تحدى موجة الجدل الداخلي والتأويلات الخارجية ** رصد مراقبون أسباب التقارب الإيراني - الجزائري تجاه الأزمات الإقليمية والتي بلغت ذروتها مؤخرا لاسيما في القضية السورية وأزمة النفط في وقت تتزايد فيه دعوات المقاطعة داخليا وسط إصرار خليجي-مغربي على إلباسه عباءة التقارب الممنوع اعتمادا على خلفيات طائفية محضة. ويرى مراقبون أن من دلائل التقارب الجزائري-الإيراني حجم الزيارات الرسمية المتبادلة بين الطرفين والتي زادت انتعاشا ودينامكية جديدة إثر زيارة النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري للجزائر نهاية السنة الماضية. ونقلت شبكة سي إن إن عن يحيى بوزيدي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الشلف قوله إن وقوف الجزائر إلى جانب محور طهران المضاد لمحور السعودية إلى الخلافات العربية-العربية التي تستثمر فيها القوى الإقليمية والتي تتمحور حول الزعامة حيث تسعى كل دولة لفرض نفسها في الإقليم ومع الوضع الذي آلت إليه العراق ومصر وحتى سوريا أضحى التنافس في الريادة الإقليمية العربية محصورا بين المملكة العربية السعودية والجزائر . وأضاف أن السبب الآخر هو صراع الملكيات والجمهوريات حيث تميل الأنظمة السياسية لتأييد نظيراتها في الدول العربية كنوع من التضامن الذي يكفل استمرارهما . من جانبه لا يستبعد الباحث في العلوم السياسية الدكتور عبد الله بلغيت أن تصير المواقف الجزائريةالإيرانية إلى تقارب أكبر في الوقت الراهن لكنه استدرك قائلا بالرغم من التقاطع الكبير بين البلدين في السياسة الخارجية إلا أنها تعاني في بعض الأحيان من تباعد في المواقف السياسية . ووفقا للتقرير يأتى هذا التقارب تزامنا مع رفع العقوبات ضد طهران على خلفية ملفها النووي تسعى الجزائر إلى استغلال عودة إيران إلى التعاملات الدولية من أجل تكثيف علاقاتها اعتمادا على العلاقات السياسية الجيدة التي تجمع البلدين مؤكدة بذلك وقوفها إلى جانب محور الممانعة الذي يشمل دمشقوطهران وموسكو والوقوف ضد مشاريع دول الخليج. وهذا ما تؤكده الزيارات الأخيرة كالتي قام بها وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية عبد القادر مساهل إلى سوريا وبعدها إلى لبنان وتلتها زيارة أداها الوزير الأول عبد المالك سلال إلى روسيا وزيارة وزير الصناعة الجزائري عبد السلام بوشوارب إلى إيران. شراكة اقتصادية فعلية أكد وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب أول أمس بطهران استعداد الجزائر لبعث شراكة صناعية (فعلية) مع إيران تسمح لها بزيادة حجم الاستثمارات وتنويع اقتصادها الوطني. وأوضح بوشوارب خلال منتدى الأعمال الجزائري-الإيراني أن الجزائر على استعداد تام لبعث شراكة فعلية في الأنشطة التي يحوز فيها البلدان على مؤهلات الامتياز على غرار الصناعات الميكانيكية بما فيها قطع الغيار وكذا النسيج ومواد البناء والصناعات الإلكترونية والآلات والمعدات الصناعية وصناعة الحديد والفلاذ . ويتعلق الأمر أيضا بقطاع المناجم حيث يمتلك الطرفان-حسب الوزير- نية مشتركة للتعاون في هذا المجال بتبادل الخبراء والخبرة والتكوين والمعلومات في مجالات الاستكشاف والاستغلال وتثمين المكامن المعدنية في كلا البلدين لاسيما الفوسفات والذهب. ودعا في ذات السياق إلى تقريب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بين البلدين معتبرا أن قطاع الصناعة يُعد من القطاعات السباقة في التعاون بين الجزائروإيران من خلال الإطار المؤسّساتي الذي تم وضعه بدءا من اتفاقية التعاون الصناعي المبرمة سنة 2003. وسمحت هذه الاتفاقية-حسب ذات المصدر- باستحداث لجنة التعاون الصناعي بين البلدين التي تم إعادة بعثها بعد عدة سنوات من التوقف بمناسبة انعقاد هذا المنتدى. ويهدف الطرفان إلى جعل هذه اللجنة آلية فعالة لبعث الاستثمار والتبادل بين الجزائروإيران. من جهته أعلن وزير النفط بيجن نامدار زنكنه أول أمس إن الظروف مهيئة لتوسيع التعاون بين طهرانوالجزائر. وقال الوزير الإيراني (إيرانوالجزائر مرتا بظروف صعبة خلال السنوات الماضية وذلك بسبب انخفاض أسعار النفط إلا أن البلدين سوف يتجاوزان هذه الظروف الصعبة) بحسب وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا). وخلال لقاءه وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب يوم الاثنين قال زنكنة إن طهرانوالجزائر كانا لهما وجهات نظر متطابقة في الكثير من الأزمات والظروف الصعبة مشيراً إلى أن البلدين دعّما بعضهما بعضاً خلال تلك الأزمات وتابع زنكنة إنه وعلى صعيد الإرادة السياسية فإن الظروف مهيئة لتطوير التعاون بين البلدين معرباً عن أمله بتطوير التعاون الاقتصادي الثنائي. جدل داخلي.. وتأويلات خارجية وتحدت الحكومة بهذه الخطوات الكبيرة نحو توطيد العلاقات السياسية والإقتصادية مع إيران نداءات المقاطعة التي يعكف على توجيهها نشطاء جزائريون على رأسهم الناشط الحقوقي والإعلامي أنور مالك الذي أطلق مؤخرا حملة جديدة بعنوان (جزائريون ضد إيران) استنكر فيها توطيد الحكومة علاقتها مع إيران. وقال مالك أن إيران تستغل حب الشعب الجزائري لفلسطين بنشرها التشييع بينهم مشيراً إلى أن عداء إيران لفلسطين أكبر من عداء الصهيونية لها وقال مالك: أيها الجزائريون لا تخدعكم إيران باستغلال حبكم لفلسطين والله هي معادية لها أكثر من الصهاينة وتتآمر عليها مع كل متآمر. وقال مالك موضحاً سبب الحملة: حملة جزائريون ضد إيران رفضا لتوطيد حكومة الجزائر العلاقات مع طهران وتحذير من مخاطر تمدد شيعي ترعاه سفاراتها في الجزائر. وتابع: الحملة لحماية الجزائر من سرطان إيراني يصيب بالعدوى المهلكة كل من يقترب من طهران أو يسكت عن مشروعها الهدام للقيّم والوطن. وأكد نشطاء عرب وجزائريون تضامنهم مع الحملة خاصة في الوقت الذي تسجل فيه إيران جرائم ضد الشعب السوري. يشار إلى أن حملات عديدة سبقت هذه الحملة أكدت على وجود مشاريع صفوية لنشر التشييع في الجزائر بالتعاون مع الملحق الثقافي الإيراني فيها برئاسة أمير موسوي.