بعد أن تحدثنا في حلقة أمس عن المونديال الثاني عشر والذي فعل فيه منتخبنا الوطني الأفاعيل، كما تعرفنا عن كيفية استعادة المنتخب الإيطالي لتاجه العالمي بعد انتظار دام 44 سنة كاملة، في حلقة اليوم سنتحدث عن مونديال المكسيك 1986، والذي شارك فيه منتخبنا الوطني رفقة المنتخب المغربي والعراقي، إضافة إلى 21 منتخبا آخر. تركيبة المونديال الثالث عشر المجموعة الأولى :الأرجنتين _ إيطاليا ( حامل اللقب ) _ بلغاريا _ كوريا الجنوبية. المجموعة الثانية :المكسيك ( المستضيفة ) _ الباراغواي _ بلجيكا _ العراق. المجموعة الثالثة : الاتحاد السوفياتي _ فرنسا _ هنغاريا _ كندا. المجموعة الرابعة :البرازيل _ اسبانيا _ ايرلندا الشمالية _ الجزائر. المجموعة الخامسة :الدانمارك _ ألمانياالغربية _ الأرغواي _ اسكتلندا. المجموعة السادسة :المغرب _ أنجلترا _ بولندا _ البرتغال الدور الأول .. إقصاء الجزائر وتأهل تاريخي للمغرب أفرزت مباريات المجموعة الأولى تأهل كل من إيطاليا والأرجنتين على حساب كوريا الجنوبية وبلغاريا، فيما تأهل عن المجموعة الثانية كل من المكسيك وانجلترا على حساب بلجيكا والبارغواي. المجموعة الثالثة تأهل منها إلى الدور الثاني كل من فرنسا بطلة أوروبا 1984 والاتحاد السوفييتي على حساب كندا والمجر، وتأهل عن المجموعة الرابعة البرازيل واسبانيا. شهد اللقاء الافتتاحي عن هاته المجموعة فوز البرازيل على اسبانيا بهدف يتيم سجله سكراتيس للبرازيل في الدقيقة ال60، فيما انتهى اللقاء الثاني بالتعادل هدف لمثله بين منتخبنا الوطني بقيادة المدرب رابح سعدان مع ايرلندا الشمالية في مباراة أشهر فيها حكم اللقاء ثلاثة إنذارات لفوزي منصوري ووارينغتون وماكلروي ووايتسايد. افتتح هذا الأخير باب التسجيل بعد 6 دقائق من ركلة حرة فتحولت كرته من المدافع نور الدين قريشي إلى شباك الحارس الهادي العربي وأدرك جمال زيدان التعادل في الدقيقة 59 بركلة حرة أيضاً. في الجولة الثانية فازت البرازيل على الجزائر بهدف لكاريكا في الدقيقة 66 وهي نتيجة لا تعكس سير المباراة لأن لاعبي منتحبنا كانوا فعلاً الطرف الأفضل. فيما انتهى اللقاء الثاني لمصلحة اسبانيا على ايرلندا الشمالية 2-1 ، سجل للفائز بوتراغينيو في الدقيقة الأولى ووساليناس في الدقيقة ال 18 وسجل لمنهزم ايرلندا اكلارك في الدقيقة ال 46 الجولة الأخيرة سجل كل من البرازيل واسبانيا 3 أهداف في شباك ايرلندا الشمالية والجزائر. وخرج الحارس دريد مصاباً في الدقيقة 20 وحل محله الهادي العربي بعدما إصابته من طرف اللاعب غويكوتشيا »جزار بلباو« (عرف بهذا اللقب منذ أصاب مدافع اتلتيك بلباو الضخم النجم مارادونا إصابة بالغة في قدمه عندما كان الأخير يلعب في صفوف برشلونة). شهدت المجموعة الخامسة التي اطلق عليها اسم »مجموعة الموت« تاهل ألمانياالغربية والدنمارك على حساب اسكتلندا والأورغواي، وأخيرا تأهل عن المجموعة السادسة الثنائي المغرب وانجلترا على حساب البرتغال وبولونيا. آخر المتأهلين إلى الدور ثمن النهائي مع نهاية الدور الأول تبين أن أفضل أربعة منتخبات احتلت المركز الثالث هي بلجيكا وبولندا وبلغاريا والاوروغواي، لتبلغ الدور الموالي رفقة منتخبات المكسيك والاتحاد السوفيتي والبرازيل والأرجنتين وفرنسا وايطاليا وألمانيا والمغرب وانجلترا والبارغواي واسبانيا والدنمارك. الدور ثمن النهائي فرنسا تجرد ايطاليا من تاجها والدقيقة الأخيرة تقصي المغرب فازت المكسيك على بلغاريا بهدفين وكان أولهما أكثر من رائع وقد سجله مانويل نيغريتي بركلة مقصية في الدقيقة 34 وسجل الهدف الثاني وراوول سيرفين في الدقيقة 61. وبلغت مباراة بلجيكا والاتحاد السوفييتي قمة الإثارة، ومع أن الطرف السوفييتي الذي ضم تسعة من لاعبي دينامو كييف مع مدربه لوبانوفسكي تقدم بهدفين فإن بلجيكا هي التي فازت في الوقت الإضافي 4-3.. وتداول على تسجيل الأهداف البلجيكية انزو شيغو في الدقيقة 56، ويان كولمانز في الدقيقة 77، وستيف ديمول في الدقيقة 102، ونيكو كلايسن في الدقيقة 110، فيما سجل أهداف الاتحاد السوفياتي اللاعب ايغور بيلانوف في الدقائق 27 و70 و111 من ضربة جزاء. ووزع الحكم الإيطالي لويجي أنيولين سبعة إنذارات في مباراة الأرجنتين ثلاثة والبقية لمنتخب الأوروغواي، وأسفرت عن فوز الأولى بهدف واحد وقد أهدرت أهدافاً.. وزرعت البرازيل أربعة أهداف في شباك بولندا تداول على تسجيلها كل من سكراتيس في الدقيقة 30 من ضربة جزاء، وجوسيمار في الدقيقة 55، وايدينهو في الدقيقة 79، وكاريكا في الدقيقة 83 من ضربة جزاء كذلك. ولم تجد فرنسا صعوبة في إبعاد ايطاليا التي أضاعت لقبها بفوزها عليها بهدفين سجلهما ميشال بلاتيني في الدقيقة 15، ويانيك ستوبيرا في الدقيقة 57. وكان ذلك أول انتصار للفرنسيين على الايطاليين منذ دورة انفرس الأولمبية في 28 أوت 1920. أما مباراة المغرب وألمانياالغربية فغلب عليها الحذر وبقيت الشباك عذراء وبدأت الاستعدادات لخوض الوقت الإضافي. لكن شيئاً من هذا لم يحدث لأن لوثر ماتيوس استثمر الركلة الحرة التي احتسبت لمنتخبه في الدقيقة ال 87 بعدما تشكل الحائط الدفاعي المغربي من ثلاثة لاعبين فقط (خيري وتيمومي والظلمي). ورغم المحاولة التي قام بها بادو الزاكي فإن كرة ماتيوس الزاحفة من 25 متراً ارتطمت بالقائم وتحولت داخل الشباك. وهزت انجلتر شباك باراغواي ثلاث مرات منها اثنتان عن طريق لينيكر.. وفي نتيجة غير متوقعة اكتسحت اسبانيا الدنمارك 5-1 مع أربعة أهداف لمهاجم ريال مدريد اميليو بوتراغينيو في الدقائق 43 و56 و80 و88 من ضربة جزاء، وغويكويشيا في الدقيقة 68 من ضربة جزاء، أما هدف الدانمارك فسجله يسبر اولسن في الدقيقة 33 من ضربة جزاء. الدور ربع النهائي خروج أصحاب الأرض واليد السحرية لمارادونا في مباراة ربع النهائي تقابلت فرنسا والبرازيل وانتهى الوقت الأصلي والإضافي بالتعادل بهدف لكل منهما سجل للبرازيل كاريكا في الدقيقة ال17 ولفرنسا ميشال بلاتيني في الدقيقة ال 41 لتفوز فرنسا، وفي ضربات الجزاء الترجيحية سجل لفرنسا ستوبيرا واموروس وبيللون وفرنانديز وأضاع بلاتيني، فيما سجل للبرازيل اليماو وزيكو وبرانكو وأضاع كل من سكراتيس وخوليو سيزار. نفس الشيء حدث في اللقاء الموالي مع ألمانياالغربيةوالمكسيك فقد استطاع الأول الفوز بضربات الترجيح 4/1 بعد التعادل بدون أهداف. وفازت الأرجنتين في المواجهة الثالثة عن هذا الدور على إنجلترا بهدفين لواحد بالهدف الشهير الذي سجله مارادونا بيده في الدقيقة ال55، وقبل ذلك بخمس دقائق افتتح نفس اللاعب التسجيل، وقبل عشرة دقائق من إعلان الحكم التونسي علي بن ناصر نهاية المباراة قلص المنتخب الانجليزي النتيجة بواسطة غاري لينيكر. آخر المتأهلين إلى المربع الذهبي كان منتخب اسبانيا بفوزه بركلات الترجيح أيضا من بلجيكا 4/5 بعد التعادل في الوقت الأصلي بهدف لكل منهما. الدور نصف النهائي الأرجنتين وألمانيا في النهائي على حساب بلجيكاوفرنسا شهد الدور نصف النهائي مواجهتين متباينتين، حيث التقى في الأولى المنتخب الأرجنتيني بطل الدورة الحادية عشر مع المنتخب البلجيكي، وكما توقع الكثيرون انتهى اللقاء بفوز منتخب »التانغو« بهدفين لصفر سجلهما دييغو مارادونا في الدقيقتين 51 و63. وفي لقاء كان بإمكان الخط الأمامي للمنتخب الأرجنتيني تسجيل أكثر من هدفين بالنظر إلى الفرص العديدة التي أتيحت لزملاء فالدوانوا، لكن يقضة الحارس البلجيكي جون ماري بفاف الذي كان يحرس آنذاك شباك نادي بايرن ميونيخ حال دون ذلك. اللقاء الموالي والذي انتظره عشاق اللعبة بشغف كبير جمع بين المنتخبين الألماني والفرنسي، وهو نسخة طبق الأصل للقاء الدور نصف النهائي من المونديال الذي سبقه باسبانيا 1982، والذي انتهى حينها لمنتخب ألمانيا بثلاثة أهداف لهدفين بعد الوقت الإضافي، لكن الفرنسيين بقيادة ميشال بلاتيني فشلوا في الثأر من الألمان، وخسروا ورقة العبور للمرة الثانية على التوالي للنهائي بهدفين لصفر وقعهما للمنتخب الألماني الثنائي أندرياس بريمه في الدقيقة ال9 ورودي فوللر قبل دقيقتين من صافرة النهاية، ليكتفي منتخب »الديكة« بالتنافس على المركز الثالث، الذي جمعهم مع المنتخب البلجيكي. اللقاء الترتيبي فرنسا ثالثة وبلجيكا رابعة أحرزت فرنسا المركز الثالث بفوزها على بلجيكا 4 2 بعد التمديد، وسجل أهداف فرنسا جان مارك فيريري هدفين في الدقيقتين 27 و43 وبرنار جنجيني في الدقيقة 104، ومانويل اموروس في الدقيقة 111. أما بلجيكا فسجل هدفيها يان كولمانز في الدقيقة 11 ونيكو كلايسن في الدقيقة 73. النهائي الأرجنتين تهزم ألمانيا وتستعيد تاجها من إيطاليا نجح المنتخب الأرجنتيني في الإمساك بزمام الأمور من الوهلة الأولى، جسدها اللاعب براون بهدف جميل في الدقيقة ال22، بعد هذا الهدف أصبحت المبادرة بيد زملاء مارادونا الذين وجهوا سير المباراة حسب هواهم وكان إخفاقهم الوحيد خلال الشوط الأول عدم مضاعفة رصيدهم من الأهداف. أما لاعبو المنتخب الألماني فقد كانوا كالتائهين وسط بحر من الظلمات لا يعرفون السبيل لمواجهة منافسيهم الذين أغلقوا عليهم كل الطرقات. أثبت انطلاقة الشوط الثاني أن فترة الاستراحة وتوجيهات المدرب الألماني ظلت »حبراً على ورق«، ومع تقدم دقائق المباراة تضاعفت المحنة الألمانية حيث عزز المنتخب الأرجنتيني تقدمه في منتصف الشوط الثاني عندما أحرز مهاجمه جورجي فالدانو هدفاً ثانياُ تحمل مسؤوليته دفاع الألماني والحارس شوماخر مناصفة. جسد هذا الهدف ضعف المنتخب الألماني في تطبيق مصيدة التسلل فجاءت النتائج معاكسة تماماً وانقلب السحر على الساحر. ويبدو أن أفراح لاعبي المنتخب الأرجنتيني بالهدف الثاني أنستهم المثير من التركيز على تفاصيل المباراة حيث ظن الجميع أن نتيجة المباراة لصالح الأرجنتين وما هي إلا مسألة دقائق معدودة وتتوج الأرجنتين بطلة العالم للمرة الثانية خلال ثماني سنوات. إلا أن الألمان _ كعادتهم _ كان لهم كلام آخر حيث نهض أفراد من سباتهم بشكل مفاجئ واستطاع مهاجمه المخضرم كارل هانز رومنيغه تقليل الفارق وتبعه زميله رودي فولر بعد ثماني دقائق بهدف ثان أحرزه من ضربة رأسية ليتعادل الفريقان وسط دهشة الجميع وفرحة الألمان وحسرة لاعبي الأرجنتين ومشجعيهم. لقد كان وقع هذين الهدفين كالصاعقة على الجميع من بينهم المدرب الألماني الذي لم يكن يصدق عينيه وهو يتابع جنوده الأوفياء يحققون المعجزة. وظلت الكلمة الأخيرة لنجم البطولة الأرجنتيني دييغو مارادونا الذي صنع قبل سبع دقائق من نهاية المباراة فرصة ذهبية لزميله خورخي بوروتشاغا الذي أفلت من مصيدة التسلل التي نصبها له الألمان وانفرد بالحارس قبل أن يرسل الكرة لتعانق الشباك الألمانية وتحرز الأرجنتين الكأس للمرة الثانية خلال ثماني سنوات قصة المونديال (الحلقة الثانية والعشرين) إعداد / كريم مادي الدورة الثالثة عشر (المكسيك 1986)
