فلسطين: مظاهرة في ستوكهولم احتجاجا على توسيع الاحتلال الصهيوني حرب الإبادة على قطاع غزة    الأيام المسرحية الجامعية بوهران وعنابة بدءا من 19 مايو    دعوة لتنظيم السوق وتشجيع اقتناء السلع المحلية    الموسيقى.. علاج سحري    التجارة الإلكترونية تنتعش في عصر السرعة    صلاح يتصدر غلاف فرانس فوتبول    بداري يثمّن توجه الطلبة نحو الابتكار والمقاولاتية    شنقريحة ينوّه بسلاح المنشآت العسكرية    الهند باكستان.. هل انتهت الحرب؟    صادي يؤكّد تبنّي نظرة واقعية    إبراز أهمية المرجعية الدينية للجزائر    826 عضواً سيرافقون الحجاج الجزائريين    رئيس الجمهورية يتوجه برسالة الى الحجاج الميامين المقبلين على أداء مناسك الحج    حج1446ه :مغادرة أول فوج للحجاج الجزائريين أرض الوطن باتجاه البقاع المقدسة    بأراضيها الواقعة تحت الاحتلال المغربي..الجمهورية الصحراوية تدعو إلى فتح تحقيق في حالات الاختفاء القسري    أول شهيد مجازر 8 مايو 1945 بسطيف.. وزير المجاهدين يترحم على روح سعال بوزيد    ندد بمحاولات ضرب مرجعية الشعب الجزائري.. بوطبيق يدعو إلى تشكيل جبهة موحدة لمواجهة التحديات الخارجية    حزب صوت الشعب : إبراز أهمية الحفاظ على الذاكرة الوطنية لصون رسالة الشهداء    إدارة اتحاد العاصمة تفند    "سوسطارة" للتدارك أمام "السياسي" و"الوفاق" للتأكيد    الجزائريون مجنّدون لتحصين البلاد    الوعي الرقمي سلاح مواجهة الجرائم السيبرانية    استرجاع مساحات واسعة من الأراضي غير المستغلة    انطلاق بيع الأضاحي المستوردة بغليزان    عين تموشنت تستلم 3150 رأس ماشية مستوردة    نقص الغذاء يعرض المدنيين الفلسطينيين للموت الوشيك    الشعب الصحراوي مجنّد لانتزاع حقّ تقرير مصيره    مقرّرون أمميون يسائلون الرباط حول استهداف "كوديسا"    تثمين إبداعات 3 مهندسين شباب بعنابة    تقوية الجزائر تستدعي الوقوف صفّا واحدا في مواجهة التحدّيات    ملتقى دولي جزائري للنحت    رحلة الروح عبر ريشة مضيئة    السينما صون للذاكرة    استرجاع 6 دراجات نارية مسروقة    بوقرة: المهم التأهل إلى "الشان" وغامبيا لم تكن سهلة    دعوة لتعزيز ريادة الأعمال لدى الأطفال    رياح قوية متوقعة على عدد من ولايات الجنوب ابتداء من اليوم السبت    كأس الجزائر للدراجات (سباق على الطريق): فوز عبد الله بن يوسف عند الأكابر وزياني أمين لدى الأواسط    يصدر قريبا.. "الوهم الأمريكي" كتاب جديد    رواية "أنثى السراب" لعبة الصراع وتحوّلاتُ السرد    لتعزيز الشراكات المعرفية والثقافيّة..أنشطة ولقاءات علميّة وثقافيّة لعميد جامع الجزائر بقطر    مشاركة أكثر من 35 مؤسسة جزائرية في قمة الاستثمار بالولايات المتحدة الأمريكية    سكنات "عدل 3": توقيع اتفاقية بين الوزارة وبنك الإسكان ووكالة "عدل" لتمويل إنجاز الشطر الأول    بشار: إصابة 10 أشخاص في حادث مرور    تلمسان.. برمجة 10 رحلات جوية لنقل الحجاج إلى البقاع المقدسة    بطولة إفريقيا للمحليين: منتخب الجزائر يفوز بثلاثية لصفر على غامبيا ويكسب تأشيرة المشاركة في شان2025    فريق البكالوريا يدخل العزل    لا تُزاحموا ذوي الدخل المحدود..    إدراج الحليب الطازج المحلّي في نظام الإنتاج والتسويق    فرنسا ستعترف حتماً بجرائمها في الجزائر    التقاعد أولوية عند بن طالب    إجراءات عملية لعصرنة الجامعة الجزائرية    بطولة افريقيا للمحليين: الجزائر تطيح بغامبيا (3-0) وتحسم تذكرة الموعد القاري    الطاهر برايك: 826 عضواً سيرافقون الحجاج الجزائريين    علامات التوفيق من الله    أخي المسلم…من صلاة الفجر نبدأ    أشهر الله الحُرُمٌ مستهل الخير والبركات    قبس من نور النبوة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة العمل التطوعي
نشر في أخبار اليوم يوم 17 - 06 - 2019


* الشيخ علي عمر بادحدح
ورد في إحدى الإحصاءات أن في أمريكا 94.2 مليون متطوع قدموا 20.5 بليون ساعة عمل تعادل إنتاج 9 ملايين موظف متفرغ بقيمة إجمالية تقدر ب176 مليون دولار وذلك خلال عام واحد وعندما نطالع ذلك ونضيف إليه الدور المتنامي لمؤسسات المجتمع المدني وتأثيرها على سياسات الحكومات والقضايا الدولية مثل مشكلات تغير المناخ والتسلح النووي واليوم في المجتمعات الحديثة صار القطاع المدني التطوعي يمثل منظومة متكاملة شاملة تمثل ركنًا ثالثًا في بناء المجتمعات الحديثة مع القطاع الحكومي والقطاع الأهلي واعتمدت كثير من الدول المتقدمة والمنظمات الدولية توظيف المنظمات الطوعية في مشاريع التنمية واعتبرت الأمم المتحدة ركائز الحكم الراشد: الدولة والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية.
هذا المدخل يكشف عن هوة كبيرة بين هذا العالم المتحرك المتفاعل الذي تتطور فيه آليات ومجالات المشاركة الشعبية وواقع شعوب العالم الثالث التي -في الجملة- لم تحظ بقدر مقبول من المشاركة السياسية لأسباب يمكن فهمها لكنها كذلك شبه معطلة ومقيدة في مجال المشاركة الاجتماعية من خلال العمل التطوعي المنظم في صورة مؤسسات المجتمع المدني وذلك يضيف المزيد من تعطيل الطاقات وزيادة المشكلات في تلك المجتمعات.
العمل التطوعي هو تقديم الفرد باختياره وقته وجهده وماله وفكره لتحقيق أهداف تخدم وتنمي الفرد والمجتمع في مجالات متعددة وعلى المستوى المؤسسي هو تقديم منظومة مؤسسية تطوعية جهودًا بشرية وعلمية ومالية وفكرية لتحقيق أهداف تخدم وتنمي العالم وتدافع عن حقوق البشر وكوكب الأرض في المجالات المختلفة وعند التأمل نجد لهذا المفهوم تأصيلاً أساسيًّا في إسلامنا..
فالله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] ويقول كذلك: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: 73]. ولا يخفى بعد الربط بين العبادات وفعل الخيرات الذي يفتح الباب على مصراعيه لكل عمل فيه خير ونجد تأكيد ذلك مع ضرب الأمثلة في حديث المصطفى حيث يقول: كل سلامى من الناس عليها صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين الاثنين صدقة ويعين الرجل على دابته فيحمله عليها متاعه صدقة... ويميط الأذى عن الطريق صدقة . وفي حديث آخر ورد قوله: تبسمك في وجه أخيك لك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الظلال لك صدقة وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة .
ومما ينبغي الانتباه له أن للعمل التطوعي أبعادًا وجذورًا إنسانية مشتركة تتعلق بالفطرة الإنسانية وعمادها عاطفة الرحمة والشفقة وطبيعة المشاركة والمواساة ولا ننسى أن للتطوع صلة وطيدة بالناحية الاجتماعية فالإنسان مدني بطبعه ويحب العلاقات ويميل إلى المشاركة في الخدمات كما أن التطوع يشبع حب الذات والقدرة على الإنجاز كما أن الوطنية عامل مؤثر لأن الفرد يحب خدمة وطنه ويسعى لتقدمه وعلاج مشكلاته ويشعر بالتحدي في مجال التنافس بين الدول والمجتمعات في ميدان التقدم لا سيما وأن التطوع وفاعلية المجتمع المدني دخلت ضمن المعايير المعتمدة دوليًّا في تقييم الدول وتقدمها وفي عالم ثورة الإتصالات والقرية الواحدة نجد نقل التجارب والاستفادة من الخبرات سمة ظاهرة للمجتمعات الحية والنخب الفاعلة وخاصة الجيل الجديد من الشباب والشابات.
إننا في حاجة ماسة إلى تسويق مفهوم التطوع ودعم المتطوعين وتوسيع دائرة مؤسسات المجتمع المدني كمًّا ونوعًا ولتحقيق ذلك لا بد من العمل في ثلاثة محاور أولها: المحور الثقافي المعرفي فلا بد من إشاعة ثقافة التطوع والتعريف بمفاهيمه وهنا لا بد أن يكون ذلك في صلب مناهج التعليم الأساسية والجامعية نظريًّا وعمليًّا كما أنه لا بد أن يكون ضمن رسالة وسائل الاعلام بشتى أنواعها فضلاً عن كونه جزءًا من رسالة المسجد وقبل ذلك ومعه أن يدخل التطوع ضمن مفاهيم التربية الأسرية داخل البيوت.
والمحور التأهيلي التدريبي هو ثاني المحاور إذ لا مناص لنشر التطوع من تأهيل المتطوعين وتدريبهم في مجالات التطوع المختلفة فمن دورات الصحة العامة والإسعافات الأولية في القطاع الصحي إلى دورات طرق التعليم لمحو الأمية إلى التدريب على العمل الإغاثي وأعمال الإنقاذ والعمل في الكوارث وصولاً إلى التدريب على الإرشاد الاجتماعي والعلاج النفسي وغير ذلك كثير.
والمحور التنظيمي القانوني ثالث المحاور وربما كان أكثرها أهمية وهو متعلق بإعطاء الصفة القانونية للراغبين في العمل التطوعي وخدمة المجتمع وأن تسهل الإجراءات وتشجع المجموعات على تأسيس مؤسسات وجمعيات لخدمة المجتمع في شتى المجالات والتخصصات.
أما الوضع الحالي الذي تغيب فيه ثقافة التطوع وتنعدم برامج التأهيل وتوصد أبواب الترسيم والتنظيم فهو الذي تعاني منه دولنا وشعوبنا ولا بد من الإسراع في تغيير هذا الواقع بتعاون وتكامل حكومي شعبي لأن الفوائد من وراء ذلك عظيمة ودوائرها واسعة.. إننا فقراء في المؤسسات ومتأخرون في التدريب ومشغولون عن الثقافة والوعي ونحتاج إلى توحيد الجهود لتلافي ذلك والانطلاق إلى آفاق أرحب وأقوى والأمل في شبابنا كبير كما رأينا نموذجهم التطوعي الإيجابي المتميز في كارثة سيول جدة.. فهلا التفتت الوزارات والإدارات الحكومية إلى تلك الطاقات والخبرات لتفتح لها آفاق العمل وأبواب التعاون والتكامل لمصلحة الوطن وخدمة المواطنين بدلاً من الجمود والبقاء في أسر البيروقراطية التي عفا عليها الزمن! اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.