للكاتبة وردية مخلوف تواصل أخبار اليوم رصد إبداعات كُتاب الرواية وتنشر مقاطع منها توثيقا وتكريما لهم وبهدف متابعة النقاد لها وقراءتها بأدواتهم وأيضا لاطلاع القراء الكرام على ما تجود بها قرائحهم. كاميشكا : اسم هندي معناه: سينفذ عليك حكم الموت وهذا ما حدث تماما مع إحدى الفتيات. بداية حياتها كانت ككل الأسر فتاة تعيش حياة الرفاهية مع أسرتها التي تتكون من أب وأم وهي البنت الوحيدة لكن وللحظة تدمرت حياتها بعد ما كشفت سرا خطيرا يتعلق بها و بأسرتها. لم تتحمل حقيقة ما عرفته مما جعلها اليأس تعاني من الاكتئاب فدخلت في مرحلة انحراف وهي تتعاطى المخدرات.. إنه عالم يحكمه إبليس ليكون مليئا بالقصص والمآسي منها من يصبح مريضا نفسيا ومن يضيع كرامته وشرف أسرته لكن ما حدث مع هذه الفتاة كان أسوأ من كل هذا. لقد أصبحت تعيش في عالم من الخيال اعتقدت أنها بطلته ولكنها لم تعرف أنها كانت تجهز قبر موتها في تلك الدنيا التي كانت تسميه الكون الموازي .
كتبت رسالة إلا أنها خبأتها جيدا لكن صديقتها عثرت عليها وهذا ما كان فيها: (لم أكتب يوماً ولم أعرف معنى المذكّرة لكني محتاجة لك فأنا أمر بوقت عصيب جدّا لم أتخيل يوما أنني سأعيش مثل هذه اللّحظات. بحثت كثيرا ولم أجد غير الكتابة وسلية للتعبير عن همومي وأحزاني فأنا واثقة تماما بأن قلمي لن يفشي السّر الذي سيدمر أسرتي إن كُشف. إلا أنه عند ما بدأت في تدوين الحروف في هذه السّطور وبعينين سوداوين غارقتين في الدّموع لتكون هذه الليلة مثل الماضية بلا نوم مرة أخرى منذ أن عرفت أمرا ما يجب أن أدركه تدهورت حياتي لا أعرف إن يوجب عليَّ أن أوجهه أو أحفظه. شعرت وكأن الحياة خذلتني لتغلق أبوابها في وجهي تملكني اليأس فمقاومة مصاعب الدنيا مرهقة.. أنا لست فاشلة أنا مكتئبة فقط فالحياة حطمت كل محاولاتي للنجاة حاولت محاربة انكساري وعجزي لكن قصتي معقّدة لطالما كنت بارعة في التّظاهر بالقوّة أخفيت حزني خلف الضّحكات المزيفة إلا أنّني لم أعد أستطع أن أفعل هذا أنا حقا خائفة بعد ما شدتني الرهبة تذكرت أننا هبطنا للأرض مختبرين فكيف أتوقع المهل منها فجعلت من هذه الجملة ملخصا لحياتي اليائسة أظن أن الشاعر جون ميلتون محق عند ما كتب:(السّعداء لم يولدوا قط). ما حدث معي كان صعبا جدّا حتى أنني لا أمتلك الجرأة لأسردها حتى لهذه الصّفحات وهذا ظاهر من حركات يديّ المرتعشتين كلما تذكرت تلك الحكاية خاصة نهاية القصة أشعر بمعاناة ومدى الجرح الذي في أعماقي بعينين بائستين أحاول النظر إلى الضوء المتناثر من خلال نافذتي لعلني أشعر براحة لأستعيد تلك الذكريات الجميلة إلّا أنني كلما تعمقت فيها أشعر بتحطم كأنّني وصلت إلى مرحلة الخطر طال الليل شعرت بالوهن وتمنيت أن أنام حتى أنسى لكن لا نوم لمن يملك لمثل هذه الذّكريات ففيها نار وجليد لتشعر بالمحرقة وزمهرير في آن واحد فكيف أستطيع أن أغفو. بعد ما وصلت حالتي إلى هذه المرحلة شعرت بأنني سأجن لا أظنّ أنّني قادرة على تحمل ما عشته هذه الفترة فهي أشبه بالدوامة لا أستطيع الخروج منها لا أظنّ أنه يمكن لي أن أقاوم بعد الآن. فأنا فقدت كل شيء حتى أنه لديَّ إحساس عميق بأنني مزيفة أظن أنني أفهم الآن ما قصدته مارلين مونرو من كلامها: (.. لديَّ إحساس عميق بأنني لست حقيقة تماما بل إنني زيف مفتعل ومصنوع بمهارة وكل إنسان يشعر في هذا العالم بهذا الإحساس بين الوقت والآخر ولكني أعيش هذا الإحساس طيلة الوقت بل أظن أحياناً أنني لست إلا إنتاجاً سينمائياً فنياً أتقنوا صنعه..). بسبب كل هذا الاكتئاب قامت بتعاطي كمية من المخدّرات المتنوعة ومنها الهيروين وديفينهيدرامِين مما جعلها تدخل غيبوبة. عام.. عام كامل تعيش حياتها في عالم آخر مع شخصيات ليست من عالمنا هل حقا عاشت معها أم كان مجرد هلوسة يقول البعض إنها مريضة نفسيا وآخرون يقولون إنها حقا دخلت ذلك العالم.. ولكن من سنصدق؟! وما عاشته في ذلك العالم لا يصدق فهي روته لنا بالتدقيق.. لكن ما لا نعرفه نحن: من تكون في الحقيقة؟ هل هي ميسكيس أم تيسون .. لا أحد يعرف حقيقتها هل هي حقا من عالم آخر كما تقول أم أن المخدرات جعلتها تنسى آلامها بصنع كون من الخيال؟! أتعرفون ما السؤال الذي يجب أن يطرح؟! إنه: هل هي حقا موجودة أم مجرد زيف لا مكان لها إلا في عقولهم؟! . واجهتها صديقتها بأنها كشفت حقيقتها التي خبأتها فهي ممن يعتقد أنها مريضة نفسيا إلا أن جوابها كان صدمة وهذا ما قالته بطلتنا: - صحيح أنت تعرفينني جيّدًا إلا أنك لم تلتقِ بعد مع ظلي الأسود.. بداخلي جزء سيّء لا أنكره لكنه لا يؤذي أي إنسان غيري ففي داخلي نقطة سوداء تحيطني بذكريات بائسة مما تجعل مزاجي سيّئًا.. صراحة ألعن نفسي عند ما أغرق في دوامة الحزن للحظة أشعر كأني مريضة نفسيًّا ومن دون تلك العقاقير لا أستطيع أن أتحكّم بنفسيتي لا أستطيع الامتناع عن التعاطي.. ماذا أقول لك أكثر يا كيالا.. فأيدن هو من ساعدني في رحلتي هذه حاول أن يشفيني إلا أنني لم أستطع أن أتقبّل الابتعاد عن إدماني فهو دوائي الوحيد الذي يغسل قلبي من الآلام والجراح. وهذا ما حدث مع صديقتها. (.. في تلك اللّحظة كان صمتها بغيضا.. جوابي جعلها تفكر بطريقة أكثر عمقًا فقد أصابتها نوبة من الدّهشة العاصفة وكانت تعتقد أنني أحمل ضغوطات نفسية فهي تعرف ما حدث معي في الماضي إلا أنها لم تصدق أن صديقتها جربت كل هذه الأشياء من الكوكايين والفاليوم الهيروين مع الحشيش لم تعتقد أن تسمع هذا مني أراهن أن هذا كان آخر شيء توقعته فكيف يمكن للأنثى أن توقع نفسها في هذا الكون الحقير؟!..). بعد ما حاول حبيبها أن يساعدها وفي الوقت نفسه اكتشفت أنه مغتصب أختها بسببه فقدت أختها التي انتحرت وكانت هذه الرسالة من أختها: (- لما بدأت هذه المذكّرات كانت حروفها تلملم الروح لتكون النّهاية مأساتي للأسف لا أستطيع أن أروي لك كل حكاياتي الصغيرة والكبيرة أتعلمين كم أنا مثقلة بها لأنني لم أقدر أن أقصها عليك أدرك أنه من الصّعب أن يفهم إنسان كلامي فهو كالبحر العميق ولن يجيد أحد استيعابها إلا من غاص في قاعها يمكن أن تكون واضحة إلا أنها غامضة. يوما ما ستكونين أنت الضّحية ستبحثين عن الأجوبة لكنك ستجدين الأسئلة فقط لتسقطي داخل لعبة تحمل لك الأسرار والمفاجآت مع الأهوال التي تفوق أسوأ كوابيسك لعبة قواعدها لا ترحم لعبة لا تستطيعين الخروج منها في أول مرة ستعتقدين أنك تعملين على كشف الحقيقة وتدركين أنك تفعلين هذا من أجل أن تنجي بحياتك. عليك أن تكوني مدركة تمام الإدراك أنك ستعيشين اللّحظات التي ستقرعين بيديك أبواب الرعب ستعيشين الخوف بكل أبجدياته..). الفتاة وقفت حائرة أمام خيانة حبيبها لتعرف أن علاقتها كانت فاسدة أما لأيدن للحظة اعتقدت أنه جحيم تجسد على شكله ليدمرها. هذا ما قالته البطلة: (..لا أريد شيئا سوى أن أغيب عن هذه الحياة المزيّفة فقد أرهقتني طيلة هذه الفترة إلّا أنه لا يمكن لأي أحد أن يتفهمني غير المختل فأنا أدرك بأنه الوحيد الذي يشعر مثلي.. ربما! أما إن تحدثت عن هذا العالم السّافل الذي اتبعته فتبا له لأنه لوث دماغي.. لا أريدك أن تخبرني أن افتح الكتاب المقدّس لأشعر بالسّعادة فأنت لن تفهمني وحدها سيجارتي التي تعلم. بعد ما عدت من تلك اللّعبة في مثل هذا الوقت حيث أنفرد لأكون في حالة الهذيان الشّديد هذا ما يجعلني أرى الكون كما يحلو لي لأسبح في عالم الهلوسة أعرف أنها ليست إلا وصب لكنّها ترياق لأمثالي وهذا ما يراه عقلي الغائب من عينين شبه مغلقتين حمراوين أما وجهي فمن الأفضل أن لا أتحدث عنه لأنه أصبح رفيقا للأموات حتى أنني تحديت الموجودين في مستشفى الأمراض العقلية بهذا وما يعجبني فيها أكثر أنها تجعلني أرقص على آهاتي..). كعادتي أتمشّى في الشّوارع للسّبب ذاته لكن هذه المرة شعرت أنني مهدّمة ضائعة لا يهم ذلك دعني أتجوّل في هذه المنطقة قليلا لعلني أجد صديق المهلوسات التي أحتاجها أظن أنني سآخذ الصّاروخ أو الزومبي أجل أجل أنا أحتاج لمثل هذا النّوع.. عثرت على صديقي ماثيو رفيق رائع لمثل هذه المواضيع لكن هذه المرّة نصحني بأن آخذ نوعا جديدا وهو الأفضل اسمه الفيل الأزرق DMT. ها أنا أحدثكم من غرفتي المظلمة أخذت سيجارتي جعلتها تحترق من أجلي إلا أن هذا لم يكن كافيا لطالما كانت مصدر هوائي لكن هذه المرة لم تستطع أن تخمد مشاعري الحقيرة لتجعلني أسأم منها ففقدت ما تبقى من عقلي لقد خذلتني.. في لحظة اعتقدت أنّها من تعاني خللا ذهنيّا أما إن سألت عن نفسيتي حاليا! سأخبرك بأنني لا أستطيع تحليلها الآن. لذلك لقطت جرعة من DMT فيها مئة وخمسون مليغرام على شكل سيجارة أخرى وبالفعل أخذت مفعولها بشكل جيد. فجأة سمعت صوتًا مزعجًا كأزيز أسلاك كهربائية وومضات براقة في بصري كما لو أن إنسانا أضاء مصباحا أمام وجهي شعرت وكأن قنبلة انفجرت بأحد الخزّانات الموجودة في دماغي الكريه. بتّ أصرخ آلاف الصّرخات لعلني أرتاح لكن روحي كانت نارا تطلب جليدا لا ينصهر فجعلني ذلك آأخذ نفسًا عميقًا إلّا أنّه في هذه الرّحلة تبدو عالما مشوها جدا. إدماني بدأ يعزف على تلك العقاقير إلّا أن عقلي العاقر بدأ يتسكّع في أزقة مملوءة بالضّجيج فأراد أن يشن معركة بيني وبين القرين الموجود داخلي. فقال لي لوسيفر: - لا تهتمي يا صديقتي فهم لا يفهمون كلامك أعلم ما تمرين به أنت مجروحة لكن أعرف أيضا أنك قوية الحب هزمك يوما ما وربح المعركة وأنت عليك أن تنتصري في الحرب. فقلت مجيبة له: - هل تعتقد أنه من اليسر أن أتجاوز الأمر أتعرف بأن أنفاسي تتقطع تصعب عليَّ إكمال هذا المشوار عند ما أسأل نفسي من أكون أجد أنني صرت نذلة. فرد على كلامي: - ها ها ها هل تعرفين معنى تلك الكلمة؟ اعتقدت أننا الوحيدون الذين يستعملونها إن كنت تقصدين بسبب أخذ تلك الجرعات فهذا ليس مهما. فقلت للقرين: - أتعرف يا أيها التافه تلك الرشفة أخذتني إلى عالم افتراضي أين أرى النجوم وهي ترقص أين أكون قريبة من القمر لكن هذا لا يعني أنّني نسيت كل ما حدث معي لهذا يجعلني أيضاً أجد أفكارًا شيطانية قد تغلبك في مرارتها وأظنّ أنك أصبحت قديم الطّراز فالإنسان استطاع أن يخترع أسوأ من وساوسك جعل كل من يتعاطى الحشيش وDMT أن يفوق الخيال في وصفه وأنت من يحتاج إلى النّصائح أيها العجوز اللعين.. فرد عليَّ بكلامه المجنون: - ما بك يا غبية لما أنت معتوهة لهذه الدّرجة؟ أنسيت أنّني من أغريتك لتكوني له أنا من جعلتك تفتنينه بعينيك وتسحرينه بخصلات شعرك السّوداء كالزيتون جعلته يرى جسدك المتناسق بثوب أبيض ملائكيّ لكنّه في الأخير خاب أملي فيه السؤال الذي يبقى مطروحا هو لماذا هرب ولم يحقق انتقامه؟ كنت أعتقد أن دنياي تراجيدية لكن اكتشفت أنّها حياة متمردة لم أفكر يومًا أن هذا المخدر سيدخل حياتي ليعبث بها ويقلبها رأسًا على عقب.. ما الذي أتحدث عنه!؟ هل أصابني الخرَف؟! لماذا تركت ذلك المعفن يتسلل إلى عقلي الرديء؟! وأطلقت العنان لمخيلتي فجعلتني أفقد عقلي لتزيد هما على همي فحتى القهوة الآن لن تستطيع معالجتي إلّا أن ذلك المهلوس له مذاق حلو لحد الآن لديه الكثير من المعجبين فهو وصل إلى عالم الجن فكيف لا أنتظر منه أن يجعلني مختلة؟!. أنا الآن أشعل سيجارتي لأنها انطفأت فبفضلها يشتغل دماغي ولكن لمدة محدودة بالمقابل يجلس أمامي إبليس وينصحني بالصّلاة والصيام فقلت له: هل وجدت عشيقة تعيد لك صوابك أم أنت مثل تلك البندقية التي ترفع في عشيرته؟ فرد عليَّ لوسيفر: - وفِّري فلسفتك العظيمة لنفسك ستحتاجينها يومًا ما.. فأجبته: - أنت مصيبة حملت أول شهادة في النكت البائخة. فرد عليَّ إبليس: - حقا أنت فتاة مختلفة لكن عليك أن تعرفي بأنّك لست أنت بشكل كامل بل هناك رفيق موجود بداخلك لا تخجلين أمامه ولا تضعفين إنّه أنا سمني كما تريدين لوسيفر أو القرين التافه وأخيراً وليس الأخير اللعين إبليس.