عرض الفيلم الوثائقي "الساورة, كنز طبيعي وثقافي" بالجزائر العاصمة    رئيس الجمهورية ينهي زيارته إلى بشار: مشاريع استراتيجية تعكس إرادة الدولة في تحقيق تنمية متكاملة بالجنوب    المغرب : استقالات جماعية وسط عمال ميناء طنجة رفضا لنقل معدات حربية للكيان الصهيوني    وزير الاتصال يشرف السبت المقبل بورقلة على اللقاء الجهوي الثالث للصحفيين والإعلاميين    كأس الجزائر لكرة السلة 2025: نادي سطاوالي يفوز على شباب الدار البيضاء (83-60) ويبلغ ربع النهائي    الرابطة الاولى موبيليس: الكشف عن مواعيد الجولات الثلاث المقبلة وكذلك اللقاءات المتأخرة    المغرب: حقوقيون يعربون عن قلقهم البالغ إزاء تدهور الأوضاع في البلاد    رئيس الجمهورية يلتقي بممثلي المجتمع المدني لولاية بشار    اليوم العالمي للملكية الفكرية: التأكيد على مواصلة تطوير المنظومة التشريعية والتنظيمية لتشجيع الابداع والابتكار    معسكر : إبراز أهمية الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة في الحفاظ على التراث الثقافي وتثمينه    غزّة تغرق في الدماء    صندوق النقد يخفض توقعاته    شايب يترأس الوفد الجزائري    250 شركة أوروبية مهتمة بالاستثمار في الجزائر    الصناعة العسكرية.. آفاق واعدة    عُنف الكرة على طاولة الحكومة    توقيف 38 تاجر مخدرات خلال أسبوع    ندوة تاريخية مخلدة للذكرى ال70 لمشاركة وفد جبهة التحرير الوطني في مؤتمر "باندونغ"    وزير الثقافة يُعزّي أسرة بادي لالة    بلمهدي يحثّ على التجنّد    معالجة النفايات: توقيع اتفاقية شراكة بين الوكالة الوطنية للنفايات و شركة "سيال"    البليدة: تنظيم الطبعة الرابعة لجولة الأطلس البليدي الراجلة الخميس القادم    تيميمون : لقاء تفاعلي بين الفائزين في برنامج ''جيل سياحة''    السيد عطاف يستقبل بهلسنكي من قبل الرئيس الفنلندي    تصفيات كأس العالم لإناث أقل من 17 سنة: المنتخب الوطني يواصل التحضير لمباراة نيجيريا غدا الجمعة    معرض أوساكا 2025 : تخصيص مسار بالجناح الوطني لإبراز التراث المادي واللامادي للجزائر    الجزائر تجدد التزامها الثابت بدعم حقوق الشعب الفلسطيني    وفاة المجاهد عضو جيش التحرير الوطني خماياس أمة    أمطار رعدية ورياح على العديد من ولايات الوطن    المسيلة : حجز أزيد من 17 ألف قرص من المؤثرات العقلية    اختتام الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية    تعليمات لإنجاح العملية وضمان المراقبة الصحية    3آلاف مليار لتهيئة وادي الرغاية    مناقشة تشغيل مصنع إنتاج السيارات    23 قتيلا في قصف لقوات "الدعم السريع" بالفاشر    جهود مستعجلة لإنقاذ خط "ترامواي" قسنطينة    145 مؤسسة فندقية تدخل الخدمة في 2025    إشراك المرأة أكثر في الدفاع عن المواقف المبدئية للجزائر    محرز يواصل التألق مع الأهلي ويؤكد جاهزيته لودية السويد    بن زية قد يبقى مع كاراباخ الأذربيجاني لهذا السبب    بيتكوفيتش فاجأني وأريد إثبات نفسي في المنتخب    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    "شباب موسكو" يحتفلون بموسيقاهم في عرض مبهر بأوبرا الجزائر    الكسكسي الجزائري.. ثراء أبهر لجان التحكيم    تجارب محترفة في خدمة المواهب الشابة    حياة النشطاء مهدّدة والاحتلال المغربي يصعّد من القمع    تقاطع المسارات الفكرية بجامعة "جيلالي اليابس"    البطولة السعودية : محرز يتوج بجائزة أفضل هدف في الأسبوع    هدّاف بالفطرة..أمين شياخة يخطف الأنظار ويريح بيتكوفيتش    رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية    عصاد: الكتابة والنشر ركيزتان أساسيتان في ترقية اللغة الأمازيغية    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معاداة السامية قميص عثمان
نشر في أخبار اليوم يوم 26 - 02 - 2019


بقلم: سلام الكواكبي
في أثناء مظاهرة أخيرة للسترات الصفراء في باريس تعرّض الفيلسوف وعضو الأكاديمية الفرنسية آلان فينكيلكروت الذي صودف وجوده في أحد مساراتها إلى عدائية ظاهرة من متظاهرين اتهموه بصفات موبقة عديدة وختمها أحدهم بعبارة صهيوني قذر اذهب من هنا . هذا الفيلسوف الإعلامي والذي لم يُنتج فلسفةً حقيقيةً جادّة كصنوه برنار هنري ليفي منذ مقاعد الدراسة ربما لا يتوقف عن إبداء ميوله العنصرية تجاه المهاجرين كما تعزيز الرهاب من الإسلام في الأوساط اليمينية الفرنسية وأخيراً وليس آخراً هو مؤيّد شديد لإسرائيل خصوصا في صيغها المتطرفة الحالية مع حكومة نتنياهو. ومن أقذر تعليقاته ما خصّ به أطفال غزة على هامش الاعتداءات الإسرائيلية الدامية بأن لا مكان لهم في هذا العالم .
إثر الحادث تناقلت وسائل الإعلام بتحوير مهم إذ ذكرت أنه تلقى شتائم معادية للسامية وأن أحدهم قال له أيها اليهودي القذر إلا أن إعادة المشهد مراراً وبالاستناد إلى شهادة الضحية نفسه نتأكد أن هذه العبارة لم تُلفظ. وفي المقابل لم تتراجع وسائل الإعلام والمسؤولون السياسيون من كل الأحزاب عن اعتبار أن ما تعرّض له الطفل المدلل للإعلام السريع نوعٌ من معاداة السامية. وقد تطوّر الأمر ليفتح باب الاجتهاد في المفاهيم لدى الإعلاميين والسياسيين الذين قرّروا أن كراهية إسرائيل أسلوب جديد لكراهية اليهود كما صرّح به النائب عن حزب الأغلبية الحاكمة سيلفان مايار والذي يشغل موقع نائب رئيس جمعية الصداقة البرلمانية بين فرنسا وإسرائيل. وقد تقدّم هذا النائب بمشروع قانون للبرلمان لتجريم معاداة الصهيونية واعتبارها كما سبق للرئيس ماكرون أن ذكر مساوية لمعاداة السامية.
مؤكٌّد أن مجموعات هامشية مقرّبة من اليمين المتطرف وبعض الموتورين يختبئون وراء
دعم شكلي لقضية الفلسطينيين العادلة ليُخفوا معاداتهم السامية ولكن هذا لا يمكن له أن يُبرّر بأي شكل تجريم انتقاد النظرية السياسية الصهيونية وسياسة إسرائيل العنصرية والاستيطانية كما يؤكّد على ذلك المؤرخ الفرنسي دومينيك فيدال صاحب كتاب عن القضية يردّ فيه على تصريحات الرئيس الفرنسي.
شيطنة من ينتقد سياسة ما هو منهج قديم قدم التاريخ فالديكتاتور الدموي جوزيف ستالين كان ينعت كل من ينتقد العقيدة الشيوعية السوفييتية بالفاشية كما أن الجنرال الانقلابي في مصر عبد الفتاح السيسي يصِم كل منتقديه بأنهم إرهابيون. ونجد في سورية أيضاً أن كل المعارضين للنظام القائم هم من العملاء للمشروع الصهيوني.
يكمل المشروع المطروح أمام البرلمان الفرنسي لتجريم معاداة الصهيونية خطوات تُعبّر من خلالها الإدارة الفرنسية عن دعم غير متوقع لسياسات اليمين المتطرّف الإسرائيلي كانت قد ابتدأت بالسعي إلى تجريم حملة مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. واليوم هذا السعي الحثيث لتمرير مشروع قانون مقيد للحريات لا يُتوقع أن تتم الموافقة عليه في ظل المفاهيم الفرنسية السائدة إلا إن كانت هناك حفلة من المزاودات النيابية بين مختلف الأحزاب لتمريره. فحتى في إسرائيل هناك اليوم من يعادي الصهيونية انطلاقاً من معاداته احتلال فلسطين باسم المشروع الصهيوني. كما أن هناك فئة تعتبر نفسها ما بعد صهيونية لأنها تحصر هدف العقيدة الصهيونية في إنشاء الدولة وأنه بالتالي لا حاجة لها بعد الوصول إلى الهدف الذي تحقّق سنة 1948.
وجاءت حادثة التعرّض للفيلسوف اليميني فينكيلكروت في وقت تُسجّل فيه فعلاً بعض الحوادث المتفرقة التي تُترجم فعلاً معاداةً لليهودية تعود بنا إلى سنوات النازية وحكومة فيشي الفرنسية المتعاونة مع الاحتلال الألماني في أربعينيات القرن المنصرم فقد رُسم الصليب المعقوف على صور للسياسية الراحلة سيمون فاي كما تم رسم صليب الحنين للنازية على شواهد قبور يهودية. وأخيراً انتشرت تعبيراتٌ تحمل صورا كارهة ونمطية للدين اليهودي. ولا يمكن أن يُعالج هذا التوجّه كله بقانون مُقيّد للحريات حتماً إنما وكما قال وزير التربية الفرنسية يكون الحل عبر المدرسة التي تنشر الوعي والمجتمع المدني الذي يواجه الانحرافات المجتمعية بعمل جماعيّ يستند إلى قيم الجمهورية.
التمييز الفكري في القول وفي الفعل بين الدين والسياسات التي تتطفّل عليه أمر أساسي. وهذا ينطبق على كل الأديان خصوصاً الإسلام في الحالة الفرنسية فمن غير المقبول أن يتم
شيطنة من ينتقد سياسة ما منهج قديم قدم التاريخ التغاضي عن التعميم الذي يستخدمه رهابيو الإسلام ضد المسلمين بحجة ممارسات إرهابيين ينتمون إلى الإسلام ويدّعون تمثيله. كما ليس من المنطقي أن يُشتَم المسيحيون باعتبارهم أتباع دين محدد لقيام بعض الممارسات السياسوية باسم دينهم باضطهاد أقليات مسلمة في دول معينة. وكما تدعو العلمانية إلى فصل الدين عن الدولة أو إلى حيادية الدولة تجاه الأديان فإن من الضروري أن يتم الفصل بين ممارسات مُدانة باسم الدين عن اتباع هذا الدين.
تعيش فرنسا مرحلة حرجة في واقعها الداخلي دفعت بعضهم إلى الاعتقاد بأن التركيز القائم على هذه الواقعة الفردية ما هو إلا طريقة تنتهجها الحكومة لحرف النظر عن الاحتجاجات المطلبية. وستكون الأيام المقبلة صعبةً على الجميع في ظل استقطابات متوترة غير مفتوحة للنقاش الهادئ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.