وزير الداخلية خلال تنصيبه للولاة: الحركة الجزئية تهدف إلى إضفاء ديناميكية جديدة    وثائقي من إنتاج مديرية الإعلام والاتصال لأركان الجيش: الجزائر الجديدة.. إنجازات ضخمة ومشاريع كبرى    مع انطلاق حملة مكافحة الحرائق: منع التخييم والتجول بالغابات بداية من الأربعاء بقسنطينة    خنشلة: توقيف 12 شخصا في قضايا مختلفة    عطاف يُستقبل بالرياض من قبل رئيس دولة فلسطين    صراع أوروبي على عمورة    حوادث المرور: وفاة 4 أشخاص بتيبازة وتيزي وزو    لأول مرة في تاريخ القضاء الجزائري: رئيس الجمهورية يمنح قضاة المتقاعدين لقب "القاضي الشرفي"    إياب نصف نهائي كأس الكونفدرالية: الاتحاد متمسك بموقفه وينتظر إنصافه بقوة القانون    بطولة الرابطة الثانية    كشف عنها وزير المالية وسجلتها المؤسسات المالية الدولية: مؤشرات خضراء للاقتصاد الوطني    رفض الكيل بمكيالين وتبرير الجرائم: قوجيل يشجب تقاعس المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية    وزير المجاهدين و ذوي الحقوق من جيجل: معركة السطارة من بين المعارك التي خلدها التاريخ    الإقبال على مشاهدته فاق التوقعات    لا صفقة لتبادل الأسرى دون الشروط الثلاثة الأساسية    10 % من ذخائر الاحتلال على غزّة لم تنفجر    التسجيل الإلكتروني في الأولى ابتدائي في 2 ماي المقبل    استئناف أشغال إنجاز 250 مسكن "عدل" بالرغاية    مباشرة إجراءات إنجاز مشروع لإنتاج الحليب المجفف    الجولة 24 من الرابطة المحترفة الأولى "موبيليس": تعادل منطقي في داربي الشرق بين أبناء الهضاب وأبناء الزيبان بين والساورة تمطر شباك اتحاد سوف بسداسية كاملة    البنوك تخفّض نسبة الفائدة على القروض قريبا    الفريق أول السعيد شنقريحة : "القيادة العليا للجيش تولي اهتماما كبيرا للاعتناء بمعنويات المستخدمين"    الرئيس تبون يمنح لقب "القاضي الشرفي" لبعض القضاة المتقاعدين    بسكرة: ضبط ممنوعات وتوقيف 4 أشخاص    مظاهرات الجامعات يمكن البناء عليها لتغيير الموقف الأمريكي مستقبلا    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    رياض محرز ينتقد التحكيم ويعترف بتراجع مستواه    بيولي يصدم بن ناصر بهذا التصريح ويحدد مستقبله    لحوم الإبل غنية بالألياف والمعادن والفيتامينات    حساسية تجاه الصوت وشعور مستمر بالقلق    هدم 11 كشكا منجزا بطريقة عشوائية    دورة تكوينية جهوية في منصة التعليم عن بعد    إنجاز جداريات تزيينية بوهران    15 ماي آخر أجل لاستقبال الأفلام المرشحة    أكتب لأعيش    الاتحاد لن يتنازل عن سيادة الجزائر    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    استفادة كل ولاية من 5 هياكل صحية على الأقل منذ 2021    العدوان الصهيوني على غزة: سبعة شهداء جراء قصف الاحتلال لشمال شرق رفح    وزير النقل : 10 مليار دينار لتعزيز السلامة والأمن وتحسين الخدمات بالمطارات    جيدو /البطولة الافريقية فردي- اكابر : الجزائر تضيف ثلاث ميداليات الي رصيدها    محسن يتكفل بتموين مستشفى علي منجلي بخزان للأوكسيجين بقسنطينة    ندوة وطنية في الأيام المقبلة لضبط العمليات المرتبطة بامتحاني التعليم المتوسط والبكالوريا    غزة: احتجاجات في جامعات أوروبية تنديدا بالعدوان الصهيوني    الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات: مضمار الرياضات الحضرية يستقطب الشباب في باب الزوار    استثمار: البنوك ستخفض قريبا معدلات الفائدة    شهد إقبالا واسعا من مختلف الفئات العمرية: فلسطين ضيفة شرف المهرجان الوطني للفلك الجماهيري بقسنطينة    رئيس لجنة "ذاكرة العالم" في منظمة اليونسكو أحمد بن زليخة: رقمنة التراث ضرورية لمواجهة هيمنة الغرب التكنولوجية    نحو إعادة مسح الأراضي عبر الوطن    تجاوز عددها 140 مقبرة : جيش الاحتلال دفن مئات الشهداء في مقابر جماعية بغزة    ندوة ثقافية إيطالية بعنوان : "130 سنة من السينما الإيطالية بعيون النقاد"    مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة: الفيلم الفلسطيني القصير "سوكرانيا 59" يثير مشاعر الجمهور    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هجومات 20 أوت 1955م بالشمال القسنطيني ذكرى وعبرة وقيم تتجدد عبر الأجيال

تظل هجومات 20 أوت 1955م واحدة من أهم الذكريات النضالية المجيدة في تاريخ الجزائر، فالأحداث العظيمة تنمو وتكبر قيمتها مع مرور الزمن، وتظل معانيها وقيمها خالدة في نفوس الشعوب، نظراً لما تستمده منها من زخم وصور خالدة تبث الثقة في النفوس،فمراحل النضال والانتصار تعتبر صفحات خالدة تفرض على الأجيال المعاصرة أن تعتني بها عناية بالغة من أجل تحقيق تواصل تاريخي وحضاري يربط الماضي بالحاضر، ويبني جسور تواصل وطيدة بين السلف والخلف وينير الدروب.
إن هجومات 20 أوت 1955م تعتبر من المحطات المفصلية التي مرت بها ثورة التحرير المجيدة، وهي الحدث الأبرز الذي حقق الكثير من الإنجازات الكبيرة للثورة الجزائرية في عامها الأول، كانت لها تأثيرات عميقة على مسار الثورة وتطورها، وانعكست نتائجها على المستوى المغاربي والإقليمي.
لقد تعددت المراجع التي كتبت عن هجومات 20 أوت 1955م، فقد قدم الكثير من المجاهدين مجموعة من الروايات والشهادات عن الوقائع من وجهات نظرهم، ومن الزاوية التي كانت تتراءى لهم منها الأحداث، ومن خلال هذه الورقة نسعى إلى تسليط الضوء على مجموعة من الشهادات التي فصّلت في وصف ذلك اليوم العظيم، كما نحاول التوقف مع أهم المناطق التي شملتها تلك الهجومات العظيمة.
فمما لا يشوبه شك أن إلقاء الضوء على مجريات ووقائع حوادث 20 أوت 1955م بالشمال القسنطيني -الولاية الثانية يكشف من حين إلى آخر جملة من الحقائق التاريخية البالغة الأهمية، يقول العقيد الراحل علي كافي: «إن فكرة عملية 20 أوت 1955 كانت بمبادرة شخصية من البطل الشهيد زيغود يوسف، وتحمّل خطورة مسؤولية نتائج العملية إن لم تسر على ما يرام وحسبما يرجى منها»، وقد فكر زيغود يوسف في البدء أن يشمل ذلك الهجوم كافة أرجاء التراب الوطني ويستمر لمدة أسبوع كامل، بيد أن الظروف الصعبة التي كانت تمر بها الثورة في تلك الفترة لم تكن تسمح بتعميمه ليشمل كامل القطر، فقرر تنظيمه في المنطقة التي يقودها منطقة الشمال القسنطيني . وعن الخلفيات التي سبقت هجومات 20 أوت 1955م يذكر الرئيس المجاهد علي كافي -رحمه الله- في مذكراته في القسم الذي خصصه للحديث عن تلك الهجومات ووسمه ب«بداية ثورة الشعب على الاستعمار» أن ربيع 1955م شكل مرحلة مخاض عسير وضع المنطقة في مفترق طرق، وهذا ما جعل قيادة المنطقة تختار وتحسم وترمي بثقلها في ميزان التاريخ، يقول في هذا الصدد: «إن مسؤولي المنطقة لم يكن يخيفهم رد فعل العدو فهم محصنون بالقناعة الثورية، وليس مثل موقف رؤساء الأحزاب والمترددين والمشككين. فقد دبروا وتوقعوا كل هذا قبل الانطلاقة وأعدوا له العدة في الوقت المناسب، ولكن الشغل الشاغل لهم هو الأسلحة واحتواء الشعب للثورة واحتضانها وتبنيها عن قناعة والتزام ومسؤولية. فهي ثورة شعبية من الشعب وإليه، وكل هذا يتطلب تخطيطاً وتفكيراً ثورياً موضوعياً واستعداداً كبيراً للتضحية والفداء، وبالتالي مواصلة العمل مهما كان الثمن وتكريس التواجد في كل شبر من تراب المنطقة، تواجد جنود جيش التحرير الممثل الحقيقي والوحيد للثورة والمدافع الحقيقي والوحيد عن الشعب ومكاسب الثورة.
ومن الخلفيات الأساسية التي سطرتها قيادة المنطقة للإعداد ل20 أوت هي تحصين الثورة وحمايتها خاصة بعد عمليات الاعتقال وصعوبة الاتصال، ومحاولة خنق الثورة في المهد من طرف القوات الاستعمارية ومن بعض الجزائريين القياديين المتربصين بها، ومن هنا تبدأ عبقرية القيادة وعلى رأسها زيغود يوسف للإعداد لعشرين أوت 1955م، وفي هذا الوقت بالذات بدأت تعزيزات جنود قوات الاحتلال تتوافد على الشمال القسنطيني تحت قيادة الجنرال ألارد، قائد منطقة الشمال القسنطيني آنذاك، كما وضع العقيد ديكورنو مقر قيادته في الحروش، والهدف هو ضرب المنطقة الثانية وإخماد الثورة فيها، على إثر شبه الصمت الذي عم المنطقة الأولى بعد اعتقال بن بولعيد.
وفي قسم خاص وسمه ب«هكذا تم الإعداد ل20 أوت 1955م» ذكر العقيد علي كافي، أن شهر جويلية 1955م شهد اجتماعاً في دشرة الزمان في دار رابح يونس في الطريق الجبلي الرابط بين سكيكدة والقل، بين مسؤولي الناحية الثانية، تم تبعه اجتماع موسع لجميع جنود وضباط المنطقة الثانية في دار المجاجدة، وقد حضر هذا الاجتماع عمارة بوقلاز عن ناحية سوق أهراس، وقد تسلم القادة الأوامر والتعليمات من زيغود استعداداً لليوم المشهود، وبعد اجتماع المجاجدة وصل كل من بن طوبال وعمار بن عودة كل على حدة،وتسلما التعليمات، وقد تم التوزيع بإسناد الناحية الأولى لبن طوبال وهي تبدأ من سوق الاثنين غرباً إلى وادي الرمال شرقاً، وجنوباً ميلة، قرارم إلى تلاغمة وتشمل العلمة وإلى غاية مدينة سطيف. أما زيغود فقد تولى الناحية التي تراسم ناحية بن طوبال غرباً وناحية بن عودة شرقاً وتمتد من قالمة إلى الساحل إلى الحدود التونسية. ومن بين ما نبه إليه العقيد علي كافي، أنه تفنيداً لجميع المزاعم والتزييفات التي روجت بأن عمليات 20 أوت كانت مرتجلة، فقد تبين أن الإعداد دام ثلاثة أشهر، كما أن اختيار أماكن العمليات كان مدروساً ودقيقاً ومضبوطاً، ويخضع لشروط أساسية ثلاثة:
1- أبعاد العملية يجب أن يتحسس بها الجميع إلى أبعد حد.
2- جمع ونقل وتخزين الأسلحة وتجمع المشاركين يجب أن يتم دون مشاكل أو صعوبات.
3- الانسحاب يجب أن يتم في أحسن الظروف.
يضاف إليها بث فقدان الأمن في صفوف قوات العدو والمعمرين وغلاة الاستعماريين وزرع الرعب فيهم.
وقد حددت أهداف الهجوم بأنها تشمل جميع المواقع العسكرية من ثكنات ومراكز البوليس والجندرمة والمؤسسات الاقتصادية ومعاقل الأوروبيين، وقد خطط على:
- أن يتم الهجوم في وضح النهار حتى تشاهد الجماهير الشعبية جنودها وتلتحم بهم لرفع المعنويات ولتحطيم قوة العدو.
- تتواصل العملية ثلاثة أيام لكل يوم أهدافه.
- إعدام من لم يستجب لنداء الثورة وتحالف مع العدو.
- تسليم مشعل الثورة للجماهير.
- فك الحصار عن المنطقة الأولى.
- حث باقي المناطق على النهوض حتى تشمل الثورة جميع ربوع الوطن.
- وضع خط أحمر أمام كل متردد.
- الإصداع باللا عودة بعد هذا اليوم.
- 20 أوت تضامن فعال وبالدم مع الشعب المغربي في ذكرى نفي محمد الخامس.
- استكمال شمولية الكفاح في كامل أرجاء المغرب العربي وذاك أحد أهداف أول نوفمبر.
- القضاء على التعتيم الإعلامي الغربي، وإسماع صوت الثورة في المحافل الدولية.
إنها قمّة التحدي وحكمة التخطيط وروعة الفداء.
وفي سياق الخلفيات التي سبقت هجومات 20 أوت 1955م، يشير الدكتور عامر رخيلة، إلى أنه "يخطئ من يعتقد بأن الساسة والعسكريين الفرنسيين تعاملوا مع الثورة التحريرية عسكرياً بالمستوى الذي تقتضيه محدودية الأحداث والعمليات التي قامت بها طلائع نوفمبر، وقد تميزت تصريحات الساسة الفرنسيين بالإصرار على تأكيد الطروحات المعهودة بشأن الوضع في الجزائر، مؤكدين تمسكهم بوحدة فرنسا التي تعتبر الجزائر جزءاً لا يتجزأ منها، وهو الأمر الذي لم يسبق أن اختلف بشأنه اليمين واليسار الفرنسيين".وعلى الصعيد العسكري أعلنت السلطات الفرنسية إنشاء مناطق محرمة لتبدأ بذلك سياسة حربية قائمة على وسائل القمع والاضطهاد من خلال:
- شن عمليات تمشيط واسعة بالأوراس وبلاد القبائل ومعظم مناطق الشرق الجزائري.
- إجلاء السكان وتحويلهم بعد حرق مداشرهم وشن حملات اعتقال في صفوفهم.
- فتح محتشدات واعتمادها كمراكز إيواء معزولة.
- اتخاذ جملة من الإجراءات الردعية والزجرية ضد المدنيين في المدن والقرى، وبحلول سنة 1955م عرفت الساحة العسكرية بالنسبة للطرف الفرنسي دعماً كبيراً، إذ تدعمت القوات الفرنسية العاملة في الجزائر بقوات جديدة لتصل إلى ضعف ما كانت عليه عند اندلاع الثورة، إذ بلغت في 26 فيفري 1955 حوالي 80.300 عسكري وهو الرقم الذي ظل يزداد ارتفاعاً طيلة سنوات الحرب، ونالت فرنسا تزكية حلفائها في الحلف الأطلسي لحربها في الجزائر من خلال إعلان الحلف الأطلسي في 26 مارس 1956، تدعيمه للحكومة الفرنسية لوجستياً ومالياً لمواجهة الثورة الجزائرية.
والملاحظ أن الثورة التحريرية عرفت خلال العشرة شهور الفاصلة بين اندلاع الثورة و20 أوت 1955م جملة من الأحداث المعرقلة لمسارها، يمكن ذكر بعضها فيما يلي:
- حملة الاعتقالات التي شملت المناضلين مما كان له أثره البين على إمكانات التجنيد في صفوف الجبهة، وهو الأمر الذي كانت عمليات الاعتقال تستهدفه -أي الحد من تجنيد الجبهة-.
- السقوط المبكر لبعض القادة في ساحة المعركة مثل: استشهاد بن عبد المالك رمضان يوم 4 نوفمبر، باجي مختار يوم 19 نوفمبر،قرين بلقاسم يوم 29 نوفمبر، ديدوش مراد يوم 18جانفي1955، وغيرهم من المجاهدين الأوائل.
- إلقاء القبض على قادة من جبهة التحرير الوطني وكان أولهم مصطفى بن بولعيد بتاريخ 11 فيفري 1955، وهو قائد منطقة الأوراس،ليتم في الشهر الموالي وبالتحديد يوم 23 مارس 1955 اعتقال رابح بيطاط قائد المنطقة الرابعة.
- ظهور الحركة المصالية اثر اندلاع الثورة مباشرة، وما كان لذلك من تأثير على الرؤية السليمة للمناضلين والمواطنين لما يجري على الساحة من صراع خاصة وأن تأثير شخصية مصالي، على المناضلين في الجزائر والمهجر إلى ذلك الوقت لا يمكن لأي كان الطعن فيها.
- فرض السلطات العسكرية حصاراً شديداً على منطقة الأوراس وتشديد الخناق عليها.
فلا شك في أن الهدف الرئيس للاحتلال الفرنسي هو القضاء على الثورة في عامها الأول، وجعلها مجرد انتفاضة محلية وجهوية لا غير،وذلك ما صرح به جل المسؤولين الفرنسيين لتضليل الرأي العام، وعزل الثورة عن الشعب وتطويقها وإخمادها، ولذلك فقد وجهت فرنسا ثقلها العسكري إلى منطقة الأوراس، وقد جاءت هجومات 20 أوت 1955م لتنسف جميع الادعاءات والأكاذيب الفرنسية، وتؤكد شمولية الثورة الجزائرية المظفرة، ووفق ما جاء في شهادة المجاهد أحمد هبهوب، التي رواها الأستاذ عثمان الطاهر علية فالأهداف التي كان يصبو إلى تحقيقها زيغود يوسف هي:
1- فتح أبواب الثورة على مصراعيها أمام جميع المواطنين الجزائريين لدخول المعركة، وبذلك تصبح ثورتنا ثورة مجموع الشعب كله بدلاً من أن تبقى محدودة في مجموعات صغيرة من الرجال.
2- الضغط على القوات الفرنسية التي تضرب طوقاً محكماً على منطقة الأوراس وإجبارها على الانسحاب منها وتشتيت شملها، وذلك حتى لا تترك المجال مفتوحاً أمامها لتجميع قواها والقضاء على خلايا ثورتنا الحية خلية بعد خلية.
3- التعبير عن التضامن والتكاثف مع الشعب المغربي بعد اعتقال ونفي الملك محمد الخامس.
4- القضاء على الدعاية الفرنسية الزاعمة بأن ثورة الجزائر مستوحاة من الخارج وليست نابعة من صميم الشعب الجزائري.
5- أما الهدف الأسمى فهو تسجيل القضية الجزائرية في جدول أعمال الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة.
وبالنسبة إلى تحديد يوم السبت 20 أوت 1955م موعداً للهجوم، فهذا الأمر يرجع إلى سببين:
1- يمثل هذا اليوم نهاية الأسبوع وبداية العطل والإجازات للجنود الفرنسيين ورجال الشرطة والدرك.
2- في مثل هذا اليوم يعرف سوق سكيكدة حركة كبيرة، حيث يتوافد إليه عدد كبير من المواطنين من مختلف المناطق مما يسهل المهمة لجنود جيش التحرير الوطني للدخول إلى المدينة في زي تنكري مدني يتم من خلاله إخفاء الألبسة العسكرية والأسلحة.
وقد حدد منتصف النهار كونه يتزامن مع خروج الأوروبيين من عملهم لتناول وجبات الغذاء، وبالتالي تسهل مهمة تنفيذ الهجوم،وبالنسبة إلى التحضيرات العسكرية والبشرية التي سبقت الهجوم "فقد كانت عملية توفير السلاح لتزويد المجاهدين وتدريب المواطنين وتوفير اللباس العسكري من أهم المشاكل التي طرحت خلال الاجتماع الذي سبق وأن تحدثنا عنه، خاصة أن السلطات الاستعمارية شددت رقابتها وكثفت عمليات التفتيش بحثاً عن السلاح لدى المواطنين وفرض العقوبات على كل محرز للسلاح، كما فرضت القيود على بيع البنزين والكيروسين خوفاً من استغلالها في صنع قنابل المولوتوف، وتصدياً لكل هذه المشاكل عيّن زيغود يوسف مسؤولين للإشراف على عملية التنظيم العسكري عن طريق:
- تحديد المهام والمسؤوليات وتوزيع المسؤولين على جميع النواحي قصد توفير الشروط المادية والبشرية والمعنوية لإنجاح عملية الهجوم.
- جمع الأسلحة والذخيرة الحربية ومعدات الهجوم والألبسة والتموين وتخزينها للوقت المناسب وجمع الأدوية ووسائل العلاج.
- تكليف بعض المواطنين من ذوي الخبرة بصنع القنابل الحارقة (مولوتوف) وصنع القنابل اليدوية من علب السردين والطماطم.
- إحصاء مراكز العدو وثكناته وعدد قواته وعتاده الحربي مع دراسة شاملة لوضعيتها الاستراتيجية.
- التدريب العسكري للمسبلين والمناضلين الذين أصرت قيادة المنطقة الثانية على إشراكهم بأعداد كبيرة في الهجوم.
أما أسلوب القتال مع العدو فقد اعتمد على حرب العصابات، مع حسن الاختيار الدقيق لأماكن العمليات لتمكين المهاجمين من الاحتماء بها بعد تنفيذ مهامهم. وقد تجسدت التحضيرات البشرية في جمع المجاهدين والمسبلين والمناضلين بعيداً عن أعين الاستعمار، قصد تشكيل أفواج الهجوم وتوزيع الأسلحة عليهم وإطلاعهم على الأهداف المحددة للهجوم، وقد نهض بهذه المهمة كل مسؤول في ناحيته، إذ عينهم زيغود يوسف، لإتمام التحضيرات المادية والبشرية والمعنوية، وقد تمت هذه العملية في سرية تامة إلى غاية 19 أوت 1955م، حيث اطلعت عليها أفواج الهجوم التي تشكلت في جميع نواحي المنطقة وهي كالتالي: مدينة سكيكدة وضواحيها، ناحية الحروش، ناحية سمندو، ناحية الميلية، ناحية القل، ناحية قسنطينة، ناحية وادي الزناتي. هكذا وبعد وضع اللمسات الأخيرة لمخطط الهجوم، وتحديد أماكن وأهداف كل الأفواج المشاركة تقرر مع بداية العمليات العسكرية رفع العلم الجزائري، وأن تكون إشارة انطلاقتها إعلاء كلمة الجهاد في سبيل الله.
يصف المؤرخ الراحل الدكتور يحيى بوعزيز رحمه الله هجومات 20 أوت 1955م بقوله: "وكان شهر أوت 1955م مرحلة جديدة في زحف الثورة وتقدمها إلى الأمام، ففي سكيكدة قام المناضلون والجنود من جيش وجبهة التحرير الوطني بإلقاء القنابل على محلات المعمرين، ونظموا هجوماً جريئاً على المدينة ضد غلاة الاستعمار وأذنابه وأضرموا الحرائق في ساحاتها، وأتلفوا عدداً من مزارع الكروم التي يملكها المعمرون، وذلك رداً على المجزرة الرهيبة التي ارتكبها الاستعماريون في نفس المدينة عندما ساقوا المئات من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال إلى ملعب المدينة البلدي وأعدموهم بصفة جماعية...
ولقد كان يوم 20 أوت 1955م مشهوداً ورائعاً حقاً في تاريخ الثورة، ففي هذا اليوم وعند الساعة الثانية عشرة بالضبط عند منتصف النهار، نظم جيش التحرير الوطني هجومات عسكرية جريئة على أربعين مدينة من مدن الشمال القسنطيني، ولقد كان لهذه الهجومات أصداء بعيدة جداً سواءً بالنسبة إلى الثورة أو الاستعمار، بالنسبة للاستعمار أصيب بخيبة كبيرة، وأثر ذلك على نفسية الجنود،وأصبحوا يرون في جيش التحرير الفزع الأكبر والخطر الداهم على حياتهم، ولذلك انتشرت بينهم روح التمرد والعصيان ضد الحرب في الجزائر ومقاتلة جيش التحرير، فتمرد أكثر من أربعمئة جندي فرنسي من سلاح الطيران في محطة ليون بفرنسا ورفضوا الذهاب إلى الجزائر، وفشلت كل المحاولات لإقناعهم بالرحيل فأعيدوا إلى ثكناتهم، وتمرد أكثر من 200جندي من فرقة المدفعية رقم:451 في كنيسة سان سيفيران، ووزعوا منشورات أعلنوا فيها معارضتهم لاستخدامهم كأداة لتنفيذ سياسة عنجهية ينكرها أغلب الفرنسيين المتحررين. وبالنسبة إلى الثورة واصلت زحفها وسيرها اثر انتصارات 20أوت، وجرت في شهر سبتمبر معركة الجرف الأول بجبال النمامشة في الأوراس".
وعن سير العمليات يوم الهجوم يذكر المجاهد عمار قليل، في كتابه "ملحمة الجزائر الجديدة" أن العمليات انطلقت في الساعة المحددة الثانية عشر ظهراً، فانطلقت أفواج المسبلين الذين كانوا تحت قيادة جنود جيش التحرير الوطني لتنفيذ المهام الموكلة إليهم، وداهمت كالسيل الجارف ثكنات الجيش الفرنسي وشرطته ودركه، بالإضافة إلى محلات المعمرين الأوروبيين الذين أخذتهم المفاجأة، حيث لم يكونوا يتوقعون هجوماً بهذه الكثافة والاندفاع في منتصف النهار، هذا ما جعلهم يقعون في ارتباك وهلع لا مثيل له، بينما انطلق المجاهدون والمسبلون في تنفيذ مهامهم وسط صيحات التكبير والدعوة إلى الجهاد، وما هي إلا ساعات معدودة من تطبيق عملية الهجوم الظافرة، حتى بدأ المستعمرون يستعيدون صوابهم، وبدأوا في استدعاء الفيالق العسكرية التي من بينها الفيلق التاسع لسلاح المدفعية التي حضرت خصيصاً من (كوبلنسن) لتطهير منطقة سكيكدة وضواحيها، ووصل الغضب بقوات الجيش الفرنسي حد الجنون، حيث قاموا بتطويق مدينة سكيكدة من جميع الجهات، وقاموا بصب وابل رصاصهم على السكان والمهاجمين، حيث سقط القتلى بالمئات،وارتفعت حمى القتل والانتقام وسط الجيش الفرنسي الذي اقتحم البيوت والمحلات، ساق المئات من أبناء الشعب الجزائري تحت تهديد السلاح صوب الملعب البلدي، وهناك تعرضوا إلى إبادة جماعية، فدفن آلاف القتلى وبعضهم ما زالت دماؤه تنزف، ولم يتوقف الأمر على القتل فحسب، بل إن عمليات حرق المساكن الشعبية والأكواخ والمزارع وحتى الحيوانات التي تخص الجزائريين انتشرت في معظم مناطق الشمال القسنطيني، شارك المعمرون المدججون بالسلاح جنباً إلى جنب مع الجيش والدرك والشرطة في تنفيذ هذه المهام، كانت حصيلة هذا الهجوم استشهاد 700جزائري جلهم من مدينة سكيكدة وضواحيها، وغالبيتهم من المسبلين مع أعداد قليلة من المجاهدين".
كما يشير المجاهد عمار قليل، إلى أن سير العمليات بمنطقة الميلية اختلف عن مثيلاتها في منطقة سكيكدة، وذلك يرجع إلى اختلاف التكتيك الذي اتبع، فقد كانت هذه المنطقة الممتدة من عين قشرة حتى وادي ابرجانة تقع تحت قيادة «مسعود بوعلي» وهو مساعد للأخضر بن طوبال، فقد قام مسعود بوعلي بتنظيم المجاهدين والمسبلين وتحضيرهم للهجوم على الأهداف المحددة، مراعياً في ذلك أن يكون الاعتماد في تنفيذها على المجاهدين بالدرجة الأولى، ويكون الشعب ومعه مجموعة من المسبلين خلفهم، وذلك على خلاف ما حصل في المناطق الأخرى حيث كان إقحام الشعب وسط المجاهدين سبباً في وقوع الكثير من الضحايا وفق رؤية المجاهد عمار قليل، وهذا ما جعل العمليات في منطقة الميلية تكلل بالنجاح دون حصول خسائر تذكر في صفوف الشعب، ومن أبرز العمليات التي نفذت في منطقة الميلية، ودامت ثلاثة أيام متتالية «نصب كمين لحاكم الميلية على الطريق الرابط بين الميلية وقسنطينة على بعد 5 كلم من الميلية، إنه الحاكم (رينوا) الذي وقع في كمين وتم قتله وسقط سلاحه من السيارة -مدفع رشاش- فاغتنمه المجاهدون، بينما هرب سائقه به وهو ميت حتى دخل به إلى الميلية، إضافة إلى ذلك تم نصب عدة كمائن منها كمين زقار، الذي قتل فيه عدد من جنود العدو، وغنم المجاهدون قطعة رشاش من عيار24،29 كانت أحسن قطعة سلاح تملكها فرنسا في ذلك الوقت، كذلك كمين (حزوزاين) قتل فيه شرطي فرنسي وغنم مسدسه، وتم تحطيم عدة جسور، وقطع أسلاك الكهرباء والهاتف، وحرق شاحنات المعمرين، بالإضافة إلى تطويق مدينة الميلية من جميع الجهات وعزلها عن العالم الخارجي، بحيث التزم الجنود الفرنسيون ثكناتهم، واتخذوا موقف الدفاع والحذر، كما توج المجاهدون هجوماتهم باحتلال قرية (أراقو) -برج علي حالياً-التي كان يسكنها المعمرون، حيث تم تحريرها تماماً ورفع العلم الجزائري فوقها.
لم يتجاوز عدد الشهداء الذي سقطوا بمنطقة الميلية خلال الثلاثة أيام التي دارت فيها العمليات سوى بضعة شهداء منهم: قليل زيدان،بوزردوم علي، زرطال عبد الحميد، بغيجة بوخميس، ولقرون يوسف.
أهم المناطق التي شملتها الهجومات:
هجومات 20 أوت 1955م بناحية الميلية:
ذكر المجاهد مسعود بوعلي، مسؤول المنطقة الأولى التابعة إلى الولاية الثانية في حديث له مع «مجلة أول نوفمبر» العدد: 52 سنة1981م. أنه تم تقسيم مجموعات الفرق على النحو التالي:
- فرقة هاجمت السطارة (كاطينا سابقاً) بقيادة الشهيد علي بوزردوم.
- فرقة هاجمت عين قشرة بقيادة مزدور صالح.
- فرقة هاجمت حزوزاين (طريق سكيكدة) بقيادة قرفي عمر المدعو موسطاش، وقد شارك في هذه العملية مجموعة من المجاهدين من بينهم المجاهد حسين بوفلاقة.
- فرقة بقيادة مسعود بوعلي مكثت فوق مدخل الطريق لمدة أربع ساعات تترقب حركات العدو، وتمكنت من الاستيلاء على كمية من الأدوات التقليدية منها الفؤوس والمعاول والمذارى، وغيرها والتحقت فيما بعد بفرقة قرفي عمر وتصدت لإحدى الشاحنات وقتلت أحد الدركيين وغنمت سلاحه.
وقد تميزت الهجومات في اليوم الثاني بعدم التصدي للعدو وجهاً لوجه بعكس ما حدث في اليوم الأول، وقد تم إطلاق النيران على قوات العدو وتدمير عدة سيارات، وفي اليوم الثالث هاجمت فرقة من المجاهدين عساكر العدو في طريق عصفورة وقتلت أكثر من خمس وأربعين جندياً وغنمت مجموعة من الأسلحة.
هجومات 20 أوت 1955م برمضان جمال:
ذكر المجاهد الشبل الضيف، في حديث له مع «مجلة أول نوفمبر» العدد:51 سنة1981م،أن الهجوم تركز على أربع جهات هي:
- دخول فرقة عن طريق الشهداء.
- دخول فرقة عن طريق السطيحة.
- دخول فرقة عن طريق الحروش.
- دخول فرقة على طريق عنابة.
وبعد تطويق المدينة ومحاصرة أربعة من رجال الدرك قتل دركيان وستة من العساكر الفرنسيين، وقد وصلت بعد ساعة تعزيزات أمنية كبيرة للعساكر الفرنسيين.
هجومات 20 أوت 1955م بمجاز الدشيش:
ذكر المجاهد محمد شريم، في حديث له مع«مجلة أول نوفمبر» العدد: 48 سنة1981م أن فرقة من المجاهدين وصلت صبيحة 19 أوت 1955م إلى منطقة صفيفة بضواحي مجاز الدشيش، والتجأت إلى غابة جبل السطيحة، ومكثت بها طوال النهار، ومع غروب الشمس دخل المجاهدون القرية وتوزعوا على أرجائها،"و صبيحة الهجوم وقبيل الساعة الحادية عشر صباحاً شعرت السلطات الاستعمارية بحركة غير عادية وسط السكان الشيء الذي أدى بقوات العدو إلى أن تتحرك بسياراتها ومصفحاتها وفي تلك الأثناء اكتشفت قوات العدو خطة المجاهدين، وبدأت طلقات نيران المجاهدين خارج القرية تسمع بصورة متقطعة خاصة في مرتفع (بوساطور) وهنا بادرت قوات العدو إلى محاصرة القرية عن طريق نجداتها الضخمة، وفي منتصف النهار أخذت فرقة المجاهدين مكانها المحدد، وتحددت إشارة الهجوم بسماع صوت (الرواقا) الذي يطلق في منتصف نهار كل يوم، وبدأ الهجوم في الوقت المحدد وذلك من طرف فصيلة على إثر نصب كمين لقوات العدو دمرت خلاله سيارة جيب بمن فيها، واستطاعت بواسطة بندقية ستان انجليزي، وموسكوطو إيطالي الصنع وكمية هامة من بنادق الصيد أن تقاوم بشدة، في حين ركز جنود العدو نيران رشاشاتهم على كل من صادف طريقهم".
هجومات 20 أوت 1955م بالحروش:
انطلق المجاهدون إلى مبنى الضيعة يوم 19 أوت 1955م، "وفي مدينة الحروش إحدى دوائر ولاية سكيكدة حالياً، اكتسى هجوم الثوار الذي تمركز في دار العدالة طابعاً مثيراً للغاية اضطرت معه القوات الاستعمارية إلى مواجهة كبيرة دامت أربع ساعات".
وقد روى المجاهد العايب الدراجي، تفاصيل ذلك اليوم لمجلة «أول نوفمبر» العدد: 47 سنة 1980م، حيث جاء في شهادته: "بات المجاهدون بمبنى الضيعة على أمل أن يحين منتصف نهار الغد 20 أوت 1955م، ولم يهدأ بال الجميع خصوصاً وأن عملية مهاجمة مدينة الحروش ليست بالأمر الهين، ولذلك شددت الحراسة ونظمت في نقاط مختلفة من الطريق المؤدي إلى مدخل المدينة، وعندما قاربت عقارب الساعة الحادية عشرة صباحاً، بدأ المجاهدون في التسلل واحداً تلو الآخر إلى داخل المدينة، وبقيت كلمة لا بد منها وجهها مسؤول ناحية الحروش المجاهد العايب الدراجي، وقد خص بها الجانب التنظيمي، حيث بادر بتقسيم الأفواج إلى ثلاثة أقسام على كل فوج أن يسلك طريقه المحدد والذي يوصله إلى هدفه المحدد:
- طريق السد -الباراج-.
- طريقة سكيكدة.
- طريق الجبانة التابعة إلى بئر السطل.
وعبر مختلف هذه الجهات كان الالتحام على أشده بين الأهالي والمجاهدين من جهة وجنود العدو الذين بوغت الكثير منهم بأمر الخطة التي كان تنفيذها جيداً، ولصالح قوات جيش التحرير الذي فجر لأول مرة عملية عظيمة الحجم في قلب المدينة، وكأنهم يعلمون في قرارة أنفسهم مسبقاً بأن هذا اليوم هو بمثابة منعرج حاسم في مسار الكفاح المسلح، وهو حجر الزاوية في تحقيق أسس الاستقلال، وقد تحولت دار العدالة إلى ساحة لتبادل النيران، وبعد اشتداد حملة تطويق منشآت العدو،اختلط الأمر في البداية واستاء العدو من ذلك،وقام بتصويب نيرانه في جميع الجهات، مستخدماً الأسلحة الثقيلة والقصف بالمدفعية بعدما علم بتواجد فرقة من المجاهدين بدار العدالة التي تسلل إليها المجاهدون قبل منتصف النهار وتمكنوا من الحصول على وثائق سرية وهامة، وتمكنوا من حرق جميع الوثائق والمستلزمات التي كانت تخص الإدارة الاستعمارية، وقد قام المستعمر بقصف هذا المعقل بالمدفعية الثقيلة بعد طول مقاومة وصمود المجاهدين إلى غاية الساعة الرابعة مساءً، وقد نفذت في هذا اليوم عدة عمليات فدائية جريئة وذلك تطبيقاً للتوجيهات العامة التي سبقت مرحلة تنفيذ الهجوم".
كما


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.