تتجدد الاحتفالات بيوم العلم مع حلول ال16 أفريل من كل سنة، بفعاليات ونشاطات متنوعة، يعتبرها الكثيرون روتينية، وغير مفيدة، خاصة الموجهة للتلاميذ في الأطوار الابتدائية، وهذا بالنظر لأنها لم تعد تخلف على نفسية الطفل، أي تعلق بالعلم وأحد أهم رجالاته في الجزائر، وهو العلامة عبد الحميد ابن باديس. تحتفل الجزائر في تاريخ ال16 أفريل من كل سنة، بهذا اليوم الوطني الذي يعرف بيوم العلم، والذي لا يخفى على أحد أنه تاريخ وفاة العلامة الجزائري، رائد النهضة، ومؤسس إحدى أهم الجمعيات الجزائرية، وصاحب الفضل الكبير في الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للشعب الجزائري، خلال فترة الاحتلال الفرنسي. واتخذ هذا التاريخ، يوما للعلم، وفاء لذكرى هذه الشخصية التي تعكس أسمى معاني الوطنية، وقيم العروبة والإسلام، والتي تعد أيضا إحدى أهم منارات العلم، التي أضاءت الدروب خلال فترة حياتها، وما يزال شعاع نورها يمتد ليضيء دروب أجيال اليوم، من خلال ما تركته خلفها من آثار، تستحق أن نتوقف عندها خلال هذا اليوم، ونعطي لمحات عن حياته للأجيال الصاعدة، حتى تتخذ منه مثلا يقتدى به في الحياة العلمية والمعرفية. ال16 أفريل.. احتفالية بفعاليات متنوعة وقد دأبت مختلف المؤسسات التعليمية، بكل أطوارها، وكذا الهيئات وجمعيات المجتمع المدني بكل أنواعها وتخصصاتها، لا سيما منها العلمية والثقافية، على إحياء عديد النشاطات خلال هذا اليوم، وذلك من خلال المسابقات الفكرية، والمعارض، الأمسيات الشعرية، والأدبية، وكذا الحفلات الإنشادية، والمسابقات الفنية، التي تتنوع طرق وفعاليات إحيائها، غير أنها تجتمع كلها، تحت راية واحدة هي إحياء المناسبة، من جهة، والتذكير بسيرة وحياة العلامة الجزائري، وآثاره، من جهة أخرى. ويمكن من خلال جولة بسيطة في المدارس والمؤسسات التعليمية، ودور الشباب، والمراكز الثقافية، الوقوف على أنواع عديدة من الفعاليات والتظاهرات المماثلة التي تحيي هذا اليوم، والذي يلاحظ أنه وعلى عكس الكثير من الأيام الوطنية والعالمية، راسخ تماما في أذهان التلاميذ والطلبة، فمن منا لا يذكر التحضيرات التي كنا نعكف على القيام بها في المدرسة، استعدادا للاحتفال ب16 أفريل، يوم العلم، سواء من خلال إنجاز بحوث حول سيرة العلامة عبد الحميد ابن باديس، أو تقديم رسومات وأناشيد، أو حضور محاضرات، وندوات حول الموضوع، "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها" ولكن وعلى إيجابية مختلف التظاهرات والفعاليات التي تقام خلال هذا اليوم، وتنوع الفائدة المرجوة منها، إلا أن ما نقف عليه أيضا، هو دخول هذه النشاطات حيز الروتين الذي بات يطبع جو إحياء المناسبة بشكل سنوي، فخلال كل يوم علم يمضي من كل سنة، تتكرر نفس الفعاليات، ونفس التظاهرات، التي تقام شكليا تحت اسم يوم العلم، في حين أن الملاحظ والمتأمل للفائدة التي تعود منها، يجد أنها جوفاء في الغالب من مضمونها المرتبط بالعلم واهم رجالاته. وإن كنا في هذا الموضوع نستثني التظاهرات التي تخص الكبار لأن لها أهدافها الخاصة، فإننا نريد التركيز على مدى فائدة الفعاليات التي يتم إحياؤها بمناسبة يوم العلم بالنسبة لفئة الأطفال، كونهم الجيل الصاعد الذي يحتاج للتزود بالعلم ومعرفة سير الأعلام الذين يجب أن يكونوا قدوة يقتدى بها، في مسيرة العلم والحياة عامة، في الحرص على أخد العلم، ومواكبة كل جديد في مجاله، وكذا مواكبة متغيرات العصر، مع التمسك الشديد بمبادئ والمقومات الراسخة. تلاميذ الابتدائي: "في يوم العلم نديرو حفلة... وما نقراوش نص نهار" وللوقوف على مدى وعي أطفالنا واستفادتهم مما يقام خلال هذا اليوم، قامت "المستقبل العربي" بجولة بين تلاميذ إحدى المدارس الابتدائية بالعاصمة، عشية إحياء المناسبة، أين اقتربنا من بعض التلاميذ، وسألناهم عما يعنيه لهم هذا اليوم، وما يعرفونه عنه، فتلقينا أجوبة متنوعة تنم عن فهم عام للتلاميذ بأن تاريخ ال16 من أفريل الذي يمثل يوم وطني للعلم، هو تاريخ وفاة العلامة الجزائري عبد الحميد ابن باديس، مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وذلك نظرا لأن هذه الأسطوانة تتكرر على مسامعهم في هذا التوقيت من كل سنة، في حين وجدنا أجوبة أخرى عما يعنيه لهم هذا التاريخ، فلم تخرج أراءهم عن كلمتين، "في يوم العلم نديرو حفلة... وما نقراوش نص نهار"، وهو ما يؤكد أن ما يقام خلال هذا اليوم لا يتعدى أن يكون مجرد نشاطات ترفيهية جوفاء من مضمونها العلمي التربوي، والإصلاحي، كما أنها قليلا ما تضيف للرصيد المعرفي للتلاميذ أمرا ذا أهمية، خاصة في الجوانب العلمية والتثقيفية. المعلمون: "يجب توظيف تكنولوجيات العصر في إعطاء يوم العلم نفسا جديدا" ومن جانبهم عبر مجموعة من معلمي هذا الطور الذين التقت بهم "المستقبل العربي"، عن عدم رضاهم عما يقام على مستوى المدارس الابتدائية من نشاطات خلال يوم العلم، مؤكدين ان أغلبها يعتمد على مجهودات ومبادرات فردية، للمعلمين، كما أنها تتم بإمكانيات جد متواضعة. وفي إجابتهم عن إشكالية الفائدة التي تقدمها هذه الفعاليات أوضح أحد المعلمين أن الطرق التقليدية التي يتم بها إحياء يوم العلم، لم تعد ذات فعالية تذكر بالنسبة للتلاميذ، خاصة في الوقت الراهن، حيث تكتسح التكنولوجيا بمختلف وسائطها الحياة اليومية للصغار كما الكبار، ويضيف المعلم "في السابق وعندما نطلب من التلاميذ إعداد بحث حول العلامة عبد الحميد ابن باديس، يكون هذا الأمر ذا فائدة لأن التلميذ يجد في البحث والقراءة، وسؤال الكبار عن الموضوع، فيستفيد من عدة جوانب، لكن اليوم بنقرة زر واحدة على شبكة الإنترنت، يحصل التلميذ على عدد كبير من البحوث وبدون بدل أي جهد"، كما يشدد المعلم في الوقت ذاته على أهمية هذه الوسائط الحديثة، في حال استعنا بالخدمات التي توفرها لخدمة جوانب تعليمية أخرى لدى التلميذ، من خلال الاحتفال بيوم العلم. أما معلمة اللغة الفرنسية الأستاذة بن يونيس فقط طالبت بأن لا يقتصر الاحتفال بيوم العلم على التذكير بسيرة العلامة عبد الحميد ابن باديس، مع التأكيد على أهمية ذلك، موضحة أن مجال العلم شاسع وواسع، ويجب أن نجعل من هذه المناسبة –على حد تعبيرها- فرصة لطرق مختلف أبواب العلم، والعمل على زرع حب العلم في نفوس الأطفال، حتى يكبروا على طلبه، وتقديم شيء ينفع مجتمعهم من خلاله.