لا زالت السيدة" ح.ب"، من المدنية بالعاصمة، تنتظر منذ عامين كاملين، دواء "تردمين" الخاص بمرض دودة التينيا، حيث أن الوصفة الطبية التي تتضمن الدواء المذكور، مؤرخة بيوم، 8.2.2009، وتنتظر هذه السيدة توفر الدواء بالصيدليات، لتتمكن من اقتنائه، منذ ذلك اليوم، خصوصا وأنها لا تملك أقارب او معارف في الخارج، بإمكانهم توفير هذا الدواء لها، لتبقى تعاني يوميا، من المضاعفات الصحية لعدم تناولها هذا الدواء الضروري جدا في حالتها. وتعتبر هذه السيدة واحدة من مئات او آلاف الحالات المرضية، التي تعاني من أزمة ندرة الأدوية المستمرة، منذ فترة طويلة، و التي عمقت من معاناة المرضى وعرضت حياتهم للخطر الدائم، ندرة الأدوية التي مست عددا هاما ( أكثر من 230 دواء)، اغلبها موجه وضروري للاستعمال اليومي، لا سيما ما تعلق بالأدوية الموجهة لأصحاب الأمراض المزمنة، دفعت المرضى إلى سلوك اتجاهات مختلفة بغية الحصول عليها، خصوصا وان اغلب الصيدليات أصبحت عاجزة عن تلبية طلبات المرضى، وعليه فان اغلب المرضى وجحدوا الحل في طلب هذه الأدوية من أقربائهم ومعارفهم المتواجدين بالخارج، والمنتظر قدومهم قبل عيد الأضحى المبارك، أما آخرون فوجدوا في الحجاج المتجهين إلى البقاع المقدسة، حلا آخر، ما داموا قادرين هم بدورهم، على جلب بعض الأدوية التي مستها الندرة من هناك، على صعيد آخر ودون اللجوء إلى الحلول السابقة، فان من لديه معارف قوية على مستوى مخابر صناعة الدواء، المتعددة، يكون قد تحصل على حل مثالي، وعملي، خاصة لمن حالاتهم الصحية لا تتحمل الانتظار. ومما تجدر الإشارة إليه، أن مشكل الندرة، قد مس أنواعا هامة، منها على غرار كل من أدوية الزهايمر، أدوية السرطان، أدوية النزيف الرحمي، الضغط، ارتفاع الكولسترول، بالإضافة إلى موانع الحمل، وهذا عدد قليل جدا مقارنة بمجموع الأدوية النادرة حاليا في السوق. في هذا الإطار قال صيدلي بعين النعجة، إن المشكلة لا تتعلق بأزمة ندرة في حد ذاتها، بقدر ما تتعلق بما اسماه" احتكار الموزعين للأدوية" وتحول العملية برمتها، إلى عملية تجارية لا علاقة لها إطلاقا بصحة المرضى، التي أصبحت آخر اهتمامات موزعي الأدوية، سواء في الصيدليات العامة او الخاصة، فالسبب راجع -حسبه- إلى الطرق الملتوية التي يسلكها بعض موزعي الأدوية، حيث يتم توزيع الأدوية بطرق غير عادلة، حسب مصالحهم الشخصية، وقدم مثالا على ذلك، انه عندما يتصل بأحد الموزعين الذين يتعامل معهم، لطلبيه ما من الأدوية النادرة حاليا، يفرض عليه الموزع اخذ أدوية أخرى معها، مقابل طلبيته، أويفرض عليه طلبية بمبالغ مالية ضخمة، وعلى حد قوله فالمشكل لا يكمن على مستوى نقاط الاستيراد، او من جانب الصيادلة، وإنما يتركز المشكل عند موزعي الأدوية، الذين يتبعون سياسة الاحتكار وجمع وتخزين كل الأدوية، الموجودة في السوق، ما أرجعه إلى غياب الرقابة الصارمة التي من شانها الحد من هذه التجاوزات. وعن رد فعل المواطنين، الذين يقصدون الصيدلية بحثا عن الأدوية، قال الصيدلي أن بعضهم يلقي باللوم عليهم، والبعض الآخر على الدولة، رغم انه أكد على توفر الأدوية الجنيسة، التي تعوض هذه الأدوية، التي تمسها الندرة، لكن المرضى يرفضون أخذها لاعتقادهم، بعدم فعاليتها او إصرار أطبائهم، على الأدوية المستوردة، الموصوفة لهم سابقا، أما من يتقبل الأمر من المرضى، ويكتفي بأخذ هاته الأدوية الجنيسة، فانه يأخذها على مضض وهو ما ينعكس سلبا على حالتهم الصحية، لأنهم نفسيا لم يتقبلوها، على غرار مرضى القلب، الذين يحتاجون بشدة دواء "مودوريتيك" الذي يرفض الأطباء استبداله بدواء آخر رفضا تاما. وعليه يبقى المريض في صراع دائم مع ألام داءه الرهيبة في ظل استمرار أزمة ندرة الأدوية و عدم اتخاذ قرارات استعجاليه لمحاصرة مافيا الدواء الذين يضعون حياة المرضى على كف عفريت.