عادت سلطات نظام الانقلاب بمصر لتضغط على الجزائر مجدّدا بهدف تصنيف جماعة الإخوان كتنظيم إرهابي، وبعد أن أخفقت مساعيها في دفع بلادنا إلى حظر -(الإخوانيين) من خلال (وساطات خليجية) ها هي تلجأ إلى (حيلة سياسية) أخرى تتمثّل في السعي بطرق ملتوية ل (إجبار الجزائر) على القيام بذلك بدعوى تفعيل ما يسمّى بالاتّفاقية العربية لمكافحة الإرهاب. تعدّ الجزائر في مقدّمة الدول الرّافضة لاعتبار (الإخوان) إرهابيين، وهو ما دفع سلطات الانقلابيين في مصر إلى البحث عن طرق مختلفة للقيام بذلك، حيث تتحرّك القاهرة بهدف استصدار قرار من الجامعة العربية يُجبر أعضاءها على حظر الإخوان وما تبعهم من تنظيمات، منها على سبيل المثال حركة مجتمع السلم وحركة التغيير وحركة أبناء الوطني وغيرها. وفي هذا السياق، قال المتحدّث باسم الخارجية المصرية بدر عبد العاطي أمس الثلاثاء: (تواصل التحرّك المصري والتشاور على المستوى العربي بشأن الدعوة لعقد اجتماع مشترك لوزراء الداخلية والعدل العرب في الأيّام المقبلة لمتابعة تنفيذ الاتّفاقية العربية لمكافحة الإرهاب). وكان وزير الخارجية المصري نبيل فهمي قد تقدّم في منتصف أفريل الماضي بمبادرة للأمين العام للجامعة العربية لعقد هذا الاجتماع في أسرع وقت لتفعيل الاتّفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، فضلا عن مبادرات أخرى منها محو الأمية ومكافحة الفكر التكفيري المتطرّف. وأضاف المتحدّث الرّسمي في تصريحات صحفية أن الخارجية المصرية تواصل على صعيد آخر جهودها واتّصالاتها على كافّة المستويات الدولية لشرح حقيقة ما تشهده مصر من هجمة إرهابية قوية وأعمال عنف تهدّد أمن البلاد وتوضيح الصورة للمسؤولين ووسائل الإعلام الأجنبية بشأن الحرب التي تخوضها أجهزة الدولة ضد الإرهاب وتحقيق الاستقرار. معلوم أن السلطات الجزائرية كانت قد صفعت نظام الانقلابيين في مصر بزعامة عبد الفتّاح السيسي في حرج حقيقي بعد أن رفضت اعتبار (الإخوان) جماعة إرهابية، ويخشى كارهو الإخوان في مصر والموالون للنّظام الانقلابي أن تحذو دول أخرى حذو الجزائر التي امتلكت الجرأة الكافية لتقول (لا لأرهبة الإخوان) رغم الضغوط التي مارستها عليها بعض الدول العربية، إضافة إلى الانقلابيين بمصر. وصنع رفض الجزائر تصنيف تنظيم الإخوان كجماعة إرهابية الحدث الإعلامي عربيا وحتى عالميا، ففي الوقت الذي تتهافت فيه بلدان عربية على كسب ودّ الانقلابيين بمصر من خلال حظر جماعة الإخوان واعتبارها إرهابية لم تتردّد السلطات الجزائر في قول كلمة (لا) في مواجهة الحلف المصري الخليجي المناوئ للإخوان. فالجزائر أثبتت استقلالية قرارها من جهة ووفائها من جهة ثانية لتقاليدها الرّافضة لاتّخاذ قرارات منافية لحقوق الإنسان والحرّيات الأساسية، وهو الأمر الذي شكّل إحراجا كبيرا لنظام السيسي، خصوصا إذا علمنا بأن قرار الجزائر من شأنه أن يرفع الحرج عن بعض البلدان العربية التي تأبى حظر (الإخوان)، لكنها تخشى (غضبة مصرية خليجية) ضدها، حيث لا يستبعد مراقبون أن تنضمّ بعض البلدان العربية وفي مقدّمتها المغرب وتونس إلى لائحة البلدان الرّافضة لحظر (الإخوان)، خصوصا إذا علمنا بأن الدولتين المذكورتين تشكّل جماعة الإخوان فيهما قوة سياسية شريكة في الحكم. للإشارة، أفادت مصادر دبلوماسية بأن وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة رفض مقترح المملكة السعودية والإمارات العربية المتّحدة لاعتبار جماعة الإخوان المسلمين منظّمة إرهابية. وقالت نفس المصادر إن وزير الخارجية نقل خلال زيارته الأخيرة إلى السعودية ردّ الجزائر الرّافض لمقترح قدم لها لتعتبر جماعة الإخوان منظّمة إرهابية، وذكرت أن الجزائر أبلغت السعودية والإمارات بأنها حريصة على التعامل الإيجابي مع القرارات التي اتّخذها البلدان لضمان الاستقرار فيهما، لكن الجزائر لا تستطيع العمل خارج منطق القضاء والأدلّة المشروطة لتجريم الجماعات الإسلامية، ومنها الإخوان المسلمين. كما قالت التقارير إن لعمامرة قدّم نصائح للجانب السعودي والإماراتي مستخلصة من التجربة المريرة التي مرّت بها الجزائر خلال العشرية السوداء من الإرهاب الدموي الذي حصد عشرات الآلاف من الضحايا وكيفية التعامل مع الحركات الإسلامية. في حين ذهبت بعض الأطراف إلى القول إن (الجزائر طلبت من السعودية تقديم قوائم لأشخاص متورّطين في قضايا الإرهاب مقرونة بأحكام قضائية ودلائل حتى يمكن وضعهم في قائمة الإرهابيين). ورغم الجدل الكبير الذي أثير حول هذه القضية، إلاّ أنه لا السلطات الجزائرية ولا السعودية أو حتى الإماراتية أصدرت بيانا رسميا أو تعليقا عمّا يجري حول القضية. ومعلوم أن بعض البلدان الغربية كانت أكثر إنصافا من النّظام الانقلابي المصري وبعض شركائه، حيث رفضت اعتبار الإخوان تنظيما إرهابيا، وفي هذا الخصوص صرّح سفير الاتحاد الأوروبي بالقاهرة بأن الاتحاد لا يمكنه أن يتخّذ قرارا باعتبار جماعة الإخوان المسلمين (منظّمة إرهابية) دون وجود معطيات كافية.