سيمثل يوم 11 مارس الجاري المتّهمون ال 46 في الملف القضائي المتعلّق بتبييض الأموال وتهريبها نحو الخارج، حيث سيعاد فتح الملف أمام الغرفة الجزائية بمجلس قضاء العاصمة وذلك بعد استئناف المتّهمين وكذا وكيل الجمهورية في الأحكام الابتدائية الصادرة عن محكمة (سيدي امحمد)، والتي قضت بعقوبات تراوحت بين 3 و7 و10 سنوات سجنا في حقّ جميع المتّهمين ينحدر أغلبهم من ولاية وهران من بينهم محضر قضائي وسماسرة، تورّطوا جميعهم في عملية تهريب 130 مليون أورو نحو أوروبا· تحريك القضية تمّ بناء على المراسلة التي حرّرتها مصالح الجمارك الإسبانية لنظيرتها الجزائرية حول مبالغ مالية ضخمة بالعملة الصّعبة يتمّ تحويلها من الجزائر نحو إسبانيا، ومن ثَمّ تبييض هذه الأموال في مشاريع بالخارج حتى يستطيع أصحابها استغلالها والتنقّل بكلّ حرّية. وبناء على هذه الإرسالية تمّ فتح تحقيق من قِبل قاضي التحقيق بالقطب الجزائي لدى محكمة (سيدي امحمد) بتاريخ 24 فيفري 2010، وقد كشف التحقيق أن المتّهمين الذين يشتغلون كتجّار، كانوا يشترون العملة الصّعبة من السوق السوداء (كلوزال) أو ساحة بور سعيد، ومن ثَمّ يحوّلونها إلى خارج الوطن، وفقا لكشوفات الحساب البنكية والمصرّح بها للجمارك الإسبانية، والتي سهّلت لهم المهمّة بالتصريح الشفوي دون الاطّلاع على حجم المبلغ المالي أو تفتيشه، ما ساعد المتّهمين على تكوين ثورات ضخمة وفتح شركات داخل الجزائر وفي إسبانيا· وفي السياق ذاته، يشير الملف إلى أن المتّهمين كانوا يقتنون الأموال المهرّبة بالعملة الصّعبة من السوق السوداء بالجزائر، ثمّ يقومون بتهريبها إلى إسبانيا دون المرور على الجمارك الجزائرية، ومن ثَم تبدأ عملية تبييض الأموال من خلال ضخّها في مشاريع بدول أوروبا، ثمّ استيرادها إلى الجزائر باستعمال سجِّلات تجارية لعدّة شركات منها (فلاكسي) و(نابولي)، وبواسطتهم تمّ إنجاز 400 عملية استيراد وتصريح جمركي بالواردات، ما يفيد بأنه تمّ عمل توطين بنكي لهذه السلع لدى البنوك الجزائرية بالعملة الصّعبة. وبهذه الطريقة يستفيد المتّهمون من العملة الصّعبة المبيّضة ومن العملة الصّعبة المسترجعة من عمليات التوطين البنكي لدى البنوك الجزائرية، والتي تقتطع من احتياطات الصّرف بالعملة الصّعبة للدولة الجزائرية· كما تبيّن أن بعض المتّهمين استفادوا من تهريب العملة الصّعبة بأسماء شركات وهمية منها شركة (لامنيوري) بمدينة أليكانت الإسبانية، والتي استغلّها بعض المتّهمين لتبييض ما يقارب 2.390.600.00 أورو، ليتبيّن أنها ليست شركة إنتاج أو تسويق وإنما مجرّد مستودع يستخدمه المتورّطون لوضع السلع· وقد استغرقت التحقيقات فترة طويلة بسبب تعذّر الوصول إلى جميع المتّهمين وتحديد هويتهم، حيث تمّ التوصّل إلى 27 متّهما ينحدرون من ولاية وهران، وتوجد من بينهم امرأتان يفوق سنّهما الستّين عامًا، أقرّتا بأنهما تتاجران في الألبسة الجاهزة وقامتا بالتصريح بمبالغ مالية وهمية في وثائق التصريح الجمركي بغرض استعمالها لاحقا في ملف طلب التأشيرة، وأنكرتا تهريب الأموال بشكل فعلي ومادي· كما بيّنت التحقيقات بشأن باقي المتّهمين الذين يقيمون في الجزائر العاصمة، أنهم يشتغلون في استيراد وتصدير الألبسة والأثاث المنزلي والأجهزة الإلكترونية ويزورون بشكل منتظم دولا أوروبية، كما أن غالبيتهم يحوزون على بطاقات إقامة في إسبانيا·