تواصل أشغال الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر    بطولة إفريقيا للأمم لكرة اليد أقل من 19 سنة إناث: الجزائر تفوز على مالي (39-16) وتحقق انتصارها الثاني    بوغالي يحل بالقاهرة لترأس الاجتماع ال39 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي    الصحراء الغربية: موقع إخباري إسباني يفضح خيانة المخزن للحقائق والتاريخ    الجزائر-موزمبيق: التزام بتعميق الِتعاون الثنائي وتمسك بتقاليد التضامن التاريخي المشترك    ولاية الجزائر تشكل "فضاء مفتوحا للاستثمار والشراكة"    تفعيل آلية تقديم طلبات تحويل التلاميذ من مؤسسة الى أخرى    بحث فرص الاستثمار وتبادل الخبرات في الصناعة الطاقوية    19 ألف اسير فلسطيني تحت رحمة مجرمي الحرب    ضرورة "دمج الثقافة في عجلة التنمية الاقتصادية"    انهيار غير مسبوق للأخلاق وارتفاع رهيب في الجريمة    أنا ولية… ما تفضحنيش".. سرقات نسائية تحت أعين الكاميرات    اضطراب ما بعد الصدمة في المجتمع الإسرائيلي 1/2    الجزائر تفرش بساطها السياحي لضيوفها من القارة    قطاع الصيدلة سيشهد توقيع عقود بقيمة 400 مليون دولار    أولمبي آقبو ينفرد بالصدارة    نحو مضاعفة مِنح الأفارقة بالجزائر    مستوطنون يقتحمون الأقصى    سوناطراك تعقد لقاءات مع شركات دولية    أمطار رعدية    الخضر يطرقون باب المونديال اليوم    هذه حسابات تأهل الخضر إلى المونديال    التأكيد على الطابع الاستراتيجي لعلاقات التعاون    مخطط عمل لتطوير الاستعجالات الطبية    الوفد الجزائري لألعاب القوى يحلّ بطوكيو    تجسيد برنامج تمويل المشاريع الموجّهة للشباب    الرئيس الموزمبيقي يزور جامع الجزائر    إفريقيا سوق للمنتجات الجزائرية بامتياز    تكريس آخر لحقيقة الدولة الصحراوية    حكومة بايرو على كف عفريت وماكرون يواجه مصيره    زيارات فجائية للمؤسسات والمراكز المتخصصة    إطلاق برنامج تكويني لأصحاب الخدمات    تدخل عاجل لتنظيف "المونوبري"    اتفاق ب 480 مليون دولار لتزويد أسواق غرب إفريقيا بالمعدات    محافظة الصالون الدولي للكتاب بالجزائر: إطلاق الطبعة الثانية لجائزة "كتابي الأول" الخاصة بالشباب    الجزائر و7 دول من "أوبك+" ترفع إنتاجها من النفط    عقود ب400 مليون دولار في الصناعات الصيدلانية    مرحلة جديدة من أشغال الريادة والاستكشاف بموقع "مرسى الدجاج"    9 بلدان تحجّ إلى مدينة الجسور للمشاركة في المهرجان الدولي    مكانة رياض محرز مهددة وبيتكوفيتش تحت الضغط    قصة ثمرة صغيرة صنعت هوية مدينة    تقلبات جوية : السلطات المحلية تباشر عقد اجتماعات تقييمية استباقية لتعزيزالتدخلات الوقائية    جمعية صحراوية تندد ب" المناورة الجديدة" للمفوضية الأوروبية في محاولة الالتفاف على قرار محكمة العدل الأوروبية    الدبلوماسية الجزائرية تواصل تعزيز حضورها القوي    استكمال الورشات.. وتجسيد الطموحات    معسكر : إبراز القيم الإنسانية والفكرية للأمير عبد القادر    تصفيات كأس العالم 2026: المنتخب الوطني ينهي تحضيراته قبل لقاء غينيا بحصة تكتيكية    المعرض الإفريقي للتجارة البينية : حفل لتوزيع جوائز CANEX Book Factory    فيلما في الطبعة ال20 للقاءات السينمائية لبجاية    هكذا تتحول الشعوب إلى ضحايا صراعات الآخرين    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    شراكة بين "صيدال" وشركة "أب في" الأمريكية    الإعلان عن قائمة الوكالات المؤهلة    اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    المولد النبوي يوم الجمعة    يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    ذكرى المولد النبوي الشريف ستكون يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انهيار غير مسبوق للأخلاق وارتفاع رهيب في الجريمة
نشر في الراية يوم 08 - 09 - 2025


وسائل التواصل الاجتماعي سيف ذو حدين
فريدة حدادي
يشهد المجتمع خلال الأشهر القليلة الأخيرة، تحولا اجتماعيا خطيرا، يتمثل في انهيار تدريجي ومتصاعد للمنظومة الأخلاقية، التي كانت لعقود من الزمن، درعا واقيا للمجتمع ضد التفكك، والانحراف هذا الانهيار لم يعد مقتصرا على سلوكات فردية معزولة، بل بات ينعكس، بشكل واضح، على الشارع اليومي؛ من خلال ارتفاع معدلات الجريمة، والاعتداءات، والسرقات، حتى في وضح النهار، وأمام أعين المارة؛ من سرقة الهواتف في الطرقات المزدحمة، إلى اعتداءات بالسلاح الأبيض في الأحياء السكنية، مرورا بالاحتيال، والابتزاز الإلكتروني. وكلها ظواهر تشير إلى تآكل القيم التي كانت تربط الأفراد ببعضهمالبعض، لتضمحل حينها مفاهيم الأمانة، والاحترام، والغيرة على الجار، ومراعاة حرمات الناس.
الانهيار الأخلاقي الذي يشهده المجتمع اليوم، لا يمكن فصله عن جملة من التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وحتى الصحية التي عصفت بالبلاد خلال العقود الأخيرة. فالتراجع الكبير في دور الأسرة كحاضنة أولى للقيم، والانحسار الواضح لنفوذ المؤسسة التربوية، وتراجع الخطاب الديني المتوازن، يبدو أنها عوامل ساهمت في خلق فراغ قيميّ عميق، يضاف إلى ذلك تفشي البطالة منها المتعمدة؛ لرفض بعض الشباب العمل الشاق، وتدهور مستوى المعيشة، وتراجع القدرةالشرائية، وانتشار الإجرام بين فئات المجتمع؛ ما خلق بيئة خصبة لتفشي الجريمة، والسلوكات العدوانية.
من جهة أخرى، لعبت وسائل الإعلام خاصة شبكات التواصل الاجتماعي، دورا مزدوجا؛ ففي الوقت الذي أتاحت مساحاتٍ للتعبير، ساهمت في نشر أنماط سلوكية غريبة عن المجتمع، وترويج مظاهر التمرد والانحراف، بل وتطبيع العنف في أذهان الناشئة، وهذا ما نشهده ونلتمسه اليوم من خلال ما يُنشر عبر تلك المنصات، التي تحولت، في فترة قصيرة، الى "عدوة الإنسان الملثمة بثوب التكنولوجيا".
وحول هذا الموضوع حدّثنا محمد لعزوني إمام مسجد، قائلا: " إن ما نراه اليوم هو ثمرة انفصال الناس عن ضميرهم الديني، ونتيجة غياب القدوة في البيت، والمدرسة، والمجتمع؛ فالأخلاق ليست كلمات تقال على المنابر فقط، بل يجب أن تجسَّد في سلوك الأفراد، بدءا من الأسرة إلى الدولة وإذا غابت التربية عن القيم فلا نستغرب تفشي الجريمة، وانعدام المروءة".
ونبّه المتحدث الى أن تفشي القيم الفردانية والأنانية وراء التراجع في القيم، فالفرد أصبح يقدم مصلحته ولو كان بالدوس على مصالح وراحة المحيطين به، أو حتى التعدي عليها، وهذا ما يفسر تزايد الاعتداءات لأسباب تافهة حتى وإن كانت خلافا على موقف سيارة، أو سرقة هاتف نقال، أو نظرة عابرة، أو حتى سوء تفاهم بسيط وأضاف: " إن العوامل الخطيرة التي ساهمت في هذا الانهيار الأخلاقي أيضا، التفكك الأسري الذي تشهده الأسرة الجزائرية، التي لم تعد نواتها وأساسها كالسابق، متماسكة، وصارمة في التربية، أو قائمة على الاحترام والتقدير
فالعائلة، اليوم، أصبح شغلها الشاغل البحث عن لقمة العيش، وتوفيره، غائبين، بالمقابل، عن تربية الأطفال، تاركينهم فريسة خارجية سهلة التأثير، لتصبح التربية تمارَس من قبل الشارع أو الأنترنت، حيث تُصنع القدوات الزائفة، وتُغرس مفاهيم معكوسة، تافهة وغير نافعة عن الرجولة، والمروءة، والقوة، والنجاح وغيرها وبات البعض لا يدرك الفرق بين الحلال والحرام، والممنوع والمسموح، بل تعدى هؤلاء على جميع القيم الدينية، والإنسانية كذلك.
وفي السياق نفسه، ترى المختصة الاجتماعية مروة محمودي، أن الأزمة أعمق مما تبدو عليه، قائلة "نحن لا نعيش، فقط، أزمة أخلاق، بل أزمة مجتمعية بكاملها، فالشباب اليوم يعانون من فقدان الهوية، من التهميش، من البطالة، ومن انعدام الأمل في المستقبل، ليس بالتحديد واقع، لكن صورة نمطية رسمها البعض حتى قبل إكماله المدرسة الابتدائية؛ أي في مرحلة لم يسطّر المستقبل بعد، ليفضل حينها الشارع لإعطاء دروس في الحياة، وهذا يعود الى نوع من انعدام الرغبة حين يفقد الإنسان معنى الانتماء والأمان يسهل عليه تبرير سلوكه الإجرامي، بل يعدُّه وسيلة للبقاء حتى وإن كان يدرك أنه خطأ، إلا أنه يقنع نفسه بعد فترة، بأن لا خيار لديه".
التطبيع مع العنف واستصغار الجرم
وتضيف المختصة أن مواقع التواصل الاجتماعي رغم ما توفره من فرص للتواصل والتعبير، فقد ساهمت في تعميق الفجوة القيمية؛ حيث بات التطبيع مع العنف، والسخرية من الضحية، واستصغار الجرم، أمرا شائعا.
و " ما يزيد الطين بلة "، تقول المختصة، هو ضعف الردع القانوني أو بالأحرى عدم فعالية العقوبات، حيث يشعر كثير من المواطنين أن القانون لا يحميهم، وأن المعتدي قد يخرج من السجن بعد فترة قصيرة، ليعود إلى ارتكاب جرائمه دون خوف من العقاب.
وأمام هذا المشهد دعت المختصة إلى رد الاعتبار للتربية الأخلاقية في المدارس، وتمكين الأسرة من أداء دورها التربوي، وتفعيل المساجد كمنابر حقيقية للإصلاح، وحوار الشباب. كما ألحّت على إصلاح الخطاب الإعلامي، والثقافي، الذي يغذّي، أحيانا، سلوكات خاطئة عن غير قصد.
وفي الأخير شددت المختصة على أهمية تنظيم أيام دراسية وإعلامية لتسليط الضوء على هذه المواضيع الحساسة، قائلة إن الحديث عن الأزمة الأخلاقية في الجزائر ليس ترفا فكريا، بل ضرورة وجودية؛ فدون أخلاق لا يمكن أيَّ مجتمع أن يصمد أمام التحديات، ولا أن يبني مستقبله دون أخلاق؛ فالأمر يستدعي وقفة صادقة قبل أن تتجاوز الأزمة حدود السيطرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.