عميد جامع الجزائر يستقبل المصمم الألماني لهذا الصرح الديني    بلعريبي يتفقد مشروع إنجاز المقر الجديد لوزارة السكن    بن جامع: سنعود أقوى وبدعم من الجمعية العامة من أجل العضوية الكاملة لفلسطين بالأمم المتحدة    فلسطين: 50 ألف مصلي يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك    حوادث المرور: وفاة 62 شخصا وإصابة 323 آخرين في حوادث المرور خلال أسبوع    رخروخ: زيادة حظيرة المركبات تفرض استعمال تقنية الخرسانة الاسمنتية في إنجاز الطرق    الإذاعة الجزائرية تشارك في أشغال الدورة ال30 للجمعية العامة ل"الكوبيام" في نابولي    تصفيات مونديال أقل من 17 سنة/إناث: المنتخب الوطني ينهي تربصه التحضيري بفوز ثانٍ أمام كبريات الجزائر الوسطى    حماس تدين إستخدام الولايات المتحدة "الفيتو" ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    المهرجان الثقافي الوطني لأهليل: أكثر من 25 فرقة تشارك في الطبعة ال 16 بتيميمون    التعاون الإسلامي تعرب عن أسفها لفشل مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار متعلق بإنضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية: إحتراف نادي الأبيار التحدي الجديد للإدارة    كرة اليد/بطولة إفريقيا للأندية: حفل إفتتاح بهيج، بألوان سطع بريقها بوهران    تجارة: زيتوني يترأس إجتماعا لتعزيز صادرات الأجهزة الكهرومنزلية    بجاية: مولوجي تشرف على إطلاق شهر التراث    باتنة: إعطاء إشارة تصدير شحنة من الألياف الإصطناعية إنطلاقا من الولاية المنتدبة بريكة    بلمهدي يبرز أهمية التوجه نحو البعد الإفريقي عبر الدبلوماسية الدينية    وزير الاتصال : منع دخول الصحفي فريد عليلات الى الجزائر لا يتعلق به كمواطن بل كمبعوث للوسيلة الاعلامية التي يشتغل فيها    الانتهاء من إعداد مشروع صندوق دعم الصحافة    محاكم تجارية متخصصة: اصدار توصيات لتحسين سير عمل هذه المحاكم    فلاحة: القطاع على أهبة الاستعداد لإطلاق عملية الإحصاء العام    "مشروع تحويل المياه من سدود الطارف سيحقق الأمن المائي لولايتي تبسة و سوق أهراس"    وزير الصحة يشرف على لقاء لتقييم المخطط الوطني للتكفل بمرضى انسداد عضلة القلب    مسار إستحداث الشركة الوطنية للطباعة جاري    وزارة الدفاع: إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار و توقيف 10 عناصر دعم خلال أسبوع    وزير الاتصال و مديرية الاعلام بالرئاسة يعزيان: الصحفي محمد مرزوقي في ذمة الله    سطيف: ربط 660 مستثمرة فلاحية بالكهرباء    أرسلت مساعدات إلى ولايات الجنوب المتضررة من الفيضانات: جمعية البركة الجزائرية أدخلت 9 شاحنات محمّلة بالخيّم و التمور إلى غزة    سترة أحد المشتبه بهم أوصلت لباقي أفرادها: الإطاحة بشبكة سرقة الكوابل النحاسية بمعافة في باتنة    رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي يؤكد: تشجيع الإشراف التشاركي في العملية الانتخابية المقبلة    كأس الجزائر: رباعي محترف يلهب الدور نصف النهائي    تابع تدريبات السنافر وتفقّد المنشآت الرياضية: بيتكوفيتش يزور قسنطينة    انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة : تأجيل التصويت على مشروع قرار الجزائر إلى غد الجمعة    أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا    من خلال إتمام ما تبقى من مشاريع سكنية: إجراءات استباقية لطي ملف «عدل 2»    أطفال ونساء في مواجهة الجلاّدين الصهاينة    68 رحلة جوية داخلية هذا الصيف    عون يؤكد أهمية خلق شبكة للمناولة    الحكومة تدرس مشاريع قوانين وعروضا    مجمع سونلغاز: توقيع اتفاق مع جنرال إلكتريك    الجزائر ترافع لعضوية فلسطين بالأمم المتحدة    تفكيك جماعة إجرامية تزور يقودها رجل سبعيني    هذا موعد عيد الأضحى    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    أول طبعة لملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    توقعات بمستوى عال ومشاركة جزائرية مشرفة    ضرورة جاهزية المطارات لإنجاح موسم الحج 2024    نريد التتويج بكأس الجزائر لدخول التاريخ    مكيديش يبرر التعثر أمام بارادو ويتحدث عن الإرهاق    معارض، محاضرات وورشات في شهر التراث    شيء من الخيال في عالم واقعي خلاب    تراجع كميات الخبز الملقى في المزابل بقسنطينة    انطلاق أسبوع الوقاية من السمنة والسكري    انطلاق عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راية الشعر.. وسلاح البرود
نشر في أخبار اليوم يوم 08 - 12 - 2012


بقلم: علي عليلات
إن كنا نحن أبناء ما بعد الاستقلال الذي مر عليه نصف قرن في الخامس من جويلية2012، قد وجدنا الطرق المؤدية إلى الأقسام-العصرية هيكلة وتدريسا و.. -معبدة، فإن أباءنا وأجدادنا فرض عليهم الجهل فرضا بشتى الوسائل والطرق الملتوية منها والمستقيمة، من طرف الفرنسيين الذين ادعوا على أنهم جاءوا لينشروا الحضارة والتمدن، وكأن هذا الشعب (الشعب الجزائري) قد وجد من عدم، لا يملك حضارة ولا ثقافة ولا تاريخا مجيدا، كما تناسوا أن حضارة هذا الشعب الأبي هي جزء لا من الحضارة الإسلامية التي كانت عاملا من أهم عوامل نهضتهم في عصر النهضة، وباعتراف عديد المؤرخين والمفكرين النزهاء في مقدمتهم المفكرة الألمانية (زغريد هونكي) صاحبة كتاب (شمس العرب تسطع على الغرب).
ورغم الحصار التجهيلي المضروب على الأهالي حسب تسمية الاستدمار الفرنسي للجزائريين، فإن الحركة الوطنية الجزائرية لعبت دورا هاما في نشر الوعي الوطني لدى فئة واسعة من الشباب الجزائري، كما عملت في نفس الوقت على تعليم وتثقيف نخبة معتبرة منهم، بهدف تعاون الفئتين على إخراج الجسم الغريب من أرض الجزائر.
ومن أجل تحقيق الحرية والحصول على الاستقلال الكامل للجزائر، انطلق مجاهدوها-الذين لم يتخرجوا من الكليات العسكرية ولا من المعاهد المتخصصة لنفس الغرض-متسارعين إلى تقديم أعز ما يملكون فداء للحرية التي لا تؤخذ إلا بضريبة الدم الغزير، فتأثر الأدباء الجزائريون وغير الجزائريين بهذه الأحداث، حيث انطلقوا يباركون خطوات الثورة النوفمبرية خطوة خطوة، مشيدين بانتصارات المجاهدين الأحرار، ومنددين بالأعمال الوحشية التي يرتكبها المستعمر في حق الابن والمرأة والرجل والشيخ العزل حتى من السلاح الأبيض، المفعمون بالإيمان القوي بمصيرالوطن، مهيبين في نفس الوقت بالجماهير بالإقبال على البذل بسخاء للقضاء على العدو المشترك، وتطهير البلاد من رجسه، وقد كان نصيب الشعر أكبر نظرا لطبيعته، فظهرت مجموعة من الشباب الذين حملوا راية الشعر الثائر، فراحوا يقاتلون إلى جانب إخوانهم المجاهدين بالكلمة الحرة الشجاعة هذا بالنسبة للشعر الموزون بنوعيه، أما دورالكلمة الشعبية أي (الشعر الملحون) التي كانت دوما وما تزال في متناول الجميع، فإنها لعبت كذلك دورها المشرف في إسماع كافة أفراد الشعب الجزائري، بانتصارات ثواره في الجبال والوهاد والسهول والمدن على الجيش الفرنسي، وأسلحة الحلف الأطلسي المتطورة، وعلى كل فالذين صعدوا إلى الجبال وخاضوا معارك القتال الشرس، لم يكونوا في غالبيتهم المطلقة يحفظون شيئا من الألفية أو الأجرومية. (1) ومن شعراء الملحون الذين خلدوا بعض مآثر الثورة التحريرية الشهيد أحمد أرسلان(29/9/1931-29/9/1960) مرشد الولاية الرابعة التاريخية من 1956حتى استشهاده في 29/9/1960بالمدية. والذي كان-حسب كل المجاهدين الذين تحدثنا إليهم. يحمل الرشاش على كتفه والقلم في جيبه، والكراسة بداخل كيسه العسكري، وبعد انتهاء المعركة أو الاشتباك يكون قد رسم أدوارها في ذهنه وسجلها على أوراق كراسه، لتبقى تاريخا حروفه من ذهب، تتداوله الأجيال المتعاقبة، وفي هذه العجالة استطعنا تسجيل بعض المعارك التي قادها الرائد مقراني رابح، المدعو أثناء الثورة ب سي لخضر (6/11/1936-5/3/1958)ودونها أحمد أرسلان بقطع من الشعرالملحون. بالمنطقة الأولى من منطقة الأخضرية شرقا إلى واد المالح عند نقطة بلدية سيدي نعمان بالطريق الوطني رقم 18 بشرق المدية، ثم تتجه حدودها الغربية جهة الشمال عبر جبال الأطلس البليدي بين العيساوية وبعطة حتى بلدية سي أمحمد بوقرة الآن، وكانت تضم كل من بوزقزة- الزبربر-تابلاط- وبعض المدن مثل أربعاء بني موسى-الأخضرية-عين بسام- الثنية-صورالغزلان-الرويبة والحراش.. حسب مجلة ذاكرة الولاية الرابعة التاريخية العدد الثاني ماي2005ص: 16. وهذه نماذج منها:
في جبل بوزقزة.... كيجات فرنسا تستهزا
حسبتنا خبزة....... وطحنا عليها بالرفال يالخوة.
بوزقزة: جبل صعب المسالك، استراتيجي الموقع، فمنه وإليه يتم التحرك بسهولة نحو منطقة بومرداس والعاصمة، ونحو الحدود الشرقية للولاية الثالثة، ونحو الجهة الغربية حيث الولاية الرابعة، وهو من سلاسل الأطلس التلي، وقد شهدت منطقة بوزقزة عدة معارك واشتباكات ضارية بين جيش التحرير الوطني وقوات العدو، حتى أصبح هذا الاسم باعث رعب وفزع في صفوف الجيوش الفرنسية، ومن المعارك التي انهزم فيها العدو بالمنطقة بفضل-تكتيك- مجاهدي كومندوس على خوجة بقيادة سي عزالدين: معركة 4/8/1957. والتي من بين أسبابها أن فصيلة من المسبلين بقيادة الشهيد سي بوعلام، كانت متمركزة بقرية ببني مسعود، بحضور كل من سي أمحمد بوقرة وسي لخضر (مقراني رابح) واللذان كانا في اجتماع مع مسؤول المناطق، وفي هذه الأثناء انسحب الكومندو تدريجيا نحو قرية المقارشية ببوزقزة، وفي هذه الأثناء كانت قوات العدو تتابع تحركات الكومندو إثر معلومات تسربت إليها، لذا أرسلت وحدة استطلاعية لجيش التحرير إلى مرتفعات بوزقزة، وكان من بين أفرادها جنود كتيبة (أدراقون) التي كانت تقوم بالمراقبة بربوة من قمة جبل زيمة، والتي كان كومندو علي خوجة على علم بها كذلك، وعند الساعة الثانية بعد الزوال قدمت طائرات من نوع (ت6) وبدأت في قصف هضبة بمرتفع بني وكيل المقابلة لجبل لجبل زيمة، وبعد الانتهاء من القصف المكثف وصلت طائرت الهيلوكوبتر، وأخذت في إنزال جنود قوات التدخل السريع (أي الجنود المظليون)، بالإضافة إلى تحرك وحدات برية نحو المنطقة، وفي هذه الأثناء حيث حل الظلام انسحب سي عزالدين إلى منطقة أخرى، وتشاء الصدف أن حل بنفس المكان كومندو المنطقة الأولى بقيادة سي لخضر، وفي الصباح الباكر قام العدو بمحاولة تطويق المنطقة، حيث سي لخضر الذي اهتدى إلى تكتيك تمويهي، تمثل في ارتداء زي عسكري مماثل لزي المظليين، ثم توجه بكتيبته نحو فرقة المظليين الفرنسية، فطوقوها وأجهزوا على أفرادها بسرعة، حيث قتل أكثر من 150جندي فرنسي، وتم أخذ أسلحتهم وألبستهم ونال الشهادة مجاهدان فقط. وإضافة إلى هذه المعركة فقد شهدت منطقة بوزقزة عدة معارك واشتباكات منها:
- معركة جراح أولاد بلمو بالأخضرية يوم: 8/8/1957
وبعد ثلاثة أيام من معركة جبل زيمة ببوزقزة، انتقل الكومندو بقيادة سي عزالدين إلى جراح أولاد بلمو وقرية تمونيت، بجبال بوزقزة، حيث كان سي بوعلام انسحابه من الهجوم على حامية الأخضرية وحوالي الساعة 09 صباحا جاءت قوات ضخمة للعدو، فتوجهت نحو مكان وجود سي بوعلام ورفاقه، فتصدوا لها وبكل شجاعة الشيء الذي أدى إلى تراجع قوات العدو في البداية ثم إعادة الهجوم ثانية، لذا استشهد معظم المجاهدين الموجودين بالمكان سالف الذكر، وحوالي الساعة11صباحا تدخل الكومندو في المعركة، فاشتد القتال لدرجة الالتحام بالسلاح الأبيض، وتجنبا للخسائر الكبيرة في صفوف العدو تراجع وترك المجال لسلاح الطيران والمدفعية والدبابات، تتناوب بالقنبلة والقصف المكثفين لغاية حلول الليل، وأسفرت المعركة عن قتل حوالي 200من الجنود الفرنسيين بينهم ضباط، مع إسقاط طائرة، كما نال الشهادة نحو40 مجاهدا منهم: سي بوعلام قائد الكومندو وضياع أكثرمن 40 قطعة سلاح للمجاهدين.
معركة يوم 8/5/1957
وقعت هذه المعركة بين وحدة لجيش التحرير الوطني بقيادة سي عبد الله، وقوة لجيش فرنسا، كان من نتائجها قتل قرابة 30 فردا من الجيش الفرنسي. وفي يوم 8/2/1958وقعت معركة بنواحي بوزقزة بين الكتيبة الرحمانية بقيادة سي يوسف وبين فرقة للجيش الفرنسي، كانت بصدد القيام بعملية تفتيش بالمنطقة، استشهد خلالها 13مجاهدا وأصيبت طائرتان كما قتل عدد غير محدد من القوات الفرنسية.
في جبل اللوح قامير... تبكي وتنوح
قلبها مجروح...... عبد العزيز كواها كية
جبل اللوح: يقع إلى الجنوب من بلدية المدية حتى أولاد بوعشرة غربا ضمن المنطقة الثانية -الولاية الرابعة، وهو امتداد طبيعي للونشريس شهد عدة معارك أثناء الثورة التحريرية، ضمن اشتباكات ومعارك المنطقة الثانية الولاية الرابعة، والجزء الشرقي من المنطقة الثالثة بنفس الولاية. وقد ناحت وبكت قميرة- أي فرنسا-كثيرا بمناطق جبل اللوح الوعرة، متألمة من ضربات الثوار، كما هو الحال في كل شبر من التراب ومن معارك هذا الجبل:
-كمين ديسمبر1957:
وقد نصبت هذا الكمين الكتيبة الزبيرية بقيادة سي عبد العزيز خلال يوم من أيام ديسمبر1957 لقافلة عسكرية، ليتحول إلى اشتباك دام ساعتين خسرت فيه فرنسا 43 قتيلا وعددا من الجرحى، كما غنم المجاهدون كمية معتبرة من الأسلحة المختلفة، ونال الشهادة مجاهد واحد.
- اشتباك يوم23/3/1957: وقع هذا الاشتباك على إثر عملية تمشيط لمنطقة جبل اللوح، دامت ثلاثة أيام اشتبك خلالها العدو مع فرقة للمجاهدين، نتج عنها قتل 12عسكريا من قوات العدو بينهم ضابط، واستشهد عدد من المجاهدين.
- كمين جوان1957: أقدمت كتيبة لجيش التحرير الوطني على نصب كمين لقافلة عسكرية للعدو، تتكون من شاحنتين ومصفحة الساعة الخامسة مساء والتي كانت تقوم ببناء مركز مراقبة جديد بدائرة مليانة قرب جبل اللوح، ونتج عن هذا الكمين مايلي: -قتل عدد كبير من أفراد قوات العدو، وأسر جنديين وتحطيم الشاحنتين، كما تم غنم 20 قطعة سلاح أتوماتيكي ومدفع رشاش من نوع فمبار و8 رشاشات من نوع مات 49، وجهاز راديو لا سلكي.
-اشتباك أفريل1957: وقع هذا الاشتباك بوادي الخروب بجبل اللوح بين كتيبة الزبيرية بحضور الشهيد سي التوفيق وسي المحجوب وسي عبد العزيز من جهة، وبين قوات للعدو الفرنسي دام يوما كاملا، قتل أثناءه عدد من أفراد الجيش الفرنسي بينهم ضابط برتبة (نقيب) وغنم الثوار20 قطعة سلاح، أما فيما المجاهدون فقد استشهد مجاهد واحد. وما تجب الإشارة إليه أن معارك عديدة دارت رحاها بين قوات جيش التحرير والعدو الفرنسي، بمناطق سلسلة جبل اللوح خلال الأعوام: 1958-1959-1960-1961. لا يسع المجال هنا إلى ذكر تفاصيلها الآن.
في واد المالح..... سي لخضر يقتل ويذبح
عسكر تضابح....... تجري هاربة بلا نظام
إن الأودية المالحة توجد بمناطق عديدة من التراب الوطني، والواد المالح المقصود في قصيدة أحمد الحاج حمدي (أحمد أرسلان) هو الواد الآتي من عين بوسيف والعابر لبلدية الكاف الأخضر التابعة لدائرة عين بوسيف الآن، فخميس سيدي نعمان مقر الدائرة بشرق المدية بين البرواقية وبني سليمان، والذي يلتقي بالواد الكبير (أو يسر) بالقرب من الغابة الكحلاء بالحدود الغربية للمنطقة الأولى الولاية الرابعة.
وإن المعركة في الأصل كمين نصبه سي لخضر بقرية بني سعدة قرب بني سليمان الواقعة بمحاذاة واد المالح سابق الذكر، لفرقة من الخيالة الفرنسية يوم 2/3/1957 وقد أسفر الكمين عن قتل 80جنديا فرنسيا وأسر عدد منهم بينهم ضابط برتبة نقيب، كما تم غنم كمية هامة من الأسلحة المختلفة، ونال الشهادة ثمانية مجاهدين.
- كمين بوادي المالح في أكتوبر1958: والذي ينبع من وادي المالح ببلدية جواب بنحو80كلم بجنوب شرق المدية، ويعبر قرية أولاد طاعن فمنطقة الموايسية الغابية ببلدية القلب الكبير بشرق المدية، ثم يلتقي بواد يسرقرب تابلاط، وقد أشرف على الكمين الشهيد رابح البرواقي نصبه لمجموعة من الحركة بوادي المالح بناحية الموايسية، ومن نتائجه قتل ثلاثة من الحركة وغنم بنادق صيد كانت بحوزتهم بدل الأسلحة الأتوماتيكية، كما وقعت في شهر نوفمبر1958معركة بنفس المنطقة بين وحدة للجيش الفرنسي وفصيلة لجيش التحريرالوطني، بقيادة رابح البرواقي دامت من منتصف الليل حتى مطلع شمس اليوم الموالي، قتل خلالها قرابة الخمسين جنديا من قوات العدو، واستشهد فيها كذلك33 مجاهدا منهم سي رابح البرواقي، والذي مثل العدو بجثته في مدينة تابلاط.
- معركة اللزرايقية بواد المالح: هذا الوادي يسمى بواد خروف النابع من جبل الشايف ببلدية سيدي الربيع مرورا بقرية أولاد زاهية ثم الزرايقية فواد يسر، ربما ذكره أحمد أرسلان بالمالح لعدم وجود من يذكره بالاسم الصحيح، أثناء رسم معالم هذه المعركة ضمن قصيدته (حزب الثوار) والتي تنطبق مفرداتها على ما وقع ل(قميرة) بهذه الربوة تمام الانطباق، حيث كان يس لخضر يقتل ويذبح والعسر هاربة بلا نظام.
وقعت المعركة يوم22/5/1957، بمشاركة الكومندو علي خوجة والكتيبة السليمانية والمسبلين وفصيلة من الولاية السادسة. وهذا كرد على الأعمال التعسفية التي كان يقوم بها ضابط فرنسي برتبة عقيد. تدخل في إطارالحرب النفسية. وذلك بانتهاك حرمات السكان، وبعد الشكاوي التي تقدم بها سكان الناحية إلى قادة جيش التحريرالوطني، وتلبية لرغبتهم خطط سي لخضر لوضع خطة محكمة تتمثل في نصب كمين محكم لهذا القوات التي أصبحت تتجول من حين لآخر في ربوع منطقة أولاد زاهية وما جاورها، والتي تشمل الآن البلديات بني سليمان-سيدي الربيع ومزغنة التي توجد بها قرية الزرايقية مكان الكمين، وتدخل ضمن المنطقة الأولى الولاية الرابعة، وبعد المراقبة الطويلة والمتابعة الدائمة حول تحركات العدو، وتحديد المكان والزمان الملائمين لتنفيذ الخطة، قام الرائد سي لخضر بتوزيع الفرق المشاركة حول المنطقة، وتكمن في دشرتي التغارسية والزرايقية والتي غادرها كل السكان بعد المعركة مباشرة، وذلك في سرية تامة وعند الساعة منتصف النهار، تجمعت وحدة العدو المتكونة من 50 فارسا و100من المشاة، استعدادا لتناول وجبة الغداء، فحطت القوات الفرنسية رحالها وكأنها في أمان، وفي هذه الوضعية فاجأها الثوار بنيران رشاشتهم من كل جهة، فكانت المفاجأة كبيرة ومدهشة، بحيث لم تستطع قوات العدو الرد بالمثل على أسلحة المجاهدين، لأنهم كانوا منشغلين بفتح علب السردين وأكل الشكولاطة... لذا تم القضاء عليهم جميعا عدا اثنان تمكنا من الفرار، أحدهما مر بالقرب منا ونحن أطفال بالقرب من مقر بلدية سيدي الربيع حاليا، مسرعا على حصانه وهو أعزل باتجاه بني سليمان حيث الفرقة العسكرية التابعة ل(لاصاص) كما تم غنم أزيد من100قطعة سلاح متنوع وجهازين للراديو، وتم كذلك أسر 6 جنود فرنسيين، أما بالنسبة لخسائر المجاهدين فقد أصيب مجاهد يدعى زروق مناد الملقب بسي الشريف، توفي متأثرا بإصاباته البليغة.
العدو ينتقم لقتلاه من الأبرياء العزل:
بعد المعركة توجه جنود الكتيبة السليمانية بقيادة الشيخ مسعود وعلي خوجة إلى الجهة الشمالية، حيث مداشر العراوة والقبالجية وعرعار وأولاد كلة.. ببلدية العيساوية بجبال الأطلس البليدي. بعدها واصلوا السير جهة وادي الأخرة ببلدية بعطة الآن، علما بأن العدو كان يراقب تحركاتهم بالمنظار، وفي يوم 23/5/1957 قامت الطائرات العمودية بإنزال قوات ضخمة من جنود المظليين، قتلوا أكثرمن 28 مدنيا بقرية العراوة، ولم يكتف العدو بهذا بل دبر خطة محكمة وواسعة النطاق، وذلك على ضوء معلومات مخابراته التي كانت على علم بوجود أعضاء الولاية الرابعة وبالمكان السالف، لذا أعدت السلطات العسكرية الفرنسية كل أجهزتها المادية، حيث قامت قواتها بفرض حصار واسع النطاق لكل المنطقة، بإغلاق المسالك والطرق، بالإضافة إلى الإكثار من الكمائن الموزعة على مختلف الأماكن، التي يمكن أن يتسرب عبرها المجاهدون، ومن القادة الموجودين بها سي لخضر-سي الطيب الجغلالي-سي أمحمد بوقرة وغيرهم من مسؤولي النواحي والمناطق، وفي صباح يوم24/5/1957الساعة 9 وقع المجاهدون في الشرك الذي نصبه لهم العدو، فتحول إلى معركة دامت أربعة أيام متتالية بوادي الأخرة صعب المسالك، وذلك في ملتقى الأودية، وكانت خسائر جيش التحرير الوطني نحو30 مجاهدا، منهم 13من الكومندو، كما قتل عدد كبير من سكان المنطقة التي أصبحت محرمة حتى 1962.
في أولاد أسنان... شبان أصغار وشجعان
قهروا العديان.... دراقو وحركى وقومية
على بعد 10كلم غرب مدينة المدية، وعلى سلسلة الأطلس التلي على مقربة من جبل اللوح، كانت (قميرة) تبكي بكاء النساء الثكلى، في هذه البقعة المحددة وقعت معركة من أشد المعارك ضراوة وأبلغها أثرا في معنويات العدو، وقد خططت الكتيبة الزبيرية بقيادة الشهيد سي عزالدين للهجوم على أحد مراكز العدو الفرنسي_وقصد القضاء على من فيه وأخذ الأسلحة، وذلك بمساعدة بعض المتعاونين مع جيش وجبهة التحرير الوطني، أي أن العملية شبيهة بعملية العقيد سي أحمد بن الشريف في ثكنة ابن سحابة بجواب عام 1957، ولكن عند وصول أفراد الكتيبة إلى الثكنة، لم يجدوا الشخص المعول عليه لسبب من الأسباب، وفي هذه اللحظة دخل المحافظ السياسي سي بلقاسم بن هني(2) إلى المجموعة وأمرهم بالصعود على السلم الذي وضعه بالجدار. وعند وقوع حركة بسيطة لأحد الجنود أخذ في النباح، ما جعل عساكر الثكنة يعلنون حالة الطوارئ بإطلاق صفارات الإنذار، فانسحب أفراد الكتيبة الزبيرية إلى غابة أولاد أسنان، بعدها وردت أخبار تفيد بقدوم رجال المظلات من البليدة، الشيء الذي أجبر الكتيبة على الانسحاب نحو الجبل السالف، وفي الثالث من شهر رمضان المعظم اعتقدت فرنسا أن مجاهدي جيش التحرير هم في حالة صوم، وبالتالي يمكن إلقاء القبض عليهم دون مقاومة فعملت على نشر قواتها وآلياتها ودبابتها بنواحي أسفل الجبل، فيما تمركز جنود الكتيبة الزبيرية بقمل نفس الجبل بعد كلمة سي عزالدين (اليوم نترك تاريخا يقرأ في وحدات القوات الفرنسية).
وعند الساعة11نهارا من يوم21/3/1958 وقع الاشتباك التاريخي، وبدأ إطلاق النار مع الصف الأول المتكون من القومية، وبعد ساعة وصلت أسراب الطائرات الصفراء(جاغوار المقنبلة) فأسقط الثوار طائرتين، ويقول أحد المجاهدين الحاضرين يومها في المعركة، إن نساء المعمرين المتواجدين بالمدية، واللائي كن يتابعن مشاهد المعركة وبحالات من السخرية والاستهزاء تجاه العربيات، لكن وبعد سقوط الطائرتين انقلبت الآية، حيث علت زغاريد نساء المدينة العربيات، وحوالي الساعة12والنصف توقف القتال بوصول طائرات من نوع (ت6 السريعة) والتي أخذت في قنبلة الجبل بالنابالم وبمدفعية الميدان، وقد استمرت المعركة حتى الساعة 6 مساء، ومن نتائجها استشهاد 22 مجاهدا بينهم قائد الكتيبة و6 من المسبلين، كما خسرالعدو عددا كبيرا من جنوده إضافة إلى إسقاط طائرتين مقنبلتين.
أتفكر يامسيو يامسخرة.. في ضربة موقورنو
جيشك راح شطارة على رؤوس. لجبال 960من جنود البارة.
هذه أبيات شعرية لأحمد أرسلان، من قصيدة تغنى فيها بانتصار جيش التحرير في معركة جبل موقورنو، وهذه بطاقة موجزة عنها:
-الموقع: سلسلة الأطلس التلي ببلدية الزبيرية الأن-دائرة البرواقية بالمدية.
-تاريخ المعركة: في يوم30/12/1958.
-قوات جيش التحرير الوطني: 3كتائب (الزبيرية- الحمدانية-العمارية).
-قوات العدو: -نحو خمسة آلاف عسكري مدعمين ب30 طائرة بقيادة الجنرال ماسيو السفاح.
التنظيم العسكري آنذاك: الناحية الأولى-المنطقة الثانية-الولاية الرابعة.
-سبب اجتماع الكتائب الثلاث: لقاء من أجل إعطاء تسمية جديدة للكتائب الثلاث، وتكوين فيلق يطلق عليه اسم: ابن باديس أو سويداني بوجمعة.
-مكان الاجتماع: أولاد بوعشرة مكان استشهاد قائد الولاية الرابعة حينذاك سي أمحمد بوقرة في الخامس من ماي سنة1959.
- نتائجها: استشهاد 140مجاهد، و178مجاهد حسب مصدر أخر. أما خسائر العدو فكات960 عسكري دام نقلهم مدة أربعة أيام متتالية بإشراف الجنرال ماسيو نفسه. وما تجب الإشارة إليه هنا أن مكان المعركة حول إلى مقبرة للشهداء، بعد أن أراد ماسيو السفاح إقامة مخيم عسكري لقواته. بالمقبرة توجد 140 رفات شهيد+167 رفات أخرى، جمعت من مناطق متفرقة بالجبل، وهكذا واصل الثوار جهادهم حتى استجابت فرنسا لهدفهم الأسمى: الاستقلال، وطيلة سنوات الجهاد كانوا يرددون:
الله ينصر حزب الثوار.. ومعاهم هانت الأعمار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.