تواجه (آمال.ح) العديد من الضغوطات النفسية والاجتماعية بسبب غياب زوجها المستمر عن المنزل، ولفترات طويلة قد تتجاوز الثلاثة أيام للعمل. وتقول: (عندما يأتي زوجي إلى المنزل يكون لدي العديد من المتطلبات على الصعيد الشخصي وأخرى للأسرة، ولكن لا مجال حتى لأن أطلبها بسبب الإرهاق الدائم الذي يصحبه!). وتضيف أنها تشعر بتعب زوجها وتقدّر أنه يعمل من أجل تأمين المعيشة الكريمة لها ولأولادها، ولكنها أصبحت تشعر بوجود فجوة كبيرة بينها وبينه. وهذا ما أكدته الأخصائية الاجتماعية والأسرية(سناء .ا) حين أوضحت أثر بُعد الزوج عن الزوجة لفترات طويلة وعدم فتح المجال للنقاش وتبادل المشاكل والهموم وحتى الأفراح، وأنه يترك (شرخًا) في العلاقة، وقد يتسبب بمشاكل كبيرة، منها الطلاق أو (حَرَد) الزوجة وذهابها لمنزل أهلها. وتضيف الأخصائية عن العلاقة الزوجية أنها (يجب أن تنبني بالأصل على التوازن، وأن يُعطى كل ذي حقٍ حقه. فعلى الرجل أن يوازن بين الداخل والخارج، وأن يستغل الأوقات الموجود فيها مع عائلته، وأن يتعلّم فقه الأولويات، لتجنب الآثار الكبيرة المترتبة على البُعد ومنها سوء الفهم من الطرفين، وقلة الحوار، وعدم الاهتمام، وسوء الظن، والضغط الذي يولّد الانفجار). وأكدت نفس المتحدثة أهمية تعبير الزوجة عما بداخلها للزوج، حتى لا يكون هناك تراكمات، وأن عليها أن تعلم أن في فترة غياب الزوج يترتب عليها الاهتمام بالأطفال وتربيتهم تربية حسنة وعدم التقصير فيهم. ونوّهت إلى حالة سفر الزوج لمدة طويلة للعمل، قائلة إن (على الزوجة أن تضع زوجها في صورة الأحداث وأن تنقل له ما يحدث من مواقف وأن تحاول أن تجعله يشعر بأنه معهم حتى لا ينفصل جسديا وروحيا وفكريا عنهم، فمجرد شعوره بأن الأمور على ما يرام دائما بسبب وصف الزوجة للوضع بمثالية مُتناهية ما يدفعه للغياب مدة أطول وهو مطمئن). وفي حالات السفر الاضطرارية للزوج وابتعاده عن زوجته وأطفاله للعمل، نصحت الأخصائية الاجتماعية والأسرية بأن تحاول الزوجة تعبئة وقتها بما يفيدها وأن ترتقي بنفسها، وأن تسعى لأن تسافر عند زوجها إن لم يتمكن هو من زيارتهم كل فترة وأخرى. من جهته يقول الزوج (علي.ح) إن غيابه عن البيت لم يكن إلا للعمل من أجل أسرته، وإنه يتحمل أعباء البُعد والعمل الطويل، حتى يستطيع تلبية احتياجات أسرته. وأضاف: (أحاول دائما الاتصال بزوجتي، وتعويضها عن بُعدي الدائم لأني أعي تماما الأثر المترتب على علاقتنا إثر البُعد). وختم حديثه بأنه يحرص على اصطحاب زوجته إلى الأماكن التي يستطيع اصطحابها إليها (غير أنني بالتأكيد لا أستطيع اصطحابها إلى مكان العمل)، على حد قوله. ** رأي الشريعة في السياق ذاته، قال أخصائي الشريعة الدكتور أحمد الرقب إن (القاعدة الأصلية أن يكون اللقاء بين الزوج والزوجة من أرقى ما يكون، وأن يتوفر السكن والمودة والرحمة، ولكن في حال البعد كيف سيكون كل هذا؟). وأضاف الرقب أنه (كلما كان هناك تقارب في الأسرة تنشأ علاقات قوية، وأخلاق سليمة، وأسرة محصّنة ومُشبعة عاطفيا). وذكر الرقب أنه في زمن عمر بن الخطاب أُقرّ ببعد الزوج عن زوجته لأربعة أشهر فقط، وكان لظرف اضطراري وهو الحرب. وقال الرقب إنه في حال قبول الزوجة أن يبتعد زوجها ولم يتسبب ذلك في ضرر عليها فلا بأس، أما في حال ترتب على ذلك ضرر، فيؤثم الرجل، وعليه الرجوع فورا. وبحسب اختصاصيين، فإن 70 بالمائة من المشكلات الزوجية والاضطرابات النفسية التي تعاني منها المرأة سببها غياب الأزواج بشكل دائم، وقضاء معظم أوقاتهم مع الأصدقاء، والسهر حتى ساعات متأخرة من الليل، فضلاً عن تناولهم وجبتي العشاء والإفطار بعيدا عن المنزل، ما يثير استياء الزوجات. (خديجة .م) عانت في بداية الأمر عند سفر زوجها للعمل في جنوبالجزائر، قائلة: (واجهت صعوبة كبيرة في التأقلم وتحمّل الأعباء وحدي. ولكن قضت الحاجة لأن يُسافر إذ لا حل آخر). وتضيف: (أتواصل معه دائما عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأكلمه في اليوم مرتين على الأقل وأشعر فعليا أنه ليس بعيدا عنا، وحينما يأتي في أوقات الإجازات نستغل كل لحظة سويا وأحاول أن أترك عنده الأثر الذي يدوم معه لأطول فترة ممكنة، ويربطه بأسرته).
