جمع جلود الأضاحي, أداة لدفع عجلة تطوير الصناعة الوطنية للجلود    الفنانة التشكيلية نورة علي طلحة تعرض أعمالها بالجزائر العاصمة    دراجات /طواف الكاميرون 2025 : الجزائري اسلام منصوري يفوز بسباق المرحلة السادسة    مجلس الأمة: السيد بوجمعة يبرز أهمية الرقمنة بقطاع العدالة    كرة القدم / بطولة افريقيا للاعبين المحليين 2025 : مجيد بوقرة يقر بصعوبة ضبط التشكيلة النهائية    العروض الوطنية للفيلم السينمائي "محطة عين لحجر" تتواصل عبر عدة ولايات    ليلة رعب على سفينة مادلين    بطولات وتضحيات خالدة في الذاكرة الوطنية    ولاية باتنة تحيي الذكرى ال 67 لاستشهاد البطل علي النمر    الموافقة على تعيين سفير الجزائر الجديد لدى جمهورية السلفادور    وفاة أحمد بن سكران الرئيس السابق للرابطة الجهوية لكرة القدم لوهران    البرتغال تُتوّج بدوري الأمم الأوروبية    اختبار قوي للخضر    مؤشرات الاقتصاد الجزائري تتحسّن    حجز قرابة 1.5 مليون قرص مهلوس بباتنة    هكذا أمضى الجزائريون عيد الأضحى..    وزارة البيئة : خطة لمكافحة التلوث البلاستيكي    أسعار النفط تستقر    الجزائر تتوّج بجائزة بطل السياسات الريادية    الجزائر تتحصّل على جائزة لبيتم    الحجّاج يؤدون طواف الوداع    آلفارما من 26 إلى 28 جوان    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 54981 شهيدا و126920 مصابا    وهران : مجلة "آفاق سينمائية" تبرز دور السينما الجزائرية في فضح الاستعمار الفرنسي    جبهة البوليساريو تؤكد أن كل المحاولات الرامية إلى القفز على حقوق الشعب الصحراوي مصيرها الفشل    تكرس قيم الاحترافية والوطنية التي تحدو منتسبي القطاع    ضرورة تفعيل الحسابات وتحميل الملفات قبل 12 جوان    تكريس لإرادة سياسية واضحة لحماية "ذاكرة وطن"    يختطف سفينة "كسر الحصار" على قطاع غزة    ورقلة : حجز أزيد من 62 ألف كبسولة من "بريقابالين"    سطيف: 3 باحثين يتحصلون على براءة اختراع    تنظيم عودة أول فوج للحجاج الجزائريين إلى أرض الوطن    مقاربة الجزائر تفضح مواقف انقلابيي باماكو    شان-2024/ودي: المنتخب الجزائري للمحليين يفوز أمام رواندا (2-0)    آخر الروتوشات لانطلاق امتحان البكالوريا    رافعات من الجيل الجديد تؤسّس لموانئ"ذكية" بالجزائر    إشادة بروح المسؤولية التي تحلّى بها التجار    640 ألف مليار لاقتصاد أقوى ومعيشة أحسن    إجماع على استقدام جمال بن شاذلي    اللجنة المنظمة تطلق اليوم الموقع الرسمي للحدث    المديرية العامة للحماية المدنية تطلق مسابقة توظيف    "التطور الحضاري لمدينة تلمسان" محور يوم دراسي    تتويج سيليا العاطب سفيرةً للثقافة الإفريقية 2025    استشراف لمستقبل الفن والتكنولوجيا    خطوة أخرى لتعزيز التنمية بقرى وادي الأبطال    رفع ألفي طن من النفايات    جمع 27 ألف "هيدورة"    مجلس الأمة يهنّئ بالجائزة الذهبية "لبيتم"    مبادرة حسنة من الحجّاج الجزائريين    الفريق أول شنقريحة يترأس مراسم حفل تقديم التهاني    غزة : استشهاد 11 فلسطينيا وإصابة العشرات    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    خواطر الكُتاب.. أبعاد لا تنتهي    قافلة الصمود تنطلق من الجزائر لكسر الحصار عن القطاع    توسعة الحرم المكي: انجاز تاريخي لخدمة الحجاج والمعتمرين    ويلٌ لمن خذل غزّة..    هذه أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة    عيد الأضحى المبارك سيكون يوم الجمعة 06 جوان 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استباحة سوريا لضمان الأمن الإسرائيلي
نشر في أخبار اليوم يوم 18 - 12 - 2024


بقلم: سعيد الشهابي
من المؤكد أن الكثير من أهل سوريا كان يأمل في التخلص من حكم بشّار الأسد وقدّم الناس تضحيات كثيرة على مدى أكثر من نصف قرن باحثين عن نظام حكم رشيد يأخذ البلاد إلى برّ الأمان. وطوال هذه الفترة لم يعبأ الغربيون باستغاثات المظلومين في الدول العربية بل كان تعاملهم مع الأنظمة عاديّا.
شعب سوريا لم يكن يتوقّع أن تصبح بلده مستباحة من قبل الإسرائيليين بالمستوى الذي حدث. قد يطرح البعض أن الحماس الغربي لسقوط النظام كان مدفوعا بعشق الديمقراطية وانطلاقا من الاهتمام بحقوق الإنسان. لكن الوقائع لا تدعم هذا الطرح. فليس سرّا القول إن السوريين ثاروا ضد نظام الحكم في بلدهم مرارا كان آخرها في فترة الربيع العربي ولكن تحركاتهم لم تحقق النتيجة التي كانوا يصبون إليها. وعندما تعرّضوا كما تعرّض المشاركون في الثورات العربية الأخرى للقمع والاضطهاد والاعتقالات الجماعية لم يكن هناك تفاعل حقيقي مع قضيتهم. وهذا ليس أمرا جديدا فمتى تحمّس الغربيون للتحوّل الديمقراطي في المنطقة العربية؟ فالوضع محكوم بتوازن قلق مع وجود كيان الاحتلال الذي يرى في ذلك التحوّل تحدّيا له وتهديدا لوجوده.
وعندما تتحرر الشعوب العربية من الاستعباد والهيمنة والتبعية ستتولد لديها رغبة جامحة للوقوف مع إخوتهم الفلسطينيين الذين يعيشون الألم والشقاء في ظل الاحتلال بل أصبح المرابطون في غزّة يتضورون جوعا في الفترة الأخيرة بسبب الحصار الجائر المفروض عليهم ومنع وصول الغداء والدواء إلى أراضيهم. وحين تمتلك الشعوب العربية قرارها فستقف على خط الدفاع الأول عن الأشقّاء في البلدان التي تضطهدهم وستجد استغاثات أهل غزة أصداء في العواصم العربية الأخرى.
فما الذي تغيّر فجأة ليظهر هؤلاء الغربيون تعاطفا مع أهل سوريا؟ إنّ من الصعب الحكم على النوايا إلا أن استعراض ما جرى خلال الأسبوع الذي مضى منذ سقوط النظام السوري يساهم في توضيح الموقف بشكل أدقّ. فلم يحدث في أي بلد من بلدان العالم أن استبيحت أراضيه كما يحدث لسوريا. فأهلها ليسوا اللاعبين الأساسيين في مشروع إعادة بناء دولة جديدة على أنقاض نظام الأسد. بل ربما كانوا الطرف الأقل شأنا في المنظور الاستراتيجي. فأنظمة الحكم تأتي وتذهب ويتداول على كراسي الحكم أصناف البشر ولكن تبقى البلدان ومصالحها أهمّ من أشخاص حكّامها. ومع أن هؤلاء الحكام قد يتركون بصماتهم على أمن البلاد واستقرارها ولكنهم لا يستطيعون تقرير مصائر الشعوب وإن حاولوا ذلك. فكل بلد في العالم سواء محكوم بالديمقراطية أو الاستبداد لديه إمكاناته الذاتية وثرواته وقدراته التي يقاس بها بين الدول الأخرى. ومع تطور الإمكانات العسكرية أصبحت الدول تسعى لامتلاك نصيب كبير منها لضمان أمنها الخارجي في الأساس. بعض الانظمة العربية يكدّس السلاح ليضمن هيبته أمام جماهيره.
وقد أظهرت التجربة أن هذا السلاح نادرا ما يُستخدم لصدّ الاعتداءات التي تأتي من الخارج ولكن ما أكثر استخدامه للقمع الداخلي. وتكفي الإشارة الى ما حدث في مصر في الأيام الخمسة الأولى من حرب حزيران 1967 فقد تم تدمير سلاح طيرانها بشكل كامل عندما باغتها الإسرائيليون فحسمت الحرب بهزيمة الجانب العربي بشكل ساحق. كما استخدمت قوات سوريا لقمع انتفاضة المواطنين بمدينة حماة في العام 1982. وبعد الاجتياح الأمريكي للعراق تم تدمير ترسانته العسكرية بشكل شبه كامل ودمّر مشروعه النووي وما لديه من مصانع أسلحة بالإضافة للطائرات والدبابات.
*ضربة للأسلحة الأكثر استراتيجية في سوريا
من هنا لا يمكن استيعاب الدعم الغربي للتغيير في سوريا بدون أخذ هذه الحقائق في الحسبان. فعلى مدى قرابة العقود الستة كانت سوريا في الخط الأمامي من المواجهة مع كيان الاحتلال. وتميّزت ماضيا وحاضرا بنزعاتها القومية التحررية فوجد المناضلون العرب فيها ملاذا من حكامهم واحتضنت اللاجئين من اليمن والعراق والسعودية والبحرين ولم تضق ذرعا بما تعرّضت له من مقاطعات سياسية من الحكومات العربية أو التهديدات العسكرية الإسرائيلية. فهي مهد الثقافة القومية ومنها ظهرت النخب المثقفة قبل مائة عام لبثّ المشاعر القومية والمساهمة في غرس روح ثورية في نفوس الشباب العربي الذي شعر بالغضب تجاه القوى الاستعمارية منذ عشرينيات القرن الماضي. هذا لا يعني أن أنظمتها السياسية كانت مفعمة بالمبادئ والقيم الإنسانية بل ما أكثر الاضطهاد الذي تعرض له السوريون بسبب انتماءاتهم السياسية وأطروحاتهم الإصلاحية. لقد كان النظام السوري قمعيّا بجدارة ولكن بقيت له ميزة الصموده أمام التهديدات الصهيونية ورفض التطبيع مع إسرائيل واستمراره في دعم القضية الفلسطينية وإيواء المئات من عناصر المقاومة ضد الاحتلال بكافة أطيافهم الأيديولوجية. ومن منطق سياسي وأيديولوجي تقارب النظام السوري مع إيران فكانت أراضيه معبرا لما كانت طهران تبعثه من سلاح لقوى المقاومة خصوصا في لبنان. لذلك لم يكن غريبا أن يتحمّس الإسرائيليون ليس لإسقاط النظام السوري فحسب بل استباحة البلد واستهداف كافة إمكاناته العسكرية سواء في مجال التسلح أم التصنيع.
فماذا يعني أن يتباهى الجيش الإسرائيلي باعتدائه على سوريا علنا؟ أين هي سيادة البلد؟ لماذا تنتهك علنا بلا وازع أو خشية من رد فعل دولي؟
وفي غضون يومين بعد سقوط نظام الأسد أعلن جيش الاحتلال أنه استخدم مئات الطائرات المقاتلة والقطع الجوية التابعة لسلاح الجو ليوجّه ضربة للأسلحة الأكثر استراتيجية في سوريا وعلى رأسها الطائرات المقاتلة والمروحيات القتالية وصواريخ سكود والطائرات المسيّرة من دون طيار وصواريخ كروز وصواريخ ساحل بحر وصواريخ أرض جو وصواريخ أرض أرض والرادارات والقذائف الصاروخية وغيرها. كما استهدف قواعد للقوات الجوية السورية ومنها مطار T4 الواقع في منطقة شمال دمشق حيث تم داخله تدمير سربين تابعين لسلاح الجو السوري هما سرب SU-22 وسرب SU-24 . واستُهدف كذلك مطار بلي الذي كان يؤوي ثلاثة أسراب قتالية. وعلى بعد حوالي 1.5 كيلومتر عن هذه القاعدة تمت كذلك مهاجمة موقع لتخزين صواريخ أرض أرض وقذائف صاروخية. كما استهدف جيش العدو مواقع إنتاج وتخزين مركزية من بينها موقع في منطقة حمص. يعتبر الرائد في مشروع صواريخ سكود ومن أهم البنى التحتية في مركز البحوث للصناعة العسكرية.
ما يهم الكيان الإسرائيلي إبقاء الدول والمجموعات العربية منزوعة السلاح لتبقى في حالة خوف ورعب دائمة من الانتقام الإسرائيلي. ولا يمكن استيعاب ما قامت به تل أبيب في العام الأخير من استهداف رموز المقاومة في فلسطين ولبنان إلا ضمن مشروعها لكسر شوكة من تعتقد أنهم أعداؤها. فالحرب النفسية أساس مهم في الاستراتيجية الإسرائيلية تمارسه دائما لكي تحتفظ بالتفوق على الجانب العربي.
التغيير السياسي في سوريا كان حتميّا ولكن يجب أن لا يؤدي لإخراج البلد من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي فهذا ما تريده إسرائيل وداعموها وما استباحة سوريا وتدمير قواها العسكرية إلا ضمن الخطة الهادفة لإحكام النفوذ الإسرائيلي الغربي على المنطقة وتطويعها لضمان أمن الاحتلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.