السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، من منا لم يتعرض في حياتي لخيبات أهوته في عمق الدمار في الماضي، وبقيت الآلام تلازمه. لا بل تؤثر على حاضره، وأكثر من ذلك تجعل نظرته سوداوية تجاه مختلف الأمور، فلا نستطيع أن ننسى من أذانا في الماضي ولا نستطيع التعامل معهم بعفوية. ولا حتى بمجاملة أو حيادية، لذا أتساءل اليوم سيدتي كيف يمكنني التخلص من أرشيف الماضي ؟، فأنا سيدتي في صغري. لم أجد الحب الكافي وسط عائلتي، مما جعل مني امرأة لا تثق بسرعة، ولا أنسى بسهولة من يجعلني أتألم. وقد أثرت هذه الطباع في حياتي الزوجية، لأنني تعرضت لظلم كبير من طرف أخت زوجي وحماتي في الماضي . فهم لا يفوتون موقفا لإحراجي أو توجيه ملاحظات خاصة أمام زوجي. لكنهم بالمقابل يتظاهرون بحبهم لي ويعاملونني كأن الأمور جد طبيعية، بالرغم من أنني أعرف حقيقة مشاعرهم تجاهي. إلا أنني لا أستطيع مقاومة المواقف السلبية التي حلّت لي معهم في الماضي، مما جعلني أتعامل بجفاء معهم. ولا أحبذ زيارتهم لي ولا أزورهم أنا كثيرا. وهذا جعلني أعيش صراعا مع نفسي، فما الحل لأستعيد توازني وسلامة روحي؟، لأنني بصراحة لا أريد أن أخسر زوجي وعائلتي. لأنه رجل طيب للغاية ولا يستحق أن أدخله في دوامة تلك الخلافات. فالحمد لله ومنذ زواجي به وإلى حد اليوم، يوجد بيننا حب ومودة كبيرة. ولا أريد أن يؤثر هذا سلبا على حياتنا، أنيريني من فضلك. نورة من الغرب الرد: تحية كبيرة لك حبيبتي، إن أكثر ما جعلني أرتاح لمشكلتك هو اعترافك بتلك الطباع، لأن نصف العلاج في معرفة الداء. واعترافك ما هو إلا دليل على حبك للتغيير، وبالتالي الفوز بالسلامة النفسية إن شاء الله. حبيبتي في هذه الدنيا لا يوجد فقط الأبيض والأسود، أجل هناك أشخاص يحملون ما يحملون من العيوب والصفات السيئة. وأنا وأنت منهم، فليس كل البشر ملائكة، لكن هذا لا يعني أبدا أن نقاطعهم أو أن نعبس في وجوههم بل علينا التعامل معهم بأخلاقنا وخصالنا الطيبة. ثم تذكري سيدتي،أن الوقت يغيّر الناس،ولا يجب أن نبني أحكاما بمجرد أن حصلت مواقف أزعجتنا أو آلمتنا إن صحّ القول. ويبقى ذلك القديم هاجسا قائما بيننا وبينهم، يعكر علينا صفو الحياة. حبيبتي.. حاولي أن تكوني أكثر مرونة، وتميزي بالحكمة والعقلانية في التعامل مع الآخرين، لتضمني لنفسك بالا هانئا ومطمئنا. أنا أقدر ما تشعرين به، لكن هل الحل في المقاطعة؟، هل الراحة في الضغط على نفسيتك؟. أكيد لا، لهذا حاولي جاهدة مع نفسك أن تبدي لهم طيبتك ولا تسمحي للشيطان،أن يفسد ما بينك وبين أهل زوجك. حتى لا تفسدي ما بينك وبين زوجك وعائلة. وهنا يجرّ بي العودة إلى ما ذكرته في رسالتك،قلت"أنا لم أتلقَ الحب الكافي وسط عائلتي"،هنا لم تذكري الكثير من التفاصيل. لكن هل الحب عبارة عن علوم دقيقة؟، هل الحب تلخصه الكلمات معينة؟. حب الأهل والوالدين عزيزتي أمر فطر مجبول عليه كل أم وأب،وأخ وأخت،فقط هناك من لا يعرف أن يعبر عنه بعبارات. وإنما يترجمه إلى مواقف وخوف وحرص علينا، تزوجت أنت وصرت سيدة بيت اليوم، هل تحبين أولادك؟. هل تحبين زوجك؟، هذه أسئلة أعلم أنك ستيجبين عنها بإذن الله، وبالإجابة عنها ستراجعين نفسك في الكثير من الأمور. وما عليك الآن إلا أن تحبي نفسك حبيبتي وكوني سخية في منح المودة، ولن تندمي على ذلك. أنت إنسانة طيبة للغاية على ما يبدو،فقط تخلصي من الماضي، ولا تقلبي كثيرا في دفاتره، وفقك الله ورضي عنك وأرضاك.