على الضفة الثانية من ساحة (الحرب على الإرهاب) في العراق وما يتخللها من تفاصيل سياسية وعسكرية باشرت شركتا أمن أمريكيتان إرسال عناصرها إلى العراق بناء على اتفاق مسبق مع حكومتي بغداد وكردستان من أجل العمل على حماية مواقع مهمة وحساسة وتدريب العراقيين على (حرب العصابات). جاءت العناصر إلى العراق تحت غطاء (متطوعين للقتال ضد الإرهاب)، وجرى الإعلان عن قدومهم بشكلٍ (عفوي)، وبطريقة فردية، غير أن الواقع يشي بشيء مختلف عما تذكره حكومتا بغداد وكردستان وإعلامهما الرسمي. ويكشف مسؤول عسكري عراقي رفيع، عن (دخول نحو 400 عنصر بشركات أمن أمريكية متخصصة بمجال الأمن وحرب العصابات، إلى العراق)، وكشف أن (غالبيتهم من الجنود السابقين بالجيش الأمريكي وصلوا أخيرا، ومن بينهم 140 عنصرا، يتواجدون بإقليم كردستان العراق)، ولفت إلى أن (العناصر يقومون بمهمات خاصة داخل وخارج الإقليم، من بينها حماية مواقع مهمة وتدريب قوات خاصة من البشمركة، كما أُنيطت بهم حماية مواقع مختلفة في بغداد، من بينها مطار بغداد، وسفارات غربية الى جانب أطقم الحماية الموجودة أصلاً حول تلك السفارات)، وأضاف أنهم (يقومون بتدريب قوات جهاز مكافحة الإرهاب لقاء مبالغ مالية كبيرة، تُدفع لهم من موازنة الأمن والدفاع السنوية البالغة 23 مليار دولار من أصل 105 مليارات دولار تُشكّل مجموع موازنة العراق للعام 2015). ويضيف المسؤول العراقي، الذي يشغل منصبا في هيئة رئاسة أركان الجيش برتبة عميد ركن، أن (العناصر الأمريكية وفدت للعراق بناءً على اتفاق مسبق جرى نهاية العام الماضي، ويتواجدون الآن مع فريق المستشارين الأمريكيين في بغداد وغرب الأنبار وجنوب أربيل، قرب محافظة كركوك)، وذكر أن (العنصر الأمريكي في تلك الشركات يتقاضى نحو 15 ضعفاً مما يتقاضاه الضابط العراقي في الشهر الواحد). ويبلغ متوسط مرتب الضابط العراقي حالياً حوالي 1100 دولار شهريا، بينما يبلغ راتب العنصر الأمريكي 16500 دولار. ويضيف المسؤول العراقي، قائلا إن (مهمة تلك الشركات خلق فرقة عراقية خاصة، على غرار الفرق الأمريكية المُكلّفة بالمهام القتالية الصعبة، ويُطلق عليها عادةً تسمية الفرقة القذرة)، وأفاد بأنه (من المؤمل أن يبلغ تعداد الفرقة ثلاثة آلاف مقاتل عراقي، مرتبطين بغرفة العمليات الخاصة، ويتم اختيارهم وفقاً لاختبار قدرتهم البدنية والعقلية. كما اشترط الأمريكيون في تلك القوة، احترام التنوّع المذهبي والعرقي). وشكّلت جرائم نفذتها شركات أمريكية سابقة عملت بالعراق خلال سنوات ما بعد الاحتلال الأمريكي في العام 2003، بداية رفض شعبي عارم بالبلاد للتعامل مع مثل تلك الشركات، تحديداً شركة (بلاك ووتر) الأمريكية التي تورّطت بجرائم قتل مدنيين وعمليات اعتداء أخلاقية على العراقيين. ويقول المحلل السياسي العراقي ماجد توفيق العاني، إن (الغطاء الحالي للشركات؛ وهو متطوعون للقتال ضد الإرهاب، يُعدّ الأنسب بسبب عقدة الشركات الأمنية لدى العراقيين بمختلف مكوناتهم). ويضيف العاني أن (العراق بحاجة إلى قوات مدربة تحاكي أسلوب وجرائم داعش، والقوات النظامية غير مدرّبة على مثل تلك العمليات التي يتفوّق بها التنظيم على الجيش العراقي، وربما على معظم جيوش المنطقة، وبما أن المدربين الأمريكيين سيركزون على أعداد كامل في تدريبهم للعراقيين الآن، من الواجب أن يكون هناك شقّ ثانٍ مخصص لتدريب قوات خاصة، تكون نداً لداعش وتتدخل عند الحاجة الملحة في معارك تحرير المدن، ومثل تلك الشركات هي الأفضل في المهمة، كونها ضليعة بالعمليات الإجرامية الخاصة في مختلف دول العالم قبل ولادة داعش أصلا).