بوغالي يعزي في استشهاد العريف أول المتعاقد عماري سيف الدين    التجارة البينية الإفريقية: عرقاب يؤكد دور مؤسسات قطاع الطاقة والمناجم في حركية التعاون مع دول القارة    وزير الخارجية الصحراوي يثمن مخرجات قمة أفريقيا-مجموعة الكاريبي وتجديدها لدعم حق الشعوب في تقرير المصير    فرنسا : الجمعية الوطنية تصوت على حجب الثقة عن حكومة فرانسوا بايرو    تصفيات كأس العالم 2026: الجزائر تتعادل أمام غينيا (0-0)    "ألنفط "تستعرض تجربتها في تنظيم المناقصات    التصدّي للممارسات التي تمسّ بالقدرة الشرائية للمواطن    الجزائر-أوغندا.. تسهيل الإجراءات الجبائية والجمركية    الفريق أول شنقريحة يعزّي في استشهاد العريف الأول المتعاقد عماري سيف الدين    الجمعية الوطنية تصوّت على حجب الثقة عن حكومة بايرو    المؤسّسات الروسية مهتمّة بالاستثمار في الجزائر    التأهل إلى المونديال يتأجل وبيتكوفيتش يثير الحيرة    الجزائر تقرّر زيادة إنتاجها النفطي    تفعيل آلية تقديم طلبات تحويل التلاميذ    سيفي غريّب يستقبل وزير التجارة والصناعة لجنوب إفريقيا    وزارة التعليم العالي تفرج عن رزنامة تحويل الطلبة    التجويع يفتك بالغزّيين    2500 ترشّح.. منها 500 لأبناء الجالية    والي الجزائر يستقبل رؤساء حكومات    حجز 20 قنطارا من "الشمة" المقلّدة    رقابة مشددة على الأسواق المحلية    ضبط 2700 كبسولة مؤثرات عقلية بالجلفة    أمطار الخريف تُحرّك السلطات المحلية    إبراز القيم الإنسانية والفكرية للأمير عبد القادر    القراءة تندثر في زمن الرقمنة    وصيّة غزّة الأخيرة    مجلس الأمة يشارك بالقاهرة في أشغال الدورة ال39 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي    ورشة دولية بالجزائر حول ملفات التسجيل ضمن قائمة التراث العالمي الخاص بمنطقتي إفريقيا والدول العربية    المجلس الشعبي الوطني يشارك في المؤتمر الدولي الحادي عشر للبرلمانيين الشباب بليما    التجارة البينية الإفريقية: توقيع عقود تتجاوز 300 مليون دولار بين مؤسسات جزائرية و نظيراتها الإفريقية    دراجات جبلية: عمر زقاي يتوج بالفضة في طواف الرأس الطيب    ارتفاع في درجات الحرارة وأمطار رعدية اليوم وغدا بعدة ولايات من البلاد    بطولة إفريقيا للأمم لكرة اليد أقل من 19 سنة إناث: الجزائر تفوز على مالي (39-16) وتحقق انتصارها الثاني    الجزائر-موزمبيق: التزام بتعميق الِتعاون الثنائي وتمسك بتقاليد التضامن التاريخي المشترك    انهيار غير مسبوق للأخلاق وارتفاع رهيب في الجريمة    أنا ولية… ما تفضحنيش".. سرقات نسائية تحت أعين الكاميرات    الجزائر تفرش بساطها السياحي لضيوفها من القارة    قطاع الصيدلة سيشهد توقيع عقود بقيمة 400 مليون دولار    هذه حسابات تأهل الخضر إلى المونديال    أولمبي آقبو ينفرد بالصدارة    مستوطنون يقتحمون الأقصى    تجسيد برنامج تمويل المشاريع الموجّهة للشباب    الوفد الجزائري لألعاب القوى يحلّ بطوكيو    زيارات فجائية للمؤسسات والمراكز المتخصصة    عقود ب400 مليون دولار في الصناعات الصيدلانية    اتهمتها بمحاولة الالتفاف على قرار محكمة العدل الأوروبية..جمعية صحراوية تندد ب"المناورة الجديدة" للمفوضية الأوروبية    تنعقد اليوم بجنيف..ندوة دولية حول عواقب تجاهل القانون الدولي للصحراء الغربية    9 بلدان تحجّ إلى مدينة الجسور للمشاركة في المهرجان الدولي    قصة ثمرة صغيرة صنعت هوية مدينة    مرحلة جديدة من أشغال الريادة والاستكشاف بموقع "مرسى الدجاج"    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    شراكة بين "صيدال" وشركة "أب في" الأمريكية    الإعلان عن قائمة الوكالات المؤهلة    اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    المولد النبوي يوم الجمعة    يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    ذكرى المولد النبوي الشريف ستكون يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة الأخلاقية في المنطقة العربية
نشر في أخبار اليوم يوم 26 - 09 - 2018


بقلم: محمد هنيد
من أهم الخلاصات التي يقر بها المختصون وغير المختصين اليوم في المنطقة هي التراجع الكبير للمنظومة الأخلاقية في الكثير من البلدان العربية.
لا تتعلق المسألة فقط بالمنظومة الأخلاقية الفردية والسلوكيات الجماعية ككل بل تطال منظومة القيم في بعدها الأعمق وخاصة وجهها الثقافي والسياسي والحضاري العام.
تفسيرات متعددة
يرى كثيرون أن هذه الظاهرة هي نتاج طبيعي للوضع العربي المتردي والآخذ في الانحدار العميق وهو ما يجعل من النسق الأخلاقي جزءا من البنية العامة للأمة ينحدر بانحدارها ويرتفع بارتفاعها.
قراءة أخرى ترى العلاقة سببيةً بين انحدار الأمة من جهة وبين انحدار نسقها القيمي من جهة أخرى أي أن المشهد الذي نرى اليوم سواء على المستوى الفردي أو الجماعي الحضاري إنما هو نتيجة لانهيار أخلاق الفرد والمجتمع الذي يسبقها ويتسبب فيها ولكنه ليس موازيا لها. الخلاف إذن ليس في الإقرار بوجود الظاهرة بل هو يتمحور أساسا حول تفسير الظاهرة وبيان أسبابها.
البعد الفردي هو أكثر المستويات ظهورا بسبب طبيعته المباشرة المتعلقة بالسلوك اليومي للفرد وبمجمل التقاطعات التي يفرضها فعله المدني وحركته الاجتماعية بما هي قائمة على التبادل والتواصل والتقاطع والاختلاف وحتى على التصادم.
من جهة أخرى يمثل السلوك الفردي النواة الأصغر التي يتشكل منها سلوك المجموعة والمجموعات التي تحدد قيم المجتمع العامة وترسم حدودها. لكن لا بد من التسليم منهجيا بأنه لا يمكن فصل الفردي عن الجماعي تأثيرا وتأثرا ولا يمكن كذلك قراءة السلوك الجمعي بمعزل عن تطبيقاته الفردية وليس الفصل بينهما إلا فصلا منهجيا نظريا فحسب.
إن تفشي الجريمة والانحراف والعنف واستهلاك المخدرات والتحرش والانقطاع المبكر عن الدراسة وغيرها من المظاهر السلوكية الاجتماعية تؤشر على ارتفاع منسوب الانحراف الاجتماعي وتراجع الوازع الأخلاقي في المجتمعات العربية بشكل كبير جدا.
لا يمكن تحليليا تتبع كل الأسباب الكامنة وراء انتشار هذه الظواهر السلوكية المرضية لكن لا شك أن للأسرة والمجتمع دورا أساسيا في انتشارها أو في عجزها عن الحد منها على الأقل. هذا الإقرار يتأتى من طبيعة الظواهر الإنسانية نفسها وتميزها بخاصية التركيب والتعقد حيث تدخل في تفسير الظاهرة الواحدة عوامل كثيرة معقدة وغير قابلة أحيانا للدراسة الكمية والتحليل العلمي الصرف ككل حقول العلوم الإنسانية.
جرائم صادمة
تسجل الجريمة مثلا في المنطقة العربية مستويات مرتفعة بل إن بعض أنواع الجرائم أصبحت تصيب المتابع بالصدمة بسبب بشاعتها ووحشيتها. شهدت تونس مثلا في سنة 2017 2018 مجموعة من جرائم القتل والاغتصاب التي لم تعرفها البلاد طوال تاريخها الحديث وهي جرائم لا تمثل حالات فردية نادرة كما كانت سابقا بل صارت تتكرر بشكل لافت وفي صمت تام من الدولة ومن المؤسسات الرقابية المسئولة عن قراءة جذور هذه الظواهر ومعالجتها.
لكن بعض المراقبين يرى في هذه الظاهرة سلوكا قديما لم يكن يحظى بالتغطية التي توفرها له اليوم مواقع التواصل الاجتماعي القادرة على خلق الشعور بالصدمة وتضخيم الحدث وتسهيل انتشاره أي أن التهويل من الجرائم الأخلاقية والانحرافات الاجتماعية إنما مرده إعلامي تواصلي وليس اجتماعيا قيميا بالضرورة. لكن كيف يمكن تفسير الإحصاءات الصادرة عن المؤسسات الرقابية او تلك الصادرة عن المحاكم والدوائر القانونية في أكثر من قطر عربي؟
الفاعل السياسي
لا يمكن من جهة أخرى فصل الأزمة القيمية والأخلاقية العربية عن فاعل أساسي وهو الفاعل السياسي حيث يتمثل دور السياسي في ترسخ ظاهرة الفساد والتسبب بها وتغذيتها حسب كثير من القراءات. إن الفساد السياسي وغياب القيم السياسية يشكل عنصرا أساسيا في تفسير الوضع القائم عربيا. لكن كيف يمكن تفسير دور السياسي في تخريب النسيج القيمي وماذا يستفيد من ذلك؟
لا يمكن للحكم الاستبدادي أن يقوم وأن يرسخ قدمه أو أن يدوم دون صناعة شروط بقائه وعلى رأسها المناخ الاجتماعي الخاص به والقابل به. لا يمكن مثلا في دولة ديمقراطية مثل دولة السويد مثلا تغطية جرائم النهب والسرقة والسطو على المال العام وتشجيع الجريمة والانحراف مثلما يحدث في دولة مثل مصر أو مثل تونس أو غيرها من المنظومات الاستبدادية العربية.
يخلق النظام السياسي الفاسد شروط الفساد الملائمة له في المجتمع وعلى مستوى الأفراد ليخلق شروط القابلية للفساد. لا يمكن لمنظومة الحكم الاستبدادي إلا أن تكون فاسدة ولا يمكن لها أن تعمل إلا في فضاء يوازيها في الفساد أو على أقل تقدير في القبول بالفساد وغض النظر عنه. الرشوة مثلا هي مثال صارخ على هذا النوع من الفساد الاقتصادي والاجتماعي التي تشارك فيها الدولة ويتورط فيها المجتمع ويمارسها الأفراد تحت ضغوط وإغراءات شتى وهي كذلك نموذج مصغر عن منطق الرشاوى الكبرى التي يمارسها النظام نفسه عندما يتعلق الأمر بتبديد الثروة الوطنية أو إبرام الصفقات المشبوهة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.