تعتبر الإعاقة من الحواجز التي تقف بوجه الشخص وتشكل للمعوق مشاكل عديدة في الحياة اليومية، وبالرغم من هذا هناك العديد من المعوقين تحدوا عجزهم وتمسكوا بالأمل وحققوا ما لم يستطع الكثيرون تحقيقه. يتطلب الشخص المعوق عناية خاصة وتأهيلا يمكنه من التواصل مع المجتمع والاندماج معه، فالشخص الكفيف يستخدم أحاسيسه في التعرف على الأشخاص والأماكن أو يستعمل إشارات تمكنه من الكتابة، ولكن هناك من لا يراعي شعور المعوقين في بعض الأحيان ويجرح أحاسيسهم، لأنهم يعتقدون أن المعوق لا يستطيع القيام بأي شيء، ولكن الإعاقة الحقيقية ليست في الجسد وأكبر دليل على ذلك تمسك العديد منهم بإرادة قوية وعزيمة جعلتهم يسجلون أسماءهم في قائمة من ذهب بمجالات مختلفة كالرياضة والإعلام وحفظ القرآن الكريم، وأبرزوا مهاراتهم في الحرف التقليدية وبرهنوا للمجتمع أنهم قادرون على كسر حاجز الإعاقة والوصول إلى مناصب عالية وغيروا نظرة المجتمع إليهم، فأمينة هي إحدى الكفيفات التي ولدت وهي فاقدة للبصر وقد شجعتها أسرتها على التكوين في مركز التأهيل، فالإعاقة لم تمنعها من مواصلة الدراسة، وهي تقول: «أنا لا أستطيع أن أرى، لكن هذه الإعاقة جعلتني أتمسك بالأمل دائما وأعتبر نفسي فتاة عادية لا تقل شأنا عن الآخرين، وأنا أتمتع بثقة كبيرة بالنفس جعلتني أتخطى جميع المصاعب، فدرست في كلية الإعلام والاتصال وكنت أسمع المحاضرات وأكتبها بطريقتي الخاصة لأتمكن من حفظها وفي الامتحانات كنت أحفظ الدروس وأختي تكتب لي الإجابات وكان هناك مراقب يحرص ويراقب ما أمليه على أختي وهذا ليفهم المصحح ما كتبته وكانت زميلتي في الجامعة تساعدني في التنقل من البيت إلى الجامعة، لأنها جارتي وتحصلت على شهادة الليسانس بتفوق، وأنا الآن أحضر لنيل رسالة الماجستير بالإضافة إلى إتمامي لحفظ القرآن الكريم بمساعدة أختي». أما سليمة فهي أيضا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي تقول: «أنا لا أستطيع المشي، لأني أصبت بشلل أطفال في طفولتي، ولكن مادامت يداي سليمتين لم أفقد الأمل ومارست حرفة صناعة الأساور والسلاسل الفضية بالأحجار الكريمة بمختلف الألوان والأشكال، وأنا أعطيها لأخي لعرضها في المعارض والتي نالت إعجاب الزبائن الذين يطلبون منه إحضار المزيد منها»، وتضيف «إن الشخص المعوق هو إنسان عادي قادر على تقديم أشياء لا يقدمها الكثيرون». عمي عمار أيضا نموذج آخر للتحدي، فبالرغم من عدم قدرته على الكلام، إلا أنه أبهر الزبائن بقدرته في النحت على الخشب والنحاس، ويقول أخوه: «أخي عمار يمتلك موهبة كبيرة في النحت على النحاس منذ طفولته، وقد تعلم هذه الحرفة من أبي وهو يتمتع بإرادة قوية مكنته من تحدي الإعاقة، ولقد عرضت منتجاته في العديد من المعارض ولقيت رواجا كبيرا ونحن نتعامل معه في البيت بأنه شخص عادي، فتعلمنا كيفية المخاطبة معه بواسطة إشارات وأنا أساعده في المحل ليتمكن من التواصل مع الزبائن». هذا ويعاني العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة نتيجة عدم قبول الكثير من أرباب العمل توظيفهم مع أنهم يملكون مهارات عالية وشهادات تمكنهم من ممارسة العمل بطريقة جيدة فقط لاعتقادهم الخاطئ بأنهم غير قادرين على العمل ويفرقون بينهم وبين الأشخاص العاديين، فحسين هو أحد المعوق حركيا في القدمين وقد تحدى نظرة أرباب العمل له، وهو يقول: «أنا لا أستطيع المشي نتيجة تعرضي لحادث سيارة منذ طفولتي، وهذا ما منعني من الحركة، ونظرا لبعد المسافة بين المنزل والمدرسة لم أتمكن من إكمال دراستي التي لطالما تمنيت إكمالها، لكنني بالرغم من ذلك لم أستسلم لليأس مادام الله سبحانه وتعالى رزقني بنعمة الرؤية والكلام بالإضافة إلى أن يدي سليمة فقمت بالتكوين في مجالات عديدة فأخذت شهادة في هندسة الكمبيوتر وأيضا في المحاسبة في مركز التكوين المهني وأردت أن أساعد عائلتي فبحثت عن عمل في شركة وكان أخي يساعدني في التنقل، لكن صاحب الشركة نظر إلي بنظرة غريبة، وقال لي مكانك ليس هنا ولا تستطيع فعل شيء، نحن لا نقبل المعوقين في شركتنا، ولكن أخي شجعني وقال لي لا تكترث له، ففي الحياة كل شيء ممكن وهذا ما شجعني أكثر وزادني عزيمة في مواصلة التحدي فطلبت قرضا بسيطا وفتحت محلا لتصليح الكمبيوتر وحققت نجاحا كبيرا في عملي واكتسبت شهرة في الحي وقمت برد القرض ووسعت مشروعي إلى أن أصبحت الآن أملك شركة صغيرة لتصليح وهندسة الكمبيوتر وحرصت على توظيف عاملين من ذوي الاحتياجات الخاصة لأشجعهم على مواصلة مشوارهم». وفي نفس السياق تقول السيدة وردية وهي عاملة في مركز التأهيل للمعوقين: «أنا أتعامل مع المعوقين هنا بأنهم أشخاص عاديون ونحن نقوم بتعليمهم وتأهيلهم سواء بالإشارات أو بالحركات على حسب نوع الإعاقة لنوصل لهم الرسالة وهم يتلقونها بسرعة وينتبهون إلى أمور كثيرة، فهم بارعون في كل شيء، فمنهم من هو موهوب في الكمبيوتر، ومنهم من يقوم بصنع تحف وأوان فخارية بالإضافة إلى صناعة الأزياء التقليدية، وهناك من يمتلك موهبة العزف على الآلات الموسيقية». وفي هذا الصدد تقول الدكتورة نبيلة سعيدان، أخصائية في علم النفس: «إن الشخص المعوق يتميز بذكاء خارق وهو سريع الانتباه و متلك إحساسا كبيرا بالإضافة إلى الإرادة القوية وعزة النفس التي يتمسك بها ليثبت وجوده في المجتمع وينسى معاناته وهذا ما يزيده إصرارا على إكمال تعليمه أو ممارسته لحرفة يثبت بها وجوده، لذلك يجب على المجتمع معاملة المعوق بأنه إنسان عادي وعدم جرح أحاسيسه، لأنه يمتلك قدرات قد لا يملكها الشخص العادي».