سلطنة عمان تتطلع الى المزيد من الازدهار في علاقاتها مع الجزائر    وهران : زيارة موجهة لفائدة وسائل الإعلام للمدرسة العليا للإدارة العسكرية    نحو تدعيم شبكة الموزعات الآلية لبريد الجزائر ب 1000 جهاز جديد    التوقيع على اتفاقية إطار بين مجمع سونلغاز والمجلس الأعلى للشباب    الصيد البحري : بداني يشرف على انطلاق حملة للتبرع بالدم    جامعة الجزائر1 تحيي اليوم الوطني للذاكرة والذكرى ال79 لمجازر 8 مايو 1945    اختتام ورشة العمل بين الفيفا والفاف حول استخدام تقنية ال"فار" في الجزائر    رالي اكتشاف الجزائر- 2024 : تنظيم معرض ثري للدراجات النارية بالخروبة للتحسيس بحوادث المرور    استعمال المياه المصفاة في الفلاحة والصناعة: قطاع الري سطر سلم أولويات لتنفيذ البرنامج وسيتم احترامه    المعرض الوطني للصناعات الصيدلانية بسطيف: افتتاح الطبعة الثانية بمشاركة 61 عارضا    ندوة فكرية حول "دور الإذاعة الجزائرية في خدمة الذاكرة الوطنية"    منظمة التحرير الفلسطينية تؤكد أنه لا بديل عن الدور الحيوي لوكالة "الأونروا" في دعمها وإغاثتها للاجئين    القمة السابعة لمنتدى الغاز.. تجسيد لركائز الدبلوماسية الاقتصادية بامتياز    رئيس الجمهورية: السيادة الوطنية تصان بالارتكاز على جيش قوي واقتصاد متطور    الزيادات التي أقرها رئيس الجمهورية في منح المتقاعدين لم تعرفها منظومة الضمان الاجتماعي منذ تأسيسها    حوادث الطرقات: وفاة 15 شخصا وإصابة 368 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    خنشلة: انطلاق الحفريات العلمية بالموقع الأثري قصر بغاي بداية من يوم 15 مايو    "الأونروا": الاحتلال الصهيوني هجر قسريا نحو 80 ألف فلسطيني من رفح خلال 3 أيام    البروفسور بلحاج: القوانين الأساسية ستتكفل بحقوق وواجبات مستخدمي قطاع الصحة    العاب القوى/ البطولة العربية لأقل من 20 سنة: الجزائر تفتك خمس ميداليات، منها ذهبيتان    مستشفى عنابة: نجاح أول عملية قسطرة لجلطة السكتة الدماغية بالشرق    دفن رفات شهيدين ودعم قطاع الصحة بهياكل: استفادة 166 عائلة في جبال جيجل من الربط بالغاز    إحياء ذكرى ماي الأسود: تدشين مرافق صحية وسياحية بقالمة    من الفاتح ماي إلى نهاية شهر أكتوبر.. أبناء الجالية لن يخضعوا للتأشيرة    ساهمت في تقليل نسب ضياع المياه: تجديد شبكات التوزيع بأحياء مدينة البُرج    الأسلاك الطبية وشبه الطبية: نقابيون يثمنون المصادقة على القوانين الأساسية    مستبعد لحاقه بموقعة ويمبلي: بن سبعيني ثالث جزائري في نهائي رابطة الأبطال    قراءة التاريخ تحصّن لحمة الأمة    استذكار المحطات التاريخية التي تعبر عن اللحمة الوطنية    المسجلين مع الديوان الوطني للحج والعمرة: انطلاق عملية الحجز الإلكتروني للغرف للحجاج    لقاءات بين "ملائكة الأعمال" والطلبة المقاولين في الأفق    أكاديميون ومهنيون يشرحون واقع الصحافة والرقمنة    قافلة شبانية لزيارة المجاهدين عبر 19 ولاية    أعربوا عن استعدادهم في إثراء الأنظمة التعويضية للأسلاك الطبية: نقابيون يثمنون مصادقة مجلس الوزراء على مشاريع القوانين الأساسية    استزراع صغار سمك "الدوراد" بسواحل العاصمة    التزام المتعاملين في السياحة بتقديم أسعار ترويجية    أمن عنابة في المؤسسات التربوية    نساء سيرتا يتوشحن "الملايا" و"الحايك"    تراث حي ينتظر الحماية والمشاركة في مسار التنمية    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    ليفركوزن يبحث عن بطاقة نهائي البطولة الأوروبية    أولمبيك مرسيليا يبدي اهتمامه بضم عمورة    قمة في تيزي وزو واختبار صعب للرائد بخنشلة    القضاء على إرهابي وتوقيف 21 عنصر دعم للجماعات الإرهابية    لا تشتر الدواء بعشوائية عليكَ بزيارة الطبيب أوّلا    "كود بوس" يحصد السنبلة الذهبية    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    جزائري في نهائي دوري الأبطال    التصفيات الجهوية المؤهلة للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم : مشاركة قياسية للفرق المسرحية والتكوين رهان محافظة المهرجان    الأيام السينمائية الدولية بسطيف: تتويج الفيلم القصير "كود بوس" بجائزة "السنبلة الذهبية"    "راهن الشعر الجزائري" : مهرجان شعري وملتقى دراسي بمناسبة عيد الاستقلال    مهرجان الجزائر الدولي للموسيقى السنفونية : فنزويلا في أول مشاركة لها والصين ضيف شرف للمرة الثانية    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    مطالب ملحّة بترميم القصور والحمّامات والمباني القديمة    صيد يبدع في "طقس هادئ"    هول كرب الميزان    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المحاجب والعيش بالقديد" لمواجهة الليالي الباردة في باتنة
الاضطرابات الجوية أعادت الحنين إلى أكلات زمان
نشر في السلام اليوم يوم 23 - 01 - 2017

تعتبر منطقة الأوراس التي تضم كلا من ولايات باتنة، خنشلة، ڤالمة وأم البواقي بالجزائر من بين أغنى المناطق الجزائرية وأكثرها تنوعا من حيث العادات والتقاليد خاصة الأكلات الشعبية التي تتفنن النسوة في إعدادها معتمدة على مواد لها يد في ابتكار مكوناتها، ومن بين هذه الأكلات الشعبية التقليدية التي بقيت المنطقة تحافظ عليها رغم مظاهر العصرنة التي غزت المطبخ الأوراسي من أكلات سريعة وأخرى جاهزة، تبقى أطباق "المحاجب" و"العيش" و"الشخشوخة الشاوية" من بين أقوى الأطباق الغذائية التي تعتز بها الأسر الشاوية خاصة وأنها تقترن أساسا بفصل الشتاء البارد، لأنه حسب سكان المنطقة يكسب الجسم الحرارة وينزع البرودة التي تنخر العظام، وتساعد الجسم على المقاومة وتدفع البرد عنه.
لوحظ خلال الأيام الأخيرة التي تزامنت مع موجة البرد الشديدة التي تميزت بها مختلف ولايات الوطن على غرار ولاية باتنة، إقبال ضعيف على محلات الأكل السريع مقارنة بالأسابيع الفارطة، والسبب يرجع إلى رغبة المواطنين تنازل وجبات تقليدية في منازلهم من صنع النساء وهو ما أكده أحد المواطنين الذي قال "أكل المطاعم في هذه الأيام لا يشبع".
البرد القارس يجبر عائلات الأوراس على العودة إلى حياة زمان
أجبرت الاضطرابات الجوية الأخيرة أغلب العائلات الأوراسية على التفكير في حلول أخرى أكثر جدوى لمقاومة البرد القارس من خلال تكييف مطبخها مع الاضطرابات الجوية، حيث أكدت لنا الحاجة "صليحة" أنه لا مفر من العودة إلى الأطباق التقليدية خاصة وأنها ليست مكلفة ماديا كون مكوناتها تتواجد بمطبخ كل عائلة ورغم أن مثل هذه الأطباق قد بدأت بالزوال أو على الأقل تراجعت كثيرا في الأوساط الحضرية، وأصبح تحضيرها مناسباتيا، خاصة الشخشوخة التي تستعمل في المناسبات الخاصة، وتختلف من منطقة إلى أخرى وتختلف معها المقادير والكيفية، فبالرغم من أن العديد من العائلات تعتمد في هذا الفصل أكثر على البقوليات الجافة لإعدادها كأطباق رسمية تكرر وتعاد في كل أسبوع لكن غلاءها دفع بربَّات البيوت الأوراسية إلى التفكير في الأكلات التقليدية التي تعيدهم إلى الزمن القديم وتغنيهم الغلاء الفاحش الذي ميز أسعار البقوليات.
غير أن الحنين إليها دائما يبقى، خاصة إذا ما حل فصل الشتاء، حيث أن سكان المشاتي والأرياف سيما بالمرتفعات الجبلية، يعتبر الطبق التقليدي بالنسبة لهم الأكلة الفاخرة الغنية بكل المكونات والفوائد، وتعتمد المرأة الأوراسية في تحضير هذه الأكلات الشعبية كالعيش بالقديد على مادة الدقيق أو السميد الذي غالبا ما تقوم هي بتحضيره بطحن القمح خلال موسم الحصاد واستخلاص مادة الدقيق، باعتباره حلو المذاق على عكس السميد الجاهز المتواجد في الأسواق حسب السيدة عقيلة ربة بيت التقيناها بسوق الڤوالة بوسط مدينة باتنة، مؤكدة لنا أنه يتم فتل العيش بهذه المادة إلى جانب الماء، بعدها يتم وضعه في كسكاس تحته قدر بها ماء يغلي لتفوير العيش بالبخار المنبعث من القدر، بعدها يتم تجفيفه إذا كانت الكمية المفتولة كبيرة واستعماله لعدة مرات، وما زالت نساء الشاوية يعتمدن في فتل الكميات الكبيرة على "اللمة" وهي تعاون عدة نساء في فتل العيش خاصة في فصل الصيف، فيما تفضل أغلب السيدات الموظفات خاصة فتل العيش عند الحاجة إليه لأن هناك فرق في النكهة بين المحضر في حينه وبين القديم الذي مرت عليه أيام أو حتى شهور من فتله، بينما تعتمد عليه العديد من ربات الأسر الباتنية في "العولة" بمعنى تحضير هذا الطبق في فصل الصيف بكميات كبيرة كيس أو اثنين وادخاره لفصل الشتاء ليكون بنكهة خاصة تفرقه عن بقية الأكلات الأخرى، وعند الانتهاء من تحضير العيش يتم تحضير المرق الذي سينضج فيه وتكون المرأة هنا قد وفرت كل المكونات التي تلزم الطبق التي يتم إعدادها خلال الفصول التي تسبق فصل الشتاء أي كل حسب موسمها بدءا بالحمص إلى مادة الكليلة التي يتم تحضيرها من اللبن بعد طهيه واستخلاصها منه إلى جانب الفول والمشمش المجفف أو ما يعرف بالهرماس، ويتم تجفيف جل المكونات في موسمها خصيصا لفصل الشتاء ولطبق العيش، ولا يكتمل الطبق حسب السيدتين "نوال" و"شهرة" تصادف وجودهما معنا في دار الثقافة أثناء إعداد هذا التحقيق إلا بإضافة القديد أو كما يعرف محليا ب"الخليع" الذي يحضر خصيصا هو الآخر لأكلة العيش من لحم عيد الأضحى.
حيث تمتزج نكهته بين حموضة الهرماس وحرارة البهارات، إذ أن المصاب بالزكام سيجد شفاءه على يد الطبق الذي سيخفف وضعه خاصة إذا كان ساخنا وحارا بشرط عدم شرب الماء وهو ما أكده لنا الحاج "التهامي" الذي اعتبر أن سكان الأوراس قديما كانوا يعالجون أنفسهم من الزكام بطبخ العيش، وقد كانوا في القديم يعتمدون على هذه الأكلة ويلجأون إليها جراء برودة الطقس، أين تنغلق الطرق ولا يستطيع أهل المناطق الجبلية التنقل إلى الأسواق لجلب المواد الغذائية التي تلزمهم، ليكون العيش البديل "الوحيد" نظرا لاحتوائه على مكونات متوفرة بالمنزل والتي تكون محضرة مسبقا قبل حلول فصل الشتاء، كما أن الشيء المميز في طبق العيش هو أكلها في طبق مصنوع من مادة الطين الأمر الذي يزيد من حلاوة المذاق عندما يجتمع أفراد العائلة على تلك القصعة وسط جو شديد البرودة تدفئه حرارة الطبق بمكوناته المميزة والتي تبدو في واقعها بسيطة العيش وغيره من الأطباق التي يتم تصنيعها وتحضيرها من مادة الدقيق كالكسكس.
إتقان الشخشوخة والمحاجب من أهم شروط الزواج
تعتبر أطباق المحاجب والشخشوخة من بين أهم الشروط التي تقترن بجدارة المرأة وفحولتها سيما الشابات المقبلات على الزواج، حيث أن أهل العريس خاصة والدته وأخواته أول ما ينظرن إليه هو مدى إتقان العروس لهذه الأطباق، وإن تراجعت قليلا هذه العادات أو "الشروط" بالوسط الحضري إلا أنها تبقى الأهم في قرى وأرياف باتنة حسب الأستاذة "نسرين" التي أكدت لنا أنها فسخت خطوبتها بسب إصرار أهل خطيبها على تعلمها لمثل هذه الأطباق، المهددة الآن بالزوال أمام الأكل السريع الذي يفضله الكثير.. وأمام هذه الأطباق التي أصبحت متوفرة في الأسواق رغم اختلاف مذاقها ووجود فرق بينها وبين المصنوعة في المنزل وتنوع مكوناتها يبقى إعدادها من قبل الأمهات والجدات الطعم الأصلي .
مستثمرون سياحيون بباتنة يفتتحون محلات مختصة في إعداد الأكلات التقليدية
استطاع العديد من محبي الحفاظ على الموروث التقليدي وحمايته من الزوال ورياح العصرنة أن يفتحوا محلات خاصة تعد أطباق تقليدية تزين قعدة الوافدين عليها وتجعل منها ميزة خاصة في شوارع وأنحاء منطقة الأوراس الأشم على غيرها من ولايات الوطن، حيث أخذ على محمل من الجد العديد من المستثمرين السياحيين بباتنة وحتى الشباب فكرة العودة إلى أصل المنطقة من خلال إحياء تراثها بفتح فنادق ومطاعم تختص بكل ماهو تقليدي سواء حلويات أو أكلات، حيث إن عاصمة الولاية أصبحت تزخر في الأشهر القليلة الأخيرة بمطعم راقي تقليدي يطلق عليه اسم "خيمتي" تجد فيه كل ما هو تقليدي من مدخله إلى مخرجه وحتى لباس القائمين عليه، حيث أراد القائم عليه وبعد عودته من المهجر باعتباره ابن المنطقة العودة إلى حنين الزمن الجميل "زمن كل ما هو تقليدي"، إذ أن الفكرة حسب صاحب الخيمة راودته وهو في المهجر، حيث أنه نجح فيها بسبب التوافد الكبير الذي ميز سكان باتنة على خيمته رغم حداثتها، ليجدوا فيها كل ما هو تقليدي منspa


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.