أثناء العطل المدرسية، يستطيع أبناء الشمال أن يشغلوا أوقاتهم بأشياء كثيرة، مثل الذهاب إلى البحر أو التوجه إلى منتزه أو الذهاب إلى أقرب غابة·· لكن أبناء الجنوب غالبا ما يعانون الفراغ القاتل، وقلة المساحات الترفيهية المخصصة لهم· أطفال الجلفة وجدوا الحل في العروض المسرحية التي دأبت (جمعية الإشراق) المسرحية على تقديمها لهم، وذلك لأكثر من هدف، منها كسر العزلة الترفيهية التي يعانيها أطفال الجنوب، ومنها أيضا ربط الطفل بالثقافة وتعليمه حب المسرح منذ الصغر· التقينا بالممثل الهاوي أحمد عبد الرحيم، الذي يعمل جاهدا على كتابة وإخراج وتمثيل مسرحيات جديدة في كل مرة لأطفال ولايته، وعرضها في الولايات الأخرى، فقال: (يعاني الأطفال من قلة العروض الترفيهية والتربوية الموجهة إليهم، لذلك نحن نحاول أن ننجز مسرحيات تغطي هذا الفراغ، وقد أنتجنا مسرحية بعنوان (موسيقى المدينة) وأخرى (ليلى والقط) للأطفال، و(الرحلة الأخيرة)، الموجهة للمراهقين والشباب)، وهي تعالج قضية الشباب البطال، أي الحرقة، حيث تحاول مجموعة من الشباب الهجرة إلى ما وراء البحر، دون دراية منها بالمخاطر الحقيقية، وأثناء الرحلة يحاول الربان أخذ الأموال منهم دون أن ينتظر وصولهم إلى الضفة الأخرى، لأن ما يهمه حقا هو المال فقط·· أنا أمثل دور المراهق، وفي القارب هناك شيخ وموظف وشاب·· وغيرهم، كل واحد من هؤلاء يحكي ما عاناه خلال حياته بقصد التسلية، ولكن تشاء الأقدار أن يموت كل من كان في القارب، بمن فيهم الربان، وتضيع الأحلام وتتبخر الأمنيات)· وأضاف: (خرجنا من منطقة الجلفة، وجبنا خلال العطلة الربيعية عددا من المدن الجزائرية لتقديم عروضنا الجديدة، وذلك في محاولة لتغطية النقص المسرحي الموجه للطفل وطنيا، وليس محليا فقط· خصصنا عروضنا الربيعية كلها للطفل، بدءا من شرق الجزائر، أين قدمنا عرضين مميزين لمسرحية (حراس الغابة)، التي تجاوب معها الأطفال كثيرا، وتواصلت الرحلة إلى الغرب الجزائري، وهناك وجدنا أن التجاوب كبير جدا، وفي العاصمة فوجئنا بامتلاء القاعة عن آخرها، وتلك التصفيقات والتفاعلات التي أبداها جمهور الأطفال العاصميين)· الجميل أن فتيات صغيرات يساهمن في تمثيل المسرحيات الموجهة إلى الطفل، ويحاولن كسر الجمود الذي يعيشه الأطفال في العطل المدرسية، فقد ضمت مسرحية حراس الغابة مثلا ممثلات صغيرات، وهن: مروة، شيماء، هدى، صابرين، أميرة، تقل أعمارهن عن 14 سنة، ولكن الجمهور أعجب كثيرا بأدائهن المتميز· فريق مسرحية (حراس الغابة) يتكون في معظمه من أطفال، يتطرق العرض إلى المحافظة على البيئة، حيث تحاول مجموعة من الأشخاص الدخول إلى الضيعة الخاصة بالأصدقاء قصد إقامة مشروع، وهو ما يلقى معارضة من طرفهم، وتحدث مواجهات بين الطرفين، وفي الأخير لا يتفق الأشرار ويكيدون لبعضهم بسبب المال، فيحاولون قتل زعيم العصابة، إلا أنه ينجو بمساعدة من الأصدقاء الذين يحاولون إسعافه على الرغم من كل ما كان منه، فيندم السيد ويتراجع عن المشروع، ويترك الغابة للأصدقاء ويجعلها محمية يتعايش فيها الجميع· ويتمنى المسرحي الهاوي عبد الرحيم أحمد ونائب رئيس جمعية (الإشراق) المسرحية، أن تتلقى جمعيته دعما من الوزارة لتطوير مهرجان مسرح الطفل الذي يقيمونه كل سنة، لجعله مهرجانا دوليا، وذلك بعد سلسلة النجاحات التي حققتها الجمعية داخل الوطن· يذكر أن أحمد عبد الرحيم ممثل هاو، عمل في المسرح منذ طفولته، انضم إلى جمعية الإشراق الثقافية بولاية الجلفة منذ سنة 2003، وهي جمعية كان لها دور كبير في التحسيس البيئي بالولاية، من خلال تنظيم أيام تحسيسية وجولات مسرحية، أنتجت مسرحيات كثيرة للأطفال منها: (سكة الندامة)، (الثعلب والذئب)، (أبناء الصياد)، و(وصية الأم)، وغيرها من الأعمال الهادفة·