حذّرت سلطات قطاع غزة، أمس، من إصرار الاحتلال الصهيوني على خلق فوضى شاملة في هذا الجزء المنكوب من الأراضي المحتلة، من خلال تكريسه سياسة التجويع واستهدافه وقتل الباحثين عن الطعام بشكل مقصود. أكد المكتب الإعلامي الحكومي، أنه منذ 100 يوم بدأت الأحداث بوصول عدد قليل من شاحنات المساعدات إلى مناطق مختلفة من قطاع غزة، لكنها وقعت تباعا ضحية لاستهداف الاحتلال أو لسطو منظم نفذته عصابات مسلحة مدعومة ضمنيا من الاحتلال بهدف إشعال الفوضى الميدانية. وقال إنه عندما يتجمع المواطنون المجوَّعون للحصول على الطحين والغذاء، تتقدم دبابات الاحتلال وطائراته المسيّرة من نوع "كواد كابتر" لتباشر إطلاق نار كثيف ومباشر على هؤلاء في مشهد مروّع أصبح يتكرر بشكل دوري يؤدي يوميا إلى سقوط آلاف الشهداء والجرحى. ووسط هذا الجحيم، ينسحب المدنيون باتجاه بيوتهم ومنازلهم بدون الحصول على الغذاء، حيث يغلق الاحتلال بشكل محكم جميع المعابر منذ 100 يوم ويمنع إدخال المساعدات بشكل انسيابي، ويقوّض بشكل متعمّد عمل المؤسسات الدولية والأممية، فيما يرعى عمليات النهب والسرقة للطحين والغذاء بشكل منظم وواضح. وبينما وثّق المكتب الإعلامي، آلاف الضحايا من شهداء ومصابين من بينهم مئات الإصابات الخطيرة ومفقودين كذلك، فإنه أدان بشدة هذه السياسة الإجرامية التي ينتهجها جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وحمّله المسؤولية الكاملة عن هذه الفوضى الدموية. وطالب المجتمع الدولي بتحرك فوري لحماية المدنيين ووقف جرائم الاحتلال المنظمة ضد سكان غزة المحاصر والمُجوّعين والمستهدفين عمدا، والضغط على الاحتلال لفتح المعابر وإدخال المساعدات والسماح بتوزيعها من خلال المؤسسات الأممية التي تعمل منذ سبعة عقود في مجال إغاثة اللاجئين والسكان المدنيين.وأقدمت قوات الاحتلال أمس، مجددا على إطلاق النار بشكل مباشر على مئات المواطنين الذين تجمعوا في نقاط توزيع مساعدات أنشأها الاحتلال الصهيوني قرب ما يسمى "محور نتساريم" وفي رفح جنوب القطاع، ما أدى إلى استشهاد العشرات في مشهد دموي يعكس نية مبيّتة لقتل المدنيين العزّل. أكثر من مليوني شخص يفتقرون لأساسيات البقاء أحياء حذّر مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" من أن استمرار العدوان الصهيوني والجوع في قطاع غزة لا يزالان يغذيان اليأس لدى أكثر من مليوني شخص يفتقرون إلى أساسيات البقاء على قيد الحياة. وقال نائب المتحدث باسم الأممالمتحدة، فرحان حق، إن العدوان الصهيوني في شمال غزة تكثف في الأيام الأخيرة، ما أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا واستشهاد "جائعين ونازحين أثناء المخاطرة بحياتهم للحصول على الغذاء في مراكز التوزيع العسكرية". وأضاف أن الظروف في مواقع توزيع المساعدات غير التابعة للأمم المتحدة "ليست آمنة"، مؤكدا أنه "لا يمكن أن تكون هذه هي الطريقة التي يتوقع أن يتلقى الناس بها المساعدات الإنسانية". وأكد مكتب "أوتشا" على ضرورة حماية المدنيين وتمكينهم من تلقي المساعدات الإنسانية التي يحتاجونها أينما كانوا وفقا لما يقتضيه القانون الإنساني الدولي. كما أكد أن الكيان الصهيوني، بصفته القوة المحتلة، يتحمّل مسؤولية الحفاظ على النظام العام والسلامة في غزة. مؤكدا ضرورة أن يشمل ذلك السماح بدخول المزيد من الإمدادات الأساسية عبر معابر وطرق متعددة لتلبية الاحتياجات الإنسانية. وأكد أن الاحتلال رفض مؤخرا 11 محاولة من أصل 18 محاولة من الأممالمتحدة لتنسيق التحركات الإنسانية داخل القطاع، بما في ذلك نقل المياه بالشاحنات واسترجاع الوقود وتنفيذ مهمة إنقاذ في خان يونس وإصلاح الطرق. من جهته، ذكر برنامج الأغذية العالمي، أنه أرسل 59 شاحنة تحمل مساعدات غذائية منقذة للحياة مخصصة لشمال غزة، في حين أن قافلة ثانية تضم 21 شاحنة من المساعدات الغذائية المخصصة لجنوبغزة، انتظرت لأكثر من 36 ساعة من أجل الحصول على تصاريح للتحرك. وبينما أوضح أنه يمتلك أكثر من 140 ألف طن من الغذاء بما يكفي لإطعام جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون شخص لمدة شهرين، أشار إلى أن المساعدات الغذائية التي دخلت قطاع غزة خلال وقف إطلاق النار ساعدت في وقف موجة الجوع. ما جعله يشدد مجددا على الحاجة الماسة لوقف إطلاق نار آخر، باعتباره السبيل الوحيد للوصول إلى جميع الناس بأمان في أنحاء غزة بالمساعدات المنقذة للحياة.