مرضى يروون تجاربهم القاسية في مواجهة المجتمع وصمة تلاحق المصابين بكورونا لعل الخوف من الإصابة بفيروس كورونا لم يعد أمرا مقلقا بحد ذاته لدى البعض بقدر الخوف من مواجهة كل من الرفض العائلي والمجتمعي للمصاب بل والتعامل معه وكأنه شخص موبوء ولا بد من الابتعاد عنه وأحيانا تحميله المسؤولية وتوبيخه مجتمعيا على إصابة لم تكن بيده. نسيمة خباجة المصابون بكورونا لديهم تخوف من نظرة العنصرية وتجنب الناس لهم وذلك يرجع إلى انتشار الجهل وقلة الوعي وترك الناس أسيرة لمعتقداتها الخاطئة. هذا ما يدفع العديد من الأفراد لتجاهل أعراض المرض عند الشعور بها أو الإقدام على حجر أنفسهم بأنفسهم من دون علم أحد حتى لا ينفضح أمرهم أمام الآخرين كما يعتقدون. تجربة المرض وآلامه يحكي رجل 47 عاما تجربته المريرة والمفصلة مع فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) الذي أصيب به في فيفري الماضي ثم تعافى من المرض الخطير بشكل كامل. و كان يظن أنه يعاني إرهاقا عابرا فقط ورجح أن يكون مصابا بنزلة برد واستبعد بشكل تام أن يكون الأمر متعلقا بفيروس كورونا وحين استمرت حرارة جسم الرجل في الارتفاع ذهب إلى المستشفى حتى يخضع للفحوص وعندئذ تبين أنه مصاب بالفيروس وتم وضعه تحت الحجر الصحي بشكل مفاجئ ويقول إنه عاش أياما من العزلة والهواجس والألم لأنه كان وحيدا في غرفته ولا يسمع سوى أنبوب التنفس الصناعي بعدما أصيب بالتهاب في الرئة أما التواصل مع العالم الخارجي فظل يجري عن طريق الهاتف فقط إضافة إلى التلفزيون الذي يجلب أخبار المرض على مدار الوقت وأضاف المريض أنه كان يخشى من انتقال الفيروس إلى زوجته وابنته لاسيما أنه لم يقصد المستشفى منذ البداية ولحسن الحظ تبين لاحقا أن العدوى لم تنتقل إليهما. طبيبة تروي وجعها بينما يسعى العالم للجم عدوى فيروس كورونا خوفا من تفشيه بشكل كارثي يعاني بعض المتعافين من عار قد يلحق بهم في بعض المجتمعات . فقد روت الطبيبة م التي عادت إلى منزلها بعد 20 يومًا في قسم العزل بالمستشفى كيف لاقتها نظرات الجيران الغاضبة لا بل قام أحدهم بوضع حجر خرساني أمام بوابة منزل عائلتها خوفا من العدوى. وكانت رسالة الجيران واضحة: لقد نجت من فيروس كورونا لكن وصمة العار بسبب المرض ستكون معركة أكثر ضراوة . فالإصابة بالفيروس المستجد تثير على ما يبدو الرعب حيث يصل الخوف إلى مجرد التعامل حتى مع مصاب سابق أو ربما دفن جثته خوفا من انتقال المرض. وتعكس قصة الطبيبة الشابة التي ذهبت إلى الخطوط الأمامية لمقارعة الوباء في أوائل مارس مدى الهلع السائد في بعض المجتمعات ب. وبدأت رحلة مروة ( 39 عاما) مع الفيروس في منتصف مارس حين شعرت بالذعر عندما بدا على والدتها المسنة علامات ضيق في التنفس وكان الوباء قد بدأ لتوه في اجتياح العراق ولم يترك بعد بصماته على مدينة كربلاء حيث تعيش. لكن الطبيبة بدأت تربط الأمور ببعضها وتعليقاً على مسألة الوصم أوضح بعض الأطباء أن الخوف من وصمة العار - التي تغذيها المعتقدات الدينية والعادات وانعدام الثقة العميقة في النظام الصحي- كانت المحرك الرئيسي للوباء في المجتمعات حيث يخفي الناس مرضهم ويتجنبون طلب المساعدة. الخوف من التنمر يجمع المستشارون في العلاقات الأسرية أن الناس أصبح لديها فوبيا من الكورونا وخوف من التنمر والعلاج وذلك لخوفهم من الوصمة الاجتماعية خاصة أنه مرض معدي والعدوى به سريعة حول العالم ويترتب عليه الوفاة أما الأمراض الأخرى كالسرطان فليس مرض معدي والناس تتعاطف مع المصاب به وكذلك الإيدز لابد من علاقة مباشرة الوصمة تعود أيضا لأن المصاب ربما سبب العدوى عدم الالتزام بالنظافة من غسل الأيدي والتعقيم وغيرها من الإجراءات الاحترازية وكذلك الجانب الاقتصادي والخوف من الفصل من العمل وتاتي هنا أهمية دور المؤسسات الدينية وتأثيرها في نشر الإيمان بالقضاء والقدر وضرورة العلاج لدى المختصين وذلك عن طريق البرامج الدينية وصفحات التواصل الاجتماعي. ومن المهم نشر الوعي بأن الدين المعاملة وليس طقوس يؤديها الإنسان فقط ونذكرهنا أهمية دور الإعلام من خلال تخصيص برامج وصحف للتوعية بأخبار كورونا لاسيما مع انتشار المعلومات الخاطئة حولها والاهتمام بالجانب الوقائي والنفسي. كلنا معرضون انتشار الفيروس سريعا وفي شتى أنحاء العالم والحديث عنه في كل لحظة والتحذيرات المتزايدة وتضاعف معدل الإصابات والوفيات.. جميعها عوامل أوجدت لدى الأفراد حالة من الهلع بأن يكون هناك شخص من أفراد العائلة مصاب بالفيروس معتقدين للأسف بأنها وصمة اجتماعية سترافقه طوال العمر ولن يستطيع التخلص منها. وبالرغم من أن ما يجب إدراكه بالفعل هو أن الإصابة بالمرض لا تعد وصمة اجتماعية ولا بأي حال من الأحوال فأي شخص معرض للإصابة بهذا الفيروس وعليه فإن الإقدام على الفحص الطبي هو أقصر مراحل العلاج من هذا المرض وأهمها وكذلك من أجل حماية عائلة الشخص ومحيطه. لا لتعقيد المرضى ويؤكد المختصون في الصحة أن الإصابة بفيروس كورونا مثلها مثل الانفلونزا ولكنها تستدعي أي شخص يشعر بالأعراض أن يبادر ويذهب للفحص لحماية نفسه ومحيطه وهذا الدور الذي يقوم به هو وطني بامتياز ومن يتصرف عكس ذلك فهو شخص غير وطني ولا تهمه صحته ولا صحة من حوله ويعرض حياة الجميع للخطر. ويعتبر اختصاصيون أن من ينظر للمرض على أنه وصمة اجتماعية لديه نقص في الوعي والثقافة وأقل واجب يقدمه الشخص لوطنه ومجتمعه هو الإقدام على الفحص فور شعوره أو اشتباهه بالأعراض. وفي ذلك ويرى المختصون في علم الاجتماع أن هروب البعض من إجراءات الفحص لمعرفة الإصابة بالمرض أو لا ذلك يكون لأسباب عدة أهمها أن هؤلاء لديهم ضعف في المواجهة ولا يوجد لديهم الدعم والمساندة من الأقارب ولا يتوقعون الدعم من الآخرين إلى جانب خوفهم الكبير من التعرض للنقد والوصمة من مجتمعهم. وهناك شخصيات تحبذ الظهور دائما بأكمل وجه ويحبون المديح المستمر إلى جانب أنهم شخصيات تعيش بما يسمى الوعي الزائف و في هذه الحالة لا يعون جيدا خطورة هذا الأمر ويفسرونه بطريقتهم الخاصة. واوضحت الدراسات أن هناك نسبة ما تزال تعتبر أن المرض غير خطير ويتعاملون معه كما يجب مبينا أن الفحص لا يعد وصمة اجتماعية على الإطلاق كما يعتقد البعض إنما الشخص الواعي السليم هو الذي يقدم على الخطوات الاحترازية ويحمي نفسه وعائلته ومحيطه من أي خطر أو أذى قد يلحق بهم لأي سبب كان. الفيروس مرض طبيعي يرى المختصون في علم النفس ان هذا الفيروس هو مرض طبيعي وليس وصمة كما يعتقد البعض فأي إنسان معرض لأن يصاب ويشفى منه فالمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية هي التي تدفع الإنسان لأن يفحص لكي يتم علاجه ولا يؤذي نفسه والآخرين. ويشيرون إلى أن المرض لم يكن في يوم من الأيام عيبا أو وصمة اجتماعية مبينا أن هناك الكثير من الأمراض الخطيرة والأوبئة التي أصابت العالم ومرت بعدها الأمور بسلام لذلك لا يمكن اعتباره شخصا موبوءا اجتماعيا عند إصابته بالمرض. ان الشخص لا بد أن يكون لديه مسؤولية إنسانية وأخلاقية وشعور بالالتزام أمام عائلته ووطنه بأن لا يؤذي أي شخص آخر بسبب اعتقادات وهمية إلى جانب أن الإقدام على الفحص هو أسهل وأسرع طريقة للعلاج إذا كان الشخص مصابا وأفضل بكثير من العواقب بعد السكوت وإخفاء الأمر. حرمة السخرية من المصابين واصل مرصد الأزهر لمكافحة التطرف حملته التوعويَّة بعنوان: أُذُن واعية لمواجهة السلوكيات والظواهر السلبية التي تطرأ في أوقات الأزمات ولا سيَّما أزمة كورونا كوفيد- 19 التي ضربت العالم وذلك باعتبار أن الوعي هو السلاح الأول في مكافحة تلك الأفكار الشاذَّة والأوبئة التي تعصف بالمجتمعات. وأكد حرمةَ السخرية من مصابي فيروس كورونا المستجد واستغلال جثث الموتى الذين رحلوا بسبب هذا الوباء للمتاجرة بها في سوق المصالح الهابطة وتشير إلى تكريم الله -عزَّ وجلَّ- للنفس البشريَّة وحرمتها التي لا تسقط بالوفاة وأن انهيار الأخلاق يمثِّل خطورة أكبر من الفيروس نفسه. وبيِّنت الحملة التي نشرت أهمية المؤازرة لأهالي المصابين والمتوفين جرَّاء جائحة كورونا وأن التعاون وإعلاء الصالح العام في ذلك الوقت من الواجبات الشرعية والإنسانية كما تبيّ ن واجب المجتمع تجاه الأطقم الطبية التي تقف على خط الدفاع الأول وأن التنمُّر على مصابيهم ومتوفِّيهم لا يقل جرمًا عن الإساءة لشهداء الحروب. وتضمنت رسالة اليوم التأكيد على أن الإصابة بفيروس كورونا المستجد ليست وصمة عار بل هي ابتلاء من الله عزوجل لذا فلا ينبغي أن ننظر للمصابين نظرة نقص أو احتقار. لابد من نشر الوعي ومن الجانب الاجتماعي لا يمكن اعتبار المرض وصمة فالشخص لم يقدم على الفعل من نفسه فلا بد أن يكون لدى المجتمع الوعي الكافي بأن هذه مسؤولية اجتماعية وإنسانية تجاه الآخرين وعدم الإقدام على الفحص يعد جريمة أخلاقية وإنسانية بحق الجميع. فكل شخص يجب أن يقدم كل شيء لحماية وطنه وأبسط شيء هو أن من يشعر بالأعراض يقدم على الفحص ومن يبتعد عن هذا الإجراء يعرض نفسه والآخرين للخطر وهذا يدل على أسلوب تفكيره السلبي وعدم الوعي وعدم الثقافة فهذا المرض ليس وصمة عار أو عيب.