع لا بد من التذكير بها بوضوح و بقوة. بالفعل رأينا إسرائيل تذرعت بدعوى الدفاع عن النفس المشروع ومارست تحت أنظار العالم أبشع تقتيل . فأين هو الدفاع عن النفس ونحن أمام تباين فادح بين القوى وأمام طرف يحتكر استعمال القوة احتكار كليا و يمارس حربا ضروسا لا تبقي و لا تذر على مجتمع أعزل محروم من كل قدرة عسكرية دفاعية يواجه بها العدوان الإسرائيلي. و مهما يكن فإن حقيقة الصور التي لا تكذب جعلت العالم يدرك أن الدفاع عن النفس المزعوم والضرورة الأمنية ليسا في الواقع إلا مجرد تعلات يقصد بها تغطية نظام يضاهي نظام الأبارتيد (التفرقة العنصرية) وتبرير إبادة شعب بأكمله. إن الصور الرهيبة التي جاءتنا من غزة قد اهتز الضمير العالمي لما حملته من بشاعة و همجية. لا بد من التغيير و ليس هناك ما يسوغ للمجتمع الدولي أن يظل ساكتا عن هذا الإجرام و لا مناص من فرض سلطان القانون. من حق الأمة العربية أن تطالب بترجمة الرفض الدولي للهمجية بقرارات من مجلس الأمن و فرض تطبيقها على إسرائيل . يتعين على منظمة الأمم المتحدة أن تعمل بالمعيار الساري معيار وجوب حماية المدنيين حين تعرضهم لعدوان يعد بكل المقاييس إجراما في حق الإنسانية. إن ما جرى في غزة ليس سوى جريمة حرب لا بد من معاقبة مقترفها. فذلك يفرض على المجموعة الدولية التعهد من جديد بالإلتزام بمراعاة الشرعية الدولية كما يفرض إعادة طرح موضوع الشرعية على بساط النقاش . ذلك أن الأمر لا يتعلق بمصير الشعب الفلسطيني فحسب بل إنه يتعلق بمصير نظام الأمن الجماعي الذي اعتمدته المجموعة الدولية من أجل إتقاء مخاطر طغيان القوة على الحق في العالم. يبدو أن هذه الشرعية الدولية التي يعتد بها البعض عند حدوث الأزمات في العالم يتوقف نفوذها وسريانها عند حدود إسرائيل. إن إسرائيل هذه إذ تحظى بمباركة سياستها العدوانية وسياسة الأمر الواقع ونكران حق الغير تعرض حلفاءها والعالم إلى ما لا تحمد عقباه. فبقدر ما تمعن إسرائيل في إذلال الفلسطينيين وقهرهم و بقدر ما تريد استنزاف قوتهم وتشتيت صفهم قصد انتزاع التنازلات منهم تلو التنازلات وبقدر ما تسلط عليهم التقتيل والترهيب وبقدر ما تحشرهم في غيتوهات فإنها ستؤول لا محالة إلى إقحام المنطقة في وضع وخيم لا سبيل إلى التحكم فيه. إن هذه السياسة بما ينجر عنها من تجاوزات خطيرة ستغذي نقمة العالم و لا سيما نقمة الشعوب العربية والإسلامية هذه الشعوب التي سينتابها التذمر والسخط اللذان يتولد عنهما الحقد ثم العنف . والنزعة هذه تقوض تلك الجهود المبذولة في سبيل استتباب السلم و المصالحة والتقليص من رقعة التطرف و العنف هذا و قد أدى التسفيه المنهجي للمجموعة الدولية وتثبيط جهودها من أجل إيجاد حل دائم للنزاع إلى زرع الإحباط في نفوس الشعوب العربية التي لا ترى تقدما في الميدان سوى للسطو على الأراضي وقطع أشجار الزيتون وتدمير البيوت لتمكين المستوطنات من التوسع. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة لقد اتضح لنا جميعا و لكل أولئك الذين بذلوا عبر العالم عن حسن نية جهودا جساما و راهنوا على البحث عن صيغة تؤدي إلى حل شامل عادل و دائم للنزاع بالشرق الأوسط أن هذه العمليات لم يكن لها من غاية و يا للأسف إلا إلهاء الرأي العام ريثما يخلو السبيل لإسرائيل لبناء مستوطنات جديدة وتغيير التركيبة الديمغرافية للقدس ولتحدث بوجه أعم بالقوة و بالدم واقعا جديدا في الميدان. هناك جانب آخر من الإشكالية الناجمة عن هذه السياسة العدوانية المتهورة له صلة بدور مجلس الأمن الذي يتحمل بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة المسؤولية الأولى في مجال حفظ السلام والأمن في العالم والذي يفترض أن يتخذ التدابير الضرورية في العمل على إعادة السلم الدولي كلما طرأ عليه طارئ. و الحال أن مجلس الأمن أظهر عجزه مرة أخرى وإلا كيف يمكن أن نتقبل أن يظل بلا حراك أمام ما يقع في غزة فلئن ظلت كل الخروق الخطيرة التي اقترفت في حق الشرعية الدولية وكل ما اجترح من جرائم من قبل إسرائيل بلا عقاب فلن يبقى لنا سوى أن نقرأ السلام على نظام حماية الحقوق الإنسانية. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة لا بد من السهر عاجلا على إيصال المساعدات الإنسانية المكدسة التي لا يصل منها على وفرتها النظرية إلا قدر قليل غير كاف إلى سكان غزة بحكم القيود الصارمة التي تفرضها القوات الإسرائيلية في نقاط العبور التي يكتسي فتحها على وجه السرعة أهمية حيوية. و لضمان نجاعة و نجاح هذه العمليات الاستعجالية يتعين على السلطات الفلسطينية أن تتخذ الإجراءات التنظيمية التي تضمن النجاعة في استقبال المساعدات. فضلا عن المساعدة الاستعجالية هذه لابد أن نوطن أنفسنا منذ الآن على بذل مساعدة على إعادة الإعمار و التنمية. من ثمة يتعين علينا مساعدة الفلسطينيين على إعداد مخطط لإعادة إعمار هذا القطاع الذبيح و الإسهام في تمويله . لكن الحصول الفعلي على هذه المساعدة الدولية يقتضي من الشعب الفلسطيني استعادة وحدة صفه من خلال مصالحة وطنية حقة يكتب لها الدوام . ذلكم هو بالذات الشرط الذي يتأتى به للشعب الفلسطيني مواجهة كافة التحديات التي تعترض سبيله لمقارعة العدو و لفرض سلام عادل ومشرف يتيح له حشد طاقاته في خدمة رقي قاطبة الشعب الفلسطيني وتنميته. إن مأساة غزة ما تزال ترمي بثقلها على الأطراف الفاعلة في القضية الفلسطينية. ليس هناك من شك في أن توفير شروط تسوية هذا النزاع و معالجة تبعاته على أهالي غزة يقتضي تجندنا التام وتجند المجتمع الدولي واهتمامه اهتماما موصولا بموضوع تسوية القضية الفلسطينية تسوية عادلة ونهائية. وقد تشهد سنة 2009 إن شاء الله تقدما نوعيا في التكفل بالنزاع الإسرائيلي العربي. إن المجموعة العربية تنفطر ألما من انقسام صفوفها. وقد استفاد أعداؤنا وخصومنا من هذا الضعف. و إنه لمن واجبنا السياسي والأخلاقي أن نضطلع بمسؤولياتنا حتى نضع حدا في أقرب الآجال لهذه الوضعية التي لا ينبغي أن تلهي إخواننا الفلسطينيين عن مهمتهم التاريخية ألا وهي تحرير فلسطين. أشكركم على كرم الإصغاء. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.