تعميق الممارسة الديمقراطية وتقوية المؤسّسات    هكذا نضمن دخولا مدرسيا ناجحا على كافة المستويات    جائزة الابتكار المدرسي للاكتشاف المبكر للموهوبين    استحداث قطب تكنولوجي لتجسيد استراتيجية التحوّل الرقمي    تكييف إلزامي للبرامج والتجهيزات مع التطوّرات التكنولوجية    مليون فلسطيني يواصلون الصمود في غزة    دعوة لحماية عاجلة لحقوق الشعب الصحراوي    دعم الجزائر سند معنوي كبير للشعب الفلسطيني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    جهاز الرصد واليقظة لتوفير المواد الصيدلانية    الجزائر العاصمة: اختتام المخيم التكويني للوسيط الشبابي للوقاية من المخدرات    هزة أرضية بشدة 3 بولاية المدية    الرابطة الاولى: فوز ثمين لفريق مولودية الجزائر أمام مولودية وهران 3-2    برنامج التبادل الثقافي بين ولايات الوطن : سكيكدة تستضيف الوادي    جيش الاحتلال يعلن بدء عمليته الموسّعة.. استشهاد 82 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على غزة    انطلاق الحفريات العاشرة بموقع "رجل تيغنيف القديم"    وزارة التجارة الخارجية توظّف في عدة رتب    المجلس الشعبي الوطني : الجزائر تشارك في أشغال جمعية برلمانية لرابطة "آسيان" وإجتماعات البرلمان الإفريقي    حضور جزائري في سفينة النيل    بوابة رقمية للأفراد المعنيين بمعالجة معطياتهم الشخصية    أشغال عمومية: اجتماع عمل لضبط البرنامج المقترح في مشروع قانون المالية 2026    سعداوي يجتمع مع إطارات الوزارة ومديري التربية..تعليمات للتواجد الميداني وضمان دخول مدرسي ناجح    رشيد بلادهان من جنيف.. اعتداء الكيان الصهيوني على الدوحة "جريمة نكراء" يسجلها التاريخ    المجلس الأعلى للغة العربية: اجتماع لتنصيب لجنة مشروع "الأطلس اللساني الجزائري"    ندوة دولية غدا الأربعاء بأوسلو حول واقع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية    زيد الخير يستقبل السفير فايز أبو عيطة.. بحث سبل تعزيز التعاون الفكري والديني والثقافي بين الجزائر وفلسطين    ضرورة تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    محرز يتألق    ألعاب القوى مونديال- 2025: تأهل الجزائريان جمال سجاتي و سليمان مولى الى نصف نهائي سباق ال800 متر    تجارة: إقبال واسع على جناح الجزائر بالصالون الدولي للصناعات الغذائية والمشروبات بموسكو    الجزائر العاصمة : تنظيم معرض جهوي للمستلزمات المدرسية بقصرالمعارض    دخول مدرسي 2025-2026 : إطلاق قافلة تضامنية لتوزيع المحافظ المدرسية على الأطفال بالمناطق النائية    منصب جديد لصادي    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    وزير الشؤون الدينية يعطي إشارة انطلاق الطبعة 27 للأسبوع الوطني للقرآن الكريم    تنصيب سويسي بولرباح مديرا للمدرسة الوطنية العليا لتكنولوجيات الإعلام والاتصال والبريد    الجزائر تشارك في اجتماعات البرلمان الإفريقي بجنوب إفريقيا    شراكات جديدة لشركة الحديد    قرابة 29 ألف تدخل خلال السداسي الأول    تقديم كتاب سفينة المالوف    دعوة إلى تكثيف الأبحاث والحفريات بالأوراس    إطلاق الأسماء على الأولاد ذكورا وإناثا ..    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    مجوهرات ثمينة.. سبيل ثراء نسوة    العُدوان على قطر اعتداء على الأمّة    ناصري وبوغالي يترأسان اجتماعاً    الجزائر تشارك في اجتماعين وزاريين بأوساكا    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    بن طالب يتألق مع ليل الفرنسي ويحدد أهدافه    تيطراوي يطرق أبواب "الخضر" ويحرج بيتكوفيتش    مشواري لم يكن سهلا ورُفضت بسبب قصر قامتي    188 عملية تخريب تطول المنشآت الكهربائية    وجه جديد لمداخل عاصمة الأمير عبد القادر    85794 تلميذ مستفيد من المنحة المدرسية    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    نحو توفير عوامل التغيير الاجتماعي والحضاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضل الحجّ
نشر في المواطن يوم 07 - 11 - 2010

الحج ركن عظيم من أركان الإسلام، فرضه الله سبحانه على المسلم المستطيع بقوله: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران: 97)، ولا يزال الناس يحجون منذ رفع إبراهيم عليه السلام القواعد من البيت، وأذَّنَ في الناس بالحج كما أمره ربه عز وجل إلى يومنا هذا، ولا ينقطع الحج طالما على الأرض مؤمن، وذلك من أجل ينعم الإنسان المسلم بفضائل الحج الذي بثّ الله فيه فضائل كثيرة وفوائد متنوعة، فهو من أفضل الأعمال والقُربات عند الله تعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أفضل؟ قال: (إيمان بالله ورسوله)، قيل: ثم ماذا؟ قال: (الجهاد في سبيل الله). قيل: ثم ماذا؟ قال: (حج مبرور) رواه البخاري ومسلم، وثواب الحج عظيم، فالحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، متفق عليه.
والحج المبرور سبب لغفران الذنوب ومحوِ السيئات والخطيئات، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجح كيوم ولدته أمه) رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه)، والإكثار من الحج والعمرة ينفيان الفقر ويطردان الفاقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تابعوا بين الحج والعمرة، فإن المتابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير خَبَثَ الحديد) رواه الترمذي.
والحاج وافدٌ على الله وضيفٌ يحلّ عليه، ومَن وَفد على الله ونزل بضيافته أكرمه الله، عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الغازي في سبيل الله، والحاج والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم) رواه ابن ماجه، وفي رواية: (الحجاج والعُمّار وفد الله، إن دعَوْه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم) رواه ابن ماجه. وفريضة الحج دائمة مستمرة حتى بعد ظهور الفتن العظام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليَحُجّنَّ هذا البيت وليُعتَمرنّ بعد خروج يأجوج ومأجوج)، فإذا قبض الله أرواح المؤمنين في آخر الزمان ولم يبق على الأرض إلا شرار الخلق الذين تدركهم الساعة وهم أحياءٌ توَقَفَ الحج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى لا يُحَج البيت)، ولهذا وجب على كل مسلم مستطيع أن يتعجل الحج، فقد يأتي يومٌ يَعْجَزُ فيه عن الحج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة).
نجاة إبراهيم عليه السلام من النار
بعدما أفحم إبراهيم عليه السلام قومه وألزمهم الحُجة الدامغة، بل وأفاقوا من غفلتهم حينا وأيقنوا أن ما قاله إبراهيم حقا عادوا وتنكّروا للحق تعصّبا، عزموا على مُعاقبته، وحقا بدأ الاستعداد لإحراق إبراهيم، وانتشر النبأ في المملكة كلها، وجاء الناس من القرى والجبال والمدن ليشهدوا عقاب الذي تجرأ على الآلهة وحطمها واعترف بذلك وسخر من الكهنة، وحفروا حفرة عظيمة مُلئت عن آخرها بالحطب والخشب والأشجار، وأشعلوا فيها النار، واشتعلت النار في الحفرة وتصاعد اللهب إلى السماء، وكان الناس يقفون بعيدا عن الحفرة من فرط الحرارة اللاهبة، فكان حرّ النار يمنع أي أحد من الاقتراب منها حتى من أجل أن يُلقوا بإبراهيم فيها أحضروا المنجنيق وهو آلة جبارة ليقذفوا بها إبراهيم فيسقط في حفرة النار، فوضعوا إبراهيم بعد أن قيدوا يديه وقدميه في المنجنيق، وأصدر كبير الكهنة أمره بإطلاق إبراهيم في النار.
انطلق المنجنيق مُلقيا إبراهيم في حفرة النار، وكانت النار موجودة في مكانها، ووقع إبراهيم عليه السلام في وسطها، ولكنها لم تكن تمارس وظيفتها في الإحراق، فقد أصدر الله جل جلاله إلى النار أمره بأن تكون: (بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)، أحرقت النار قيوده فقط، وجلس إبراهيم عليه السلام وسطها كأنه يجلس وسط حديقة، كان يسبّح بحمد ربه ويُمجّده، لم يكن في قلبه مكان خالٍ يمكن أن يمتلئ بالخوف أو الرهبة أو الجزع، كان القلب مليئا بالحب وحده، ومات الخوف، وتلاشت الرهبة، واستحالت النار إلى سلام بارد يُلطف عنه حرارة الجو.
جلس الكهنة والناس يرقبون النار من بعيد، كانت حرارتها تصل إليهم على الرغم من بعدهم عنها، وظلت النار تشتعل فترة طويلة حتى ظن الكافرون أنها لن تنطفئ أبدا، فلما انطفأت فوجئوا بإبراهيم يخرج من الحفرة سليما كما دخل، ووجهه يتلألأ بالنور والجلال، وثيابه كما هي لم تحترق، وليس عليه أي أثر للدخان أو الحريق. خرج إبراهيم عليه السلام من النار كما لو كان يخرج من حديقة، وتصاعدت صيحات الدهشة، خسروا جولتهم خسارة مريرة وساخرة، قال تعالى: (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ) (الأنبياء: 70)
أهداف الحج وغاياته
للحج أهداف وغايات سامية، فكما يرقى الحج بصاحبه إلى درجة أن يُكفّر عنه سيئاته ويُصلح له ماضيه ويُقرّبه من الله عز وجلّ، كذلك يرقى بالمسلمين والمجتمع المسلم إلى أهداف سامية وغايات عالية، فمن ذلك أن الحج يُعلّم المسلمين تعظيم البيت الحرام فهو من شعائر الله، ومن يفعل ذلك فإنه سيُورّثه في خشية قلبه وتعظيم لله، قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج: 32)، ولا شك أن مَن يُعظم البيت الحرام فإنه يُعظّم رب البيت الحرام.
ومن أهداف الحج تحقيق الألفة والوحدة بين المسلمين، فيجتمع المسلمون على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأوطانهم في صعيد واحد، يدعون ربًا واحدًا، ويتوجهون لبيت واحد، فتتوحد الأهداف والغايات، وتصبح الأمة على قلب رجل واحد؛ وهذه هي الصورة الحقيقية للمجتمع المسلم كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر) رواه مسلم، فالحج يُعيد نسج شعار الوحدة الذي تُمزّقه الأيام وتخرقه بسبب التعصّب والأنانية وغير ذلك مما يُفرّق به الشيطان وحدة المسلمين.
ومن أهداف الحج الحفاظ على شعائر الإسلام وتثبيت مناسك الحج في الأجيال جيلا بعد جيل، حتى تكون موافقة لما توارثه الناس عن إمام الحنفاء إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام وما دعا إليه محمد صلى الله عليه وسلم، وتذكُّر هذه المواقف والمقامات، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول للناس في حجة الوداع: (قفوا على مشاعركم، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم) رواه أبو داود، وكان يقول: (خذوا عني مناسككم) رواه مسلم.
ومن غايات الحج إعلان التوحيد الذي بعث الله به رُسله وإظهاره في الأقوال والأفعال، ففي التلبية يقول الحاج: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك؛ وقد كان أهل الجاهلية يلبون بالشرك فيقولون: إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك. وفي سائر المواقف والمشاعر يتجرد العبد في توحيده وطاعته لله عز وجل، فيسير ويقف حيث أمره الله، ويحلق شعره، وينحر أو يذبح هديه حيث أمره الله. فاللهم ارزقنا حج بيتك، وتعظيم شعائرك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.